منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

قضية “الخسائر والأضرار” تهيمن على مفاوضات قمة المناخ COP27.. ما دور مصر؟

لا تزال قضية الخسائر والأضرار والتمويل المتعلق بها لب الخلاف في المفاوضات الأممية بين الدول الغنية من جانب والدول النامية المتضررة من آثار تغير المناخ من جانب أخر.

وصل الخلاف ذروته خلال فعاليات مؤتمر بون التحضيري لقمة الأمم المتحدة للمناخ، يونيو الماضي، حيث واجهت الدول الغنية اتهامات بالخيانة بسبب رفضها تقديم تمويلات للدول الفقيرة التي تقول إنها في حاجة إليها لتخفيف الضرر الناجم عن تغير المناخ.

من المتوقع أن تشهد قمة المناخ المقبلة CO27 بشرم الشيخ فصلًا جديدًا من فصول الخلاف القائم منذ فترة، ما قد يزيد الضغط على مصر، التي تترأس مفاوضات المناخ  هذا العام، لتضمن في النهاية معالجة مسألة تعويض الخسائر والأضرار.

في هذا الصدد، قالت وكالة رويترز، في أحدث تقرير لها عن قمة المناخ المقبلة CO27 بشرم الشيخ، إن التوترات تتصاعد بشكل واضح قبل القمة التي تعقدها الأمم المتحدة هذا العام، حيث كثفت الدول الضعيفة مطالبها من الدول الغنية بدفع تعويضات عن الخسائر التي لحقت بأفقر شعوب العالم بسبب تغير المناخ.

وذكرت رويترز أن المفاوضات بين الدبلوماسيين من حوالي 200 دولة خلال القمة التي تبدأ في 7 نوفمبر بشرم الشيخ، ستتناول كيفية خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المسببة لتغير المناخ والتعامل مع التأثيرات المناخية الحالية، بما في ذلك موجات الحر المميتة وحرائق الغابات وارتفاع منسوب البحار، والجفاف.

لكن هناك قضية أخرى من المرجح أن تهيمن على المحادثات، تتمثل في التدمير المرتبط بالمناخ للمنازل والبنية التحتية وسبل العيش في أفقر البلدان التي ساهمت بأقل قدر في الاحتباس الحراري، وفي الغالب يطلق عليها اختصارًا “الخسائر والأضرار”.

 

اقرأ أيضًا.. سامح شكري: قمة المناخ COP 27 تعقد في وضع جيوسياسي صعب ومهمتنا تقريب وجهات النظر

الخسائر والأضرار

تقول الدول النامية إنها بحاجة إلى المال للتعامل مع آثار تغير المناخ، لأنها تعاني من الآثار أكثر من الدول الغنية ولديها قدرة مالية أقل للتعامل معها.

وتؤكد الدول النامية أن تغير المناخ الذي يعانون منه نتج عن الكربون المنبعث من الدول الغنية أثناء تطوير اقتصاداتها. لذا على أوروبا والولايات المتحدة مسؤولية تعويضهم عن ذلك الآن.

على الجانب الأخر، لا تتفق الولايات المتحدة وأوروبا مع هذا الأمر، ويخشون من أنهم إذا دفعوا مقابل الانبعاثات التاريخية، فقد يتسبب ذلك في وضع بلدانهم في مأزق لعقود أو حتى لقرون قادمة.

يُطلق على هذه القضية اسم ” الخسائر والأضرار ” وأصبحت مشكلة مستمرة في جميع المفاوضات العالمية حول تغير المناخ.

ووفقًا للأمم المتحدة، فإن الدول الـ 46 الأقل نموًا في العالم، والتي تضم 14٪ من سكان العالم، تنتج سنويًا 1٪ فقط من الانبعاثات العالمية من ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري.

مع اقتراب مؤتمر الأطراف السابع والعشرين، تتزايد الخسائر المناخية، في البلدان الغنية والفقيرة على حد سواء.

في الأسابيع الأخيرة، التهمت حرائق الغابات مساحات شاسعة من الأراضي في المغرب واليونان وكندا، ودمر الجفاف كروم العنب في إيطاليا، وضربت فيضانات قاتلة غامبيا والصين.

وقال ساليمول هوك، أحد مستشاري منتدى البلدان المعرضة للخطر الذي يضم 55 دولة: “كان هذا هو المنعطف الحرج. لقد تأثرنا به وتحدثنا عنه لفترة طويلة. ولكن الآن تتأثر الدول الغنية أيضًا”.

كما أخفقت الدول الغنية في الوفاء بوعدها بمبلغ 100 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2020 لمساعدة البلدان الفقيرة على خفض الانبعاثات والاستعداد لتغير المناخ.

وقال هوك: “هذا أمر واضح، التمويل يعني المال، يعني أن تضع يدك في جيبك وتخرج الدولار واليورو والين وتضعه على الطاولة لضحايا تغير المناخ”.

إن مجرد الحصول على تمويل الخسائر والأضرار في مناقشة COP27 هو أمر مثير للجدل، حيث لم يحظ اقتراح إضافته إلى جدول الأعمال بدعم واسع بعد.

ولم تتم إضافة القضية أيضًا إلى محادثات ما قبل COP27 في يونيو في بون بألمانيا.

كما انتهت المحادثات هناك حول المساعدة الفنية للأمم المتحدة بشأن حساب الخسائر والأضرار دون اتفاق، بسبب الخلافات حول كيفية إدارة هذا المخطط.

 

اقرأ أيضًا.. التمويل والتكيف وخفض الانبعاثات.. 3 أسباب أفشلت محادثات المناخ في بون والأمل في قمة المناخ COP 27

المفاوضات في COP27

لن تكون المفاوضات في COP27 أسهل، وسوف تتشدد الدول الغنية في مسألة التمويل بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة، والتداعيات الاقتصادية لحرب أوكرانيا ووباء COVID-19، الذي دفع البلدان الغنية إلى إنفاق تريليونات الدولارات لدعم اقتصاداتها.

قال ماثيو سامودا، الوزير في وزارة النمو الاقتصادي في جامايكا الذي يعمل في مجال تغير المناخ: “آمل أن تحشد الدول النامية أصواتها الجماعية للضغط على الدول الغنية من أجل العلاج المناسب للخسائر والأضرار”.

تاريخيًا، قاومت الاقتصادات الغنية، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة، الخطوات التي يمكن أن تحدد المسؤولية القانونية عن ممارساتهم التي تسببت في الخسائر والأضرار أو تؤدي إلى تعويض عنها.

وافق المفاوضون في قمة الأمم المتحدة COP26 العام الماضي على إطلاق حوار لمدة عامين حول الخسائر والأضرار، لكنهم لم يصلوا إلى اتفاق حول إنشاء صندوق فعلي لجمع التمويل.

يمكن أن يؤدي وضع الموضوع على جدول أعمال COP27 إلى فتح مناقشات حول مصدر الأموال وكيفية توزيعها أو حتى كيفية تحديد الخسائر الناجمة عن المناخ.

تشير بعض الأبحاث إلى أن مثل هذه الخسائر قد تصل إلى 580 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030.

قال أليكس سكوت، خبير دبلوماسية المناخ في مركز أبحاث E3G: “كل الأمور المتعلقة بكيفية إعادة بناء الثقة بين البلدان المتقدمة والنامية تركت معلقة وغير مؤكدة تمامًا حتى الأن”.

ومع ذلك، تأمل بعض البلدان التي تعاني من تحديات في مواردها في تحقيق جديد في هذا الصدد.

وقالت مادلين ضيوف سار، رئيسة تكتل الدول الأقل نموا في مفاوضات الأمم المتحدة بشأن المناخ، “نأمل أن يتقدم المجتمع الدولي قريبًا في هذه القضية”، مشيرة إلى الاعتراف المتزايد بين الدول الغنية بالحاجة إلى التزامات تمويلية تخص هذه القضية.

على سبيل المثال، خلال زيارة إلى جزر بالاو في المحيط الهادئ الشهر الماضي، قالت وزيرة الخارجية الألمانية إن بلادها ستعطي الأولوية لهذه القضية في سياستها المناخية الدولية.

قالت أنالينا بربوك: “هذه قضية لم نتحدث عنها بما فيه الكفاية لفترة طويلة جدًا، وهي في الحقيقة تتعلق بالتمويل”.

 

اقرأ أيضًا.. في قمة المناخ COP 27.. الدول النامية تستعد لمعركة الخسائر والأضرار وهذه تفاصيلها

ماذا تفعل مصر؟

وفق اتفاق باريس، وافقت الدول الغنية والمتقدمة على تقديم حوالي 100 مليار دولار سنوياً بحلول العام 2020، لكنهم كانوا بعيدين عن الهدف بمليارات الدولارات طوال السنوات السابقة، كما ازدادت الفجوة مع الهدف الجديد للوصول إلى المبلغ بحلول 2023.

وحول هذا الأمر قال وزير الخارجية المصري والرئيس المعين لقمة المناخ المقبلة سامح شكري إن مصر ستسعى خلال قمة المناخ COP 27 في الوصول إلى توافق على مزيد من المبالغ المحولة بعد 2025، حيث تصل أحدث التقديرات لتمويل أهداف المناخ للدول النامية إلى 6 تريليونات دولار في المجموع حتى 2030.

وأكد شكري أن الوصول إلى هناك لن يكون سهلاً، إذ تريد البلدان النامية ألا تستمر مسألة التمويل في التخفيف  والتكيف قيد التفاوض بينما درجة حرارة كوكب الأرض ترتفع.

وأضاف شكري: “يريدون أيضاً إجراء مناقشات حول ما يُعرف في مصطلحات دبلوماسية المناخ باسم “الخسائر والأضرار”، وهذا يعني أن البلدان المتقدمة، المسؤولة إلى حد كبير عن التسبب في تغير المناخ، ستحتاج إلى تعويض بعض الأضرار التي عانت منها البلدان الفقيرة والضعيفة”.

وتابع: “لقد أصبحت قضية خلافية خاصة في إفريقيا، التي تعاني من آثار تغير المناخ أكثر من أي قارة أخرى”.

وأشار شكري إلى الاجتماعات التي عقدت في وقت سابق من هذا العام في بون لمناقشة القضايا التقنية، والتي تمهد لقمة المناخ COP 27، حيث تسببت في اندلاع خلافات بين المعسكرين حول الخسائر والأضرار.

وقال شكري: “وفرت الحالة المزاجية السائدة في اجتماع عقد مؤخراً في برلين أرضية مشتركة أكثر”. يقصد حوار بترسبرج للمناخ.

وقال شكري إن مهمة رئاسة قمة المناخ COP 27 هي مواءمة وتقريب وجهات النظر والتغلب على هذا الانقسام.

وأضاف: “لا يزال تحقيق اختراق في مجال التمويل ذا أهمية كبيرة للعديد من البلدان النامية والإفريقية”.

اقرأ أيضًا: مصر تختار سامح شكري رئيسًا لقمة المناخ COP27 وياسمين فؤاد منسقة ومبعوثة وزارية

صندوق الخسائر والأضرار

شهدت محادثات المناخ في بون، يونيو الماضي، اندلاع توترات طويلة الأمد بين البلدان النامية والمتقدمة بشأن قضية التمويل، ومن يجب أن يتحمل المزيد من المسؤولية لتقليل انبعاثات تغير المناخ، بجانب كيفية الدفع لإصلاح وتجنب “الخسائر والأضرار”.

منذ بداية المحادثات في بون، تنازع البلدان حول مسألة إنشاء صندوق مخصص للخسائر والأضرار، ومسألة الحوار حول هذا الصندوق ووضعه على جدول أعمال الأمم المتحدة الرسمي، بالإضافة إلى كيفية هذا الحوار.

تُركت القضية دون حسم في بون، مما دفع منسقة المناخ في الأمم المتحدة المنتهية ولايتها باتريشيا إسبينوزا للدعوة إلى “قرارات سياسية كبرى” في قمة المناخ COP27 بشأن التمويل من أجل الخسائر والأضرار.

وأشارت في بيان إلى أن هذا الأمر- جنبًا إلى جنب مع زيادة التمويل للتكيف والطاقة النظيفة – “هو أمر حاسم لبناء مستقبل أكثر استدامة ومرونة”.

قال هارجيت سينغ، كبير مستشاري شبكة العمل المناخي الدولية، إنه لأول مرة أقرت العديد من البلدان المتقدمة خلال محادثات المناخ في بون بوجود فجوة في توفير التمويل للبلدان الضعيفة لمساعدتها على التعافي من آثار تغير المناخ التي لم يكن لها دور كبير في إحداثها.

وأشار إلى أن الدول الغنية- بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وسويسرا والولايات المتحدة- واصلت تعنتها ومنعت النقاش حول مرفق تمويل جديد ولم تسمح حتى للدول النامية بإضافته إلى جدول أعمال قمة المناخ COP27.

قال سينغ على هامش محادثات المناخ: “بدلاً من استخدام كلمات جوفاء، يجب على الدول الغنية أن تظهر أولا روح التعاون والتضامن الدوليين”.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.