منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

3 طرق لتحسين استدامة المواد البلاستيكية وعملية تدويرها في منطقة الشرق الأوسط

في ظل تركيز الاهتمام على مشكلة التلوث الناجم عن المواد البلاستيكية في البيئة، فقد اتّخذت الحكومات والقطاع الخاص خطوات لتشجيع إعادة تدوير النفايات البلاستيكية وتقليلها.

حيث تشمل تلك التدابير التخلّص التدريجي من بعض المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد ووضع أهداف محدّدة لإعادة تدوير تلك المواد البلاستيكية، مع العلم أن تلك الأهداف تختلف حسب المنطقة، إلا أن دول منطقة الشرق الأوسط تتّخذ إجراءات مهمة نحو الحدّ من استهلاك المواد البلاستيكية.

فعلى سبيل المثال حظرت حكومة الإمارات العربية المتحدة استخدام الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد لتشجيع استخدام المنتجات القابلة لإعادة الاستخدام.

تتعهد شركات القطاع الخاص في المنطقة والتي تصنع المواد البلاستيكية وتستخدمها بالتزامات جديدة لتوسيع نطاق استخدام المواد البلاستيكية المعاد تدويرها والبلاستيك الحيوي، وتقليل كمية تلك المواد المستخدمة، والعمل على زيادة إعادة التدوير من خلال التصميم الأفضل والاستثمارات الجديدة في البنية التحتية.

كذلك توجد العديد من المبادرات والشراكات الجديدة المعنية بإعادة التدوير، بالإضافة إلى الابتكارات التي تستهدف إنتاج أنواع جديدة من المواد البلاستيكية، مثل: المواد البلاستيكية منخفضة الكربون المصنوعة من المواد الحيوية.

يُخبرنا عملاؤنا أنهم على وعي كامل بأن ثمّة المزيد من الإجراءات الواجب اتّخاذها لتحسين استدامة المنتجات البلاستيكية وتدويرها، بمعنى القدرة على إعادة المواد إلى سلسلة التوريد، بدلًا من تخزينها وتجميعها في مرحلة النفايات، ويؤدي أيضًا تحسين عملية تدوير المواد البلاستيكية في العديد من الحالات إلى تقليل الانبعاثات، الأمر الذي يجعل تلك العملية ذات أهمية كبيرة لتحقيق أهداف إزالة الكربون في القطاع وضمان ترخيص العمل وسط المخاوف المتزايدة بشأن النفايات البلاستيكية.

ومن هنا فإن منتجي ومستخدمي المواد البلاستيكية على دراية بأنه في حالة التقاعس عن تبديد تلك المخاوف، فإنهم عرضة لمواجهة لوائح أكثر صرامة ومزيدًا من الضغوط من جانب العملاء.

القصور في جهود التدوير

ثمّة المزيد من الأنشطة الجارية المتصلة بالتدوير وإعادة التدوير، إلا أنها لا تزال غير كافية لتوفير كمية المواد المعاد تدويرها التي يحتاج لها القطاع، وتشير سيناريوهات إعادة التدوير لدينا، استنادًا إلى جهود ومسارات القطاعات الحالية.

إلى أنه بحلول عام 2030 سيجري إعادة تدوير ما بين 50 مليون إلى 70 مليون طن متري من المواد البلاستيكية سنويًا، أو ما يتراوح بين 10% إلى 14%من إجمالي استهلاك المواد البلاستيكية، وذلك أقل بكثير من الأهداف العالمية التي حدّدتها الشركات والحكومات.

قد يؤدي هذا الاختلال بين ما تريد الشركات شراءه وما سيكون متاحًا إلى حدوث تضخم في أسعار المواد البلاستيكية المعاد تدويرها.

حيث تحتدم المنافسة على العرض المحدود، وبالنظر إلى أن المواد الأولية اللازمة لإنتاج المنتجات البلاستيكية المعاد تدويرها أصبحت نادرة، فإن منتجي المواد البلاستيكية بحاجة إلى تأمين الإمدادات للاستمرار في المنافسة مع زيادة حجم السوق.

وتَزيد هذه الديناميكيات من حالة عدم اليقين بشأن آفاق ازدياد نمو المواد البلاستيكية المعاد تدويرها كما ستشكل عائقًا أمام الاستثمار.

اقرأ أيضًا.. تقنية جديدة تخلصنا من نفايات البلاستيك في أيام وليس قرونًا

 

تسريع عملية تدوير البلاستيك

أثناء حوارنا مع عملائنا، نلاحظ ثلاثة أنواع من الإجراءات تهدف إلى تسريع الزخم وراء إعادة تدوير المواد البلاستيكية:

1- الابتكار والتقنيات الجديدة: يرجع أحد أسباب تدني معدلات إعادة التدوير إلى عدم تطوّر التقنيات المستخدمة على نحو ملائم، كما ترتفع معدلات إعادة التدوير في الفئات التي تتميز فيها التقنيات والبنية التحتية ومشاركة الجمهور والمستهلك بالجاهزية والنضج.

ويصحب توسيع نطاق عمليات إعادة التدوير العديد من التحديات، حيث تزداد صعوبة وتكاليف زيادة معدلات التجميع أثناء التقاط أحجام أصغر وأقل كفاءة من المواد البلاستيكية المستخدمة.

تجري معظم عمليات إعادة تدوير المواد البلاستيكية حاليًا عن طريق معالجة ميكانيكية للمواد في ظل الحفاظ على سلامة الجزيء، حيث يمكن لعمليات المعالجة الكيميائية من خلال تغيير التركيب الكيميائي للنفايات البوليمرية المساعدة في إعادة تدوير المزيد من المواد البلاستيكية.

إلا أن عمليات إعادة التدوير الكيميائي تظل في الغالب عند مستويات البحث والتطوير (1 كيلو طن أو أقل) أو ضمن نطاق البرنامج التجريبي (10 إلى 30 كيلوطن).

وتركّز في الغالب على البولي أوليفينات، وتساعد البرامج التجريبية في التغلّب على التحديات التقنية وإثبات قابلية التوسّع والجدوى التجارية وتوفير الخبرات التي تعمل على تحسين استقرار العملية والعائد، وإننا نتوقع أن تتنامى بعض تلك الجهود لتشمل المستويات التجارية على مدى السنوات الخمس المقبلة.

لا يقتصر التقدّم في إعادة التدوير على التقنيات، بل يمتد أيضًا ليشمل عمليات التجميع والفرز والمعالجة لتحسين جودة حجم النفايات، وهي تعدّ خطوة ضرورية لتعزيز معدلات إعادة التدوير.

كما تسعى بعض الشركات لبناء هذه القدرات، وقد عمدت شركات تصنيع الراتينج إلى تعزيز العديد من الابتكارات المادية التي تستهدف تحسين عملية التدوير، والتي يجري اعتمادها حاليًا من جانب جهات متخصّصة في الصناعات التحويلية القائمة على البلاستيك.

2- الشراكات ونماذج الأعمال الجديدة: تتطلب الحلول المستدامة واسعة النطاق إقامة شراكات تضمن إمدادًا ثابتًا بالمواد المتجدّدة وسوقًا للمواد المعاد تدويرها.

وقد تساعد الشراكات ذات الصلة بسلسلة التوريد في ضمان التدفق المتّسق للمُدخلات المتجددة، ويعدّ هذا الأمر ذا أهمية ضرورية لتطوير السوق، علمًا بأنه يجب أن تتجاوز هذه الشراكات حدود المبادرات المحلية التي ظهرت في بعض المناطق، حيث يتّجه مستخدمو المواد البلاستيكية أيضًا إلى إقامة الشراكات.

تمثّل اتفاقيات الشراء أهمية حاسمة لضمان الطلب على المواد المعاد تدويرها في ظل زيادة الإنتاج، وتضمن هذه الاتفاقيات تسليم المواد المنتَجة المعاد تدويرها وتمنح المنتجين مجالات لاكتساب الخبرات وزيادة الكفاءة.

فضلًا عن تقليل التكاليف، ويتضح لنا غالبًا أن اتفاقيات الشراء المبكّر يجري إبرامها مع العملاء المستعدين لدفع مكافآت لتحسين أداء المعايير البيئية والاجتماعية، سواء بسبب الالتزامات الفردية أو اللوائح المحلية.

3- التشريعات والمعايير: يتعين على منتجي المواد البلاستيكية والقائمين على إعادة التدوير والمستهلكين العمل سويًا لتقديم الدعم المطلوب لإحداث التغيير، حيث إنهم بحاجة إلى إعداد أفضل السياسات الواجب اتّباعها فيما يتعلق بتجميع النفايات البلاستيكية وإدارتها.

إلى جانب الدعم بتوعية المستهلكين وتحسين سلوكياتهم على نحو أفضل بشأن فرز النفايات، وعليهم كذلك تشجيع الاستثمارات والتمويلات ذات الصلة بالتقنيات الجديدة، كما يتعين عليهم الاتفاق على التصنيف والمعايير.

يتنامى الدعم أيضًا في جميع أنحاء العالم، ففي مارس 2022 وافقت الأمم المتحدة على إبرام معاهدة تهدف إلى إنهاء التلوث الناجم عن المواد البلاستيكية، ولا يزال يتعيّن علينا تسوية التفاصيل، إلا أنه من المرجّح أن تتناول القرارات المحدّدة دورة الحياة الكاملة للمواد البلاستيكية.

بما في ذلك الإنتاج والتصميم والتخلّص وفي ظل الالتزامات الدولية، يمكن أن تمثّل النتيجة خطوة ذات أهمية في خلق بيئة عالمية باستثمارات موجّهة نحو إعداد البنية التحتية اللازمة لإعادة التدوير، وقد أيّدت الشركات والجمعيات، مثل: المجلس الدولي للرابطات الكيميائية، المعاهدة باعتبارها خطوة ضرورية للتصدي للتلوث الناجم عن المواد البلاستيكية.

وعلى الرغم من عدم وصول الجهود الحالية إلى النطاق المطلوب، فمن المؤكّد ازدياد عمليات إعادة تدوير المواد البلاستيكية واستخدام المنتجات المعاد تدويرها والمواد البلاستيكية منخفضة الكربون، ويتضح لنا مما سبق أنه بإمكان الشركات التي تستعد للتوسّع في الوقت الراهن والربط بمسارات النفايات عالية الجودة وضمان الحصول على إمدادات طويلة الأجل من المواد الأولية، أن تضع نفسها في مكانة أفضل في مجال المواد البلاستيكية المستدامة.

 

بقلم مارك بورتر، الرئيس العالمي لقطاع المواد الكيميائية بشركة بين آند كومباني، وراجا عطوي، شريك لدى شركة بين آند كومباني

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.