منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

من الاكتئاب إلى الانتحار.. 6 أمراض نفسية تسببها تغيرات المناخ وارتفاع درجات الحرارة

خلص تقرير جديد إلى أن تغير المناخ يؤدي إلى تفاقم مشكلات الصحة العقلية مثل الاكتئاب والقلق والفصام واضطراب ما بعد الصدمة، ويؤثر بشكل غير متناسب على مجموعات مثل الأطفال والنساء والمجتمعات الملونة وأصحاب البشرة السمراء والمجتمعات منخفضة الدخل.

كشف تقرير الصحة العقلية ومناخنا المتغير، الذي نشرته الجمعية الأمريكية لعلم النفس ومنظمة Eco America، عن مجموعة أمراض نفسية تسببها تغيرات المناخ وارتفاع درجات الحرارة.

مستندًا في نتائجه النهائية إلى تقرير مماثل نُشر في عام 2017 ويظهر وجود صلة واضحة بين تغير المناخ والصحة العقلية ومدى عدم عدالة هذه الآثار.

على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي موجات الحر إلى تفاقم اضطرابات الصحة العقلية الحالية مثل القلق والفصام، كما قال التقرير، بينما تسبب أيضًا ضغطًا على خدمات الصحة العقلية.

قال ميجان سبيسر، المدير التنفيذي لمنظمة Eco America: “الحرارة بحد ذاتها لا تسبب ضغوطًا فسيولوجية فحسب، بل تسبب ضغوطًا نفسية أيضًا، وهذا يؤثر بشكل غير متناسب على المجتمعات منخفضة الدخل والأشخاص ذوي البشرة السمراء”.

وأكدت أن درجات الحرارة المرتفعة مرتبطة بشكل أو بأخر بانتشار العنف بين الأشخاص، بما في ذلك العنف المنزلي وحالات الاغتصاب والقتلكما أنها مرتبطة أيضًا بالعنف بين الجماعات، وتغذي الصراعات السياسية ووتفتح الباب للعدوان والحرب”.

بالإضافة إلى ذلك، تتسبب للأعاصير والفيضانات والجفاف وحرائق الغابات والكوارث الأخرى المتعلقة بالمناخ في تشريد الناس من منازلهم وتؤدي إلى إجهاد نفسي وعصبي له تداعيات دائمة، خاصة عند الأطفال.

جدير بالذكر أن منظمة الصحة العالمية تعتبر تغير المناخ بمثابة “أكبر تهديد للصحة العالمية في القرن الحادي والعشرين”.

 

اقرأ أيضًا.. التغيرات المناخية والصحة العامة.. 10 أمراض جسدية يسببها الاحتباس الحراري

 

أمراض نفسية تسببها تغيرات المناخ في إستراليا

في نفس الصدد، أعلنت الجمعية الطبية الأسترالية (AMA) مؤخرا أن تغير المناخ له تأثيرات كبيرة على الصحة البدنية، بما في ذلك زيادة الوفيات المرتبطة بالمناخ.

كما تُظهر أحداث الطقس غير المسبوقة في جميع أنحاء أستراليا تأثيرات واضحة ومدمرة على الصحة العقلية للأستراليين، خاصة في المناطق الريفية التي تتضرر بشدة من الجفاف والحرائق والفيضانات غير الموسمية.

أدت هذه الظواهر الجوية المتطرفة إلى فقدان المنازل والأراضي وسبل العيش. وأكدت الأبحاث أن هذه التجارب لها تأثير نفسي كبير على المزارعين الأستراليين الذين يشعرون بأنهم تحت التهديد المستمر.

وفي الوقت نفسه، أكدت الجمعية الطبية الأسترالية أن تغيرات المناخ تزيد من معدلات الانتحار بين المجتمعات الريفية.

عربيًا، لسنا في معزل عن هذه التأثيرات، فالتغيرات المناخية وأثارها أزمة عالمية تهدد كل شعوب الأرض، وأثارها تمتد للجميع على سطح الكوكب.

ذلك ما يؤكد الدكتور أحمد الزغبي، مؤسس ورئيس مؤسسة الزغبي النفسية، قائلًا: “تقلبات المناخ لها تأثير كبير على سلوك الإنسان وحالته النفسية، وحتى الصحة العقلية، انطلاقا من حقيقة التفاعل بين التكوينين الفسيولوجي والسيكولوجي للإنسان، ولا شك هناك أمراض نفسية تسببها تغيرات المناخ”.

وأضاف: “فأنت حين تشعر بالفرح فإن الدماغ يفرز هرمون السعادة (السيروتونين) فتنتشي وتنام بارتياح، وتعيش عمرا أطول، وحين تغضب يسري بدمك هرمون (الأدرينالين) فتزداد عنفا وينتابك الخوف وتنام قلقا وتعيش عمرا أقصر، ولك أن تراقب حالتك النفسية كيف تتقلب في الفصول الأربعة من فرح بفصل الربيع إلى اكتئاب بفصل الشتاء”.

الخبير النفسي المصري د. حاتم غراب، يؤكد أيضًا أن التغيرات المناخية لها أثر بالغ على صحة الناس العقلية وأن هناك مجموعة أمراض نفسية تسببها تغيرات المناخ مؤكدًا أن المشكلة الرئيسة في أن الإنسان استطاع أن يتكيف مع تغير المناخ عبر الفصول الأربعة، لأنه كان يتوقعها وعلى دراية بها، لكن في حال جاءت على غير توقعه وبشكل حاد، سيكون لها تأثير مختلف، وقد يسبب أمراض نفسية وصحية.

وقال غراب: “العالم قلق بشأن تداعيات التغير المناخي على الأمنين الغذائي والمائي، لكن لا أحد يتحدث عن الصحة، وتأثير التغيرات على نفسية البشر وعقولهم”.

 

اقرأ أيضًا.. كيف نكافح التغيرات المناخية بأنفسنا؟ “وصفة هنري ميناس”

 

لكن هل هناك حلول؟

التقرير الأمريكي يؤكد أنه حان الوقت لتركيز الانتباه على الخسائر بعيدة المدى التي يلحقها تغير المناخ بالفعل بصحتنا العقلية، حيث تؤثر الآثار الاقتصادية والسياسية والبيئية والصحية لتغير المناخ علينا جميعًا.
وأنه حان الوقت أيضًا لمواجهة مشاعر العجز والقدرية والاستسلام التي قد تمنعنا من معالجة الأسباب الأساسية لتغير المناخ بشكل صحيح وإيجاد الحلول.

يقدم التقرير العديد من الحلول حول كيفية معالجة الصحة النفسية الناتجة عن تغيرات المناخ، مثل وضع خطة لحالات الطوارئ المحتملة المتعلقة بالمناخ على المستوى الفردي، أما على مستوى المجتمع، من المهم تعزيز المناقشات والمشاريع المناخية لتجنب مثل هكذا حالات.

هوارد كورتزمان، كبير مستشاري العلوم في جمعية علم النفس الأمريكية يقول: “بجانب أهمية العمل على التخفيف من أثار تغيرات المناخ، يجب أيضًا أن يستعد الناس لأي أعراض محتملة، لحماية أنفسهم من التأثيرات السلبية على الصحة العقلية، فالاستعداد سيجعل الشخص يشعر بأن لديه إحساسًا بالسيطرة وأنه ليس مشلولًا بسبب الخوف أو عدم اليقين.”

أما الجمعية الأسترالية فتري الحل في إعداد النظام الصحي للدول من أجل مواجهة تغير المناخ.
كما يجب أن يشمل ذلك زيادة الوعي بآثار الصحة العقلية لتغير المناخ بين جميع أفراد المجتمع والقطاع الخاص والحكومي.

سيكون من المهم أيضًا الاستثمار في المناطق التي تعاني فيها خدمات الصحة العقلية من نقص الموارد، والتي غالبًا ما تكون في المناطق الريفية حيث من المحتمل أن تكون تأثيرات الصحة العقلية لتغير المناخ أشد.

الدكتور حاتم غراب يقول إن الحلول المتاحة الأن تتركز في 3 أمور رئيسة، أولهم نشر الوعي بتأثير تغيرات المناخ على صحة الناس العقلية بين قطاعات المجتمع المختلفة وبأي أمراض نفسية تسببها تغيرات المناخ، وثانيها أن ننظم مؤتمرًا طبيًا في مصر، أو على مستوى الوطن العربي، لنناقش تلك الأثار على صحة المواطن العربي العقلية، وننشر دوريات وأبحاث حول هذا الأمر، لتعميم الإفادة بين العاملين في الطب النفسي في مصر والمنطقة العربية.

وأخيرًا، أن ندرب الناس على التكيف مع هذه التغيرات، وطرق التعامل معها بشكل مناسب كي لا تؤثر على صحتهم العقلية والنفسية.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.