منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

كشف حساب COP27: تقدم بطئ نحو الهدف العالمي للتكيف ومضاعفة التمويل الخاص به

رغم أن قضية التكيف مع تغير المناخ كانت تحتل مركز الصدارة في أجندة مفاوضات COP27، إلا أن الاهتمام بها خلال القمة تراجع إلى حد ما وسط اهتمام واسع النطاق بالخسائر والأضرار وخطط خفض الانبعاثات.

وذلك على الرغم من النقص الكبير الحالي في أموال التكيف، خاصة بالنسبة للبلدان النامية، مع اتساع الفجوة عامًا بعد عام.

لكن بشكل عام، شهد COP27 تقدما مُهما على صعيد التكيف، وتم وضع خارطة طريق لتحقيق الهدف العالمي للتكيف في COP28 بدبي، مع الاعتراف بأخر ما توصل له العلم في هذا الصدد بالنص النهائي للمؤتمر.

 

تمويل التكيف

 

يعمل العالم الآن على مواجهة أزمة تغير المناخ من خلال استراتيجيتين، الأولى يطلق عليها “التخفيف”، أي الإجراءات الرامية إلى الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية، وتقليل الانبعاثات، والثانية هي “التكيف” أي الإجراءات الرامية للحد من تعرض المرء لآثار تغير المناخ.

يمكن تعريف التكيف مع تغير المناخ أيضًا بأنه تغيير في السياسات والسلوكيات بهدف المرونة مع آثار تغير المناخ التي حدثت بالفعل أو متوقع حدوثها مستقبلًا.

قبل القمة، حذر تحليل جديد من برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) من أن حجم تمويل مشروعات التكيف الذي يتدفق إلى البلدان النامية أقل بخمس إلى عشرة أضعاف مما هو مطلوب.

من المتوقع أن تصل تكاليف التكيف السنوية المقدرة إلى 160-340 مليار دولار بحلول عام 2030 و 315-565 مليار دولار بحلول عام 2050، وفقًا للتقرير.

لم تفِ البلدان المتقدمة بعد بوعدها بتقديم 100 مليار دولار سنويًا لتمويل كل من التخفيف والتكيف.

في القمة، أعربت الدول النامية عن “مخاوفها القوية بشأن تعهدات الدول المتقدمة التي لم يتم الوفاء بها” لصندوق التكيف، والذي تهدف إلى تمويل المشاريع والبرامج لمساعدة المجتمعات الضعيفة في البلدان النامية على التكيف مع الآثار المناخية، وفقًا لشبكة العالم الثالث .

ذكرت شبكة العالم الثالث أن جنوب إفريقيا، التي تحدثت نيابة عن المجموعة الأفريقية، دعت البلدان التي لم تف بعد بالتعهدات التي التزمت بها في COP26 في جلاسكو، بدفع تعهداتها لصندوق التكيف

كان COP26 عامًا قياسيًا بالنسبة للتعهدات لصندوق التكيف، حيث وعدت أطراف مثل الاتحاد الأوروبي وألمانيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة بأكبر مبالغ.

وفقًا لشبكة العالم الثالث، شددت جنوب إفريقيا على أن البلدان المتقدمة “أساءت استخدام” منصة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لتقديم تعهدات في جلاسكو و”كذبت على الجمهور العالمي” و”بعد 365 يومًا يأتون لشرم الشيخ ويقدمون أعذارًا حول دورة الميزانية، لتبرير سبب عدم الوفاء بتعهداتهم.

ذكرت شبكة العالم الثالث بشكل منفصل أن الولايات المتحدة خضعت لتدقيق خاص لدورها في تقديم التمويل لصندوق التكيف.

والجدير بالذكر أن “الخلاف” اندلع بعد أن شككت جنوب إفريقيا في مشاركة الولايات المتحدة في مفاوضات غير رسمية بشأن الصندوق، نظرًا لأنه يخضع لبروتوكول كيوتو- وهو أمر ليست الولايات المتحدة طرفًا فيه، حيث لم توقع مطلقًا على البروتوكول.

رغم ذلك، شهدت القمة الاعلان عن تعهدات جديدة بإجمالي يزيد عن 230 مليون دولار أمريكي، لصالح صندوق التكيف في COP27.

كذلك أعلن رئيس COP27 سامح شكري عن أجندة شرم الشيخ للتكيف، لتعزيز المرونة للأشخاص في المجتمعات الضعيفة أمام المُناخ بحلول 2030.

اقرأ أيضًا.. في يوم التكيف والزراعة ب COP27.. تعرف كيف يواجه العالم تغير المناخ بالمرونة والاستعداد؟

ما هو الهدف العالمي للتكيف؟

شهدت القمة أيضًا استمرار البلدان في العمل على برنامج “الهدف العالمي للتكيف”، وهو برنامج عمل لمدة عامين بدأ لأول مرة في COP26 في جلاسكو.

حدد اتفاق باريس الهدف العالمي للتكيف، والذي يهدف إلى زيادة الطموح بشأن التكيف من خلال تأطيره على أنه “تحد عالمي” ذي “أبعاد دولية”.

وضع مفهوم الهدف العالمي للتكيف لأول مرة في المادة 7 من اتفاقية باريس ويهدف إلى تعزيز القدرة على التكيف وتعزيز المرونة، بهدف الحد من الضعف والمساهمة في التنمية المستدامة وضمان استجابة ملائمة للتكيف في سياق هدف درجة الحرارة المشار إليه في المادة 2.

وهو ما يتطلب من جميع الأطراف المشاركة في جهودهم والإبلاغ عنها لتخطيط وتنفيذ التكيف من خلال برنامج عمل واضح.

تتمثل فكرة برنامج العمل في مساعدة الأطراف على معرفة كيفية تحقيق الهدف عمليًا، بما في ذلك نوع المنهجيات والمؤشرات والبيانات والمقاييس التي يمكن استخدامها لتتبع التقدم نحو تحقيقه.

قال العديد من المراقبين إن المفاوضات من أجل الهدف في شرم الشيخ كانت محفوفة بالمخاطر، حيث أشار أحد الخبراء إلى أن بعض الأطراف ربما تصرفت “بسوء نية” لتعطيل التقدم.

رغم سعى البعض للتخلص من هذا الالتزام لكن بعد جهود مضنية، أعيد التأكيد عليه في النص النهائي، حيث اتفقت الدول على تطوير برنامج العمل لتحقيق الهدف وتتبع التقدم نحوه.

على جانب آخر، كانت هناك تعهدات من الدول المتقدمة بمضاعفة تمويل التكيف من مستويات عام 2019 بحلول عام 2025، وهو ما اعتبر فوزًا كبيرًا للبلدان النامية عندما أدرج لأول مرة في ميثاق جلاسكو للمناخ في عام 2021.

في شرم الشيخ، خضع التعهد الرئيسي للدول المتقدمة بشأن مضاعفة تمويل التكيف الخاص بها لتحول في اللغة من المسودة الأخيرة إلى النسخة النهائية لخطة التنفيذ.

دعت مسودة النسخة إلى خارطة طريق لمضاعفة أموال التكيف. ومع ذلك، فإن النسخة النهائية من النص أزالت ذلك وطلبت بدلاً منه إعداد تقرير حول هذه المسألة من اللجنة الدائمة المعنية بالتمويل التابعة للأمانة العامة للاتفاقية الإطارية للنظر فيه خلال COP28.

اقرأ أيضًا.. COP27 ما له وما عليه.. كشف حساب لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ بشرم الشيخ

الاعتراف بالعلم

اعترف النص النهائي لخارطة طريق شرم الشيخ بأحدث ما توصلت إليه الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من علوم بشأن التكيف.

أحاطت الوثيقة النهائية علما بتقرير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC) لعام 2022 بشأن تأثيرات المناخ والتكيف معه.

وصف البروفيسور مارتن فان آلست، مدير مركز الصليب الأحمر للمناخ ورئيس قسم المناخ والقدرة على الصمود في جامعة توينتي، إطار العمل بأنه “في حالة جيدة” .

أضاف: “بالنسبة لأولئك الأشخاص الذين جاءوا من عالم التخفيف وأرادوا هدفًا بسيطًا للتكيف، مثل هدف درجة الحرارة، فلن يحدث ذلك أبدًا. أعتقد أن نص الإطار الذي لدينا الآن يحتوي على العديد من العناصر الصحيحة، وله العديد من الروابط السليمة بعلوم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وهي نقطة انطلاق جيدة حقًا”.

واتفق البروفيسور ريتشارد كلاين، وهو زميل باحث أول في معهد ستوكهولم للبيئة (SEI) وأستاذ الجغرافيا وسياسة المناخ والتنمية في جامعة لينشوبينغ، على أن الاعتراف بأحدث علوم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أمر أساسي.

وقال: “هذا يشمل اكتشاف أن الآثار والمخاطر المناخية أصبحت أكثر تعقيدا ويصعب إدارتها. وتظهر مخاطر المناخ المركبة والمتتالية والعابرة للحدود أن التكيف يمثل تحديا عالميا حقا، وأن البلدان تتحمل مسؤولية مشتركة لبناء القدرة على الصمود النظامي”.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.