منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

السياحة وتغير المناخ.. علاقة شائكة يناقشها COP29

50 دولة تنضم إلى إعلان باكو لتعزيز العمل المناخي في السياحة

شهد مؤتمر الأطراف COP29 الذي تتواصل فاعلياته في العاصمة الآذرية باكو، مناقشاتٍ مكثّفة تناولت سُبل الحد من الآثار التي تخلّفها صناعة السياحة على البيئة والمناخ، ووسائل التكيّف في القطاع الذي يُعد أيضًا واحدًا من أكثر القطاعات تأثرًا بالأزمة المناخية. وللمرة الأولى في تاريخ مؤتمرات الأطراف، تم تخصيص يوم موضوعيّ لحشد الزخم من أجل إدراج العمل المناخي بقطاع السياحة.

وحظيت مبادرة إعلان باكو بشأن تعزيز العمل المناخي في السياحة -التي تم إطلاقها من جانب رئاسة المؤتمر ومنظمة السياحة العامية- بتأييد ما يقرب من 50 دولة وعدد من المنظمات المعنية بمجال السياحة، من أجل توحيد الجهود لربط الخطط والسياسات المتبعة في إدارة هذا القطاع، بأهداف المناخ الوطنية للدول وأجندة الأمم المتحدة لتغير المناخ.

يتنامى الاهتمام بالتحوّل المُستدام في القطاع السياحي لما له من أثر بيئي هائل، إذ يُنتج هذا القطاع وحده ما يزيد عن 8% من حجم الانبعاثات العالمية، حيث تُشير تقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن معدل النمو الحالي في صناعة السياحة -دون اتخاذ إجراءاتٍ واضحة لخفض الانبعاثات- من شأنه أن يولّد زيادة قدرها 154% في استهلاك الطاقة، و 131% في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فضلاً عن الضغوط المتزايدة على التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية بسبب التلوث وزيادة إنتاج النفايات الصلبة.

المبادرة التي تم إطلاقها خلال COP29، تُعد امتدادًا لإعلان جلاسكو الذي أُطلق عام 2021 بمؤتمر الأطراف COP26، وهو التزامٌ طوعي يضم أكثر من 900 منظمة وهيئة، تم تنفيذه في إطار برنامج السياحة المستدامة لكوكبٍ واحد. وتعتمد المبادرة على خمس مساراتٍ استراتيجية للعمل المناخي في القطاع السياحي، من بينها القياس وإزالة الكربون والتكيّف والتمويل، حيث تهدف إلى توجيه وتنسيق العمل المناخي عبر أصحاب المصلحة في مجال السياحة، بما في ذلك الوكالات الحكومية والجهات المانحة والمؤسسات المالية والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والقطاع الخاص.

 

التكنولوجيا الذكية في كوب 29: مفتاح الحلول لمواجهة التغير المناخي

ويؤكد الدكتور سعيد البطوطي مستشار منظمة السياحة العالمية، على أهمية التحول المُستدام في القطاع السياحي، وتغيير الممارسات والسياسات التي من شأنها الإضرار بالبيئة والمناخ، موضحًا أن قطاع النقل بأشكاله المختلفة من النقل البري والبحري والجوي، يتسبب في حوالي 49% من انبعاثات قطاع السياحة، ما يجعل التحوّل إلى مسار منخفض الكربون ضرورةً حاسمة لمواجهة الأزمة المناخية.

ويضيف في حديثه لـ”أوزون”: هناك علاقة مُعقّدة بين السياحة والمناخ تتعدد وتتباين خلالها صور التأثير، فزيادة الانبعاثات تؤدي إلى رفع الاحترار العالمي، والذي يؤدي بدوره إلى اختلال النظم البيئية والتنوع البيولوجي، وهي الموارد الطبيعية التي يعتمد عليها القطاع السياحي بشكلٍ كبير، ما يجعله أكثر هشاشةً وحساسيةً تجاه الأزمة المناخية، مع ارتفاع وتيرة الأحداث والاضطرابات المناخية العنيفة من موجات الحرارة والسيول والفيضانات.

متابعًا: نحن أمام واحد من أهم القطاعات التي تُشكلّ ركيزة أساسية للعديد من الاقتصادات حول العالم، حيث تحتل السياحة المرتبة الثالثة بعد صناعة النفط والصناعات الكيماوية، ووصل إجمالي مساهمة القطاع في الاقتصاد العالمي عام 2019 إلى 10.4 تريليون دولار، هذه النسبة انخفضت بشكلِ كبير بسبب جائحة كورونا، إلا أنها عادت للنمو مرةً أخرى بعد التعافي من الجائحة، لتصل إلى 9.2 تريليون دولار العام الماضي، تشمل الإيرادات المباشرة وغير المباشرة، فنمو القطاع السياحي يؤدي إلى تنشيط صناعاتٍ أخرى منها الصناعات الغذائية على سبيل المثال.

يُشدد البطوطي على ضرورة اعتماد وتطبيق آلياتٍ للتكيف ورفع مرونة المناطق السياحية في مواجهة أزمة المناخ، من خلال خططٍ استباقية تحدّ من تأثيرات الأزمة، التي من المتوقع أن تزيد حدّتها في المناطق الساحلية، والدول الجزرية التي تعتمد على السياحة الشاطئية بشكلٍ كبير، هذه الدول تتعرض بالأساس لخطر وجودي بسبب ذوبان الجليد وارتفاع مستوى سطح البحر المُرشح للزيادة خلال العقود المُقبلة.

تأتي السياحة الشاطئية في صدارة الأنماط المُهددة بسبب التغير المناخي كما يوضح، فهذا النمط يُعد الأكثر رواجًا على مستوى العالم، إذ يصل إلى 79% من حجم السياحة عالميًا، بينما تتعرض السواحل والبيئات البحرية لضغوطٍ متزايدة، بسبب الاحترار العالمي والتلوث، يُلقي ذلك بآثارٍ سلبية على التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية البحرية، ويؤدي إلى فقدان الشِعاب المرجانية والكائنات البحرية الأخرى.

ويضيف: التغيرات المناخية من شأنها أن تُغير خريطة وحركة السياحة في العالم، فهناك مناطق ستقل أو تنعدم بها تدفقات السياح بسبب حوادث الطقس المُتطرف، ووجهاتٍ أخرى ستشهد إقبالاً مُتزايدًا، وهذا ما شهدناه خلال السنوات القليلة الماضية في عددٍ من الدول الأوروبية، كثيرًا ما يتغيّر إقبال السياح على الوجهات المختلفة داخل الدولة ذاتها، مثلما حدث في ألمانيا بعد الفيضانات التي شهدتها مؤخرًا، وكذلك دول البحر المتوسط ومنها إيطاليا وإسبانيا واليونان، التي تعرضت لحرائق غابات وموجات حرارة عارمة.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.