منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

حصاد مفاوضات بون للمناخ.. “جدول الأعمال” يشعل المعركة بين الدول الغنية والنامية

اختتم مؤتمر تغير المناخ في بون بعد 10 أيام من المفاوضات لإرساء الأساس للقرارات المطلوبة في COP28، الذي تستضيفه دولة الإمارات.

 

وقد حققت الأطراف خلال مفاوضات بون تقدماً بطيئاً في عدد من الملفات، أبرزها التوصل لمسودة قرار بشأن التقييم العالمي الأول، من أجل اعتمادها في وقت لاحق من هذا العام في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ COP28.

 

وشهدت المداولات ما أسماه البعض “معركة جدول الأعمال”، والتي اشتعلت بين الدول الغنية والنامية من جانب آخر، بسبب بنود تتعلق بالتمويل وبرنامج عمل التخفيف.

 

وفي هذا الصدد عارضت مجموعة من البلدان النامية وضع برنامج عمل التخفيف على جدول الأعمال الرسمي، ما لم يتم أيضاً إدراج بند يلزم الدول المتقدمة بدفع المزيد من التمويل المناخي.

 

وتجري محادثات بون في شهر يونيو/حزيران من كل عام، وتسمح للمفاوضين بإحراز تقدم في المحادثات الفنية وتمهيد الطريق للقمة الموالية لمؤتمر الأطراف.

 

وجمع مؤتمر بون هذا العام أكثر من 4800 مشارك من جميع أنحاء العالم، أي ما يقرب من ضعف عدد المشاركين الذين حضروا مؤتمر العام الماضي.

 

معركة جدول الأعمال

خلال أسبوعين من المفاوضات، انقسمت الأطراف إلى فريقين بسبب قضية التمويل ومدى أهمية وضعها على جدول الأعمال.

 

أرادت المجموعة الأولى، التي ضمت البلدان النامية، بقيادة التحالف G77+الصين، إضافة بند على جدول الأعمال بشأن “زيادة الدعم المالي المقدم من الأطراف من البلدان المتقدمة على وجه السرعة”.

 

لكن المجموعة الثانية، التي ضمت الدول المتقدمة وعددا قليلا من البلدان النامية الأكثر عرضة لتغير المناخ عارضت ذلك، بحجة أن هذا البند تم اقتراحه بعد فوات الأوان، وأن التمويل سيناقش في محادثات المناخ المقرر عقدها في باريس الأسبوع المقبل، وفي محافل أخرى.

 

كما أرادت المجموعة الثانية وضع بند على جدول أعمال بون، يعرف باسم برنامج عمل التخفيف، وافقت عليه الأطراف في مؤتمر COP26، ويهدف للحد من الانبعاثات بنسبة 45٪ بحلول 2030، وإعطاء العالم فرصة أفضل للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية.

 

لكن المجموعة الأولى عارضت وضع البند الخاص ببرنامج عمل التخفيف، دون إدراج بندها المقترح بزيادة التمويل على جدول الأعمال.

 

قال المفاوضون من البلدان المتقدمة، مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، إنهم يعترفون بأهمية التمويل لكنهم عارضوا وضع البند الخاص به على جدول الأعمال لأن المجموعة الأخرى اقترحته بعد فوات الأوان، كما أن التمويل سيناقش في أجزاء أخرى من محادثات المناخ.

 

قالت مفاوضة الاتحاد الأوروبي إنها تشعر بالارتباك بشأن الأسباب الفعلية وراء ظهور مقترحات جديدة على الطاولة بعد بداية العمل على جدول الأعمال مع انطلاق المفاوضات في بون، مضيفة “لدينا بالفعل أماكن كثيرة نتفاوض عليها بشأن التمويل”.

 

وردت الصين عبر مفاوضها على مزاعم الدول الغنية قائلة إن الاقتراح الجديد بشأن بند التمويل تم طرحه لأن دولا أخرى أضافت بنودا أيضا.

 

وأضاف أنه عند الوصول إلى بون أضافت الدول الغنية إشارة إلى برنامج عمل التخفيف، مما “حفزها” على إضافة بنود أخرى بالمثل.

 

وقال مندوب الصين إن الأماكن الأخرى التي يناقش فيها التمويل، والتي ذكرها الاتحاد الأوروبي، هي مجرد “حوارات” وليست “مفاوضات”، حيث تنطوي المفاوضات على صنع القرار، بينما الحوارات مجرد تبادل للآراء.

 

رداً على عرقلة الدول الغنية بند التمويل، تحركت بوليفيا بدعم من البلدان النامية الأخرى لعرقلة وضع البند الخاص ببرنامج عمل التخفيف، الذي اقترحه الاتحاد الأوروبي.

 

حظي اقتراح بوليفيا بتأييد فنزويلا والمملكة العربية السعودية باسم المجموعة العربية، والسنغال باسم أفقر بلدان العالم.

 

بينما دعمت الدول المتقدمة مثل النرويج ونيوزيلندا وأستراليا وكندا وسويسرا ومجموعة الدول الجزرية الصغيرة وكوستاريكا، نيابة عن مجموعة دول أمريكا اللاتينية، موقف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

 

اقرأ أيضًا.. حصاد مفاوضات بون للمناخ.. التوصل لمسودة قرار بشأن التقييم العالمي الأول لاعتمادها في COP28

معركة الدول الغنية والنامية

في اللحظات الأخيرة، تبنت الأطراف جدول أعمال رسميا لمحادثات بون بشأن المناخ، لكنه استبعد البند الخاص بالتخفيف وتوسيع نطاق التمويل، المتنازع عليهما.

 

وهنا قال المفاوض الكوبي بيدرو لويس بيدروسو كويستا المتحدث باسم مجموعة الـ G77+الصين التي تضم جميع الدول النامية إنه يشعر بالأسف لهذه النتيجة، لأن إدراج بند في جدول الأعمال بشأن التمويل هو أمر “طال انتظاره” بعد تعهدات لم يتم الوفاء بها منذ عام 2009.

 

وفي ذلك العام وعدت الدول المتقدمة بشكل جماعي بتقديم 100 مليار دولار سنويا بحلول عام 2020 إلى البلدان النامية لمساعدتها على خفض الانبعاثات والتكيف مع تغير المناخ.

 

بيد أن الدول المتقدمة فشلت في الوفاء بوعودها ولم تحقق هذا الهدف بعد، على الرغم من أنهم وعدوا بتقديم الأموال المطلوبة هذا العام.

 

أضاف كويستا: “الوعد بتقديم 100 مليار دولار كان “احتيالا” والدول النامية تحتاج إلى ما بين 6000 مليار دولار و100000 مليار دولار”.

 

انحاز المراقبون والمنظمات البيئية لموقف الدول النامية، على اعتبار أن التمويل له أهمية قصوى في تحقيق الأهداف المناخية، من ضمنها التخفيف، وأن حالة انعدام الثقة لدى البلدان النامية أمر طبيعي في ظل عدم وفاء البلدان المتقدمة بتعهداتها السابقة.

 

قال نيثي نيسادوراي، المدير والمنسق الإقليمي لشبكة العمل المناخي بجنوب شرق آسيا: “كان السبب الرئيسي للانقسام وفقدان الثقة هو تعنت البلدان المتقدمة على الوفاء بالتزاماتها بتوفير التمويل”.

 

وتابع: “يجب على الدول المتقدمة الوفاء بالتزاماتها المالية وحل المشكلات المستعصية على أساس الأسهم والحصص العادلة في الفترة التي تسبق COP28، حيث يمكن اتخاذ القرارات للتعامل بجدية مع حالة الطوارئ المناخية الحالية”.

 

وقال هارجيت سينغ، الناشط في منظمة “كان إنترناشيونال”، إن الدول المتقدمة “تتجنب المناقشات المالية الحرجة، وبالتالي تتهرب من التزاماتها ومساءلتها التاريخية عن أزمة المناخ”.

 

دلل المراقبون والنشطاء على ذلك بأنه في حين أن البلدان المتقدمة تقاوم إدراج بند في جدول الأعمال بشأن التمويل بحجة فوات الأوان، فإنها وافقت بالفعل على اقتراح الدول النامية بإدراج بند في جدول الأعمال بشأن خطط الحكومات للتكيف مع تغير المناخ.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.