منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

الكويت في خطر.. أغلب مناطق البلاد قد تصبح غير صالحة للعيش بعد 50 عامًا

قالت صحيفة بلومبرج الأمريكية في تقرير موسع يناير الماضي إن الكويت في خطر، وقد تصبح غير صالحة للعيش خلال الربع الأخير من القرن الحادي والعشرين بسبب الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، وتأخر الكويت في ما يتعلق بالعمل المناخي.

يتسبب الاحتباس الحراري بتسجيل درجات حرارة مرتفعة غير مسبوقة في كل أنحاء العالم، بيد أن الكويت التي تُعتبر من بين أكثر دول العالم حرارة على هذا الكوكب تتحول سريعاً إلى مكان غير صالح للعيش.

في عام 2016 سجلت درجة حرارة في الكويت 54 درجة مئوية، وهي أعلى درجة حرارة سجلت على كوكب الأرض في آخر 76 عاماً.

في العام الماضي وصلت درجة الحرارة في الكويت للمرة الأولى إلى 50 درجة مئوية (122 فهرنهايت) في يونيو، أي قبل أسابيع من الذروة المعتادة في فصل الصيف.

وفق الهيئة العامة للبيئة في الكويت، يمكن أن تزيد درجة الحرارة في بعض أجزاء البلاد بمقدار 4.5 درجة مئوية من عام 2071 إلى عام 2100، مقارنة بمعدلاتها التاريخية، ما سيحول مناطق واسعة من الكويت فعلياً لمناطق غير صالحة للسكن.

كما تهدد درجات الحرارة الحياة البرية في الكويت، ففي أشهر الصيف يمكن رؤية الطيور النافقة التي تعجز عن إيجاد ماء أو مكان يظلّلها فوق أسطح البيوت، بجانب اكتظاظ العيادات البيطرية بقطط ضالة على حافة الموت بسبب الإنهاك والجفاف اللذين يصيبانها بفعل الحرارة المرتفعة.

حتى الثعالب البرية تهجر الصحراء القاحلة بسبب ندرة هطول الأمطار، وتلجأ إلى المناطق الخضراء الصغيرة والقليلة المتبقة في المدينة، إذ يعاملها البشر كحيوانات مؤذية.

 

اقرأ أيضًا.. ما هو تغير المناخ؟ كل شيء عن أزمة القرن الـ 21

 

الكويت في خطر والقرار تأخر

رغم أن العديد من دول العالم تكافح لموازنة التحديات البيئية مع تزايد عدد السكان وتفشي الفقر، تتجاهل الكويت الغنية بالنفط وذات الكثافة السكانية القليلة أي خطط جادة للعمل المناخي.

تُعَدّ الكويت رابع أكبر منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، وموطن ثالث أكبر صندوق سيادي في العالم، فيما لا يتجاوز عدد سكانها 4.5 مليون نسمة، ما يؤكد أن القرار السياسي هو الذي يقف عائقاً في الكويت أمام خفض انبعاثات الغازات الدفيئة والتكيف مع تغير المناخ، ليس نقص الموارد.

أما الصندوق السيادي الكويتي البالغ حجمه 700 مليار دولار، فتقتصر أهداف استثماراته على التحوّط ضد النفط. ومع ذلك قال الصندوق إن الأولوية تظل للعائدات لأنها تتحول إلى استثمار أكثر استدامة.

مقارنة بباقي دول الشرق الأوسط، تتأخر الكويت في ما يتعلق بالعمل المناخي، حتى الدول المجاورة ، التي تعتمد أيضاً على صادرات النفط الخام، تعهدت باتخاذ إجراءات مناخية أقوى.

قالت السعودية إنها تستهدف صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2060، فيما حددت الإمارات هدفاً مماثلاً بحلول عام 2050.

على الرغم من أن السعودية والإمارات ضمن أكبر منتجي الوقود الأحفوري في العالم، تقول كلتا الدولتين إنها تعمل على تنويع اقتصادها والاستثمار في مصادر طاقة نظيفة ومتجددة.

في المقابل، تعهدت الكويت في قمة مؤتمر الأطراف بجلاسكو في نوفمبر الماضي بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 7.4% بحلول عام 2035، وهو هدف أقل بكثير من نسبة الخفض البالغة 45% واللازمة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030، وفق هدف “اتفاقية باريس” الممتد.

 

اقرأ أيضًا.. التغيرات المناخية في السعودية.. درجة الحرارة ستصل إلى رقم مرعب في 2050

الكويت في خطر.. والتكيف مرفوض

رغم أن الكويت لديها واحد من أعلى معدلات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم للفرد، فإنّ فكرة التخلي عن السيارات هي فكرة مرفوضة تماماً بالنسبة إلى معظم السكان.

وجدت كلية لندن للاقتصاد، التي أجرت المسح الشامل الوحيد للآراء حول المناخ في الكويت، أن السكان الأكبر سناً ما زالوا متشككين في أن هناك ضرورة ملحة للحد من الانبعاثات، فيما تحدّث البعض عن مؤامرة لتقويض اقتصادات الخليج.

على جانب أخر، يعارض كل من تجاوزت أعمارهم خمسين عاماً خططاً لبناء شبكة مترو مثل تلك القائمة بالفعل في كل من الرياض ودبي، وفق استطلاع محلي حديث.

أما القطاع الخاص فيرى أن تغير المناخ مشكلة تتطلب من القيادة الحكومية حلها ولا علاقة للقطاع الخاص بها.

ارتفاع درجة الحرارة في الكويت يهدد الفقراء فقط، بينما الأثرياء في مأمن، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن معظم الكويتيين والمقيمين الأثرياء محميون من تأثير ارتفاع درجات الحرارة، فالمنازل ومراكز التسوق والسيارات كلها مكيفة الهواء، حتى إنّ الذي يستطيع تحمّل التكلفة يقضي الصيف في أوروبا.

في نفس الوقت، الاعتماد الكبير على أنظمة التبريد يزيد استخدام الوقود الأحفوري، ما يؤدي بدوره إلى درجات حرارة أكثر ارتفاعاً.

الوضع أسوأ بكثير بالنسبة إلى الفقراء الذين لا يستطيعون الهروب من الحر، لا سيما العمال من البلدان النامية.

دراسة نشرها موقع Science Direct العام الماضي أظهرت  أنه في الأيام الحارة للغاية يتضاعف العدد الإجمالي للوَفَيَات، لكنه يتضاعف ثلاث مرات بين الرجال غير الكويتيين، وهم على الأرجح من فئة العمال ذوي الأجور المتدنية.

رئيس الهيئة العامة للبيئة، الشيخ عبد الله الأحمد الصباح، كان صرّح في مؤتمر المناخ  الذي عُقد في جلاسكو باسكتلندا، بأن بلاده حريصة على دعم المبادرات الدولية لتحقيق الاستقرار في المناخ.

وعدت الكويت بتبني “استراتيجية وطنية منخفضة الكربون” بحلول 2050، لكنها لم تذكر حتى الأن ما الذي ستشمله المبادرة، ولا يوجد دليل يذكر على اتخاذ إجراء فعلي على أرض الواقع، رغم كل المؤشرات التي تؤكد أن الكويت في خطر حقيقي.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.