منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

عندما يتكلم اسمك: تأثير غريب للمناخ على أسماء الأطفال حديثي الولادة

أظهرت دراسة قام بها عالمان من جامعة واشنطن وجامعة أوهايو أن شعبية أسماء الشهور والفصول للفتيات الرضع في الولايات المتحدة تختلف حسب المنطقة الجغرافية. وقد قام الباحثان بتحليل بيانات حول أسماء الأطفال التي جمعتها إدارة الضمان الاجتماعي الأمريكية منذ عام 1910 وحتى عام 2021، وتم التحليل الإحصائي للبيانات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

 

أجرى الباحثان دراسة حول تأثير العوامل البيئية والمناخية على اختيار الأسماء في المجتمعات، وأظهرت الدراسة أن هذه العوامل تؤثر بشكل كبير على اختيار الأسماء التي يعطيها الآباء والأمهات لأطفالهم. وأظهرت الدراسة أن العوامل البيئية مثل المناخ والطقس والتضاريس والأراضي الزراعية تؤثر على اختيار الأسماء في المجتمعات المحلية. ووجدوا أن أسماء تعتمد على الشهور مثل أبريل ومايو ويونيو وأغسطس كانت أكثر من تسع مرات شيوعًا بين الفتيات من الأولاد.

 

وفي حين أن البيانات التي تم جمعها تشير إلى أن هذا التأثير يتباين بين المجتمعات المختلفة، فإن الدراسة تشير إلى أن هذا العامل يلعب دورًا هامًا في اختيار الأسماء في معظم المجتمعات المحلية.

 

اتجاهات جغرافية واضحة

 

وبحسب بيان صحفي لجامعة واشنطن (University of Washington) نشر بتاريخ 26 مايو/أيار الجاري، كانت أسماء الفصول مقدارها 182 مرة أكثر بين الفتيات من الأولاد، وكانت أسماء الفصول الأكثر شيوعًا هي “سمر” (الصيف) و”أوتمن” (الخريف). وأظهرت الدراسة أيضًا اتجاهات جغرافية واضحة، حيث كان اسم “أبريل” أكثر شيوعًا في الولايات الجنوبية وكان “أوتمن” (الخريف) الأكثر انتشارًا في الولايات الشمالية. ويشير الباحثان إلى أن المناخ، ولا سيما توقيت الربيع والخريف، يؤثر على اختيار أسماء الأطفال.

 

كما وجد الباحثان أن اسم “جون” (يونيو) هو الأكثر شيوعًا في الولايات الشمالية، مثل ماين وويسكونسن، حيث يتأخر ازدهار الربيع هناك، بينما كان اسم “أبريل” أكثر شيوعًا في ولايات مثل تكساس وفلوريدا التي تشهد وصول الربيع مبكرًا في العام.

 

وأظهرت الدراسة أيضًا أن اسم “أوتمن” (الخريف) هو الأكثر شيوعًا في الولايات الشمالية، وهي المنطقة المعروفة بألوان الخريف الجميلة. ولفت الباحثان إلى أن تغير المناخ يؤثر على توقيت الفصول، ولكنهم لم يجدوا تغيرًا في شعبية أسماء الشهور والفصول مؤخرًا، ويرجعون ذلك إلى تراجع شعبيتها بشكل عام في العقود الأخيرة.

 

ويشير الباحثان إلى أنه يمكن أن تؤثر التغيرات المناخية في المستقبل على اختيار أسماء الأطفال، ولا سيما أسماء النباتات مثل الورد والزنبق والصفصاف، التي تعتبر شائعة أيضًا.

 

يقول الباحث ريموند هيوي: “لن نعرف ما إذا كانت الأسماء تختلف أيضًا حسب الجغرافيا والمناخ ما لم يفحصها شخص ما، وهناك مجموعة كبيرة من البيانات المتاحة لدينا للبحث فيها”.

 

كيف يؤثر المناخ على الثقافة البشرية

 

تعتبر هذه الدراسة طريقة جديدة ومبتكرة لفهم كيف يؤثر المناخ على الثقافة البشرية، وتشير إلى أن العوامل البيئية يمكن أن تؤثر على قرارات الأسر في تسمية أطفالها. ويعد هذا النوع من الدراسات مهمًا لفهم التغيرات الثقافية والبيئية على المدى الطويل، وقد يساعد في تحديد كيفية التكيف مع التغيرات البيئية المستقبلية.

 

ويشير الباحثان إلى أن هذا الاكتشاف يمكن أن يساعد في فهم العوامل التي تؤثر على قرارات الأسر في تسمية أطفالها، ويمكن أن يساعد في تحديد كيفية التكيف مع التغيرات البيئية المستقبلية وتطوير استراتيجيات تكيفية قادرة على مواجهة التحديات البيئية.

 

ويمكن أن تستفيد من هذه الدراسة المجتمعات المختلفة والحكومات والمنظمات غير الحكومية في تطوير السياسات والبرامج التي تعزز التعايش السلمي وتحترم التنوع الثقافي، وتدعم الاستدامة البيئية. كما يمكن للأهل الباحثين عن أسماء لأطفالهم أن يستفيدوا من هذه الدراسة في فهم العوامل التي قد تؤثر على اختيارهم للأسماء.

 

وتشير هذه الدراسة إلى أنه يمكن للتغيرات البيئية والمناخية أن تؤثر على الثقافة والتقاليد والعادات في المجتمعات، وعلى العكس أيضًا، يمكن للثقافة والتقاليد والعادات في المجتمعات أن تؤثر على كيفية التكيف مع التغيرات البيئية. وبالتالي، يمكن لهذه الدراسة أن تساهم دور في توعية الناس حول التأثير المحتمل للتغيرات البيئية على الثقافة والتقاليد والعادات في المجتمعات، وتحفيزهم على التفكير في كيفية التكيف مع هذه التغيرات بشكل مستدام وفعال.

 

ويشير الفريق المشارك في الدراسة إلى أن البيانات التي تم جمعها تشير إلى أن هذا التأثير يمكن أن يكون أكبر في المستقبل، نظرًا لتغيرات المناخ والبيئة المتوقعة. ومن المتوقع أن تساهم هذه الدراسة في تحديد العوامل التي يمكن تغييرها أو تحسينها لتعزيز التفاهم والتعايش السلمي بين الثقافات المختلفة، وتعزيز الاستدامة البيئية في المستقبل.

 

البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي

 

تعد هذه الدراسة مثالًا جيدًا على كيفية استخدام البيانات الضخمة والتحليل الإحصائي والذكاء الاصطناعي لفهم الظواهر الاجتماعية والثقافية والبيئية بشكل أفضل، وتحديد العلاقات بين هذه الظواهر.

 

كما تشير الدراسة إلى أنه يتعين على الحكومات والمجتمعات المحلية أن يأخذوا في الاعتبار العوامل البيئية والثقافية عند وضع السياسات والخطط المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة، وتعزيز الاستدامة البيئية والتعايش السلمي بين الثقافات المختلفة.

 

بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذه الدراسة أن تساعد في توضيح العلاقة بين البيئة والثقافة وكيفية تأثيرهما على بعضهما البعض. فعلى سبيل المثال، يمكن لتغيرات المناخ أن تؤثر على الزراعة والغذاء والتراث الثقافي للمنطقة، وبالتالي يمكن أن تؤثر على اختيار الأسماء التي يعطيها الآباء والأمهات لأطفالهم. ويمكن لهذه الدراسة أيضًا أن تساعد في فهم العلاقة بين الثقافة واللغة والعوامل البيئية، حيث يمكن للبيئة والمناخ أن يؤثرا على اللغة والثقافة المنطقة، وبالتالي على الأسماء التي يختارها الآباء والأمهات لأطفالهم.

 

وتعد هذه الدراسة إضافة قيمة للأبحاث السابقة في مجال الاجتماع والثقافة والبيئة، وتشير إلى أهمية مواصلة البحث في هذا المجال المتعدد التخصصات، وتطوير السياسات والبرامج التي تعزز التعايش السلمي والاستدامة البيئية في المجتمعات المختلفة حول العالم.

 

ويمكن أن تساعد هذه الدراسة أيضًا على فهم العوامل التي تؤثر على اختيار الأسماء في مجتمعات مختلفة، وكيفية تأثير هذه العوامل على الهوية والانتماء الثقافي. وقد تكون هذه المعرفة مفيدة للأشخاص الذين يعملون في المجالات الاجتماعية والثقافية والتربوية، والذين يسعون لتعزيز التفاهم والتعايش السلمي بين ثقافات مختلفة.

 

ويمكن أن تكون هذه الدراسة مفيدة أيضًا للآباء والأمهات الذين يبحثون عن أسماء لأطفالهم، حيث يمكن لهم أن يتأملوا في العوامل البيئية والثقافية التي قد تؤثر على اختيارهم للأسماء. ويمكن لهذه الدراسة أن توفر بعض الإلهام للآباء والأمهات الذين يبحثون عن أسماء جديدة ومميزة لأطفالهم، وقد تكون هذه الأسماء تعكس التأثيرات الثقافية والبيئية في منطقة معينة.

 

اقرأ أيضًا.. الاقتصاد الدائري في مصر: الحل الأمثل للتحديات البيئية والاقتصادية

 

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.