منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

بعد أزمة الساحل الشمالي.. ما هي ظاهرة نحر الشواطئ؟ وما علاقتها بـ تغير المناخ؟

مع تصاعد أزمة نحر الشواطئ وعكارة مياه البحر بالساحل الشمالي، والتي أنتشرت في الآونة الأخيرة، تزايدات التساؤلات عن طبيعة الظاهرة وعلاقتها بتغير المناخ.

وكانت وزارة البيئة المصرية قد استجابت لشكاوى سكان الساحل الشمالي، وأجرت معاينات وأصدرت تقرير حول أسباب تعكير منطقة الساحل، مؤكدة أن عمليات تجريف المرسى في مراسي، وهو مجمع شاطئي خاص راقي مملوك لشركة التطوير العقاري الإماراتية “إعمار مصر”.

 

ما هي ظاهرة نحر الشواطئ؟

يعتبر النحر حالة من التآكل لأرض الساحل يزول معها الشاطئ بسبب تسارع الأمواج في عمليات المد والجزر والتصريف والحمل”، حيث يحدد حالة التأكل طول الساحل والمساحة التي تصل إليها الأمواج، فكلما زاد تسنن الساحل يزداد طوله ويزداد مجال تأثير الأمواج فيه رأسيا ويكون محدود العمق لا يُجاوز الحد الأدنى الذي تبلغه مياه الجزر.

تآكل السواحل عملية طبيعية، لكن التوسع العمراني السريع وتغير المناخ يدفعها إلى الأمام بسرعة.

تؤدي العواصف وارتفاع مستوى سطح البحر والتيارات البحرية إلى تآكل جميع السواحل ببطء مع مرور الوقت.

لكن التنمية الصناعية والسياحية والتوسع العمراني، والتي غالبا ما تنطوي على عمليات مدمرة مثل التجريف، عطلت عملية نقل الرواسب التي تساعد في تشكيل خطوطنا الساحلية، مما يجعلها أكثر عرضة للتآكل.

وفي الوقت نفسه، فإن الأحداث المناخية المتطرفة وارتفاع مستوى سطح البحر الناجم عن تغير المناخ بفعل الإنسان هي عوامل تسبب التعرية الطبيعية.

وأوضح المهندس محمد غانم، المتحدث باسم وزارة الري، أنها ظاهرة طبيعية تزيد حدتها مع التغيرات المناخية التي تؤدي لتآكل الشاطئ، على غرار وجود شاطئ رملي عرضه عشرات الأمتار ثم يبدأ في التآكل بسبب أمواج البحر حتى يختفي تماما، وقد يدخل للطريق المطل على البحر أو حتى للبيوت.

وأكد “غانم”، أن التغيرات المناخية تجعل ظاهرة نحر الشواطئ أكبر انتشارا، وتعد هذه الظاهرة متواجدة على السواحل المصرية منذ أكثر من 20 عاما، وأصبحت في آخر 10 سنوات أكثر وضوحا، وارتفاع منسوب سطح البحر والنواة البحرية تصبح أكثر قوة وحركة الأمواج تؤثر على المناطق الساحلية وتصبح أكثر حدة، مضيفًا: “كل منطقة يكون لديها الدراسة الخاصة بها سواء دراسة بحثية وفينة على هذه المنطقة بهدف استرداد الشواطئ المتآكلة أو الشواطئ التي من المتوقع أن يكون بها تآكل”.

اقرأ أيضًا.. دراسة: ارتفاع منسوب البحر يهدد 4 مواقع تراثية مصرية بالغرق “في الإسكندرية وسيناء

نحر الشواطئ مصر

يتسارع تآكل سواحل مصر بوتيرة أسرع من أي مكان آخر في العالم. بيد أن خبراء يقولون إن ارتفاع مستوى سطح البحر الناجم عن تغير المناخ، ليس المتهم الوحيد.

وتتعرض السواحل في مصر لخطرين يتمثل الأول في ظاهرة تغير المناخ، حيث تؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى ارتفاع مستويات سطح البحر ما يؤدي إلى تآكل الساحل.

فيما يكمن الخطر الثاني في التعدي على الشواطئ، وينجم عن ذلك تفاقم الظواهر المناخية المتطرفة مثل الفيضانات والأمواج الكبيرة والرياح القوية التي يمكن أن تضر بالمناطق الساحلية.

وقال الخبراء إن التوسع الحضري والسكاني المتزايد في المناطق الساحلية يعد أحد الأسباب وراء تآكل الشواطئ بهذه الوتيرة المرتفعة إذ توثر المباني والتجمعات البشرية على العناصر الطبيعية مثل الأراضي الرطبة والنباتات والكثبان الرملية التي تعد مفتاح السيطرة على عمليات التعرية.

قال الدكتور مصطفى كامل وزير البيئة الأسبق، إن عملية نحر الشواطئ موجودة منذ زمن ولكن ما صعب الأمر هو التغيرات المناخية في كوكب الأرض.

اقرأ أيضًا: هل تفقد مصر نصف شواطئها خلال هذا القرن بسبب التغير المناخي؟

تقرير دولي عن نحر الشواطئ بمصر

يعد تآكل السواحل ونحر الشواطئ قضية رئيسية لمصر، لا سيما في الإسكندرية والدلتا، حيث يرتفع تعرض البلاد لارتفاع مستويات سطح البحر ويحتمل أن يتسبب في خسائر اقتصادية فادحة خلال السنوات المقبلة.

في مارس الماضي، سلط البنك الدولي الضوء على هذه المشكلة في تقرير أصدره للبحث في الآثار المحتملة للظاهرة على السياحة والبنية التحتية الصناعية والمجتمعات السكنية على طول سواحل مصر إذا استمر الأمر دون رادع.

تشير البيانات الواردة في التقرير إلى أنه بين عامي 1984 و2016، تآكلت السواحل المصرية بمتوسط 0.1 متر كل عام.

وأكد التقرير أن بعض أجزاء السواحل المصرية أكثر عرضة للتآكل من غيرها.

التركيبة الجيولوجية للشواطئ الرملية وسواحل الدلتا على البحر المتوسط تجعلها معرضة بشكل خاص لارتفاع مستوى سطح البحر، حيث صنفت إحدى الدراسات نحو 72% من الساحل الشمالي للبلاد على أنها شديدة التعرض للخطر أو شديدة الخطورة.

ووجدت دراسة أخرى تبحث في تغيرات الخط الساحلي على طول دلتا النيل أنه بين عامي 1990 و2014، تآكلت بعض أجزاء الخط الساحلي بمتوسط 10-21 مترا سنويا.

كانت المشكلة واضحة بشكل خاص حيث يلتقي النيل بالبحر في رشيد ودمياط، اللتان فقدتا 25-36 مترا في المتوسط كل عام.

تضاعف عدد الهكتارات المفقودة في البحر كل عام تقريبا بين 1984-2001 و2001-2018، وفقا للنتائج التي تستند على بيانات الأقمار الصناعية المنشورة في مجلة الإسكندرية للتبادل العلمي العام الماضي.

فقد ساحل الدلتا 78 هكتارا في المتوسط من الأراضي كل عام بين عامي 2001 و2018، ارتفاعا من متوسط 41.7 على مدى السنوات الـ 17 الماضية، وشهدت محافظتا الدقهلية وكفر الشيخ قفزات كبيرة بشكل خاص في معدل التعرية.

اقرأ أيضًا.. من هو المتهم في جريمة نحر الشواطئ بالساحل الشمالي المصري؟

غرق الإسكندرية

ستغمر المياه نحو 30% من الإسكندرية حال ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 0.3 متر فقط (وهذا أقل بشكل طفيف من السيناريو الأكثر تفاؤلا)، وفقا للتقرير.

سيؤدي هذا إلى نزوح نحو 545 ألف شخص وفقدان 70.5 ألف وظيفة. وبالمثل، فإن بورسعيد ومدن أخرى على ساحل الدلتا عرضة للخطر.

وجدت دراسة مثيرة للقلق أجراها مركز أبحاث المفوضية الأوروبية عام 2020 أن نصف شواطئ العالم يمكن أن تختفي بحلول عام 2100. وبالنسبة لمصر، فإن هذا يمثل أفضل سيناريو، وفقا لمُعد الدراسة الرئيسي ميكاليس فودوكاس.

من المرجح أن يؤدي تآكل السواحل ونحر الشواطئ إلى أضرار كبيرة في الممتلكات، وفقدان الوظائف، وانخفاض عائدات السياحة والضرائب.

يلاحظ البنك الدولي أنه من الصعب قياس التأثير الاقتصادي المتوقع على النطاق الوطني. لكنها تقول إن الفيضانات الساحلية في الإسكندرية وحدها، التي تستضيف نحو 40% من الطاقة الصناعية لمصر، فضلا عن كونها مركزا سياحيا، يمكن أن تؤدي إلى خسائر سنوية تصل إلى 504-581 مليون دولار بحلول عام 2050.

وفي الوقت نفسه، يمكن أن يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى خسائر للسياحة الشاطئية في سهل حشيش وخليج مكادي بالبحر الأحمر مع خسائر يومية قدرها 350 ألف دولار بحلول منتصف القرن، وفقا لدراسة وردت في التقرير.

اتخذت مصر بالفعل بعض الإجراءات الملموسة، حيث اعتمدت مصر على الحلول “الصلبة” لحماية شواطئها ضد نحر الشواطئ تآكل السواحل، مثل الحواجز أو الأسوار البحرية، والحلول “الناعمة” مثل تغذية الشواطئ، إذ جرى “إعادة تغذية” خمسة شواطئ بالقرب من الإسكندرية بنجاح باستخدام رمال الصحراء، على سبيل المثال.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.