منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

في مؤتمر التنوع البيولوجي COP15.. محاولات إنقاذ مليون نوع من النباتات والحيوانات مهددة بالفشل

يجتمع المفاوضون في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي، المعروف باسم COP15، لوضع خطة للحفاظ على النظم البيئية الهشة للأرض، لكن النتائج غير مبشرة حتى الآن، مع دخول المفاوضات يومها الرابع.

تطرح القمة الدولية المنعقدة منذ 7 ديسمبر في مونتريال بكندا، سؤالا مهمًا: هل هناك أي شيء يمكننا القيام به لمنع انقراض ما يصل إلى مليون نوع من النباتات والحيوانات؟

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في خطاب ألقاه في مونتريال: “إننا نشن حربًا على الطبيعة”.

بينما يحذر العلماء من حدوث انقراض جماعي، مع تداعيات وخيمة على البشر، إذا لم نتدخل بشكل فوري وحاسم لإنقاذ الطبيعة، فهناك الكثير من الأنواع على المحك بالفعل، ما يهدد شكل الحياة على الأرض كما نعرفه.

 

أهداف COP15

كان من المقرر أن يبدأ المؤتمر في الأصل في عام 2020، لكنه تأجل عدة مرات بسبب وباء الفيروس التاجي. وكان لا بد من نقل مكان الاجتماع الأخير من الصين إلى كندا.

يعقد مؤتمر هذا العام في ظل وجود الكثير من القضايا التي يجب حلها فورا، ولا تزال الكثير من بنود الاتفاقية بحاجة إلى التفاوض من قبل ممثلي حوالي 190 دولة صدقوا على اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي (CBD)، وهي المعاهدة الدولية التي تشكل أساس مفاوضات هذا الشهر.

سيعمل وزراء البيئة وقادة العالم الآخرون على وضع جدول الأعمال الدولي الرسمي حول كيفية حماية ما يقرب من مليون نوع من النباتات والحيوانات التي يُعتقد الآن أنها معرضة لخطر الانقراض، وذلك خلال العقد المقبل.

تتركز الأهداف التفصيلية للقمة على 22 موضوع للتفاوض بشأنهم بين الأطراف، أبرزها الحد من الأنواع الغريبة الغازية، واستخدام مبيدات الآفات، وتقليل هدر الطعام والنفايات البلاستيكية، وتقليل الحوافز الحكومية الضارة بالتنوع البيولوجي، وإعادة توجيه تلك الأموال إلى الأنشطة الإيجابية للطبيعة، وتمويل الطبيعة، وكيفية مساءلة الحكومات عن التزاماتها، والنهج القائمة على حقوق الإنسان التي تحترم وتحمي حقوق الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية وحق الجميع في العيش في بيئة صحية.

لكن يظل الهدف الرئيسي للقمة هو تقنين التزام الدول بالحفاظ على 30 في المائة من أراضيها ومياهها بحلول عام 2030. هذا الهدف له اسم مختصر يعبر عنه لحد كبير: “30 في 30”.

كما تضغط مجموعات حقوق السكان الأصليين من أجل تعزيز حماية مجتمعاتهم في مؤتمر هذا العام، مشيرة إلى دورهم الضخم في الحفاظ على مستويات التنوع البيولوجي العالمية.

في حين أن مجموعات السكان الأصليين تمثل حوالي 6 في المائة من سكان العالم، فإن أراضيهم تحمي حوالي 80 في المائة من الأنواع النباتية والحيوانية الحالية على الأرض، وفقًا للبنك الدولي .

من بين الخلافات، تخشى مجموعات السكان الأصليين أن يتم استخدام هدف 30 × 30 لانتزاع أراضيهم باسم الحفظ والحماية، بينما يشعر آخرون بالقلق من أن 30 في المائة ليس هدفًا طموحًا بدرجة كافية.

تعتبر المواجهات العنيفة بين مجتمعات السكان الأصليين ودوريات الأمن المستأجرة في أماكن مثل تنزانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية مجرد أمثلة قليلة من أحدث الأمثلة التي تسلط الضوء على العواقب لجهود الحفظ التي يبذلها العالم الغربي.

يرى دعاة حماية البيئة أن الاجتماع هو فرصتهم الأخيرة للتوصل إلى اتفاق تاريخي شبيه باتفاق باريس للمناخ في عام 2015، عندما وافقت الدول على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

 

اقرأ أيضًا.. كل ما تريد معرفته عن مؤتمر التنوع البيولوجي للأمم المتحدة COP15 في مونتريال

تقدم بطئ

مع نهاية اليوم الثالث من المفاوضات، توصل المفاوضون في مونتريال إلى اتفاق بشأن ثلاثة أهداف فقط من أصل 22 هدفًا، أبرزهم الهدف المتعلق بضمان استشارة السكان الأصليين ولعبهم دورًا في اتفاقيات الحفظ الجديدة، وهو مؤشر غير جيد.

تزايدت الإحباطات وأبلغ بعض المراقبين عن نقص مقلق في التقدم الشامل، ومن المقرر أن يصل وزراء وممثلون رفيعو المستوى الأسبوع المقبل، حيث يجب إحراز تقدم كبير قبل هذه النقطة والوصول لاتفاق حول البنود الخلافية.

هناك مخاوف لدى العديد من المراقبين من أن تنتهي المفاوضات دون تحقيق معظم الأهداف الرئيسية، وأن تتشابه نتائج قمة مونتريال مع نتائج القمم السابقة.

منذ تأسيسه لأول مرة قبل حوالي 30 عامًا، فشل المؤتمر في تحقيق أي مكاسب ذات مغزى في المهمة التي تأسس من أجلها.

على سبيل المثال، في قمة اليابان 2010، حددت الدول 20 هدفًا لحماية التنوع البيولوجي في العالم. تضمنت الأهداف التقليل من آثار تحمض المحيطات على الشعاب المرجانية إلى أدنى حد والحفاظ على التنوع الجيني للنباتات المزروعة. بعد أكثر من عقد، لم يتحقق أي من تلك الأهداف التي بالكامل، وفقًا لتقييم حديث.

نظرًا لأن إطار عمل COP15 يتطلب إجماعًا كاملاً من جميع الدول الـ 196 المشاركة في العملية، فقد أعرب بعض العلماء عن مخاوف عميقة بشأن ما إذا كان يمكن التوصل إلى أي اتفاق ذي مغزى على الإطلاق.

كشفت مسودة حديثة مرتبطة بسير المفاوضات عن أن حوالي 1400 حالة تم فيها وضع علامة على الوثيقة لإظهار أن البنود لا تزال قيد المناقشة، وفقًا لصحيفة الجارديان .

وجد المسودة أيضًا أن المندوبين انتظروا حتى اللحظة الأخيرة لبدء معالجة نقاط الخلاف في مسودة الإطار على الرغم من أنهم بدأوا العمل على هذه القضايا قبل عامين من COP15.

ويقول العلماء إن قمة هذا العام قد تكون واحدة من الفرص الأخيرة للحكومات لتأسيس مسار للمضي قدمًا يحول دون الانقراض الجماعي لمليون نوع مع ضمان نتيجة عادلة للمجتمعات المحرومة تاريخياً.

ومما يزيد الأمر تعقيدًا حقيقة أن الولايات المتحدة، التي تعد إلى حد بعيد أكبر مصدر لانبعاث الكربون في العالم ومساهم رئيسي في فقدان التنوع البيولوجي، ليست طرفًا رسميًا في اتفاقية التنوع البيولوجي التي تعتبر المظلة الرئيسة لـ COP15.

ففي عام 1993، وقع بيل كلينتون على اتفاقية التنوع البيولوجي، لكن الاتفاقية لم تحظ في مجلس الشيوخ بموافقة الأغلبية الساحقة، 67 صوتًا، اللازمة للتصديق عليها.

ستلعب الولايات المتحدة دورًا خلفيًا في المحادثات العالمية الحاسمة هذا العام، ويدعي مندوبيها أنهم قادرين علىدفع الدول الأخرى نحو اتفاقية طموحة على الرغم من أنها ليست طرفًا فيها.

مع ذلك، فإن إدارة بايدن لديها هدفها الخاص “30 × 30” وهو الحفاظ على ما يقرب من ثلث أراضي البلاد ومياهها بحلول نهاية العقد، وهو ما يطلق عليه “أمريكا الجميلة”.

 

تغير المناخ والتنوع البيولوجي

تأتي قمة التنوع البيولوجي في أعقاب مؤتمر المناخ للأمم المتحدة في مصر حيث اتفقت الدول الغنية على إنشاء صندوق لمساعدة الدول النامية التي تتعامل مع ظاهرة الاحتباس الحراري.

في حين أن مؤتمر التنوع البيولوجي لم يحظ بنفس النوع من الاهتمام الذي حظى به COP27، يعتقد العديد من خبراء الحياة البرية والمناخ أنه المؤتمر الأكثر أهمية بين الاثنين.

يرتبط تغير المناخ ارتباطًا وثيقًا بالانقراض. يهدد ارتفاع درجات الحرارة بتقلب موائل كل شيء من طيور البطريق في أنتاركتيكا إلى الطيور المغردة الاستوائية. يمكن للحياة البرية أن تزدهر فقط من خلال حماية مساحات شاسعة من الغابات والنظم البيئية الأخرى.

كما أن ارتباط المناخ بالتنوع البيولوجي يعمل في كلا الاتجاهين، يمكن أن تؤدي الفيضانات والجفاف والطقس المتطرف الآخر الناجم عن تغير المناخ إلى القضاء على النظم البيئية، كما يمكن أن تحول مواقع تخزين الكربون إلى مصادر لانبعاثات الكربون.

يتسبب تدمير أراضي الخث، على سبيل المثال، في حوالي 5 ٪ من الانبعاثات العالمية.

على الجانب الآخر، فإن الحفاظ على أراضي الخث والغابات والأراضي الرطبة وغير ذلك سيؤدي إلى امتصاص الكربون من الهواء و”تخزينه بعيدًا”.

يمكن لمثل هذه الحلول “القائمة على الطبيعة” أن تخفض ما يصل إلى ثلث الانبعاثات العالمية التي يقول العلماء أن التخلص منها ضروري بحلول عام 2030، للحفاظ على هدف 1.5 درجة على قيد الحياة.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.