منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

الاحتباس الحراري يهدد 10 محاصيل زراعية في مصر “الطماطم في خطر”

تغير المناخ والزراعة هما عمليتان مترابطتان، وبينهما علاقات متشابكة, و كل منهما يؤثر على الأخر بطريقة مختلفة.

ففي حين يساهم قطاع الزراعة في زيادة غازات الاحتباس الحراري، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، بنسبة تتراوح من 20 إلى 25% من الانبعاثات السنوية العالمية وفق احصائيات عام 2010.

فإن التغير المناخي بكافة مظاهره يؤثر على الزراعة بعدة طرق، لعل أبرزها انحسار الرقعة الزراعية وملوحة التربة وحجم إنتاجية الأرض من محاصيل زراعية متعددة أيضًا.

في مصر، يعتبر قطاع الزراعة من أكثر القطاعات التي سوف تتأثر بشدة بسبب التغيرات المناخية. بداية من التأثير على خواص الأرض الطبيعية والكيميائية والحيوية ومرورا بانتشار الآفات والحشرات والأمراض وغيرها من المشاكل وانتهاء بالتأثير على المحاصيل الزراعية المنتج وحجم إنتاجيتها.

في دراسة أجرتها وحدة بحوث الأرصاد الجوية الزراعية والتغير في المناخ التابعة لمعهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية، استخدم الباحثون نماذج المحاكاة وسيناريوهات تغير المناخ المختلفة، للوصول إلى توقعات بعيدة المدى حول حجم التأثير الذي سوف تسببه التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة العالمية على المحاصيل الزراعية المصرية وحجم إنتاجها.

جاءت النتائج غير مطمئنة على الإطلاق، حيث اكتشفت الباحثون أن ارتفاع درجة الحرارة العالمية، أو ما نسميه بالاحترار العالمي، سوف يؤثر سلبًا على إنتاجية 10 محاصيل زراعية مصرية على الأقل.

ما قد يتسبب في نقص شديد في إنتاجية معظم محاصيل الغذاء الرئيسية في مصر بالإضافة إلى زيادة الاستهلاك المائي لها.

ووضعت الدراسة قائمة بـ 10 محاصيل زراعية سوف تتأثر بشدة بالتغيرات المناخية في مصر:

10 محاصيل زراعية في خطر

البداية مع القمح، أحد أهم وأبرز المحاصيل المصرية على الإطلاق، ومنه يصنع الخبز المحلي الذي يعتبر غذاءً رئيسًا لأكثر من 70 % من المصريين.

وكشفت الدراسة أنه في حال ارتفعت درجة الحرارة العالمية 2°م، فإن إنتاجية محصول القمح سوف تقل حوالى 9%، وسوف يصل معدل النقص إلى حوالى 18% إذا ارتفعت درجة الحرارة حوالى 3.5°م.
كما أن الاستهلاك المائي لهذا المحصول سوف يزداد حوالى 2.5% مقارنة بالاستهلاك المائي الحالي، وفق الظروف الجوية الحالية.

أما الشعير فسوف تنخفض إنتاجيته حوالى 18% عند ارتفاع درجة الحرارة حوالى 3.5°، واستهلاكه المائي سوف ينخفض حوالى 2%.

بالنسبة للذرة الشامية، فسوف تقل حوالى 19% عند ارتفاع درجة الحرارة حوالى 3.5°م، وذلك بالمقارنة بالإنتاجية تحت الظروف الجوية الحالية، وسوف يزداد استهلاكه المائي حوالى 8%.

الذرة الرفيعة سوف تنخفض إنتاجيتها أيضًا، بمعدل حوالى 19%، مع زيادة في الاستهلاك المائي بحوالى 8%.
انخفاض إنتاجية محصول الأرز أصبح متوقعا أيضًا في حال ارتفعت درجة حرارة الكوكب 3 درجات، وسوف تصل إلى حوالى 11% وسوف يزداد استهلاكه المائي حوالى 16%.

أما إنتاجية محصول فول الصويا فسوف تتأثر سلبيا بشدة بسبب التغيرات المناخية، وقد يصل متوسط معدل النقص على مستوى الجمهورية بحلول منتصف هذا القرن حوالى 28% ، واستهلاكه المائي سوف يزداد أيضًا حوالى 15%.
نأتي للطماطم، والدراسة تدق ناقوس الخطر بالنسبة لواحد من أهم المحاصيل الحساسة في مصر، ومن المتوقع انخفاض إنتاجية الطماطم حوالى 14% إذا ارتفعت درجة الحرارة حوالى 1.5°م في حين أن هذا النقص سوف يصل إلى رقم ضخم، قد يتعدى الـ 50% إذا ارتفعت درجة الحرارة 3.5 °م.

السكر لن يسلم أيضًا، والإنتاجية من محصول قصب السكر سوف تتأثر بشكل كبير بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وقد تنخفض حوالى 25% ، كما أن استهلاك السكر المائي سوف يزداد 2.5%.

وأخيرًا، تتوقع الدراسة أن ينخفض محصول عباد الشمس حوالى 27% ، مع زيادة استهلاكه المائي حوالى 8%، كما أن محصول الزيتون سوف يتأثر هو الأخر بنسب مقاربة.

اقرأ أيضًا.. انبعاثات الكربون في مصر والقطاعات المتسببة فيها “خريطة كاملة”

 

الأرض الزراعية تتأثر أيضًا

جانب أخر من التأثير الذي سوف تسببه التغيرات المناخية على قطاع الزراعة في مصر، يتعلق بالرقعة أو الأرض الزراعية، حيث أن ارتفاع مستوى سطح البحر يترتب عليه غرق بعض الأراضي الزراعية الخصبة فى شمال الدلتا، بجانب ارتفاع مستوى الماء الأرضي لحد كبير في بعض الأراضي، بالإضافة إلى تسرب مياه البحار المالحة إلى الأراضي الأخرى، ما يؤثر سلبًا على المساحة الكلية للرقعة الزراعية، ويهدد بتأكلها.

وفق الدراسة، سوف ينخفض صافى العائد المزرعى حوالى 969 دولار للهكتار، في حال ارتفعت درجة الحرارة 1 °م، وسوف ينخفض العائد المزرعى حوالى 1453 دولار للهكتار في حال ارتفعت درجة الحرارة 1.5 °م، فى حين أن معدل النقص قد يصل إلى 3488 دولار للهكتار إذا ارتفعت درجة الحرارة حوالى 3.5 °م.

وبالنسبة لمحصول قصب السكر فأن صافى عائد الفدان سوف ينخفض حوالى 44% إذا كان المزارع يمتلك الأرض، فى حين أن معدل النقص فى صافى عائد الفدان قد يصل إلى 77% إذا كان المزارع يؤجر الأرض.

جانب إيجابي وحيد كشفت عنه الدراسة، وهو تأثير التغيرات المناخية بشكل إيجابي على إنتاجية محصول القطن.
ووفق الدراسة ستزداد إنتاجية القطن حوالى 17% عند ارتفاع درجة حرارة الجو حوالى 2°م، وسوف تزداد أكثر الى حوالى 31% عند ارتفاع درجة الحرارة 4°م، لكن على الجانب الأخر، سوف يزداد استهلاكه المائي حوالى 10% مقارنا باستهلاكه المائي تحت الظروف الجوية الحالية.

يعلق د.محمد عبد الكريم، أستاذ الاقتصاد البيئي بجامعة الإسكندرية، على نتائج الدراسة المهمة مؤكدًا أن بعض ما كشفته الدراسة ظهرت مؤشراته بالفعل في السنوات الأخيرة، وأن ارتفاع درجات الحرارة مؤخرا، إضافة لمنسوب هطول الأمطار المرتبط بتغير المناخ، أدى إلى انخفاض كبير في إنتاجية محاصيل زراعية عدة مثل القمح، وتغيرات في الأماكن الزراعة المناسبة لها.

وقال عبد الكريم في تصريحات خاصة: ” إنتاجية مصر من محاصيل زراعية تأثرت بالفعل بسبب قلة قدرتها على تحمل ارتفاع درجات الحرارة”.

ويضيف: “رغم ذلك، سوف يزدهر محصول القطن نوعًا ما مع ارتفاع درجة الحرارة.”

أما د.أشرف كروان، مدير المرصد المصري لتغيرات المناخ، جهة مستقلة، يقول إن التغيرات المناخية لن تتسبب في انخفاض إنتاجية المحاصيل وخسارة الرقعة الزراعية فقط، لكنها أيضًا سوف تتسبب في تغيير مواعيد زراعة بعض المحاصيل، لأن تغيرات المناح تسمح بالنمو في هذا التوقيت.

ويقول كروان: ” كنا نزرع القطن في شهر مارس، والأن نزرعه في شهر مايو”.

ويضيف: “وتغيرت أيضًا مواعيد زراعة القمح الذي كان يزرع في النصف الثاني من شهر نوفمبر، والأن يزرع في نهاية ديسمبر وأوائل يناير، وكذلك تم ترحيل مواعيد زراعة الفول البلدي من نوفمبر لديسمبر، حتى الأرز والذرة تغيرت مواعيد زراعتهم “.

عبلة سمير، باحثة زراعية، تؤكد لنا أن آفة دودة الحشد الخريفية التي هاجمت المحاصيل هذا العام، خاصة محصول الذرة الشامية في محافظات الوجه القبلي، مرتبطة بارتفاع درجات الحرارة.

وتقول سمير: ” الدودة لم تكن معروفة في مصر من قبل وكانت نادرة الظهور”.

وتضيف: ” شكل المناخ في مصر تغير، وعليه لابد أن تتغير الكثير من الممارسات في قطاع الزراعة تحديدًا”.

 

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.