منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

دراسة أمريكية ترصد حلولًا لإنقاذ “اليقطين” المصري واستخدامه لمواجهة تحديات “المناخ”

توصلت دراسة أمريكية أجراها عدد من الباحثين الدوليين إلى طرق علمية لإنقاذ محصول اليقطين “قرع العسل” في مصر، والذي يعتبر واحدًا من أهم المحاصيل المصرية ذات القيمة الغذائية العالية، ما من شأنه أن يساعد في مواجهة تحديات الأمن الغذائي الناتجة عن تغير المناخ.

للوصول إلى هذه النتائج المهمة، سافر أحد أعضاء الفريق البحثي، تحت إشراف جامعة UMass Amherst، في جميع أنحاء وسط وشمال شرق مصر، وطرق أبواب صغار المزارعين، وطلب حفنة من بذور اليقطين، ومن ثم جمعها وإجراء التحليلات المناسبة للوصول إلى أفضل طريقة لإنقاذ الأصناف التقليدية من اليقطين المصري من الانقراض.

تظهر نتائج البحث المعلن عنها مؤخرًا في تقارير البيولوجيا الجزيئية، أن الفريق نجح في تتبع الاختلافات البيوكيميائية والجزيئية لتسعة أنواع مختلفة من اليقطين، نمت في عدة مناطق مناخية في وسط وشمال شرق مصر.

يعد البحث خطوة أولى حاسمة في تحديد أنواع القرع المثالية للحفظ وتحسين الأصناف لمواجهة التحديات في تحقيق الأمن الغذائي في عالم متغير.

 

اليقطين في مصر

نبات اليقطين، ينتمى إلى العائلة القرعية، ويشبه نبات الكوسة، وهو من المحاصيل غير التقليدية الواعدة ذات الاستعمالات المتعددة، ويمكن زراعته تحت الظروف غير المناسبة لزراعة باقي محاصيل العائلة القرعية التي ينتمى إليها، ويزرع اليقطين في أجزاء كثيرة من العالم، كأحد محاصيل الخضر.

في كثير من أنحاء العالم، يستخدم اليقطين في غذاء الإنسان والماشية، ويتم استهلاكه على مدار السنة، حيث يعد أحد أشهر الأطعمة الغنية ببيتا كلورتين التي تعد من المضادات القوية للأكسدة، والتي تعطى الخضار والفواكه البرتقالية لونها الحيوي، كما يعتبر مصدرًا مغذيًا يحتوى على الدهون والبروتينات والفيتامينات A و C و E، ويساعد على التقليل من خطر تطور أنواع معينة من السرطان وتأخير الشيخوخة وتوفير الحماية ضد الربو وأمراض القلب وأظهرت الدراسات الطبيبة أن تناول اليقطين يساعد على التقليل من مخاطر السمنة والوقاية من مرض السكر وتعزيز صحة الشعر والبشرة والحفاظ على مؤشر كتلة الجسم.

اهتمت الحكومة المصرية مؤخرًا بزراعة اليقطين في عدد من المحافظات التي لم تشهد زراعته من قبل، وفي 2018 أعلنت وزارة الزراعة المصرية عن بدء زراعة اليقطين بأربع محافظات هى “الشرقية والبحيرة والدقهلية والإسماعيلية” للمرة الأولى في تاريخ تلك المحافظات.

 

اقرأ أيضًا.. تغير المناخ يعطل سلسلة التوريد العالمية.. 6 وقائع في أقل من عام

 

إنقاذ اليقطين

لاحظ عماد ماضي، طالب دراسات عليا في الحفاظ على البيئة بجامعة UMass Amherst والمؤلف الرئيس للورقة البحثية، أن بذور القرع ليست كلها متماثلة.

يقول ماضي: “لاحظت هذا لأول مرة في مصر، حيث يقوم صغار المزارعين المصريين بزراعة القرع على مدى أجيال، ويقومون برعايته بصبر ليزدهر في الظروف المحلية، والتي تختلف على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد”.

ومع ذلك، فقد بدأت الشركات الزراعية الكبرى في إدخال بذور القرع إلى مصر التي لا تنتمي إلى الظروف المحلية، مما يهدد بقاء الأصناف التقليدية.

علاوة على ذلك، نظرًا لأن تلك البذور التجارية الأحدث لم يتم تربيتها وفقًا للظروف المحلية، فقد تؤدي في الواقع إلى تفاقم مشاكل انعدام الأمن الغذائي.

يقول ماضي: “هدفنا هو تحديد أصناف القرع المناسبة للبيئات المحلية، ثم استخدام هذه الأصناف كأساس لزيادة إنتاجه في الزراعة المصرية.”

لتحقيق ذلك، تنقل ماضي في جميع أنحاء البلاد، وزار صغار المزارعين، وسار في حقولهم وجمع كل ما يمكن جمعه من البذور، ثم تعاون مع زملائه بجامعة الأزهر ومعهد بحوث الهندسة الوراثية الزراعية في مصر، وأجروا جميعًا سلسلة من الاختبارات الكيميائية والجزيئية على البذور قبل أن تتحلل.

ساعدت هذه الاختبارات في تحديد القيمة الغذائية لأنواع محلية معينة، بما في ذلك محتواها من الدهون والرطوبة والبروتين والألياف والمعادن والكربوهيدرات، بالإضافة إلى الواسمات الجينية التي تعمل كبصمة فريدة لكل صنف معين.

 

الأمن الغذائي والتعاون الدولي

بمجرد أن أكمل ماضي وزملائه أعمالهم الكيميائية والجزيئية، قام هو وفريقه في جامعة UMass Amherst وكلية Springfield Technical Community College في الولايات المتحدة بتحليل النتائج وتصنيفها.

ما اكتشفوه هو أن هناك تباينًا كبيرًا في القيمة الغذائية للعينات التي جمعها ماضي، وأنه يمكن تحديد هذه الأصناف بدقة باستخدام التحليلات الجينية.

إجمالاً، أظهر هذا التعاون بين صغار المزارعين والباحثين الدوليين أنه يمكن استخدام القرع المصري المحلي للمساعدة في تطوير أصناف مستقبلية مغذية للغاية ومتكيفة جيدًا مع البيئة الخاصة بمصر.

يقول تيموثي راندير، أستاذ الحفاظ على البيئة في UMass Amherst وأحد المؤلفين المشاركين في الدراسة، “إحدى أكبر المشكلات في مواجهة تحديات الأمن الغذائي في العالم، هي التعاون الدولي الذي يمكن أن يدمج المعرفة والموارد المحلية لتحقيق تغيير إيجابي”.

ويضيف: “هذا البحث هو نموذج لكيفية عمل تعاون بين المجتمعات الزراعية الصغيرة من جانب والمجتمع العلمي العالمي من جانب أخر، وذلك لمعالجة هذه الاحتياجات الملحة “.

 

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.