منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

النمو السكاني يهدد بتضخم البصمة الكربونية لقطاع العقارات العالمي وهذه هي الحلول

تتسبب صناعة العقارات بشكل عام في انبعاثات كربونية ضخمة أسهمت كثيرا في أزمة تغير المناخ، إلا أن إصلاح القطاع صاحب البصمة الكربونية الضخمة أصبح ممكنا وجالبا للثروة.

تمثل عمليات التدفئة والتبريد وتشغيل المكاتب والمنازل والمصانع القائمة 27٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية المتعلقة بالطاقة.

يشتمل بناء أبراج جديدة على قواعد من الفولاذ واستخدام كميات هائلة من الإسمنت، بالإضافة إلى حسابات الهدم، على 10٪ أخرى من الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون كل عام.  كما ينتج عن حطام المباني ثلث النفايات السنوية للاتحاد الأوروبي من حيث الوزن.

وفق أحدث التقديرات، ستحتاج المدن إلى إضافة 13000 مبنى يوميًا حتى عام 2050، فقط لمواكبة النمو السكاني العالمي، وإذا استمر قطاع العقارات على ما هو عليه الأن في المستقبل، سنواجه تأثيرا كارثيًا على المناخ، ما قد يهدد حياة ملايين البشر حول العالم.

إذن أصبح من الضروري أن يشهد قطاع العقارات حول العالم تحولًا كبيرًا نحو المباني الصديقة البيئة أو المباني الخضراء وتقليل البصمة الكربونية للقطاع بأكمله.

 

بناء جديد أخضر

بحسب بريندان والاس، مؤسس شركة “فيفث وول” المتخصصة في الاستثمار بالتكنولوجيا العقارية، هناك مجالان رئيسيان في قطاع تحويل العقارات إلى صديقة للبيئة وتقليل البصمة الكربونية للقطاع.

وأوضح: “إما بشكل استباقي عبر تبني مواد بناء خضراء وطرق معالجة وإنشاءات قليلة الانبعاثات، أو عبر تحويل المباني الضارة إلى صديقة للبيئة عبر تقنيات خفض استهلاك الطاقة وتقليل الانبعاثات”.

فيما يخص المجال الأول حول تبني مواد بناء خضراء وطرق معالجة وإنشاءات قليلة الانبعاثات، يحتاج الأمر إلى التأكد من أن تشييد المباني الجديدة الذي يتم بالفعل هو أنظف بكثير مما كان عليه في الماضي.

على سبيل المثال، تشريع قوانين جديدة تخص البناء الأخضر، وهي أداة قوية؛ لضمان نظافة البناء الجديد وتوافقه مع المعايير البيئية.

بجانب رفع قيمة ضرائب الكربون على مواد البناء والتشييد التي لا تراعي القوانين الجديدة، سيجبر ذلك على المدى الطويل، سلسلة توريد مواد البناء والتشييد بأكملها على تنظيف عملها.

كما يمكن للعمليات الصناعية الجديدة أن تقلل الانبعاثات من الإسمنت والصلب، حيث تعتبر طرق البناء الأفضل، بما في ذلك المنازل الجاهزة، أكثر كفاءة في استخدام الطاقة والكربون ولكنها نادرًا ما تستخدم.

 

اقرأ أيضًا..10 اجراءات يمكنك اتباعها لتقليل البصمة الكربونية والحد من تغيرات المناخ

 

ابتكار جديد

في مصر، قد يساعدنا اختراع طلاب جامعيين في توفير الطاقة وتقليل البصمة الكربونية لقطاع العقارات،  حيث ابتكر أربعة من طلاب الجامعة الأمريكية في القاهرة خرسانة موفرة للطاقة تتوهج في الظلام كجزء من مشروع تخرجهم.

قالت منة سليمان، إحدى الطالبات الجامعيات في قسم هندسة التشييد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ، والتي ساعدت في  تطوير مادة الخرسانة الجديدة ذاتية الإنارة: ” جاءت فكرة البحث من رغبة الطلاب في صنع مادة بناء متكاملة، تمامًا مثل الخرسانة، ولكنها أكثر استدامة وصديقة للبيئة سواء خلال عملية تحضيرها أو حتى خلال عملية استخدامها وتوظيفها، لا سيما في ضوء ما وصل إليه العالم من نقص الطاقة واستنزاف الموارد”.

وأضافت سليمان: “تساعد الخرسانة المتوهجة في الظلام على تقليل كمية الطاقة الهائلة المستخدمة في إنارة الطرق السريعة ولافتات الشوارع اللازمة لركوب آمن”.

وقالت زينب محمود ، عضوة أخرى في الفريق: “اعتمدنا على أبحاث سابقة في هذا المجال. تمكنا من تطوير الخرسانة ذاتية الإنارة التي تمتص أشعة الشمس وينبعث منها الضوء في الظلام، وهو ما كان جزءًا من مشروع تخرجنا”.

وأضافت: “ستساعد هذه المادة في تقليل الاعتماد الكبير على الطاقة المستخدمة في إضاءة الأرصفة والطرق، دون المساس بالخصائص الميكانيكية للمادة “.

قالت: “استغرق الأمر أكثر من ثلاثة أشهر للوصول إلى المنتج النهائي، وهو جزء من فترة مشروع التخرج. وتم تقديم المشروع خلال الاجتماع السنوي 101 لمجلس أبحاث النقل في واشنطن يناير الماضي”.

وأشارت محمود إلى أن “الفكرة لقيت ترحيباً من قبل الحضور، وأتيحت لنا الفرصة للقاء خبراء في المجال أوصوا بتحويل المشروع إلى منتج”.

وأكد نجيب أبو زيد، أستاذ هندسة التشييد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة والمشرف على المشروع، أن الاستدامة والسلامة هما موضوعان رئيسيان في المشروع، حيث ستساعد الخرسانة في تقليل الكمية الهائلة من الطاقة المستخدمة في إنارة الطرق السريعة ولافتات الشوارع،  في الوقت الذي يواجه فيه العالم أزمة طاقة كبيرة بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، ووسط تهديدات بقطع الغاز الروسي عن أوروبا.

وقال أبو زيد: “حاول الطلاب الوصول إلى مصادر الطاقة المتجددة واستخدامها بالشكل الأمثل، وهو الهدف الأساسي لمشروعهم”.

ووفق ما أكدته صاحبات الابتكار، فأن بعض الشركات تواصلت معهن؛ لمعرفة كيفية تبني الفكرة وتحويلها إلى منتج في الأسواق على أرض الواقع.

 

اقرأ أيضًا.. التقرير الجديد لهيئة علماء الأمم المتحدة يدرس إزالة الكربون باستخدام التكنولوجيا

تقليل البصمة الكربونية

فيما يخص المجال الثاني، المتعلق بتحويل المباني الضارة إلى صديقة للبيئة عبر تقنيات خفض استهلاك الطاقة وتقليل الانبعاثات والبصمة الكربونية، أوضح والاس، أنه يمكن خفض الانبعاثات من العقارات بطريقتين رئيسيتين:

الأولى تتمثل في البصمة الكربونية التشغيلية، أو الطاقة المطلوبة للحفاظ على تشغيل المباني وصيانتها وهذا يشمل خفض مخرجات عمليات الإضاءة والتبريد والتدفئة والتهوية، فضلاً عن توفير الطاقة لاستخدامات أخرى مثل تشغيل المعدات الطبية في المستشفيات.

وتابع: “جعل المباني أكثر كفاءة في استخدام الطاقة واستخدام الطاقة المتجددة يمكن أن يجعل العقارات أكثر اخضراراً بمرور الوقت”.

وقال والاس: “هناك حلول أخرى مثل تطوير تقنية أنظمة البناء والطاقة البديلة في الموقع والتي تعتبر مهمة بشكل خاص لتقليل استهلاك الطاقة “.

وتتمثل الطريقة الثانية في البصمة الكربونية المجسدة، أو انبعاثات الكربون من المواد وتشييد المباني.

وتعتبر مبادلة المواد الأكثر استدامة بمواد كثيفة الكربون إحدى الطرق لخفض الانبعاثات في دورة حياة المبنى وتقليل البصمة الكربونية.

وأشار والاس إلى أن ما نراه اليوم من جود الكثير من الابتكارات حول المواد الذكية وعزل الكربون يمكن أن يقلل من الكربون الناتج عن الأصول العقارية.

ولتحقيق تقدم كبير في تحويل قطاع العقارات إلى قطاع صديق للبيئة، قد نحتاج أيضًا إلى تحفيز الملاك لتحويل عقاراتهم وجعلها أكثر كفاءة في استخدام الطاقة.

فتعديل المكاتب والمنازل بالعزل وأنظمة التحكم الأكثر ذكاءً والمضخات الحرارية بدلاً من غلايات الوقود الأحفوري يمكن أن يكون له تأثير فوري.

على المدى الطويل، مع تحول توليد الكهرباء نحو مصادر الطاقة المتجددة، ستنخفض الانبعاثات الناتجة عن تكييف الهواء والاستخدام اليومي للطاقة.

في المدن الكبرى، يمكن لقوانين البناء وأهداف الوصول إلى صافي صفر كربون على مستوى المدينة أن تحث الملاك التجاريين على تطوير المباني.

العقارات السكنية ستكون أكثر صعوبة، لأن العديد من مالكي المنازل ليس لديهم إمكانات مادية تسمح لهم بتحقيق هذا التحول.

يمكن أن تكون الإعانات الحكومية للسكان هي الحل، ومن الأفضل أن تستثمر الحكومات في معالجة فجوة المعرفة ونقص المهارات المرتبطة بتكنولوجيا المباني الخضراء والتجديد، والقضاء على الروتين حتى يتمكن أصحاب العقارات الذين يرغبون في تحسين كفاءة منازلهم في استخدام الطاقة من تحقيق ذلك.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.