منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

كجزء من الهندسة الجيولوجية الشمسية.. أمريكا تنشر طائرة لدراسة استخدام المواد الكيميائية في تبريد الكوكب

نشر علماء أمريكيون قاذفة معدلة تعود إلى حقبة الحرب الكورية لقياس أثر الغازات النزرة في طبقة الستراتوسفير التي تعكس ضوء الشمس، كجزء من تجارب الهندسة الجيولوجية الشمسية التي يعارضها معظم العلماء، ويعتبرونها خطرًا على الأرض، ومن الصعب تلافي الأثار السلبية الناتجة عنها بمجرد البدء فيها، ما يضرب بمبدأ العدالة المناخية عرض الحائط.

الغازات النزرة (أو الغازات الزهيدة) هي الغازات التي تشكل أقل من 1% من حجم غلاف الأرض الجوي، وهي بذلك تشمل أغلب الغازات الطبيعية الموجودة في الغلاف الجوي عدا النتروجين (78.1%) والأكسجين (20.9%).

يعد غاز الآرغون هو أكثر الغازات النزرة وفرة في الغلاف الجوي، والذي يشكل ما نسبته 0.934%، في حين أن بخار الماء يوجد أيضاً بوفرة كبيرة نسبياً ولكنها متفاوتة.

يهدف المشروع إلى فهم أفضل لكيفية استخدام البشر لمثل هذه الغازات لتبريد كوكب محموم، وفق ما ذكرته الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي NOAA.

قالت كارين روزنلوف، عالمة المناخ في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي NOAA، في بيان: “العمليات في الستراتوسفير يمكن أن تغير المناخ على سطح الأرض، ورغم أن الأقمار الصناعية تزودنا بمعلومات مهمة، لكنها لا تعطينا كل ما نحتاج إلى معرفته.”.

في عام 2020، أصدر الكونجرس توجيهًا إلى الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي NOAA،  للبحث عن طرق لتبريد الأرض.

يعتبر المشروع الجديد، الذي يطلق عليه برنامج SABRE، هو جزء من هذا الجهد.

تعمل طائرة WB-57، وهي طائرة متوسطة الجناح وطويلة المدى قادرة على العمل لفترات طويلة من مستوى سطح البحر إلى ارتفاعات تزيد عن 60000 قدم، وهي أيضًا تعديل لقاذفة B-57، من فيربانكس، ألاسكا، وتحمل 17 أداة لأخذ العينات مقدمة من NOAA وNASA وجامعة هارفارد وجامعة فيينا.

ستقيس الطائرة الغازات النزرة في طبقة الستراتوسفير في القطب الشمالي قبل القيام بمهام في المناطق الاستوائية في عام 2024 ونصف الكرة الجنوبي في عام 2025.

يعكس الهباء الجوي، الذي يمكن أن يأتي من الانفجارات البركانية وحرائق الغابات والتلوث الصناعي، ضوء الشمس ويبرد الكوكب.

على مر التاريخ، أنتجت الانفجارات البركانية الكبيرة انخفاضا قابلا للقياس، ولكن مؤقتا في درجات الحرارة العالمية.

اقترح بعض العلماء رش الهباء الجوي في طبقة الستراتوسفير لتعويض الاحترار الذي يسببه الإنسان، وهي واحدة من الطرق التي تندرج تحت بحوث “الهندسة الجيولوجية الشمسية”، لكن الفكرة مثيرة للجدل بشدة، وواجهت اعتراضات شديدة من علماء أخرين.

دعا ائتلاف من مئات الباحثين مؤخرا إلى “عدم نشر الهندسة الجيولوجية الشمسية” و”التوقف عن دعم البحوث من هذا النوع”، بحجة أن “التدخلات الخطيرة على نطاق الكواكب لا يمكن أن نتحكم فيها بطريقة شاملة وعادلة وفعالة عالميا ويجب حظرها”.

في استجابة واضحة، وقعت مجموعة من أكثر من 100 عالم رسالة مفتوحة تؤكد “أهمية المضي قدما في البحث المسؤول” في هندسة الطاقة الشمسية.

لا تؤيد الرسالة استخدام التكنولوجيا، ولكنها تشجع على دراسة آثارها.

وقالت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنه حتى الآن، فإن الأدلة اللازمة لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الهندسة الجيولوجية الشمسية “ببساطة غير موجودة”.

اقرأ أيضًا.. الهندسة الجيولوجية الشمسية.. محاولات علمية للتدخل في نظام المناخ على الأرض

الهندسة الجيولوجية الشمسية

يرى المؤيدون لاستخدام الهندسة الجيولوجية الشمسية إنه في حال فشلنا في السيطرة على الغازات الدفيئة، وتفاقم الاحتباس الحراري بالفعل، فإنه لم يعد أمامنا في هذه الحالة سوى الخطة “ب”، كبديل في ظل غياب إرادة حقيقية لخفض الانبعاثات.

تعتمد الخطة على مجموعة مشاريع لتبريد الأرض اصطناعيًا، عبر استخدام الهندسة الجيولوجية الشمسية، أو ما يطلق عليها أيضا “هندسة المناخ”.

تعرف الهندسة الجيولوجية الشمسية بأنها التدخل المتعمد واسع النطاق في نظام المناخ على الأرض، بهدف تخفيف الآثار الضارة الناجمة عن الاحتباس الحراري.

ففي حين يؤيد بعض العلماء استكشاف آفاق مجال الهندسة الجيولوجية الشمسية والاستعانة به، باعتباره يوفر إغاثة قصيرة الأجل للأرض، في حال لم يعد بالإمكان تحمُّل وطأة الاحترار العالمي، يعارض قطاع أخر بشكل صارخ استخدامه خوفًا من أن يحيد عن مساره الصحيح بطرق غير متوقعة، وقد يكون من الصعب تلافي الأثار السلبية الناتجة عنه بمجرد البدء فيه.

تظل هناك تساؤلات عالقة لدى المؤيد والمعارض، بعضها تقني وبيئي، وبعضها الأخر أخلاقي، حول كيفية ضمان تحقيق هذا التبريد للغرض المنشود منه، ومَن يقرر ضبط درجات الحرارة.

كما توجد آثار غير مباشرة محتملة لهذه التقنية، ما يعتبرها البعض تهديدا كبيرا للعدالة المناخية، حيث أن آثارها قد تختلف باختلاف المناطق وقطاعات المجتمع، فمن يتحملها؟ ومن يضمن ألا يتضرر أحد؟

لذا، اتفق معظم العلماء أن هناك حاجة إلى المزيد من البحوث حول هذا المجال لفهم كل المشكلات والعقبات التي قد تواجه العالم في حال قرر اللجوء إلى الهندسة الجيولوجية الشمسية.

حتى الآن، كل الأبحاث تقريبًا في إدارة الإشعاعات الشمسية تتألف من النمذجة الحاسوبية أو الفحوص المختبرية، ولم تنتقل تلك التجارب إلى الخارج بعد لأنها لم تحظ بتأييد علمي وسياسي كافي حتى الأن.

لكن المؤكد أنه حتى في حال إثبات فعاليتها، لن تحل تلك التقنيات مشكلة تغير المناخ بالكامل، لأن الغازات الدفيئة ستستمر في الارتفاع إذا لم يتحرك العالم لمنعها، لكنها فقط سوف تساهم في خفض درجات الحرارة العالمية بمقدار درجة أو أثنين في أقصى تقدير.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.