صباح غير مشرق مليئ بالغيوم، ورائحة الدخان تزاحم الهواء لتصل إلى إجلال إبراهيم* (62 سنة)، بمنطقة إمبابة في محافظة الجيزة؛ بعد أن تسلل الدخان إلى منزلها بسبب الحريق، الذي شب في مكب للمخلفات بالأرض الخالية الملاصقة لبيتها؛ ما أدى إلى إصابة إجلال بحالة سعال واختناق شديدة.
زاد من صعوبة ذلك الصباح، بالنسبة إلى إجلال، عندما هرعت إلى طيورها المنزلية؛ لتجد أن أكثر من نصفها قد فارق الحياة، والمتبقي منها يصارع الموت أمام عينيها.
لم تتمكن إجلال من إسعاف الطيور، التي تعد مصدر رزقها؛ لتخسر بذلك ما يقارب 70% من رأس مالها، الذي خصصته للتجارة في الطيور المنزلية، عقب وفاة زوجها.
طيور إجلال لم تكن الضحية الوحيدة لحرائق المخلفات وأراضي الفضاء (هي الأراضي الخالية التي يستخدمها الأهالي في التخلص من المخلفات) في مصر، فهناك ارتفاع في أعداد هذه الحرائق على مستوى المحافظات خلال الفترة ما بين (2011 – 2020)؛ وذلك بسبب تزايد كمية المخلفات الصلبة، التي لا يتمّ نقلها والتخلص منها بالطريقة الصحيحة، نظرًا لعدم توفر سيارات جمع القمامة وسيارات الإطفاء بالشكل المأمول أو المتوقع زيادته خلال تلك الفترة؛ ما يتسبب في الإضرار بصحة الأهالي المحيطين بتلك المكبات، ويهدد حياة جميع الكائنات الحية المحيطة بالحرائق، ويرفع معدلات تلوث البيئة.
استنادًا إلى التقرير السنوي لحوادث الحريق في مصر، الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن إجمالي عدد الحرائق عام 2011، قد بلغ 40 ألفًا و894 حريقًا؛ ما يزيد على نصفهم شبّ في مكبات المخلفات وأراضي الفضاء؛ أما في عام 2020، فقد وصل إجمالي عدد الحرائق إلى 51 ألفًا و779 حريقًا بوجه عام؛ منها 25 ألفًا و355 حريقًا ناتجًا عن حرق المخلفات.
وبعد تحليل البيانات الخاصة بتوزيع أماكن نشوب الحريق في المكبات والأراضي الخالية؛ تبين أن محافظة القاهرة تحتل المركز الأول في حرائق المكبات وأراضي الفضاء بإجمالي 34 ألفًا و836 حريقًا خلال المدة من (2011 – 2020) بنسبة 16.9% من إجمالي حرائق أراضي الفضاء على مستوى المحافظات في تلك الفترة، تليها محافظة الجيزة بنسبة 8.2% بواقع 17 ألفًا و7 حوادث حريق، وفي المرتبة الثالثة جاءت محافظة المنوفية بنسبة 7.5% بواقع 15 ألفًا و320 حادث حريق خلال المدة نفسها.
جهود على ورق
حرصت وزارة البيئة المصرية على نشر البيانات والتقارير الدورية، التي توضح خططها وجهودها المبذولة؛ للحد من أثر التلوث البيئي الناجم عن الحرائق، إلا أن هذه الجهود لم تجنِ ثمارها، ولم تتمّ السيطرة على هذا التلوث إلى الآن.
من بين تلك البيانات، ما جاء خلال تقرير حالة البيئة، الذي أعدته الوزارة نهاية عام 2020، والتي أوضحت خلاله أنه تمّ إصدار أول تشريع متكامل لتنظيم إدارة المخلفات، وإعداد البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة.
كما أعلنت وزارة البيئة عن تبني استراتيجية وطنية للإدارة المتكاملة لها، مع تطبيق أفضل التقنيات والممارسات البيئية، ورفع الوعي وبناء القدرات في مجال إدارة المخلفات على مستوى الجمهورية؛ وذلك بغرض الوصول بعمليات الجمع والنقل إلى 88% من إجمالي المخلفات، والوصول بمعدلات التدوير إلى 60% من إجمالي المخلفات التي يتمّ جمعها.
وأعلنت الوزارة المصرية أيضًا عن هدف رفع معدلات إنتاج الطاقة من المخلفات، إلى 20% من إجمالي المخلفات التي يتمّ جمعها، وخفض معدلات الدفن إلى 20%، وذلك بحلول عام 2025.
وقد جاء في التقرير السنوي لوزارة البيئة عام (2014) أن نسـب عملیـات المعالجـة والتـدویر فـى مصـــر وصلت 9.5% من إجمالي المخلفات البلدية الصلبة، التي يتمّ التعامل معها.
وبالرغم من كل هذه الخطط والآمال، إلا أنها لم تتمكن من حل أزمة المخلفات بشكل جذري، وبالتالي تزداد فرصة نشوب الحرائق بها بصورة دائمة.
تقول إجلال: “تعد عمليات الحريق متكررة خاصة في فصل الصيف بفعل الحرارة، فيشب الحريق في المكب مرة كل 4 أيام تقريبًا إما بفعل الحرارة تارة، أو بفعل القائمين على المكب من أجل التخلص منها، تارة أخرى”، موضحة أن هذا المكب يخدم أكثر من 35 شارعًا رئيسيًا بخلاف الشارع الذي يوجد به منزلها، مضيفة: “يوجد مكبات أخرى وأراضي فضاء كثيرة في المنطقة التي أسكن فيها”.
وتشب النيران فيها جميعًا بشكل متكرر؛ ما يؤثر بحياتها، وقد شخّصها الأطباء بمرض حساسية الصدر المزمنة، بسبب تعرضها لحوادث اختناقات شديدة ومتكررة، عقب كل حريق ينشب.
وضع يد
مع ارتفاع أعداد الزيادة السكانية داخل محافظات مصر -وقد بلغ عدد السكان التقديري الإجمالي لجمهورية مصر العربية نحو 100 مليون و617 ألف نسمة منتصف عام 2020، وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بزيادة نحو 20 مليون نسمة عن العدد الإجمالي عام 2011- يضطر كثير من السكان إلى التخلص من مخلفاتهم في المكبات وأراضي الفضاء القريبة لمنازلهم؛ ما فتح المجال لنوع جديد من التجارة غير الرسمية، يقوم به الأفراد واضعو اليد على تلك المكبات؛ في محاولة منهم لكسب الأموال، مقابل السماح للمواطنين بإلقاء مخلفاتهم في تلك الأراضي.
يقول عبد الله منصور*(49 سنة) -يعمل موظفًا بإحدى شركات القطاع الخاص- إنه يعيش في أحد الأحياء الشعبية بمنطقة الوراق التابعة لمحافظة الجيزة، وذلك منذ 3 سنوات، ومن وقتها يدفع مبلغًا شهريًا لإحدى العائلات المجاورة لمنزله، والتي تضع يدها على أرض الفضاء الموجود بداخلها المكب، في الشارع نفسه الذي يعيش فيه.
وتمنع هذه العائلة أي شخص غريب من إلقاء مخلفاته في المكب، من دون دفع مبلغ مالي قيمته 10 جنيهات، عن كل حقيبة مخلفات يتمّ إلقاؤها على الأرض.
يقول عبد الله إنه الآن يدفع مبلغ 50 جنيهًا شهريًا لإلقاء مخلفاته في المكب طوال الشهر، نظراً لأنه لم يرَ في منطقته قط أي سيارة من سيارات جمع القمامة؛ لذا فهو يلقي بمخلفاته في المكب ليلًا، ثمّ يستيقظ صباحًا على رائحة الدخان الناتجة عن حرق هذه المخلفات، وقد اعتاد هذا الأمر، هو وجميع المحيطين به من جيرانه.
مضيفًا أن الأمر يسير تحت سيطرة الأفراد المسؤولين عن قطعة الأرض، فلا يوجد عمال نظافة أو جامعو قمامة يتعاملون مع سكان المنطقة على الإطلاق، كما لا يوجد أمام السكان أي طريق آخر للتخلص من مخلفاتهم سوى بالموافقة على دفع السعر، الذي خصصه المسيطرون على المكب.
زيادة منقوصة
على الرغم مما أوضحته البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، من ارتفاع في أعداد نقاط الإطفاء وسيارات جمع القمامة في الفترة ما بين (2011 – 2020)؛ إلا أن هذه الزيادة تعد غير كافية، ولا تتناسب مع حجم الحرائق وحجم الزيادة السكانية سالفة الذكر، كما تحتاج تلك السيارات إلى إعادة توزيع.
في نهاية عام 2011، كان هناك 920 نقطة إطفاء، في حين وصل عدد نقاط الإطفاء نهاية عام 2020 إلى 968 نقطة؛ فكانت الزيادة بواقع 48 نقطة إطفاء فقط خلال الـ 10 سنوات، في مقابل زيادة سكانية تقدر بـ 20 مليون نسمة خلال نفس الفترة، مع فارق عشرة آلاف و885 حريقًا بين عامي 2011، و2020.
أما عن عدد سيارات جمع القمامة، فلم يزداد بالشكل المطلوب خلال الـ 10 سنوات محل البحث؛ ففي نهاية عام 2011، وصل إجمالي عدد سيارات جمع القمامة إلى ثلاثة آلاف و918 سيارة، في حين وصلت في عام 2020 إلى أربعة آلاف و361 سيارة؛ أي بواقع زيادة قدرها 443 سيارة.
وكانت هناك مفارقات كبيرة في توزيع تلك السيارات على المحافظات المختلفة، فعلى الرغم مثلًا من احتلال محافظة المنوفية المركز الثالث على مستوى الجمهورية في عدد حرائق المكبات وأراضي الفضاء؛ إلا أن عدد سيارات جمع المخلفات تناقص فيها بشكل ملحوظ، فقد كان لديها ألف و303 سيارات جمع قمامة عام 2011، ثم انخفض هذا الرقم ليصبح 244 سيارة عام 2020؛ وهو ما يفسر ارتفاع معدل المخلفات داخل المحافظة، وارتفاع أعداد الحرائق أيضًا.
هجرة إجبارية
تبحث نور (35 عامًا) عن سكن جديد تعيش بداخله وجَدّتها المريضة بحساسية الصدر المزمنة من الدرجة الرابعة، منذ نهاية عام 2021 -وهو المرض ذاته الذي فارق الحياة بسببه والد نور وجَدّها- وهو مرض وراثي في العائلة، ناتج عن ضعف المناعة، يتطلب التعايش معه الابتعاد عن مصادر الأتربة والأدخنة قدر المستطاع، لكن هذا غير مُتحقق.
تعيش نور وجَدّتها في مسكن إيجار قديم، قيمته الشهرية 90 جنيهًا مصريًا -ما يعادل 3 دولارات تقريبًا- ويقع في منطقة شبرا الخيمة التابعة لمحافظة القليوبية، وبجوارهما مكب مخلفات كبير؛ تشب فيه النيران مرة إلى مرتين أسبوعيًا.
تعمل نور في عيادة أحد الأطباء في المنطقة التي تسكن فيها براتب ألفين و800 جنيه شهريًا، وتقول إن هذا المبلغ يعد غير كافٍ لتوفير متطلبات الحياة الأساسية لها ولجَدّتها من مأكل وملبس وإيجار وعلاج. وبعد أن اضطرتها ظروف مرض الجَدّة إلى البحث عن سكن آخر؛ كان لا بد أيضًا من عمل إضافي بأحد المتاجر في منطقة وسط العاصمة.
بعدها وجدت نور مسكنًا آخر لها ولجَدّتها، وفقاً لقانون الإيجارات الجديد؛ بعد أن ارتفع معدل الحرائق حولهما، وارتفعت أيضًا أسعار الإيجارات الجديدة، ما يزيد من صعوبة الأمر عليهما.
حريق كهربائي
يشهد حي شبرا الخيمة، التابع إداريًا لمحافظة القليوبية، وجغرافيًا للقاهرة الكبرى، تزايدًا في حرائق أراضي الفضاء والمخلفات، وهو ما أكده أرشيف الأخبار المنشور بخصوص حوادث الحرائق في الفترة ما بين 2011، و2020، وأكده أهالي المنطقة أيضاً.
من بين تلك الحوادث، ما وقع في سبتمبر/أيلول عام 2021، وتناقلته وسائل الإعلام المختلفة بخصوص وقوع حريق كبير لمكب مخلفات في منطقة شبرا الخيمة، بجوار “كابينة كهرباء كبرى”، وهو ما أوضحه محمد شرف؛ أحد سكان المنطقة والذي كان ضمن شهود العيان للواقعة.
أوضح شرف أن الحريق نشب في تل كبير من تراكمات المخلفات، بشارع ترعة الإسماعيلية، بجوار شركة النشا والجلوكوز بشبرا الخيمة؛ ما أدى إلى احتراق كبينتي كهرباء بمحيط المنطقة التابعة لمسطرد بشبرا الخيمة، موضحًا أن الحريق كان كبيرًا للدرجة التي تصعب معها السيطرة عليه؛ وهي منطقة حيوية بها عدد كبير من المصانع والشركات.
وعلى الرغم من أنه قد فُصِل التيار الكهربائي عن المناطق السكنية والصناعية التي تخدمها كبائن الكهرباء المحترقة؛ حفاظًا على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة من المخاطر الداهمة؛ لكنّ ذلك لم يمنع السحب السوداء من الانتشار والتراكم فوق المنازل السكنية بالمنطقة.
هواء ملوث
تُعد “الشبكة القومية لرصد ملوثات الهواء المحيط” التابعة لجهاز شئون البيئة، إحدى الأدوات الأساسية لتجميع البيانات والمعلومات عن نوعية الهواء وتحليلها؛ لإعطاء صورة واضحة عن جودة الهواء في الأماكن المختارة، لتقييم معدلات التلوث ومقارنتها بالحدود المسموح بها محليًا ودوليًا.
كما تُعد الشبكة المرجع الأساسي لإعداد المؤشرات البيئية لنوعية الهواء، والأساس لبحث مدى التغير على مدار الأعوام السابقة؛ فتقوم بإعطاء صورة عامة عن معدلات تلوث الهواء بمناطق الرصد، ومتابعة التطور الزمني لهذه المعدلات، مع إمكانية مقارنة معدلات التلوث في الأماكن المختلفة وتقييم معدلات التلوث ومقارنتها بالحدود المسموح بها محليًا ودوليًا؛ والتي بلغ عددها 120 محطة رصد.
في المناطق الصناعية، توجد 20 محطة، و63 محطة بالمناطق السكنية، و11 محطة بالمناطق المرورية، ومحطتان بالمناطق المرجعية، و22 محطة بالمناطق ذات الطبيعة المتداخلة الأنشطة، كما توجد محطتان متنقلتان لرصد تلوث الهواء.
وقد تبين من خلال الرصد الذي تمّ بنهاية عام 2020، أن الحرق المكشوف للمخلفات يتسبب في مجموعة من التغيرات التي تطرأ على المجتمع والبيئة، والتي تشمل انبعاثات الجسيمات الصلبة الأقل من 10 ميكروميتر، والأقل من 2.5 ميكروميتر، وذلك بنسبة 17 في المائة و14 في المائة على التوالي، وتزداد في فترة الخريف، لتصبح نحو 39 في المائة و42 في المائة على التوالي.
كما يتسبب قطاع المخلفات بنسبة تقارب 8.1 في المائة من الانبعاثات القطاعية لغازات الاحتباس الحراري لعام 2015، بخلاف غازات أخرى سامة وخطيرة للغاية؛ لأنها قابلة للاستنشاق، ولديها قدرة على اختراق الجهاز التنفسي.
وقد سجلت المؤشرات تجـاوز المتوســط السنـوي لها خلال الفترة من 2011 إلى 2020، في محافظات مصر بوجه عام وفي القاهرة الكبرى والدلتا على وجه الخصوص، فقد بلغت نسبة الجسيمات الصلبة أقل من 10 ميكروميتر، 118 ميكروغرامًا لكل متر مكعب عام 2020.
في الوقت ذاته، سمحت معايير وزارة البيئة المصرية بحد ثابت يجب ألا يزيد على 70 ميكروغرامًا لكل متر مكعب، أما الجسيمات أقل من 2.5 ميكروميتر، فقد بلغت 73 ميكروغرامًا، بالرغم من أن الحد القانوني المسموح به هو 50 ميكروغرامًا فقط.
تخلص غير آمن
يقول دكتور صالح عزب مستشار وزير البيئة الأسبق: “إن الحرق أسوأ أنواع التخلص من المخلفات، فهو أخطر من تركها دون حرق، فيطلق على المخلفات الموجودة في مكبات القمامة اسم النفايات الصلبة؛ وهي تشمل المخلفات التي تخرج من المنازل والمصانع والمحاصيل، وغيرها من أنواع النفايات التي تكون غير سائلة أو غازية، من المفترض أن يكون هناك أساليب علمية للتخلص من النفايات الصلبة، لأنها غالبا ما تحمل مواد مشعة، إذا كانت مخلفات طبية أو تابعة لمستشفيات أو تحتوى على ذرات غير مستقرة، ينبعث منها إشعاعات بصورة مستمرة، وهي خطيرة للغاية”.
وأوضح عزب قائلًا: “إن الطريقة العلمية السليمة للتخلص من النفايات الصلبة، هي إعادة تدويرها وذلك بفصل مكوناتها، والتعامل معها على أنها نفايات قابلة لإعادة التدوير، ولا يجوز حرقها تحت أي ظرف؛ لانبعاث غازات خطرة منها، أخطر من تركها متراكمة من دون حرق، وهو ما ينعكس على صحة الأفراد؛ مثل أكاسيد ثاني أكسيد الكربون، وأكاسيد ثاني أكسيد الكبريت، وأول أكسيد الكربون، وغاز الميثان، وجميعها غازات في غاية الخطورة”.
تصدير القمامة
يضيف عزب بالقول: “إن المخلفات والنفايات التي تملأ الشوارع المصرية، ما هي إلا ثروة كبيرة، ويجب استثمارها على أكمل وجه وإعادة تدويرها، وإن الدول المتقدمة مثل ألمانيا تقوم باستيراد القمامة من دول أخرى وبخاصة البلدان التي لديها كم هائل من المخلفات؛ لأن ألمانيا بها نظام قابل لفصل المكونات، وإعادة تدويرها مرة أخرى”.
كارثة القرى والنجوع
يقول دكتور الحسين حسان، خبير التطوير الحضاري والتنمية المحلية: “إن حرق المكبات وسط الأحياء السكنية، يعد أزمة كبيرة تنتشر في القرى والنجوع على مستوى محافظات مصر بشكل عام؛ حيث يوجد في مصر أربعة آلاف و742 قرية، جميعها تقريبًا تعتمد على الحرق كوسيلة أساسية للتخلص من النفايات والمخلفات بمختلف أنواعها، خاصة في القرى التي لم يصلها قطار التطوير، فتكثر بها الحرائق”.
ويضيف قائلًا: “فعلى الرغم من وجود العديد من المبادرات والمشروعات لتدوير القمامة وحل أزمة حرق المخلفات، لكن للأسف الشديد لم يتمّ تنفيذ أي منها على أرض الواقع بشكل جيد”.
دور الشركات الخاصة
يقول دكتور خالد قاسم، المتحدث الرسمي باسم وزارة التنمية المحلية: “إنه منذ عام 2019، تنفذ الوزارة استراتيجية جديدة، بالتعاون مع الشركات الخاصة التي لها دور كبير في عملية إعادة التدوير، وتمّ توقيع 12 تعاقدًا مع عدة شركات، مختصة بالجمع السكني ونظافة الشوارع، وعملية التدوير والمعالجة على مستوى المحافظات”.
مخالفة الدستور والقانون
اهتم الدستور المصري والقوانين المصرية بضرورة الحفاظ على البيئة، والعمل على حمايتها، كما نصت المادتان 45 و46 من الدستور على الالتزام السياسي والاجتماعي بحماية البيئة؛ كما وقعت مصر على اتفاق باريس عام 2016 لتغير المناخ -ضمن 171 دولة أخرى- الذي التزمت خلاله بتخفيض الانبعاثات الحرارية، ووضعت خططًا وسياسات وبرامج لمجابهة خطر التغير المناخي. وبالرغم من كل هذه القوانين والجهود، فإن عدد حرائق المكبات وأراضي الفضاء يستمر في الارتفاع.
أُنجِزَ هذا التحقيق بدعمٍ من أريج