منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

لماذا يجب على الحكومات الاستماع إلى العلماء؟

العلم ضروري عندما نتحدث عن الحكومات الحديثة، ويمكن أن يساعد صانعي السياسات في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن مجموعة واسعة من القضايا، من الدفاع والأمن إلى الصحة وتغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي. ومع ذلك، يمكن أن يكون دور المستشار العلمي صعباً، خاصة في ظل تنامي المشاعر العامة المناهضة للعلم.

في مقال له منشور في مجلة ساينس تحت عنوان: “الحاجة إلى تعزيز دور العلم في صناعة القرارات الحكومية”، يجادل باتريك فالانس، كبير المستشارين العلميين للحكومة البريطانية، بأن النصح العلمي الفعال ضروري للحكومات لمعالجة التحديات المعقدة التي تواجه العالم اليوم. ويشير إلى أهمية فهم العلم واستشارته في صناعة القرارات الحكومية في الوقت الحاضر. إذ أصبحت مجالات مثل الدفاع والصحة والتغير المناخي تتطلب فهمًا علميًا دقيقًا، ويحدد أربع قضايا رئيسية يجب على المستشارين العلميين مراعاتها عند التعامل مع الحكومات:

كفاية قاعدة الأدلة:

يجب على المستشارين العلميين ضمان أن توصياتهم تستند إلى أدلة قوية. إذا كانت قاعدة الأدلة غير كافية، فعليهم معرفة ما يمكن فعله لتكميلها في الوقت المناسب.

توصيل عدم اليقين العلمي:

من الضروري أن يقوم المستشارون العلميون بتوصيل نصائحهم بطريقة واضحة ومفهومة لغير العلماء، بما في ذلك عدم اليقين المرتبط بنتائجهم. هذا مهم لبناء الثقة والتفاهم بين العلماء وصانعي السياسات.

صلة النصيحة:

يجب على المستشارين العلميين التأكد من أن نصائحهم ذات صلة باحتياجات صانعي السياسات. وهذا يعني فهم المشهد السياسي والقيود التي يواجهها صانعو السياسات.

مراقبة آثار الخيارات السياسية:

يجب على المستشارين العلميين شرح كيف يمكن استخدام العلم لمراقبة آثار الخيارات السياسية. هذا مهم لضمان فعالية السياسات والتعلم من الخبرة.

ويشير المقال إلى أهمية استشارة العلماء في صناعة القرارات الحكومية المعاصرة، لكنه يوضح أن ذلك يتطلب تأكيد كفاية الأدلة العلمية وفهم طبيعة العلم وترجمة المشورة إلى سياسات ميدانية قابلة للتقييم.

ويشير المؤلف إلى أنه رغم أن اتخاذ القرارات هو بيد الحكومات، إلا أن ذلك لا يعني تجاهل العلم أو استخدامه بشكل خاطئ. كما أنه لا يضمن فهم السياسيين لما يقوله العلماء.

 

تغير المناخ أبرز مثال

يؤكد فالانس على أهمية وجود قاعدة علمية مستقلة قوية يمكن للمستشارين الحكوميين الاستعانة بها. ويجادل بأن الحكومات يجب أن تجذب المزيد من العلماء إلى الحكومة أيضًا لضمان امتلاكها للخبرة اللازمة لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن القضايا العلمية المعقدة.

يجب أن توازن السياسات بين المصالح المتضاربة مع معالجة مشاكل محددة. وبالطبع لا يمكن اتباع النصيحة العلمية بشكل أعمى، ولكن من الضروري أن يأخذها صانعو القرار على محمل الجد. إن أبرز مثال على ذلك هو تغير المناخ، حيث أصبحت عواقب تجاهل النصيحة العلمية واضحة بالفعل.

وتغير المناخ هو مثال رئيسي على أهمية النصح العلمي للحكومات. لقد حذرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أن تغير المناخ يشكل تهديدًا وجوديًا للبشرية، وقد تجاهلت الحكومات هذه التحذيرات في كثير من الأحيان. وإذا كانت الحكومات قد استمعت إلى نصيحة العلماء مبكرا، لكانت قد تمكنت اليوم من اتخاذ خطوات لمعالجة تغير المناخ وحماية البشرية.

 

ما هو إذن دور مستشار العلوم للحكومة الحديثة؟

يوضح المقال أن المشورة العلمية الناجحة تتطلب التأكد من كفاية الأدلة العلمية المستخدمة، وشرح طبيعة العلم وعدم اعتباره حقيقة مطلقة. كما يجب أن تكون المشورة ذات صلة بصناع القرار وأن تشرح كيفية استخدام العلم لتقييم السياسات.

العلم ضروري للحكومات الحديثة لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن مجموعة واسعة من القضايا، من الدفاع والأمن إلى الصحة وتغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي. ويمكن للعلم أن يساعد الحكومات في فهم العواقب المحتملة لقراراتها، وتحديد الخيارات الأكثر فعالية، وتقييم التأثيرات. ومع ذلك، يمكن أن يكون دور المستشار العلمي صعباً، خاصة في ظل تنامي المشاعر العامة المناهضة للعلم.

فالنصح العلمي أداة حيوية للحكومة الحديثة. وباتباع المبادئ التي حددها فالانس، يمكن للمستشارين العلميين مساعدة الحكومات على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن التحديات المعقدة التي تواجه العالم اليوم.

فالحكومات بحاجة إلى فهم العلم. هذا أمر واضح عند التفكير في الدفاع والأمن والصحة، أو تحديات التغير المناخي وفقدان التنوع البيولوجي، ولكن هذا صحيح لجميع مجالات نشاط الحكومة.

العلم لديه شيء يقدمه في وضع السياسات للتخطيط الحضري والتعليم والنقل والغذاء وإدارة البيئة وإدارة العدالة وأنظمة الاتصالات واستخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الخدمات العامة وغير ذلك الكثير.

سبعة من أكبر 10 شركات في العالم مبنية على العلم والتكنولوجيا، وهناك ترابط بين الإنفاق على البحث والتطوير والإنتاجية على المستوى الوطني. ومع ذلك، في معظم الديمقراطيات، يشكل العلماء جزءًا ضئيلًا من السياسيين، وفي الآونة الأخيرة كانت هناك أسئلة حول التوسع الزائد للسلطة العلمية (المعروفة أيضًا بـ “علمية الدكتوراه”) أو تمكين العلماء بشكل غير لائق.

في عام 1974، قال سولي زوكرمان، أول مستشار علمي رسمي للمملكة المتحدة، إن اتخاذ القرار يقع على عاتق الوزراء الحكوميين، وأن “إذا كان العلماء يرغبون في المزيد من ذلك، فيجب عليهم أن يصبحوا سياسيين”. هذا الفكرة كما صاغها وينستون تشرشل أيضا، حيث قال “يجب أن يكون العلماء متاحين للحكومة وليسوا فوقها”. قد تكون هذه الأفكار صحيحة في نظام ديمقراطي، ولكنها لا تعني أن العلم لن يتم تجاهله أو إساءة استخدامه من قبل السياسيين، ولا تعني أن ما يقوله العلماء سيكون مفهومًا.

ويخلص المؤلف إلى أن استشارة العلم لا تكون ناجحة إلا إذا احتوت الحكومات على علماء، وكانت هناك آليات لامتصاص المشورة وتقييم السياسات. كما يجب نشر المشورة لتلقي المزيد من التعليقات البناءة.

من الصعب على المستشارين العلميين التفاعل بفعالية مع الحكومة في ظل الموجة المتصاعدة من الشعور العام المعادي للعلم. للتغلب على عدم الثقة في العلم، يجب على المستشارين العلميين أن ينظروا إلى أربعة قضايا رئيسية عند التفاعل مع الحكومات.

ومن الضروري التأكد من أنه عندما يتعلق الأمر بالحكومة الحديثة والمشورة العلمية، فإن الحكومات بحاجة إلى فهم العلم والاستفادة منه في جميع مجالات نشاطها، لأن العلم يساهم في وضع السياسات في العديد من المجالات، بدءًا من التخطيط الحضري والتعليم والنقل والغذاء وإدارة البيئة وحتى استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الخدمات العامة. ومع ذلك، في معظم الديمقراطيات، يشكل العلماء نسبة صغيرة من السياسيين، مما يثير تساؤلات حول دور مستشار العلوم للحكومة الحديثة.

ولكي يكونوا فعالين، يجب على المستشارين العلميين:

  1. ضمان أن توصياتهم تستند إلى أدلة قوية.
  2. توصيل نصائحهم بطريقة واضحة ومفهومة لغير العلماء، بما في ذلك عدم اليقين المرتبط بنتائجهم.
  3. التأكد من أن نصائحهم ذات صلة باحتياجات صانعي السياسات.
  4. شرح كيف يمكن استخدام العلم لمراقبة آثار الخيارات السياسية.
  5. دعم تطوير قاعدة علمية مستقلة قوية.
  6. العمل على جذب المزيد من العلماء إلى الحكومة.

ويجب أن توازن السياسات بين المصالح المتضاربة مع معالجة مشاكل محددة. كما  لا يمكن اتباع النصيحة العلمية بشكل أعمى، ولكن من الضروري أن يأخذها صانعو القرار على محمل الجد. إن أبرز مثال على ذلك هو تغير المناخ، حيث أصبحت عواقب تجاهل النصيحة العلمية واضحة بالفعل.

 

التفاعل مع الحكومات

يجب على مستشاري العلوم أن يتخذوا أربعة قضايا رئيسية في الاعتبار عند التفاعل مع الحكومات:

أولاً، يجب ضمان توفر الأدلة الكافية للتوصيات وإذا لم يكن الأمر كذلك، فعليهم أن يبحثوا عن وسائل لتكملة الأدلة بشكل مناسب.

ثانيًا، يجب أن يتم فهم النصائح التي يتم تقديمها للحكومة، بما في ذلك حجم عدم اليقين.

ثالثًا، يجب على العلماء أن يصفوا العملية العلمية وكيف يمكن أن يتغير الاجماع مع مرور الوقت، حتى لا يتلاعب البعض بالأدلة ويثيروا عدم الثقة في العلم.

وأخيرًا، يجب أن تكون المشورة العلمية في شكل يكون ذو صلة لصانعي السياسات وأن يشرح كيف يمكن استخدام العلم لرصد آثار أي خيار سياسي.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون هناك قاعدة علمية مستقلة قوية يمكن لمستشاري العلوم أن يستندوا إليها. وليس هناك حاجة فقط للأكاديميين، بل يمكن أن تكون الخبرة متواجدة في الصناعة أو في المختبرات الحكومية. ويجب أن تنشر المشورة العلمية ليتمكن الجمهور والمجتمع العلمي من تقديم نقد بناء. ويجب أن تظهر النشرات العلمية كيف وما إذا كان العلم قد أثر على الخيارات السياسية النهائية المتخذة. وفي النهاية، يجب أن تحقق المشورة العلمية من فعاليتها إذا كانت الحكومات تفتقر إلى العلماء.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.