منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

تغير المناخ وتلوث الغذاء.. نظام حاسوبي يكشف آثار التدهور البيئي على الطعام

ربط باحثون بجامعة يورك في تورنتو كندا لأول مرة بين تغير المناخ وتلوث الغذاء، مؤكدين في دراسة جديدة أن تغير المناخ يمكن أن يؤدي بشكل غير مباشر إلى المزيد من حالات التسمم الغذائي.

طور الباحثون في الجامعة الكندية أنظمة نمذجة حاسوبية تنبؤية لمساعدة البشرية على الاستعداد بشكل أفضل لمواجهة التلوث الغذائي الذي يقتل أكثر من 420.000 شخص كل عام.

كما تساعدهم الأنظمة المتطورة على كشف العلاقة بين تغير المناخ وتلوث الغذاء، عبر تحليل العلاقة بين الظواهر الجوية المتطرفة، والتدهور البيئي، وسلاسل الإمدادات الغذائية، وممارسات سلامة الأغذية، وإدارة الكوارث، وسياسة الصحة العامة المحلية..

أكد الباحثون أن تلوث الطعام يمكن أن يحدث لأسباب كثيرة وفي أي وقت وعلى كل المستويات تقريبًا، من المزرعة إلى طاولة الطعام في المنزل.

يمكن أن ينتشر التلوث من البكتيريا التي تدخل علف الحيوانات، أو من خلال ملامستها للغبار أو براز الحيوانات، أو من خلال العدوى المنقولة أثناء الذبح ومعالجة الطعام، أو من التخزين غير المناسب، وتغير المناخ أيضًا.

 

تغير المناخ وتلوث الغذاء

في حين أنه من الصعب التنبؤ بالروابط المباشرة بين التلوث الغذائي وتغير المناخ، بسبب مجموعة العوامل المعنية، إلا أن الباحثين استقروا على أن التغييرات في البيئة تسمح بمزيد من احتمالات انتقال الملوثات بين الحيوانات والبشر.

لقد أحدث تغير المناخ تغيرات شديدة وسريعة في درجات حرارة الهواء والماء، وأثر على تواتر وشدة المطر، وزاد الرطوبة، مما أدى إلى تغييرات كبيرة في عملية إنتاج الغذاء مع توقعات بعواقب وخيمة قد تتسبب فيها هذه التغيرات.

يمكن لأحداث الطقس المتطرفة مثل الفيضانات والجفاف أن تلوث التربة والمياه وأعلاف الحيوانات بالمواد الكيميائية من مياه الصرف الصحي والجريان السطحي من الأراضي الصناعية والزراعية التي تحتوي على السموم ومبيدات الآفات.

إن المناخ الأكثر دفئًا وقلة الأمطار في البلدان التي تعاني بالفعل من نقص الموارد مثل ملاوي في إفريقيا، كان لهما تأثيرا ضارا على توافر الغذاء وخلقا أيضًا ظروفًا أكثر ملاءمة لتلوث المحاصيل، مثل الذرة، بالأفلاتوكسين (سم ينتج من نوع من الفطريات التى تنمو فى البذور والبقوليات و المكسرات).

كما أن هناك توقعات بأن تفشي مرض الإشريكية القولونية، وهي من أهم أنواع الجراثيم التي تعيش في أمعاء الثدييات، في كاليفورنيا بالولايات المتحدة وأجزاء من كندا، سببه الخس الروماني، الذي تدفقت المياه الملوثة إلى حقول زراعته في البلدين بعد هطول الأمطار الغزيرة.

وذكرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الاتحادية بالولايات المتحدة، أنها وسعت نطاق التحذير الطبي بشأن الخس الملوث، داعية المستهلكين إلى عدم تناول هذا النبات، الذي تبين أنه مصدر الإصابة ببكتيريا “الإشريكية القولونية” المسببة لأمراض عدة.

يمكن أن يحدث التلوث أيضًا بسبب التفاعل الوثيق بين الحيوانات الأليفة والبرية في الأسواق الرطبة أو عندما تتداخل المزارع مع الغابات، مما يتسبب في وقائع تلوث غير مباشرة.

لحوم الحيوانات البرية هي أيضًا مصدر راسخ للأمراض الحيوانية المنشأ التي تنقلها الأغذية مثل الإيبولا.

يمكن أن تؤدي ندرة الغذاء التي يسببها تغير المناخ أيضًا إلى تفاقم استهلاك لحوم الحيوانت البرية أو الأطعمة غير الآمنة، وتوسيع الأراضي الزراعية في الغابات.

 

اقرأ أيضًا.. آثار تغير المناخ تقلب خريطة الغذاء في العالم و3 أطعمة مهددة دراسة

 

نظام لمواجهة تغير المناخ وتلوث الغذاء

أكد الباحثون أن تصميم تدخلات أفضل لموجهة التلوث الغذائي الذي قد ينجم عن تغير المناخ يتطلب نموذجًا شاملاً يمكنه دمج وتقييم العديد من المتغيرات التي تتفاعل باستمرار وتؤثر على النتائج المختلفة.

طور الباحثون نموذجًا مفاهيميًا يمكنه التقاط التفاعلات المعقدة وغير المتوقعة والمتطورة ديناميكيًا عبر الأمراض الحيوانية المنشأ التي تنقلها الأغذية والعوامل المؤثرة فيها.

تشمل هذه تحليل العلاقة بين تغير المناخ وتلوث الغذاء، وبين الظواهر الجوية المتطرفة، والتدهور البيئي، وسلاسل الإمدادات الغذائية، وممارسات سلامة الأغذية، وإدارة الكوارث، وسياسة الصحة العامة المحلية.

يمكن لمحاكاة النمذجة الحاسوبية القائمة على هذه التفاعلات تطوير سيناريوهات المخاطر المحتملة لتفشي الأمراض.

على سبيل المثال، يمكن للنموذج أن يتنبأ بخطر تلوث محتمل للمحاصيل أثناء هطول أمطار غزيرة، باستخدام البيانات التي تكشف القرب بين أنظمة الصرف الصحي والأرض الزراعية.

نظرًا للطبيعة المترابطة بشكل متزايد لأنظمتنا الغذائية العالمية، فإن الشفافية الإضافية من خلال لا مركزية البيانات أمر بالغ الأهمية لتقليل الأخطاء في جمع البيانات وإدارتها، والتي قد تؤثر على القدرات التنبؤية للنموذج.

يمكن أن يؤدي استخدام تقنية blockchain لتخزين البيانات إلى تعزيز الشفافية والتوحيد القياسي والحوكمة مما يجعل النموذج موثوقًا ومتعدد الاستخدامات للمستخدمين بدءًا من أفراد المجتمع إلى مستويات مختلفة من الحكومات.

يمكن لنظام الإدارة القائم على الشبكة من نظير إلى نظير في blockchain أيضًا تعزيز التعاون والثقة في مشكلة متنامية تؤثر علينا جميعًا.

ستكون نمذجة آثار تغير المناخ على الأمراض التي تنتقل عن طريق الأغذية أداة مفيدة لبناء أنظمة وطنية وعالمية مرنة لسلامة الأغذية.

يمكن للنموذج المقترح أن يغير قواعد اللعبة في مكافحة انعدام الأمن الغذائي من خلال تعزيز سلامة الغذاء وتسهيل التدخلات المستدامة اجتماعيا واقتصاديا وبيئيا، ويكشف بوضوح عن العلاقة بين تغير المناخ وتلوث الغذاء.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.