وضع علماء الأمم المتحدة خطة شاملة لمواجهة أزمة تغير المناخ ومكافحة أسوأ آثارها في المستقبل، ورسموا خريطة حلول تتضمن كيف يمكن للعالم أن يعالج هذه المشكلة بشكل فعال.
يدعو التقرير، الذي أعدته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) التابعة للأمم المتحدة، بشكل أساسي إلى ثورة في كيفية إنتاجنا للطاقة وإمدادنا بها في عالمنا المهدد.
وفق التقرير، ستبلغ انبعاثات الكربون ذروتها في غضون ثلاث سنوات، ثم يجب أن تنخفض بسرعة بعد ذلك، لتجنب الاحترار الخطير للغاية، وحتى في حال حققنا ذلك، ستظل هناك حاجة إلى استخدام تقنية سحب ثاني أكسيد الكربون من الهواء للحفاظ على انخفاض درجات الحرارة.
فيما يلي خمس أفكار رئيسة يقول الباحثون إنها ضرورية للحفاظ على العالم آمنًا.
1 – الفحم
تشمل الرسالة الرئيسة للعلماء التخلص نهائيا من الفحم.
وإذا كان العالم يريد الابتعاد عن الاحترار الخطير، فإن الوقود الأحفوري يجب أن يختفي من عالمنا.
يقول الباحثون إن إبقاء درجة حرارة العالم تحت 1.5 درجة مئوية يتطلب أنه عندما تبلغ الانبعاثات ذروتها بحلول عام 2025، يجب أن تتقلص بنسبة 43٪ بحلول نهاية هذا العقد.
الطريقة الأكثر فعالية لإجراء هذا التقليص هي توليد الطاقة من مصادر مستدامة مثل الرياح والطاقة الشمسية.
يشير المؤلفون إلى أن تكاليف هذه التقنيات انخفضت بشكل كبير وبنسبة تصل إلى حوالي 85 ٪ عبر العقد الأخير من عام 2010، وحتى 2020.
ورغم أن الحرب في أوكرانيا تضغط على الحكومات في أوروبا للعودة إلى الفحم الغني بالكربون مرة أخرى، إلا أن هناك قبول سياسي واسع النطاق لاستخدام الطاقة الرخيصة والمستدامة باعتبارها الطريق الوحيد لاستغناء أوروبا عن النفط الروسي.
لذا، تعتقد الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أنه يجب التخلص من الفحم نهائيًا إلى الأبد، للحفاظ على درجة حرارة الكوكب من الارتفاع.
،قال البروفيسور جان كريستوف مينكس، من جامعة ليدز، والمؤلف الرئيس المنسق للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ: “أعتقد أن رسالة التقرير هذه المرة قوية للغاية، لا يجب أن نبني محطات جديدة لتوليد الطاقة بالفحم. وإلا فإننا نخاطر حقًا بهدف 1.5 درجة مئوية”.
وأضاف: “أعتقد أن الرسالة المهمة للتقرير هي أننا بحاجة إلى إنهاء عصر الوقود الأحفوري. ونحتاج إلى إنهائه بسرعة كبيرة.”.
اقرأ أيضًا.. أخطر تقرير في العالم.. الهيئة الحكومية المعنية بـ تغير المناخ تطلق الإنذار الأخير
2 – استخدم التكنولوجيا
قبل بضع سنوات قصيرة، كان يُنظر إلى فكرة الاستخدام التكنولوجي لمعالجة تغير المناخ على أنها فكرة مجنونة وغير قابلة للتنفيذ.
من رش الذرات في الغلاف الجوي من أجل تبريد الأرض إلى حجب الشمس بالدروع الفضائية، كلها أمور لاقت سخرية لاذعة وتجاهلًا سريعًا.
ولكن مع تصاعد أزمة المناخ وإثبات صعوبة خفض انبعاثات الكربون، اضطر الباحثون إلى النظر مرة أخرى في دور التكنولوجيا في الحد من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وخفضه.
أصبحت فكرة إزالة ثاني أكسيد الكربون (CDR) الآن منطقية ومطروحة وسائدة بالكامل بتأييد الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في تقريرها الأخير.
العلماء أكدوا أنه لن يمكن معالجة الأزمة بدون شكل من أشكال الإزالة، سواء كان ذلك عن طريق الأشجار أو آلات تنقية الهواء.
هناك الكثير من المعارضة لهذه التقنيات من دعاة حماية البيئة، بعضهم يتهم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بالاستسلام للدول المنتجة للوقود الأحفوري والتركيز كثيرًا على مسألة التقنيات التي لا تزال في جوهرها غير مثبتة علميا، لتبرير التقاعص عن خفض الانبعاثات.
قالت ليندا شنايدر من مؤسسة هاينريش بول في برلين: “العيب الرئيس الذي أراه هو أن توصيات التقرير فيما يتعلق بالتخلص التدريجي السريع من الوقود الأحفوري ضعيفة للغاية”.
وأضافت: “كنت أتمنى أن يقدم التقرير أكثر أنواع المسارات الآمنة موثوقية كي لا نتجاوز 1.5 درجة مئوية دون الاعتماد على التقنيات التي لا نعرف ما إذا كانت ستنجح أم لا.”.
3 – تقليل الطلب على الطاقة
يركز التقرير بشكل أساسي على أفكار تتعلق بتقليل طلب الناس على الطاقة في مجالات المأوى والتنقل والتغذية.
يغطي هذا التركيز العديد من المجالات، بما في ذلك الأنظمة الغذائية منخفضة الكربون، ونفايات الطعام، وكيف نبني مدننا، وكيف يتحول الناس إلى خيارات نقل أكثر صداقة للكربون.
يمكن للسيارات الكهربائية أن تحدث فرقًا كبيرًا في الانبعاثات من وسائل النقل العادية، ولكنها تحتاج إلى استثمار في تكنولوجيا الشحن لتسريع الامتصاص.
تعتقد الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن التغييرات في هذه المجالات يمكن أن تحد من الانبعاثات من قطاعات الاستخدام النهائي بنسبة 40-70 ٪ بحلول عام 2050، مع تحسين الرفاهية.
اقرأ أيضًا.. الأشجار الميكانيكية.. تقنية جديدة لامتصاص غازات الاحتباس الحراري من الهواء
4 – المال
غالبًا ما يتم التقاعص في معالجة تغير المناخ بسبب التكلفة المالية المتوقعة، لكن هذا المعنى قد تغير في السنوات الأخيرة حيث ارتفعت الخسائر المالية لكوارث المناخ بشكل مطرد.
تقوم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الآن بدراسة بعض التوجيهات الجديدة بشأن التكاليف، وتوصلت إلى نتائج مبدئية تؤكد أن التحول الأخضر العالمي لن يكلف العالم أكثر بكثير مما سيتكلفه لمعالجة الأضرار الناجمة عن تغير المناخ.
في الوقت الحالي، تقول الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إن هناك الكثير من الأموال التي لا تزال تتدفق نحو الوقود الأحفوري وليس حلول الطاقة النظيفة.
وفي حال ألغت الحكومات دعمها للوقود الأحفوري، سيؤدي ذلك إلى تقليل الانبعاثات بنسبة تصل إلى 10٪ بحلول عام 2030، وفقًا لمنظمة السلام الأخضر.
على المدى الطويل، تقول الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إن النماذج التي تتضمن الأضرار الاقتصادية الناجمة عن تغير المناخ تُظهر أن التكلفة العالمية للحد من الاحترار إلى درجتين مئويتين خلال هذا القرن أقل من من تكلفة الأضرار المتوقعة.
أما على المدى القصير، فالحفاظ على درجات حرارة أقل من 2 درجة مئوية حتى لو كلفنا الكثير من الأموال، لكن هذه التكلفة لا تقارن بتكلفة الأضرار التي يتم تجنبها جراء ذلك، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الفوائد الأخرى مثل الهواء النظيف والماء.
5 – الأغنياء ومواجهة أزمة تغير المناخ
هناك تركيز متجدد في هذا التقرير على التأثير الضخم الذي يحدثه الأشخاص الأكثر ثراءً على هذا الكوكب.
وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، فإن 10٪ من الأسر التي لديها أعلى نسبة انبعاثات للفرد الواحد تساهم بما يصل إلى 45٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المنزلية القائمة على الاستهلاك.
في جوهره، يقول التقرير إن أغنى أثرياء العالم ينفقون الكثير من أموالهم على التنقل، بما في ذلك على الطائرات الخاصة.
معالجة هذا الأمر تتمثل في فرض ضرائب أكبر على الأثرياء للحد من انبعاثاتهم، بجانب دفعهم بوسائل أخرى للعب أدوار مختلفة لمساعدة العالم على الوصول إلى صافي الصفر.
قال البروفيسور باتريك ديفين رايت، المؤلف الرئيس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من جامعة إكستر: “يساهم الأفراد الأثرياء بشكل غير متناسب في ارتفاع الانبعاثات، لكن لديهم إمكانات عالية لخفضها، مع الحفاظ على مستويات عالية من الرفاهية ومستوى معيشي لائق”.
وأضاف: “أعتقد أن هناك أفرادًا يتمتعون بوضع اجتماعي واقتصادي مرتفع قادرون على تقليل انبعاثاتهم من خلال أن يصبحوا قدوة لأنماط الحياة منخفضة الكربون، عن طريق اختيار الاستثمار في الأعمال والفرص منخفضة الكربون، والضغط من أجل سياسات مناخية صارمة.”