منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

معارك الصندوق الجديد لـ “الخسائر والأضرار” المناخية تحتد قبل انعقاد COP28

تتزايد المخاوف من أن الخلافات بين الدول الغنية والفقيرة حول كيفية إدارة صندوق جديد لمعالجة “الخسائر والأضرار” الناجمة عن الطقس المتطرف وارتفاع منسوب مياه البحار يمكن أن تؤدي إلى حالة من الفوضى في قمة المناخ للأمم المتحدة COP28 في دبي.

فشلت “اللجنة الانتقالية” التي تعمل على وضع تفاصيل الصندوق، الذي وافقت الدول على إنشائه في مؤتمر المناخ COP27 العام الماضي، في إصدار مجموعة من التوصيات حول كيفية تشغيله، بعد خلاف حول ذلك، وما إذا كان ينبغي أن يستضيفه البنك الدولي أم لا.

ختمت اللجنة اجتماعها الرابع، في أسوان بمصر أواخر الأسبوع الماضي، بعد مفاوضات استمرت 4 أيام من 17 إلى 20 أكتوبر/تشرين الأول، دون حسم للقضايا الرئيسة، التي تشمل المقر الدائم لصندوق الخسائر والأضرار، وترتيبات إدارة الصندوق ومصادر التمويل وقضايا الأهلية، من بين أمور أخرى.

تضغط الدول المتقدمة، بقيادة الولايات المتحدة، من أجل أن يكون مقر الصندوق في البنك، بينما تقول الدول النامية إن هذا من شأنه أن يقلب ميزان القوى لصالح الحكومات الغنية ويجعل من الصعب عليها الاستفادة من التمويل.

تفضل مجموعة الدول النامية الـ77 والصين إنشاء صندوق مستقل للخسائر والأضرار يمكنه وضع قواعده الخاصة، أو صندوق يكون مقره في إحدى وكالات الأمم المتحدة.

قال رئيس مجموعة الـ77 والصين، بيدرو لويس بيدروسو كويستا، من كوبا، للصحفيين الأسبوع الماضي إن الترتيبات الإدارية للصندوق لا ينبغي أن تمنع جميع الدول النامية المعرضة للمخاطر المناخية من الوصول إليه مباشرة أو تمنعه من قبول مصادر تمويل واسعة النطاق.

قال “لقد ثبت أن البنك الدولي ليس المؤسسة التي يمكنها أن تلتزم على أفضل وجه بما نبحث عنه في هذا الصندوق”، مضيفا أنه حتى وقت قريب كان البنك يفتقر إلى “الثقافة المناخية”.

من المقرر الآن أن تجتمع اللجنة الانتقالية المكونة من 24 عضوًا مرة أخرى في أبو ظبي في أوائل نوفمبر، في محاولة أخيرة للتوصل إلى حل وسط، وصياغة اقتراح مشترك للدول لوضع اللمسات النهائية عليه واعتماده في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، بدءًا من 30 نوفمبر.

ستتضمن التوصيات أيضًا إرشادات حول الدول التي يمكنها الاستفادة من الصندوق وطرق الحصول على التمويل، بالإضافة إلى مصادر التمويل المختلفة التي يمكن الاستفادة منها.

قال سلطان الجابر، رئيس COP28 لدولة الإمارات العربية المتحدة، في بيان للجنة بعد الاجتماع الأخير: “أنظار العالم موجهة إليكم لتقديم توصيات واضحة ونظيفة وقوية قبل انعقاد مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين لتفعيل صندوق الخسائر والأضرار وترتيبات التمويل”.

أكد أن مليارات الأشخاص المعرضين لتأثيرات تغير المناخ يعتمدون على التنفيذ الناجح للتوصيات، داعيًا إلى تقديم تعهدات مبكرة للصندوق.

كانت الخسائر والأضرار منذ فترة طويلة قضية مثيرة للجدل في محادثات المناخ التي تجريها الأمم المتحدة، حيث رفضت الدول الغنية لسنوات مطالبات “بالتعويض” عن آثار حصتها الكبيرة من الانبعاثات المسببة لتسخين الكوكب والتي تؤدي إلى الفيضانات والجفاف والعواصف حول العالم.

لكن في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP27) في نوفمبر الماضي، فازت مجموعة مكونة من 134 دولة من أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والدول الجزرية الصغيرة أخيرًا باتفاق عالمي لإنشاء الصندوق الجديد الذي سيدفع تكاليف إصلاح الممتلكات المدمرة، أو نقل المجتمعات المهددة، أو الحفاظ على التراث الثقافي قبل أن يختفي.

من المفترض أن يوجه الصندوق الأموال إلى الأشخاص الذين عانوا من الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ، ما يعني أن تأخر التوصل إلى توافق في الآراء يهدد بتأخير الدعم للمحتاجين.

اقرأ أيضًا.. الولايات المتحدة تعرقل مفاوضات صندوق الخسائر والأضرار وتضغط لإلحاقه بالبنك الدولي

  دعوات للتضامن من أجل المناخ

دق نشطاء العدالة المناخية وخبراء السياسة ناقوس الخطر من أن المناقشات المتوترة يمكن أن تعرقل الجهود الأوسع في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين لتحقيق تقدم أسرع في خفض الانبعاثات والتعامل مع الآثار المتفاقمة للاحتباس الحراري.

حذرت بريتي بهانداري، كبير مستشاري برنامج المناخ العالمي، من أنه “مقدر لنا أن نخوض مفاوضات صعبة للغاية في دبي” إذا فشل الاجتماع النهائي للجنة في أبو ظبي.

أضافت: “يمكن أن تخرج مفاوضات COP28 بأكملها عن مسارها إذا لم تتم معالجة أولويات البلدان النامية بشأن تمويل الخسائر والأضرار بشكل مناسب”.

قال براندون وو، مدير السياسات والحملات في منظمة ActionAid USA، إن الولايات المتحدة جادلت في مصر بأنها لا تتحمل مسؤولية خاصة عن دفع تكاليف الخسائر والأضرار المناخية على الرغم من كونها أكبر مصدر تاريخي للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم.

أضاف أنها رفضت التراجع عن اقتراحها الخاص باستضافة البنك الدولي للصندوق.

تابع: “نحن بحاجة إلى روح التضامن والتعاون من جانب دول العالم الغنية التي كانت السبب الرئيس لأزمة المناخ، وأقل ما يمكنهم فعله هو الاستماع إلى ما تحتاجه الدول النامية من صندوق الخسائر والأضرار، وتصميم الصندوق مع أخذ تلك الاحتياجات في الاعتبار”.

اقرأ أيضًا..  170 منظمة عالمية تدعو الأطراف للاتحاد في COP28 لتفعيل صندوق الخسائر والأضرار

الولايات المتحدة والخسائر والأضرار

نقلت صحيفة فايننشال تايمز الأسبوع الماضي عن أكبر ممثلة للحكومة الأمريكية في اجتماع اللجنة، كريستينا تشان، قولها إنه من الخطأ الإشارة إلى أن بلادها تقف في طريق التقدم في الصندوق.

قالت إن واشنطن مستعدة لمعالجة المخاوف وحل المشكلات.

تضمنت مجموعة من مشاريع التوصيات، التي لم يتم اعتمادها في الاجتماع، أربعة خيارات بشأن المكان الذي يمكن أن يوجد فيه الصندوق، بما في ذلك اقتراح بفترة أولية محدودة في البنك الدولي مع قائمة من الشروط لتهدئة المخاوف بشأن توازن السيطرة وأي البلدان يمكن الاستفادة منه.

خلال الاجتماع، أشارت رئيسة تحالف الدول الجزرية الصغيرة، ديان بلاك لين من أنتيغوا وبربودا، إلى أن البنك الدولي مؤسسة إقراض، في حين أن التعامل مع تمويل الخسائر والأضرار في الدول المثقلة بالديون مثل بلدها يتطلب منحًا.

كما انتقدت لين البنك لكونه بطيئا وغير فعال ويفرض رسوما مرتفعة على الصناديق التي يستضيفها.

أصدر البنك الدولي مذكرة توضح المقصود بالرسوم، التي قال إنها “تم توصيفها بشكل خاطئ”، وأشار أيضًا إلى أنه سيكون على استعداد لتعديل إجراءاته للسماح للدول بالوصول مباشرة إلى تمويل الخسائر والأضرار بدلاً من المرور عبر وسطاء.

قام البنك هذا الشهر بتحديث مهمته “لخلق عالم خال من الفقر، على كوكب صالح للعيش”، وسعى رئيسه أجاي بانجا إلى تبديد المخاوف بشأن التزام البنك بمعالجة تغير المناخ في ظل قيادته السابقة.

قال صابر حسين شودري، المبعوث الخاص لرئيسة وزراء بنجلاديش لتغير المناخ، لمؤسسة طومسون رويترز إن وضع الأموال على الطاولة وتشغيل الصندوق سيكون بمثابة اختبار حاسم لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين.

قال في مقابلة أجريت معه الأسبوع الماضي، إنه بدلا من التركيز على من يجب أن يستضيف الصندوق، “الأهم أن تكون المؤسسة (المسؤولة) مستقلة من حيث كيفية إدارة هذا الصندوق، وكيفية صرف الأموال”.

 

من المستفيد؟

يتعلق الخلاف الرئيس الثاني بطبيعة الدول التي سوف تحظى بالأولوية في التمويل، والبلدان التي ستسهم فيه.

تريد البلدان المتقدمة تخصيص الأموال “على أساس الضعف”، وليس للبلدان النامية بشكل عام، لتضمن ألا يصل التمويل إلى دول كبرى، تصنفها اتفاقية الأمم المتحدة كنامية، مثل الصين والهند والبرازيل ونيجيريا وجنوب أفريقيا.

بل تضغط الدول الغنية لكي تسهم دول مثل الصين والهند والمملكة العربية السعودية في تمويل الصندوق، باعتبارها لم تعد “نامية”.

قال لويس بيدروسو كويستا، الدبلوماسي الكوبي، ورئيس مجموعة الـ77 + الصين إنه لا يوجد تعريف واضح لمدى الضعف.

تخشى البلدان النامية أن تعني معايير “الضعف”، أثناء الممارسة العملية، اقتصار الأموال فقط على البلدان الأقل نمواً في العالم والدول الجزرية الصغيرة النامية، وتعيق قدرة الصندوق على الاستجابة للبلدان المتوسطة الدخل، مثل باكستان وليبيا، التي تعرضت مؤخرًا لفيضانات كارثية مرتبطة بالمناخ.

وفق الأمم المتحدة للمناخ، تعاني العديد من الدول متوسطة الدخل من آثار تغير المناخ، وتتعرض بعضها لخسائر وأضرار ناجمة عن تغير المناخ.

تصر الدول الغنية أيضًا على أن يذهب التمويل إلى الدول الأكثر فقرًا بالعالم، وهم مجموعة من 46 دولة يشكلون معًا تكتلًا يعرف باسم “أقل البلدان نموًا، ويضم بلدان من أفريقيا وأسيا ومناطق أخرى.

تشعر الدول الجزرية الصغيرة والدول النامية متوسطة الدخل مثل باكستان بالقلق من أنها قد لا تكون مؤهلة للحصول على التمويل، لأنها ليست من بين أفقر دول العالم، على الرغم من تعرضها لخسائر فادحة في السنوات الأخيرة بسبب العواصف والفيضانات.

شملت الانقسامات الأخرى رغبة الدول النامية في إدراج هدف تمويل لـ صندوق الخسائر والأضرار بقيمة 100 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030، بينما ترغب الدول المتقدمة في تخصيص ميزانيات للأحداث البطيئة الظهور، والتعافي وإعادة الإعمار، والدول الصغيرة.

على جانب آخر، اتفق المفاوضون على قضية شائكة واحدة بشأن مجلس إدارة الصندوق.

ضغطت الولايات المتحدة في البداية من أجل أن يضم مجلس إدارة مقاعد للدول الممولة للصندوق، مما أثار اتهامات بأنها تحاول تشكيل مجلس إدارة يعمل لصالح الدول الغنية.

في النهاية، جاء في مشروع القرار أن مجلس الإدارة سيضم 12 عضوا من الدول المتقدمة، و14 من الدول النامية، مع إمكانية ضم أعضاء لا يحق لهم التصويت، يمثلون الشعوب الأصلية والمهاجرين بسبب تغير المناخ، لكن هذه النقطة لم يتوافقوا عليها بعد.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.