البنية الأساسية والتحديات المائية في مصر
تعد حماية الأنهار ومصادر المياه العذبة (ومن بينها نهر النيل) أمراً حيوياً في ظل التحديات المائية التي تواجهها مصر وكثير من دول العالم في ظل تغير المناخ وإنتشار موجات الجفاف الناجمه عنه.
تتجلى هذه التحديات في مصر كمياً في إنخفاض نصيب الفرد من المياه مقارنة بحد الفقر المائي وهو ما يستلزم الحرص الشديد علي الإدارة الرشيدة للموارد المائية كما ونوعا، وترشيد الإستهلاك من خلال نظم ري حديثة بإعتبارالإستخدامات الزراعية هي النسبة الكبري بين القطاعات المختلفة.
تحدث حالات تلوث مياه نهر النيل من المنبع إلي المصب نتيجة أو حصيلة عدة عوامل ومصادر أولها الملوثات المتراكمة الواردة من مصادر التلوث الموجودة من المنابع وحتي ماقبل النقطة المعرضة (مثل المنطقة التي تحدث عنها طلب إحاطة في مجلس النواب بشأن منطقة منوف خلال يناير ٢٠٢٤ الجاري) مع الوضع في الإعتبار التغيرات التي تطرأ خلال مسار تدفق المياه حتي النقطة محل الرصد.
وهناك عامل ثاني وهو مصادر التلوث المحلية التي تقع في نطاق المنطقة التي تعرضت للتلوث.
وبعض حالات التلوث تنشأ نتيجة ضعف البنية الاساسية خاصة شبكة الصرف العمومية مما يؤدي الى إلقاء الكثير من المخلفات السائلة التي قد تتواجد في المنطقة المعرضة للتلوث والتي قد تلقي مخلفاتها السائلة مباشرة إلى النهر أو فروعه بدون معالجة او بعد معالجة غير مطابقة للمواصفات أو للإشتراطات.
ويتوقف تحديد الأسباب الفعلية لمثل تلك الوقائع على عملية المعاينة الميدانية من خلال الجهات المعنية لفحص الواقعة ومن ثم تحديد الأسباب الفعلية ومحاولة علاجها.
وتسمح التشريعات المصرية بالترخيص بإلقاء الصرف على نهر النيل والترع والمصارف بشرط أن تكون مؤشرات نوعية الصرف فى الحدود المقررة قانونًا. ولا يعد الصرف على المجارى المائية العذبة مباشرة الوضع الأمثل ولكنه بديل إضطرارى نتيجة عدم وجود بنية أساسية مكتملة، حيث أن الشبكة العمومية للصرف وبالأخص محطات معالجة الصرف لا تغطى كافة المجتمعات العمرانية فى مصر التى تتواجد بها تجمعات عمرانية أو منشآت يصدر عنها كميات كبيرة من الصرف السائل (سواء كان صرف صحى أو صناعى أو زراعي مختلط).
كما أن الوسيلة الوحيدة للتخلص من هذا الصرف الصحي أو الصناعي هى إلقاء هذه المخلفات بأحد المجارى المائية القريبة من المنشأة أو المجتمع العمرانى سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، أو تصريفه على البيئة الأرضية أو التربة بشكل مباشر أو غير مباشر مثلما يحدث فى الخزانات الأرضية (الترنشات) غير المعزولة والتى تلوث خزانات المياه الجوفية أو المجارى المائية بطريقة او بأخرى.
ويعد الحل الجذرى لهذه المشكلة هو أن يتم استكمال البنية الأساسية للصرف «محطات معالجة وشبكات الصرف» لكى تشمل كافة المناطق مع إعطاء أولوية للمناطق التى يصدر عنها كميات مؤثرة من المخلفات السائلة الصناعية، والمناطق التى تلقى المخلفات الصناعية على النيل وفروعه أو على المياه الجوفية أو أى مسطحات مائية عذبة.
وقد ساهم إنخفاض الإستثمارات العامة والخاصة في قطاعات البنية الأساسية منذ عقود إلي تراكم المشكلات الناجمة عن ضعف البنية الأساسية في مصر.
وتعد العقبة التي تحول دون تطبيق هذا الحل الجذرى هو الحاجة إلى إستثمارات ضخمة جدًا لا يمكن توفيرها إلا خلال فترة طويلة جدًا فى ضوء الوتيرة الحالية لمعدلات الإستثمارات العامة الحالية فى مجال البنية الأساسية.
إلا أن هذه العقبة التمويلية يمكن تجاوزها من خلال التوسع فى تمويل البنية الأساسية بنظام «BOT» مع توفير الضمانات لتقديم الخدمات بأسعار مدعومة تتناسب مع مستوى معيشة المواطن المصرى وفى حدود قدراته الشرائية، بالإضافة إلى آلية التمويل بنظام «PPP» وهو نظام المشاركة بين القطاع العام والقطاع الخاص فى تمويل وإدارة المرافق العامة بوجه عام بما فيها مرافق المياه والصرف.