منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

تقرير أممي عن تأثير تغير المناخ: الحياة التي نعرفها ستتغير قريبًا

مع تزايد الاحترار العالمي وتسارع وتيرة التغير المناخي، اجتمعت 195 دولة، يوم الأثنين 14 فبراير، لاعتماد تقرير علمي مرجعي حول كيفية تأثير الاحتباس الحراري على حياة الناس وبيئتهم الطبيعية والأرض نفسها، وتأثير تغير المناخ المدمر الذي يجب أن تستعد له البشرية في المستقبل.

تصدر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة IPCC، وهي منظومة تضم مئات من كبار العلماء في العالم، تقييم ضخم عن تأثير تغير المناخ كل خمس إلى سبع سنوات، منقسم إلى ثلاثة تقارير، ويحمل التقييم الأخير رقم 6 في ترتيب التقييمات التي أصدرتها الهيئة.

يسهم آلاف العلماء والخبراء من جميع أنحاء العالم في عمل الهيئة بشكل طوعي كمؤلفين ومساهمين ومراجعين، ولا يتقاضى أي واحد منهم أجراً من الهيئة.

تتخذ الهيئة (IPCC) قراراتها الرئيسية في جلسات عامة على مستوى ممثلي الحكومات، وتضطلع أمانة مركزية للهيئة بتقديم الدعم لعمل الهيئة.

يوجد في الهيئة (IPCC) حاليا ثلاثة فرق عاملة وفريق عمل، وتقدم وحدات للدعم الفني (TSUs) المساعدة للأفرقة العاملة وفرقة العمل.

يتناول الفريق العامل الأول الأساس العلمي الفيزيائي لتغير المناخ، فيما يتناول الفريق العامل الثاني آثار وتأثير تغير المناخ، والتكيف معه والتأثر به، ويتناول الفريق العامل الثالث التخفيف من آثار تغير المناخ، ويصدر كل فريق تقريرًا خاص به ضمن تقيري التقييم الأكبر. وتجتمع الأفرقة العاملة في جلسات عامة على مستوى ممثلي لحكومات.

أما فريق العمل المعني بالعمليات الوطنية فيتمثل هدفه الرئيس في حصر غازات الاحتباس الحراري ووضع وتنقيح منهجية للتوزيع وإعداد التقارير بشأن الانبعاثات الوطنية لغازات الدفيئة وإزالتها.

في نهاية فبراير الجاري، سوف يصدر التقرير الثاني من التقييم السادس للهيئة (AR6)، الذي يبحث في تأثير تغير المناخ والاحترار وطرق الاستعداد له (التكيف).

وحسبما قال إنغر أندرسن، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، سيعزز التقرير الأخير العلم بشأن الروابط بين فقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ.

يفترض أن يساهم هذا الجزء في تقليل تداعيات وتأثير تغير المناخ في كل القارات وعلى كل الأصعدة: الصحة والأمن الغذائي ونقص المياه ونزوح السكان وتدمير النظم البيئية، وسيشرح التحديث الأخير، الذي ينتهي نهاية فبراير، كيف يؤثر تغير المناخ بالفعل على البشر والكوكب، وما يمكن توقعه في المستقبل، ومخاطر وفوائد التكيف مع عالم أكثر احترارا.

حذّر أندرسن من أنّ التحدّيات التي تواجهها البشرية في مكافحة الاحترار هي اليوم “أكبر من أي وقت مضى”، وذلك خلال اجتماع اللمسات الأخيرة على التقرير الثاني القاتم.

في الجزء الأول من تقريرها الذي نشر في أغسطس الماضي، قدّرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن درجة الحرارة ستصل في 2030، أي قبل عشر سنوات مما كان متوقعا، عتبة +1,5 درجة مئوية، الهدف الأكثر طموحا لاتفاق باريس.

أما الجزء الثالث المقرر إصداره في أبريل المقبل بشأن حلول لخفض انبعاثات غازات الدفيئة، سيكون أكثر تفصيلا حول ما يمكن القيام به للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري والتكيف معها.

 

اقرأ أيضًا.. ما هو تغير المناخ؟ كل شيء عن أزمة القرن الـ 21

 

تفاصيل التقرير الثاني عن تأثير تغير المناخ

التقرير الذي أعدته مجموعة العمل الثانية التابعة للهيئة (IPCC) يحمل عنوان “تغير المناخ 2022: الآثار والتكيف وقابلية التأثر”، ويبني على مساهمة الفريق العامل الأول في تقرير التقييم السادس الصادر في أغسطس من العام الماضي، وساهم فيه أكثر من 270 عالمًا من 65 دولة في التقرير، ويشير إلى 84000 ورقة علمية.

قالت ديبرا روبرتس، الرئيسة المشاركة للجنة، وهي عالمة بيئية من جنوب إفريقيا: “نحن قلقون من أن المناخ المادي من حولنا يتغير، لكن بالنسبة لمعظم الناس في حياتهم اليومية، يريدون أن يعرفوا: ماذا في ذلك؟ ماذا يعني ذلك بالنسبة لحياتهم، وتطلعاتهم، ووظائفهم، وعائلاتهم، والأماكن التي يعيشون فيها “.

قالت إن التقرير يضم سبعة فصول إقليمية “حول التغيرات الملموسة التي يسببها تغير المناخ في حياة الناس”. وقالت إنه سيكون له تركيز قوي على المدن.

قالت تيريزا أندرسون، التي تترأس قضايا العدالة المناخية في منظمة أكشن إيد إنترناشيونال، في بيان: “الأدلة المروعة التي قدمتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ على تصاعد التأثيرات المناخية ستظهر كابوسًا مرسومًا بلغة العلم الجافة”.

لم يذكر العلماء حتى الآن أي تفاصيل حول ما هو وارد في التقرير لأن ملخصه النقدي لا يزال يخضع لمفاوضات مكثفة بين العلماء والحكومات، حيث أنه من المتعارف عليه أن المرحلة الأخيرة للتقرير تخضع لعملية مراجعة صارمة ودقيقة، ستقوم الحكومات والعلماء معًا بفحص الملخص الخاص بصانعي السياسات سطراً بسطر خلال الأسبوعين المقبلين، للوصول إلى إجماع حول النسخة النهائية، قبل طرحها للجمهور في 28 فبراير.

لكن أظهرت نسخة أولية من النص نشرتها وكالة فرانس برس في يونيو الماضي، أن الحياة كما نعرفها ستتغير حتما على المدى القصير.

قال الرئيس المشارك في التقرير هانز أوتو بورتنر إن العلم أقر أن هناك حدودًا- بما في ذلك حدود درجة الحرارة- لما يمكن أن تتحمله النظم البيئية والأنواع والبشر. ففي بعض الأماكن، يكون الاحترار قريبًا من تلك الحدود، وفي حالات قليلة، مثل قضية الشعاب المرجانية في العالم، تجاوز الاحترار هذه الحدود.

قال عالم الأحياء الألماني بويرتنر في تصريح صحفي الأسبوع الماضي: “نحن نفقد المساحات الصالحة للعيش سواء للأنواع، نباتات وحيوانات، أو لأنفسنا أيضًا”.

ويضيف: “ستصبح بعض الأجزاء من الكوكب غير صالحة للسكن مع تفاقم أزمة تغير المناخ ونتائجها.”

يتناول التقرير أيضًا طرق التكيف مع الاحترار العالمي المتزايد، بما في ذلك، الآثار الجانبية غير مرغوب فيها لبعض الحلول التكنولوجية التي تساعد على التكيف مع الاحترار.

قالت راشيل كليتس من اتحاد العلماء: “سيؤكد تقرير الهيئة الحكومية الدولية المقبل بشأن تغير المناخ ما نعرفه بالفعل عن الخسائر الساحقة من موجات الحر والجفاف والفيضانات والعواصف وحرائق الغابات وتحمض المحيطات بالنسبة للناس والنظم البيئية الهامة”. “سيؤكد هذا التقييم العلمي الشامل إلى أي مدى يمكن أن تتفاقم أزمة المناخ إذا فشلنا في اتخاذ إجراءات عالمية جريئة.”

حذر بورتنر من “نقاط التحول” وخطر الانقراض الجماعي مثل ذلك الذي قضى على ديناصورات الأرض.

قال بيتيري تالاس، الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: ” علينا أيضًا أن نكون حذرين قليلاً في كيفية توصيل النتائج العلمية ونقاط التحول التي رصدناها للجمهور العادي، ويجب أن نكون حذرين عندما نتحدث  عن توقعات كارثية، كي لا نسبب الكثير من الخوف بين الشباب، يجب أن يستهدف هذا الخوف صانعي القرار”.

تُستخدم هذه التقارير عندما تجتمع الحكومات كل عام للتفاوض حول كيفية الحد من تغير المناخ.

قالت وزيرة العلوم الألمانية، بيتينا ستارك فاتزينغر، إن دفع الحكومات على التوقيع على الملخص أمر أساسي للعمل السياسي المنسق.

قالت لوكالة أسوشيتيد برس: “نحن بحاجة إلى مشاركة الجميع معنا”. “لهذا السبب نحتاج إلى ترجمة النتائج ومناقشتها دوليًا.”

جدير بالذكر أنه بعد أكثر من قرن ونصف قرن من التنمية الاقتصادية عبر الوقود الأحفوري، ارتفعت حرارة الأرض قرابة 1,1 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية، ما أدى إلى مضاعفة موجات الحر والجفاف والعواصف والفيضانات المدمرة.

يشهد العالم ازدياد وتيرة الكوارث الطبيعية وشدتها في كل القارات تقريبا، ففي العام الماضي اجتاحت الحرائق الغرب الأمريكي واليونان وتركيا، وغمرت الفيضانات مناطق في ألمانيا والصين، وسُجّلت درجات حرارة قياسية اقتربت من 50 درجة مئوية في كندا.

وفقًا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، سيستمر ذوبان الأنهار الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر لفترة أطول بكثير مما كان متوقعًا في وقت سابق، وهو ما تسبب مسبقًا في كارثة كبيرة متعلقة بالطقس خلال العشرين عامًا الماضية عانى منها حوالي 4.5 مليار من سكان هذا الكوكب أو 60 في المائة من سكان العالم من.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.