منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

كل شيء عن “فلورونا” الإسرائيلي وحقيقة انتشاره في مصر

منذ ما يقرب من عامين، ظهر وباء الفيروس التاجي وانتشر بسرعة جنونية ما تسبب في تعطيل الحياة في جميع أنحاء العالم ووفاة الملايين من البشر، بالإضافة إلى أضرار جمة لحقت بالأرواح والوظائف والاقتصاد، ولا يمكن إصلاحها.

في عام 2021، ضربت العالم موجة ثانية كارثية عرفت باسم متغير دلتا القاتل، وفقد العديد من الناس أحباءهم، وأصيب الكثيرين بمشاكل نفسية.

ثم جاء أوميكرون في الربع الأخير من العام الماضي، وهو المتحور الذي انتشر بسرعة في جميع أنحاء العالم، وتسبب في حالة شديدة من الذعر.

وأخيرًا، وقبيل نهاية العام 2021، ظهرت عدوى جديدة، مرتبطة بفيروس كورونا، تحمل اسم “فلورونا”، وهو مزيج من فيروسي كورونا والإنفلونزا.

ووفق الأطباء، فلورونا هو عدوى مزدوجة متزامنة يسببها فيروس كورونا وفيروس الأنفلونزا معًا، لكنها ليست متحورًا جديدًا من فيروس كورونا، كما يدعي البعض.

لا يوجد سبب محدد للإصابة بـ فلورونا، وذلك لأن العدوى المزدوجة ناتجة عن سلالات مختلفة من الفيروسات.

يؤكد الأطباء أن عدوى فلورونا المزدوجة يمكن أن تصيب أي شخص من أي فئة عمرية، لكن كبار السن والنساء الحوامل والأطفال أكثر عرضة للإصابة، كما يمكن أن تكون خطيرة بالنسبة للأشخاص غير المحصنين الذين يعانون من ضعف المناعة مقارنة بالمحصنين الحاصلين على لقاحي Covid والإنفلونزا.

وحول الأعراض المحددة للعدوى، يقول الخبراء إن المرضى الذين يعانون من فلورونا قد تظهر عليهم أعراض مثل الحمى الشديدة والبرد والسعال المستمر والصداع وسيلان الأنف وفقدان حاسة الشم أو التذوق.

كما يمكن أن يؤدي وجود الفيروس المزدوج داخل الجسم إلى ظهور أعراض شديدة مثل الالتهاب الرئوي ومضاعفات الجهاز التنفسي والتهاب عضلة القلب.

يمكن أن تتسبب العدوى المزدوجة أيضًا في حدوث التهاب في القلب والعضلات والدماغ، وتؤدي إلى عدوى بكتيرية ثانوية تزيد من خطر الإصابة بالإنتان وفشل الأعضاء المتعددة.

من الممكن أيضًا أن يتسبب التعرض لكلا الفيروسين في نفس الوقت في زيادة الضغط على جهاز المناعة لدى المريض، حيث سيتعين عليه محاربة فيروسين مختلفين في وقت واحد.

الجزء الأكثر إثارة للقلق هو أن العدوى الناتجة عن كلا المرضين يمكن أن تنتقل إلى الآخرين بينما لا تظهر أي أعراض على الناقل.

حيث تظهر أعراض الإنفلونزا بعد فترة تبدأ من يوم وتصل إلى أربعة أيام من الإصابة، بينما يمكن أن تظهر أعراض COVID-19 بعد 5 إلى 14 يومًا من الإصابة.

تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن هذين الفيروسين ينتشران من خلال الرذاذ والجسيمات في الهباء الجوي، ويمكن أن ينتشروا عن طريق السعال أو العطس أو التحدث أو التنفس، لذلك يشجع الخبراء ارتداء الكمامات للوقاية من العدوى أو منع انتشارها للآخرين.

يقترح الخبراء على المرضى الذين يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي وأعراض تشبه أعراض الأنفلونزا، مثل البرد والسعال والحمى، أن يطلبوا المساعدة الطبية الفورية. فالكشف المبكر عن العدوى يساعد في التعامل معها جيدًا قبل أن تتطور المضاعفات.

وحول طريقة تشخيص فلورونا، يؤكد الخبراء أنه بالنظر إلى أن كلا من COVID-19 والإنفلونزا لهما أعراض متشابهة جدًا، وأنه لا يمكن للأطباء تشخيص فلورونا بناءً على الأعراض فقط.

ففي حال ظهرت أعراض COVID-19 على أي حالة، يمكن لاختبارات PCR اكتشاف عدوى الفيروس التاجي النشطة، لكن لا يمكنها اكتشاف فيروس الأنفلونزا لأنه مختلف وراثيًا.

هذا يجعل تشخيص فلورونا أكثر صعوبة بكثير، حيث سيحتاج المرضى إلى اختبار فيروسين مختلفين لتأكيد وجود كليهما، وهذه هي الطريقة التي تم بها تأكيد حالة فلورونا الأولى في مستشفى بيلينسون في إسرائيل.

ووثقت إسرائيل أول حالة فلورونا لدى امرأة حامل دخلت المخاض في مركز رابين الطبي في بيتاح تكفا في 2 يناير.

وأعلنت إسرائيل قبل أسبوع أن الإصابة بها عبارة عن مزيج يجمع بين فيروس كورونا والإنفلونزا في نفس الوقت.

يقول مسؤولو الصحة الإسرائيليون إن المرضى الآخرين ربما أصيبوا بالمرض بعدما انتقلت لهم العدوى من السيدة الحامل.

ووفق صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فإن الإصابة المسجلة تخص امرأة غير ملقحة ضد الفيروسين، كورونا والأنفلونزا، في مدينة بتاح تكفا بالقرب من العاصمة تل أبيب، داخل مركز رابين الطبي لأمراض النساء والولادة.

وأكد الأطباء المتابعين للحالة أنها لم يظهر عليها أي أعراض قوية، حيث سعوا لمعرفة ما إذا كان الامتزاج الذي وقع بين الفيروسين معا قد يؤدي إلى عدوى أشد قوة وخطورة.

أرنون فيغينيتسر المسؤول عن قسم الولادة في مركز رابين الطبي قال إنه لم تسجل أي إصابات بالإنفلونزا عند نساء حوامل جئن السنة الماضية للولادة أو لمتابعة الحمل، مؤكدا أن المركز بدأ يسجل مزيداً من الإصابات لدى النساء الحوامل في الفترة الأخيرة.

وأضاف: “تم تشخيص حالتها بأنها مصابة بالإنفلونزا وفيروس كورونا بمجرد وصولها، وجاءت نتائج كلا الاختبارين إيجابيين، حتى بعد أن تحققنا مرة أخرى”.

يرجح عدد من الأطباء الإسرائيليين أن عديد من المرضى أُصيبوا بالفيروسين معا في أوقات ماضية، ولكن لم يتم تشخيص حالاتهم.

 

اقرأ أيضًا.. الاستخبارات الأمريكية: خطر تغير المناخ يهدد 11 دولة بالانهيار “بينهم بلد عربي”

 

فلورونا ليس جديدًا

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في تقرير لها بتاريخ 7 يناير 2022، إنه في الفترة من أواخر يناير إلى أواخر مارس 2020، وجد باحثون في الصين ما يقرب من 100 حالة لمرضى ثبتت إصابتهم بكلا المرضين في ووهان، لكن بكين لم تعلن عن ذلك، لأنها لم تربط وقتها بين الفيروسين.

أبلغت صحيفة The Atlantic وقتها عن عائلة في كوينز أثبتت إصابتها بكلتا العدوى في فبراير 2020.

ونشر باحثون في برشلونة ورقة في مايو 2020 يصفون فيها أربعة أشخاص مصابين بكلا المرضين في الأشهر الأولى من الوباء.

في ذلك الوقت، قبل توفر اللقاحات، أعتقد الخبراء أن مثل هذه العدوى المزدوجة، أو ما يسميه خبراء الأمراض المعدية العدوى المشتركة، غير شائعة.

ووجدت دراسة أجريت في ربيع عام 2020 في مدينة نيويورك، أنه بعد فحص حوالي 1200 مصاب بـ Covid-19 بحثًا عن فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى، مثل تلك المسببة للأنفلونزا أو نزلات البرد، وجد 36 مصاب فقط لديهم فيروسات أخرى، أي أقل من 3 في المائة.

في الشتاء الماضي أيضًا، حيث موسم البرد والإنفلونزا، كان انتشار العدوى المشتركة قليلًا نوعًا ما، بسبب القيود الاجتماعية التي فرضتها الجائحة، وقللت من التواصل الاجتماعي بين الناس، وأجبرت العديد منهم على ارتداء الأقنعة.

لكن بعد أن تخلى معظم الناس عن اجراءات التباعد وارتداء الأقنعة بعد تلقي اللقاحات المضادة لـ Covid-19، بدأت العدوى المشتركة تظهر بوضوح.

قال الدكتور جوناثان د. جرين، طبيب الأمراض المعدية ومدير علم الأوبئة الأمريكي: “السبب في أننا لم نتحدث كثيرًا عن هذا الأمر هو أننا لم نكن قد حددناه إكلينيكيًا بعد”.

ويضيف: “نتوقع أنه مع انتشار الإنفلونزا، سنشهد المزيد من الإصابات بالعدوى المشتركة، وسنعرف المزيد عنها في الأشهر المقبلة”.

 

خطر فلورونا على مصر

تؤكد المؤسسات المعنية في مصر عدم تسجيل أي إصابة بعدوى فلورونا المزدوجة حتى الآن في عموم البلاد، ويزعم الخبراء أن فرص ظهور هذه العدوى في مصر منخفضة جدًا، أو شبه منعدمة.

يقول الدكتور أحمد كامل، أستاذ علم الفيروسات: “لقد مررنا بموجتين من كوفيد بالإضافة إلى عدوى موسمية مثل الأنفلونزا، ولم يتم الإبلاغ عن أي حالات من هذا القبيل حتى الآن”.

ويؤكد كامل أن شدة فلورونا أعلى نسبيًا من Covid-19، لذا يجب أن نحصل على التطعيم السنوي ضد الإنفلونزا وأن نتبع بروتوكولات كوفيد في جميع الأوقات.

ويضيف: العلاج يعتمد على شدة الأعراض، وفقًا للتقارير الطبية العالمية، فإن الحالة الوحيدة من فلورونا التي تم الإبلاغ عنها حتى الآن أصيبت بـ أعراض خفيفة جدًا.

من جهة أخرى، أشار الدكتور أمجد الخولي، استشاري الوبائيات بمنظمة الصحة العالمية بإقليم شرق المتوسط إلى أن تلك هي المرة الأولى التي يتم إثبات تلك العدوى المزدوجة بشكل قاطع، وإن كانت هناك عدة تقارير أكدت في السابق إمكانية حدوث العدوى المزدوجة بين Covid-19 وغيرها من فيروسات الجهاز التنفسي.

أكد الخولي أن منظمة الصحة العالمية لم تتحقق حتى الآن من العدوى المزدوجة، لكن ما توصلت إليه حتى الآن يؤكد أن الإصابة المزدوجة تحدث بشكل عرضي.

وأوضح الخولي أن الإجراءات الاحترازية للوقاية من الإصابة بكلا الفيروسين واحدة، وعدم الالتزام بهذه الإجراءات أو تجاهل ارتداء الكمامة والحفاظ على التباعد البدني وتجنب الأماكن المزدحمة والسيئة التهوية يزيد من فرص الإصابة بأحد الفيروسين أو كليهما، وتبقى اللقاحات هي الوسيلة الأكثر فاعلية للوقاية من أو تقليل خطر الإصابة بهذه الفيروسات.

وينصح الخولي باستخدام لقاحات Covid-19 والإنفلونزا خاصة للفئات الأكثر عرضة للإصابة أو للمضاعفات.

حددت وزارة الصحة المصرية عدد من الإجراءات لمواجهة الإصابات المزدوجة بين فيروس كورونا والإنفلونزا والتي يطلق عليها “فلورونا”.

وقال الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة والسكان المصرية، إن الإجراءات الاحترازية المتخذة في مصر للوقاية من كورونا هي نفسها الاجراءات التي تحمي من الإصابة بالإنفلونزا الموسمية.

وأكدت اللجنة العلمية لمكافحة كورونا بوزارة الصحة أن عدوى “فلورونا” ليس لها أي أعراض مختلفة عن فيروس كورونا، وأن العدوى الجديدة ليست تزاوجا، ولكنها خليط بين كورونا والانفلونزا.

وقال محمد النادي عضو اللجنة في تصريحات إعلامية إن الخطر الحقيقي يأتي من متحور “أوميكرون” الذي يحوطنا من كل مكان، وهو السلالة الحالية للإصابات، ولم تسجل مصر أي إصابات بمتحور دلتا الذي اعتبره أعنف من أوميكرون.

وأوضح النادي أن متحور “أوميكرون” يؤثر على الجهاز التنفسي العلوي وليس له تأثير خطير على الرئتين، فالأعراض أصبحت مختلطة وأعراض متحور أوميكرون قد تتشابه مع البرد والانفلونزا.

وأكد النادي أن الدولة وفرت كل أنواع اللقاحات، إضافة إلى الأدوية المضادة للالتهابات، مشيرًا إلى أن البروتوكول المصري له نتائج جيدة جدًا وملموسة على أرض الواقع.

 

اقرأ أيضًا.. التغير المناخي يسبب مزيداً من الأوبئة.. وهذه هي الأسباب

 

التغيرات المناخية والأوبئة

كانت جريدة “ديلي ميرور” البريطانية قد نقلت في تقرير مطول عن مجموعة من العلماء تحذيرهم من أنه بجانب أن التغير المناخي يسبب ارتفاع درجات الحرارة على كوكب الأرض، فأنه قد يؤدي إلى ذوبان جبال جليدية متجمدة منذ مئات السنين، وهو ما قد يتسبب بدوره في ظهور سلالات غير معروفة من الفيروسات والبكتيريا والجراثيم المتجمدة تحت ذلك الجليد، والتي يمكن أن تنتقل إلى البشر ويؤدي إلى موجات جديدة من الأوبئة.

ويعتقد العلماء والأطباء أن فيروس “كورونا” قد انتقل إلى البشر لأول مرة من حيوان أليف في الصين إلى المريض الأول الذي كان في إقليم “ووهان” ثم انتشر الفيروس بين البشر بواسطته.

ووفق الصحيفة البريطانية، يشير العلماء إلى أن ذوبان الجليد في العالم قد يؤدي إلى ظهور وانتشار فيروسات متجمدة منذ آلاف السنين، مستشهدين على ذلك بأنه قبل 4 سنوات توفي طفل كان يبلغ من العمر 12 عاماً في سيبيريا بعد إصابته بفيروس الجمرة الخبيثة، حيث يُعتقد أن العدوى انتقلت إليه من حيوان توفي قبل 75 عاما بالمرض وبقيت جثته متجمدة طوال تلك المدة حتى حدثت موجة صيف حارة أدت إلى ذوبان الجليد الذي كان يغطي جثة الحيوان، فنشط الفيروس حيث تسلل إلى الجليد المذاب والذي وجد طريقه إلى إمدادات المياه ومن ثم دخل في سلسلة غذاء بشري أدى إلى إصابة الأشخاص الذين أصيبوا ومن بينهم الطفل ذو الـ12 عاماً الذي توفي بسبب المرض.

على إثر ذلك، يعتقد العلماء أن يشكل ارتفاع درجات الحرارة على الأرض وذوبان الجليد بداية لموجة جديدة من الفيروسات القاتلة التي قد تهدد البشرية بأكملها.

ويؤكدون أيضاً أن ذوبان بعض جبال الجليد والتغير المناخي في بداية القرن الماضي كان السبب وراء وباء “الانفلونزا الإسبانية” الذي تسبب في مقتل نحو 50 مليون شخص في العالم خلال الفترة بين العام 1918 والعام 1920.ىة

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.