منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

التقييم العالمي.. كل شئ عن الملف الأهم في مؤتمر المناخ المقبل COP28

ينطلق COP28 في دبي نوفمبر المقبل، وعلى رأس جدول أعماله ملفًا يحظى باهتمام كبير من أطراف العمل المناخي، وهو عملية “التقييم العالمي” الأولى للتقدم المحرز حول تحقيق أهداف اتفاقية باريس.

يشير العديد من الخبراء إلى أن ملف “التقييم العالمي” بالنسبة للقمة المقرر عقدها في الإمارات، يمثل تقريبًا نفس الأهمية التي كان يحظى بها ملف صندوق الخسائر والأضرار خلال قمة شرم الشيخ COP27.

سيرصد التقييم التقدم الجماعي بموجب اتفاق باريس ويحدد الإجراءات ذات الأولوية لتحقيق الأهداف المناخية، ويساعد في في تحديد مسار العمل المناخي الطموح.

كما سيحدد، بشكل كبير، مدى التقدم الجماعي نحو تحقيق الهدف الرئيس لاتفاقية باريس، الذي يتمثل في الحد من الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية، وهو الهدف الذي أكد العديد من العلماء أنه ضروري لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ، بما في ذلك موجات الجفاف الشديدة والمتكررة وموجات الحر والفيضانات وهطول الأمطار.

 

 ما هو التقييم العالمي؟

وفق تعريف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، فالتقييم العالمي لاتفاق باريس (GST) هو عملية لتقييم التقدم الجماعي للعالم نحو تحقيق الغرض من الاتفاقية وأهدافها طويلة الأجل.

يدعو اتفاق باريس كل بلد إلى وضع خطته الخاصة لخفض الانبعاثات والتكيف مع تأثيرات المناخ. كما أنشأ عملية للبلدان لمواصلة تعزيز خططها المناخية الوطنية.

تسمى خطط تغير المناخ الوطنية تلك، وفق اتفاق باريس، بـ ” المساهمات المحددة وطنيا (NDCs)”.

حيث وافقت البلدان الموقعة على اتفاق باريس على تقديم تقارير منتظمة عن جهودها الفردية واستعراضها وتقييم التقدم الذي تحرزه مع باقي الأطراف.

على إثر ذلك، أنشأ اتفاق باريس عملية التقييم العالمية، والتي تتبع دورة مدتها خمس سنوات.

سيساعد التقييم العالمي الحكومات الوطنية على معرفة ما حققته حتى الآن في تنفيذ خططها المناخية، وتحديد ما لا يزال يتعين القيام به لتحقيق أهدافها، وتسليط الضوء على الفرص لزيادة طموحها في العمل المناخي.

بدأ التقييم الأول في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في جلاسكو COP26 في نوفمبر 2021، وسيختتم وتعلن نتائجه في COP28 في دبي 2023.

كل عملية جرد، وفق الآلية المحددة في الاتفاقية الإطارية، مدتها سنتان، وتحدث كل خمس سنوات.

تقول جوانا بوست، مسؤولة البرامج في شعبة الدعم الحكومي الدولي والتقدم الجماعي التابعة للأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ “سيوفر التقييم العالمي معلومات مهمة للبلدان وأصحاب المصلحة لمعرفة التقدم المحرز في تحقيق أهداف اتفاق باريس، فضلا عن تحديد أي ثغرات وفرص متبقية لزيادة العمل”.

وتضيف: “ببساطة، سيساعد التقييم العالمي في تحفيز البلدان على تكثيف العمل المناخي لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ.”.

اقرأ أيضًا.. 20 دولة عربية قدمتها.. ما هي المساهمات المحددة وطنيًا وأهميتها في مواجهة تغير المناخ؟

مجالات التقييم العالمي

في COP24 في كاتوفيتشي، بولندا في عام 2018، اتفقت البلدان على أن التقييم العالمي سيعمل على تقييم التقدم الجماعي في ثلاثة مجالات مواضيعية: التخفيف والتكيف ووسائل التنفيذ والدعم.

فيما يتعلق بالتخفيف، سيقوم التقييم العالمي بتقييم تأثير المساهمات المحددة وطنيا للبلدان على درجة الحرارة العالمية وتحديد التخفيضات الإضافية في انبعاثات غازات الدفيئة العالمية اللازمة لتحقيق هدف درجة الحرارة طويل الأجل لاتفاقية باريس المتمثل في الحد من الاحترار إلى أقل بكثير من درجتين مئويتين (3.6 درجة فهرنهايت) ومن الناحية المثالية عند 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت).

فيما يتعلق بالتكيف، سيقيم التقييم العالمي التقدم المحرز نحو تعزيز القدرة الجماعية للبلدان على معالجة آثار المناخ، وتعزيز القدرة على الصمود والحد من التعرض لتغير المناخ.

وفيما يتعلق بوسائل التنفيذ، بما في ذلك التمويل والتكنولوجيا وبناء القدرات، سيقيم التقييم العالمي التقدم المحرز نحو جعل التدفقات المالية متسقة مع خفض انبعاثات غازات الدفيئة وضمان التنمية المقاومة للمناخ.

كما سيقيم التقييم العالمي التقدم المحرز في تعبئة وتقديم الدعم، مثل تمويل المناخ الذي تقدمه الدول الغنية أو تقرضه للبلدان النامية.

من بين أمور أخرى، سيسترشد التقييم بالتقرير النهائي في دورة التقييم السادسة للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ. وسيدمج هذا التقرير، “التقرير التجميعي”، ويلخص مختلف التقارير العلمية الأخرى التي نشرتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ على مدى السنوات الست الماضية.

اقرأ أيضًا.. تفاصيل أول تقييم عالمي لقياس التزام البلدان بـ اتفاقية باريس للمناخ

مراحل التقييم

من المقرر إجراء التقييم كل خمس سنوات، ويعمل أول تقييم عالمي على ثلاث مراحل رئيسية، على مدار عامين:

المرحلة الأولى: جمع وإعداد المعلومات، وهي مرحلة بدأت خلال مؤتمر جلاسكو، نوفمبر 2021، وأوشكت على الانتهاء، حيث ستستمر إلى نهاية فبراير الجاري.

تجمع الأمم المتحدة لتغير المناخ خلال هذه المرحلة المعلومات اللازمة لإجراء التقييم من خلال بوابة التقديم عبر الإنترنت.

ستأتي المعلومات المقدمة من مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك خطط المناخ الوطنية والدراسات العلمية (مثل التقارير الصادرة عن الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ) والتقارير القطرية (بما في ذلك تقارير الشفافية) ومصادر أخرى.

 

المرحلة الثانية: فترة التقييم التقني. بدأت هذه المرحلة في يونيو 2022 بعد إطلاق المرحلة الأولى، وتتداخل معها جزئيًا، ستستمر حتى يونيو من العام الجاري.

ستشمل المرحلة حوارات شخصية في مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ لتقييم التقدم الجماعي في الأهداف طويلة الأجل لاتفاقية باريس.

وستركز الحوارات التقنية على المواضيع الثلاثة للتقييم: التخفيف (خفض غازات الدفيئة)، والتكيف (بناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ) ووسائل التنفيذ والدعم.

كما سينظرون في الجهود التي تعالج العواقب والآثار الاجتماعية والاقتصادية لتدابير الاستجابة التي تتجنب وتقلل وتعالج الخسائر والأضرار التي لا يمكن تجنبها المرتبطة بآثار تغير المناخ.

 

المرحلة الثالثة: ستشمل تقديم النتائج الرئيسية لأول تقييم عالمي في COP28 في نهاية عام 2023.

خلال هذه المرحلة، ستناقش نتائج التقييم الفني ومن ثم عرضها. وستكون لحظة حاسمة لتحديد الفرص المتاحة لتكثيف العمل المناخي والدعم الدولي.

اقرأ أيضًا.. النافذة المغلقة..الأرض في طريقها لاحترار كارثي بمقدار 2.8 درجة مئوية..تقرير أممي

هدف 1.5 درجة

من المتوقع على نطاق واسع أن يعيد التقييم التأكيد على أن العالم لا يسير حاليا على الطريق الصحيح لتحقيق أهداف اتفاقية باريس، مما يزيد من الضغط على الحكومات والشركات لبذل المزيد من الجهد لخفض الانبعاثات.

في العام الماضي، أكد التقرير التجميعي للمساهمات المحددة وطنيًا للأطراف NDC أن العالم لا يزال بعيدا عن مسار استقرار ارتفاع درجة الحرارة العالمية عند 1.5 درجة.

يبين التقرير أن المساهمات المحددة وطنيا المتاحة لجميع الأطراف البالغ عددها 192 طرفا مجتمعة ستؤدي إلى زيادة كبيرة في انبعاثات الدفيئة العالمية في عام 2030، مقارنة بعام 2010، بنحو 16٪.

تظهر أحدث النتائج التي توصل إليها الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ أن مثل هذه الزيادة، ما لم نتحرك بسرعة، قد تؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة بنحو 2.7 درجة مئوية بحلول نهاية القرن.

يؤكد التقرير على الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات مناخية أكثر طموحا.

هذا هو السبب في أن التقييم العالمي هو جزء مهم من المعادلة، كما أوضح بوست.

وقال بوست: “من المتوقع أن تستخدم الحكومات الوطنية نتائج التقييم العالمي عند تطوير وتحديث خططها المناخية”.

وأضاف: “الهدف النهائي للتقييم العالمي هو أن يصبح محركا لطموح المناخ”.

أشار سلطان الجابر، مبعوث الإمارات العربية المتحدة للمناخ والرئيس المعين لقمة المناخ COP28، إلى ملف التقييم العالمي خلال كلمته في أسبوع أبوظبي للاستدامة، استضافته شركة مصدر، مطور الطاقة المتجددة في أبوظبي، أحد أكبر المستثمرين في مجال الطاقة النظيفة في العالم إننا “لسنا بحاجة إلى انتظار عملية التقييم لمعرفة ما سيقوله”.

قال الجابر: “نحن بعيدون عن المسار الصحيح. يحاول العالم اللحاق بالركب عندما يتعلق الأمر بهدف باريس الرئيسي المتمثل في خفض درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية والواقع الصعب هو أنه لتحقيق هذا الهدف، يجب أن تنخفض الانبعاثات العالمية بنسبة 43٪ بحلول عام 2030، وسط تحديات تتمثل في عدم اليقين الاقتصادي، وتصاعد التوترات الجيوسياسية وزيادة الضغط على أمن الطاقة “.

كان المبعوث الأمريكي للمناخ جون كيري متشائمًا بالمثل وقال: “نحن بحاجة إلى أن نكون صريحين. لا شيء يشير إلى أن البلدان مستعدة للقيام بما يتعين عليها القيام به لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية. والدليل هو أننا نتحرك ببطء شديد، ونعرض أنفسنا لخطر تكاليف أكبر بكثير فيما بعد، ونفقد فرص تحول الطاقة “.

لكن في النهاية أعاد الجابر التأكيد على أولويات بلاده في تحقيق الأهداف المناخية العالمية خلال cop28، قائلا إن أولويته الرئيسية ستكون الإبقاء على هدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية مع تخلف العالم عن تحقيق هذا الهدف.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.