منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

التغير المناخي في مدارس الشرق الأوسط.. دولتان عربيتان في الطريق والباقي “غياب”

لا شك أن إشراك الأطفال في قضية التغير المناخي، يُمكن أن يؤدي إلى إحداث تغيير كبير، وسيكون له تأثير إلى حد كبير سواء حاضرًا أو مستقبلًا، ومن هنا تأتي أهمية ما يطلق عليه بـ “التعليم المناخي”، التي غابت بشكل ملحوظ عن الشرق الأوسط.

يقصد بالتعليم المناخي إدراج محتوى ضمن المناهج الدراسية يهدف إلى توعية الطلاب بالجوانب المختلفة لأزمة المناخ، وطرق التخفيف من أثارها والتكيف معها، وتقليل البصة الكربونية، وغيرها من الموضوعات المهمة والتي يجب أن يعرفها كل طفل يعيش على الأرض.

نصت المادة 6 من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، والتي يطلق عليها برنامج عمل نيو دلهي (2002 – 2012)، على أن التعليم والتدريب والوعي العام جزء لا يتجزأ من الاستجابة لمواجهة تغير المناخ. وقد تجددت هذه الدعوة عام 2012 من خلال برنامج عمل الدوحة القائم على المادة 6 من الميثاق.

ورغم أن العديد من الدول تبذل جهودا اقتصادية وسياسية لتساهم بشكل كبير في محاربة التغير المناخي مثل تنويع مصادر الطاقة والتحول من الاعتماد الكبير على النفط والغاز إلى مصادر أخرى، مثل الطاقة النظيفة، والسياحة، وتكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الفضاء، إلا أن هذه الجهود لا تزال بعيدة عن قطاع التعليم العالمي في معظم الأحيان.

تُظهر البيانات الجديدة التي جمعتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، من 100 دولة أن 53٪ فقط من المناهج الوطنية في العالم تذكر تغير المناخ أو تشير إليه، حيث تولي المناهج الدراسية أولوية منخفضة جدا لأزمة تغير المناخ.

بالإضافة إلى ذلك، أظهرت دراسة استقصائية أجرتها اليونسكو ورابطة التعليم الدولية أن أقل من 40٪ من المعلمين أبدوا ثقتهم في تدريس تغير المناخ وجسامته، ويعتقد ثلثهم فقط أنه يمكنه تفسير تغير المناخ لمنطقته وأماكن إقامته.

كانت اليونسكو أول من دقت ناقوس الخطر والتحذير من أن نظم التعليم الدولية تتجاهل أزمة المناخ وخطورتها، وجاء ذلك في بيان صدر قبل الاجتماع المشترك الأول لوزراء البيئة والتعليم السادس والعشرين للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، قبيل انعقاد مؤتمر الأطراف في جلاسكو نوفمبر الماضي.

 

اقرأ أيضًا.. رحلة المليون سفير مناخي بدأت من عين شمس وتتجه إلى قلب إفريقيا

 

التغير المناخي والمناهج في مصر

في الشرق الأوسط لم تتوسع مسألة تدريس التغير المناخي في المدارس حتى الآن رغم الدعوات الأممية المتكررة بضرورة ذلك، وباستثناء تركيا، التي أدرجت التغير المناخي في مناهجها التعليمية بالفعل العام الماضي، يضاف التغير المناخي عادة إلى مادة العلوم في المدارس الإعدادية والثانوية، هذا إذا كان يتم تدريسه في المدارس أساسا، ما يؤكد أن المنطقة الأكثر تضررًا من أثار التغير المناخي هي الأقل وعيًا به.

رغم ذلك، هناك بعض المطالبات والمساعي في بعض الدول لإدراج التغير المناخي في المناهج، ففي 2016 أعلنت وزارة التغير المناخي والبيئة في الإمارات إدراج قضايا التغير المناخي ضمن المناهج الدراسية، لتشجيع الطلبة وحثهم على تطوير مشاريعهم البحثية بما يتناسب مع توجهات الدولة في المحافظة على الثروات الطبيعية وتحقيق التوازن المناخي، ومواكبة التوجه العالمي لتقليل الانبعاثات الكربونية بموجب اتفاقية باريس.

قالت وقتها إدارة التغير المناخي إن مواجهة قضايا المناخ تتطلب شراكة كافة مؤسسات المجتمع وعلى رأسها التعليمية التي يجب أن تقدم مشاريعها البحثية وابتكاراتها بما يخدم توجهات الدولة في خفض الانبعاثات الكربونية، لحماية تنوعها البيولوجي.

ورغم أن تلك الخطوة لم تر النور حتى الأن، إلا أن مصادر رسمية إماراتية أبلغت أوزون أن تنفيذها بات قريبًا جدًا، ولم تتراجع الدولة الإماراتية عنها، لكنها تخضع لدراسة شاملة كي تخرج في أفضل صورة ممكنة

في مصر يبدو الأمر قريبًا أيضًا، حيث طالبت د. ياسمين فؤاد قبل شهور قليلة، بضرورة دمج موضوعات تغير المناخ في المناهج الدراسية بجميع المراحل التعليمية بما في ذلك المساهمات المحددة وطنيًا وخطط التكيف الوطنية.

كما دعا الدكتور محمد المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر، خلال المؤتمر الدولى الثالث للتنمية المستدامة ديسمبر الماضي، لتشكيل لجنة علمية متخصصة تقوم على صياغة منهج تربوي تعليمي من مخاطر التغيرات المناخية والبيئية وكيفية مواجهتها والحد منها بأسلوب مبسط يناسب الطلاب في كافة المراحل التعليمية المختلفة ويتم تعميمها على الأنظمة التعليمية.

مؤكدا أن الأزهر على أتم الاستعداد للمشاركة في كافة مراحل هذا المشروع الإنساني المهم، وتعميم هذا المنهج حال خروجه إلى النور وتضمينه في المقررات الدراسية التي تدرس للطلاب داخل جامعة الأزهر في مختلف الكليات والمراحل التعليمية .

بعدها طالب النائب محمود بكري، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشيوخ، في اقتراح برغبة قدمه إلى المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، وموجها لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي، بإدراج مقرر أو مادة تحت مسمى “التربية المناخية” في مناهج التعليم المصرية، تدريسها بطرق مبتكرة بعيدة عن الطرق التقليدية للتدريس التي تعتمد على التلقين والحفظ.

أكد بكري أن مادة التربية المُناخية تستوجب اعتماد مُقاربة منهجية في تدريسها مبنية على دعم علاقة التلميذ بمحيطه الطبيعي، وذلك لتمكينه من الأسس العلمية للتنمية المستدامة بصفة تدريجية، أي بداية من المرحلة الأساسية مرورًا بالمرحلة الإعدادية وصولا إلى المرحلة الثانوية.

يتطلب الأمر من وزارة التربية والتعليم تطوير المناهج والنظم التعليمية لمواكبة المستجدات العالمية والتحديات المناخية ليدرك الطالب تلك القضايا وتداعياتها وتأثيراتها على حياته وأهمية دوره في التصدي لتلك القضايا وتأثير كل سلوك يتبعه على إستدامة الحياة.

أما في تونس فلم فالأمر لا يزال في إطار المطالبات المدنية، ولم يصل بعد لخطة رسمية، حيث دشنت حركة الشبيبة من أجل المناخ العام الماضي، حملة إلكترونية لإدراج التربية المناخية في المناهج التعليمية التونسية، تحت شعار “نريد تربية مناخية في تونس”، ووجهت خطابها لوزارة التربية في البلاد.

أنتج أعضاء الحركة فيديو ترويجي بالتعاون مع الممثلة التونسية هند صبري تناول إشكال التغير المناخي وإنعكاساته على المدى القريب والمتوسط وحتى البعيد لتكون خلاصته ضرورة إدراج التربية المناخية في برامج التعليم في تونس كحقّ من حقوق الشباب الرئيسية، لكن حتى الأن لم تستجب الحكومة في تونس لتلك المطالبات، ولا تزال الحملة مستمرة.

 

اقرأ أيضًا.. ما هو تغير المناخ؟ كل شيء عن أزمة القرن الـ 21

 

أهمية إداراج التغير المناخي في التعليم

تقول مؤسسة climate wise الرائدة في حلول المناخ، إن تعليم الأطفال حول حقائق تغير المناخ يمكنه أن يغرس فيهم الرغبة مدى الحياة في تحسين البيئة وحماية الكوكب لأطفالهم وأحفادهم. والأهم من ذلك، سيساعد التعليم الجيد بشأن قضايا تغير المناخ ، والعلوم التي تقف ورائهُ ، على دفع عجلة الابتكار حول حلول تغير المناخ. سيكون هذا مفتاحً للتطوير المستقبلي لطرق جديدة ورائدة لمعالجة القضايا البيئية.

كما أن إدراج تعليم فعال عن تغير المناخ في المدارس سيساعد على إنتاج سلسلة من النتائج الإيجابية. إنه يزيد من عدد المواطنين المطلعين، مما يؤدي إلى مجتمع أكثر نشاطًا واستباقية بيئيًا.

وترى الأمم المتحدة أن التعليم يمكن أن يشجع الناس على تغيير مواقفهم وسلوكهم؛ كما أنه يساعدهم على اتخاذ قرارات مستنيرة في الفصول الدراسية، ويمكن تعليم الشباب تأثير الاحتباس الحراري وتعلُّم كيفية التكيف مع تغير المناخ.

يحفز التعليم الشباب بشكلٍ خاص على اتخاذ الإجراءات، وتساعد معرفة الحقائق في القضاء على الخوف من قضية غالباً ما يتم وسمها بأن القدر فيها محتوم في الساحة العامة.

تؤكد The Economic Times أنه يجب علينا تعليم وتجهيز الأطفال والشباب للتعامل بشكل أفضل مع تغير المناخ من خلال تطوير المناهج وطرق التدريس المبتكرة، والتطلع إلى مستقبلهم في مواجهة التحديات المجتمعية المختلفة.

من المهم أن يشارك الأطفال في العمل ضد تغير المناخ لأن هذه القضية أصبحت الأكثر إلحاحًا التي تتطلب اتخاذ إجراءات فورية.

يحتاج الأطفال إلى إعلامهم بالحقائق التي تمكنهم من اتخاذ إجراءات لتغيير المستقبل وتعزيز الأمل بطريقة تقوم على فهم الظروف والأوضاع بشكل واقعي.

يلعب المعلمون دورًا مهمًا في مساعدة الأطفال والشباب على إدارة ضغوطهم وقلقهم بشأن المستقبل، وذلك بالإضافة إلى تعزيز الصحة العقلية في المدارس، ودمج الإرشادات والأفكار المتعلقة بـ التغير المناخي في المناهج المدرسية.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.