منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

لهذه الأسباب لجأت السعودية لـ أشجار الغضا ضمن مبادرتها الخضراء

بينما يجتاح الجفاف منطقة الشرق الأوسط بسبب التغير المناخي وأثاره، يرى الناشط البيئي السعودي عبد الله عبد الجبار، في لقاء مع وكالة رويترز، أن هناك جانبًا إيجابيًا للتصحر، وهو أن أشجار الغضا أو “السكسول” تنتج البذور فقط عندما تصبح أكثر جفافاً، ما يفتح الباب على مصراعيه لزراعة المزيد منها في صحراء منطقة القصيم الشاسعة بوسط المملكة العربية السعودية.

على مدى قرون، وفرت الملايين من هذه الأشجار، المعروفة باسمها العربي “الغضا”، الحطب والأعلاف الحيوانية، والظلال والراحة أيضًا من حرارة الصحراء للبدو، أجداد السعوديين المعاصرين.

تعتبر أشجار الغضا أو السكسول من الأشجار الصحراوية الشهيرة التي تتواجد في المناطق الجافة بالقرب من بحر قزوين، في إيران وآسيا الوسطى شرقًا، وينتشر منها ثلاثة أنواع رئيسة، الأخضر والأبيض والأسود، وقد تطورت هذه الأنواع وأصبحت تستطيع تحمل الجفاف والرياح.

يبلغ طول شجرة الغضا في العادة من 6 إلى 12 قدم تقريبًا، وتكون جذوعها وفروعها ثقيلة وخشنة إلى حد كبير، كما أنها تكون ملتوية ومعقدة للغاية.

تحتوي الشجرة أيضًا على لحاء سميك يشبه الإسفنج ومتشبع بالمياه، ويحتوي النبات الناضج على جذر عصاري يمتد على نطاق واسع للحصول على المياه في وضع جانبي عميق.

كما أنه ينتج مجموعة من الأزهار الصفراء القليلة، ذات الأوراق الصغيرة لدرجة أنها تكون غير ظاهرة بوضوح.

تتكيف الشجرة مع المناخ الصحراوي ودرجة الحرارة المرتفعة بشكل كبير، وتتحمل الظروف المناخية والبيئية القاسية مثل الرمال المتحركة والثابتة والتلال الصخرية، كما أنها تتكيف أيضًا مع المناخ الرطب، والمنحدرات الجبلية والأراضي الرديئة والصخور الطينية والأخاديد الجافة والغابات، وغيرها من الأماكن الأخرى التي لا تستطيع الكثير من النباتات الأخرى العيش فيها.

كما أن للشجرة استخدامات وفوائد أخرى عديدة، حيث تستخرج من خشبها صبغة خضراء يستخدمها النساجون في تلوين خيوط الصوف التي يدمجونها في أنواع السجاد المميزة.

كما تعتمد عليها بعض الشعوب البدوية في صحاري آسيا الوسطى كمصدر للماء، حيث أن اللحاء الإسفنجي للشجرة تستخرج منه المياه الصالحة للشرب بمجرد الضغط عليه.

يتواجد في جذور الغضا نبات طفيلي آخر يستخدمه المعالجون بالأعشاب في صناعة دواء لعلاج مختلف الأمراض مثل العقم والكسل وضعف الرؤية وفقدان الذاكرة والصلع واضطرابات التوازن وسرعة خفقان القلب وغيرها من الأمراض الأخرى.

فيما تصلح أوراق وزهور هذه الشجرة كعلف للمواشي والحيوانات المختلفة.

 

اقرأ أيضًا.. ما هو تغير المناخ؟ كل شيء عن أزمة القرن الـ 21

 

أشجار الغضا ومبادرة المملكة الخضراء

تعد زراعة أشجار الغضا “الساكسول” في المملكة العربية السعودية جزءًا من مبادرة خضراء أطلقتها الحكومة الوطنية بهدف الحد من انبعاثات الكربون والتلوث وتدهور الأراضي، وجزء من خطتها الوطنية للوصول إلى صافي صفر كربون بحلول 2060.

ووفق الدراسات الحديثة، يمكن لشجرة واحدة أن تمتص طنًا من الكربون سنويًا، ما يجعل زراعة الأشجار أحد أبرز وأهم الحلول التي من شأنها تقليل الانبعاثات الكربونية والاحتباس الحراري، وكبح التغير الهائل الحاصل في المناخ الذي تشهده الكرة الأرضية.

تهدف المملكة إلى زراعة 10 مليارات شجرة في العقود المقبلة في إطار حملة طموحة كشف النقاب عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان العام الماضي.

تخطط الدولة أيضًا للعمل مع الدول العربية الأخرى لزراعة 40 مليار شجرة إضافية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

تعاني العديد من دول الشرق الأوسط من ارتفاع درجات الحرارة وموجات الجفاف الطويلة والمتكررة، مما يشكل ضغطًا على إمدادات المياه وإنتاج الغذاء.

يمكن أن تعيش أشجار الغضا لأشهر دون قطرة ماء ويزدهر في البيئات القاسية بشكل خاص حيث يمكن أن ترتفع درجات الحرارة إلى 58 درجة مئوية (136 فهرنهايت)، حيث يعد الخليج من أكثر الأماكن حرارة على وجه الأرض.

قال عبد الجبار، نائب رئيس جمعية الغضة البيئية، لوكالة رويترز، إن منظمته تخطط لزراعة 250 ألف شجرة مقاومة للجفاف هذا العام في عنيزة بمنطقة القصيم الوسطى.

وأضاف عبد الجبار: “أشجار الغضا ميراث من أهل عنيزة … ومن فوائده أنه يثبّت الرمال”.

صنفت موسوعة جينيس للأرقام القياسية حديقة عنيزة العام الماضي على أنها أكبر حديقة نباتية في العالم، تمتد على مساحة 172 كيلومترا مربعا (66.41 ميلا مربعا).

مؤخرًا، امتدت مساحات من أشجار الغضا أو “الساكسول” في حديقة عنيزة إلى الأفق، ما أدى إلى إحياء الصحراء، حيث هبت الرياح من خلال أوراقها التي تشبه الإبر.

نجح أهالي عنيزة في محاولاتهم الكثيرة في الاستزراع لعمل أكبر محمية لشجرة الغضا في العالم، وحققت الجهود الشعبية في حشد مزيد من الأضواء تجاه الغضا في احتفالية سنوية يقيمها أهالي عنيزة حيث يخرج الجميع وسط نفود الغضا لزراعة العديد من الأشجار.

في النهاية، قال ماجد الصليم رئيس جمعية الغضة وهو يمشي في الحديقة حاملًا شهادة جينيس بين يديه: “شجرة الساكسول لها العديد من الصفات ومن أهمها أنها لا تحتاج إلى الكثير من الماء، لهذا السبب اهتم الناس في عنيزة بها لتصبح رمزًا بيئيًا لهذه المنطقة.”.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.