منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

“صياغة مبتكرة لأخبار المناخ”.. معرض فني على هامش ملتقى أريج الـ 16

على هامش ملتقى أريج السادس عشر أقيم معرض فني مبتكر من نوعه، عمل على تحويل ثلاث تحقيقات استقصائية مرتبطة بالمناخ إلى أعمال فنية ومجسمات توضح فكرة التحقيق وتحاول على الفن بالصحافة للوصول إلى جمهور أوسع وأكبر.

كان هذا المعرض نتاج تعاون بين الأكاديمية الملكية للفنون في لاهاي وشبكة أريج للصحافة الاستقصائية.
يقول وبوريس فان ويسترينغ، متخصص مستقل في تطوير المناخ وصاحب فكرة هذا المشروع لأاوزون “أردنا أن نوضح ما الذي يمكن أن يقدمه السرد القصصي حول التغير المناخي وقد أتت الفكرة بسبب وجود الكثير من التقييد على المنصات الإعلامية في الشرق الأوسط، بجانب أن الصحفيين يواجهوا بعض التحديات في مواجهة قصص المناخ، بجانب عدم فهم الأشخاص في مؤتمر الـ Cop لدور الإعلام في التصدي للتغيرات المناخية” لذلك اقترح ويسترينغ فكرة وضع فنان مع صحفي، وإظهار طريق جديد للسرد القصصي لقضايا المناخ للجمهور، ويستكمل قائلًا: “عندما تحدثت مع الأكاديمية الملكية للفنون وأريج، تحمسوا للفكرة وحصلنا على تدريب في السرد القصصي من الأكاديمية، ثم بدأنا بالعمل”
بحسب قول ويسترينغ فإن هذا المعرض هو الأول من نوعه، وقد اختارت أريج الأفكار المناخية التي تمثل التحديات المناخية الحالية في الشرق الأوسط، كما سيعرض هذا المعرض في الكوب 28 بشكل افتراضي. ناقش المعرض ثلاث تحقيقات الأول بعنوان “من الرماد: الإسمنت يبتلع غابات المغرب المحترقة” يناقش التحقيق فكرة حرائق الغابات التي تنتشر بشكل كثيف في المغرب بسبب ارتفاع درجات الحرارة وعدم التوازن في تنفيذ برامج الوقاية من الحرائق، والسيطرة على الأراضي بغرض تحويلها إلى مشروعات سكنية وتجارية، وتسبب ذلك في زيادة انبعاثات الكربون، وانخفاض الغطاء النباتي مما يهدد حياة السكان حاليًا.

كما أوضح المعرض مدى تأثير الضرر الذي يحدثه الإنسان على هذه المساحات ويتم الحديث على أنها أضرار بسبب التغيرات المناخية، كما يحلل هذا التحقيق المدفوع بالبيانات، معلومات حرائق الغابات في المغرب والمناطق المتضررة من 2012 إلى 2022، ويدرس أسباب إندلاعها، تم عمل مجسمات حول المناطق المتضررة من المغرب، وأسفلها صندوق صغير فيه تفاصيل معلومات كل منطقة وبيانات الكوارث الحادثة بها.
الفكرة الثانية كانت تحت عنوان “موسم هجرة الصقور” إلى الشباك، وفيه يتم تتبع رحلة صيد بعض أنواع الصقور الأوروبية المهددة بالأنقراض أبرزها “الصقر شاهين” الذي يهاجر من الدول الإسكندنافية بأوروبا إلى جنوب أفريقيا، ولكن يتم عرقلة هجرته واصطياده في مصر وليبيا عن طريق الصيد المتعمد، ليصل في النهاية إلى إيدي دول الخليج ليتم الإتجار به واستغلاله في الاستعراضات والمسابقات.
يحاول المعرض شرح هذه الرحلة التي يتعرض لها الصقر شاهين، لتسليط الضوء على انتهاك اتفاقية سايتس الدولية، وأشكال التجارة والصيد غير المشروعة ويتتبع مسارات تهريبها، باستخدام بعض أدوات المصادر المفتوحة، كما جسد المعرض هذا التحقيق ببعض الفيديوهات التي تظهر عملية صيد الصقور بجانب خريطة كبيرة توضح مسارات الهجرة، وأضاف مصمم هذا المشروع جان يوهان درايسترا، فكرة جواز سفر يوضح نوع الصقر والأماكن التي يسافر فيها، والدول التي يدخلها، محاولًا محاكاة الجواز الأساسي الذي تفعله بعض الدول الخليجية للطيور، كما جسد في جواز آخر معلومات حول عدد كبير من هذه الطيور المهددة بالانقراض ومعلومات عنها بشكل ساخر.
يقول جان يوهان درايسترا لأوزون، عن تجربة تحويل التحقيق إلى عمل فني، أنه بدأ باستكشاف التحقيق أولًا، وحاول أن يجد الأجزاء التي يمكن تحويلها إلى عمل فني بصري، بالاتفاق مع الصحفي صاحب القصة، “أكثر تحدي واجهني هو الوقت الطويل الذي احتجته لأفهم القصة، وفهم السياق الثقافي العربي، وكان وجود الصحفي معه طوال القصة أمر مفيد للغاية” ويستكمل قائلًا “أحببت العمل على هذا المشروع، خاصة أنه موثق بالأدلة، ولكل جزء فيديو يشرح رحلة هذه الصقور” كما يرى درايسترا أن هذا التعاون نجح ويتطلع للعمل على مشاريع أخرى شبيهة، خاصة مع الاحتفاء الذي رآه من الجمهور.


كذلك يتحدث أحمد عاشور، محرر ومشرف تحقيقات في أريج، لأوزون عن التجربة “بدأت فكرة التحقيق عام 2021، كتحقيق عابر للحدود بين زملاء من مصر وليبيا، التجار لهم علاقة بتجار الخلي ولديهم وسطاء في مصر، ولا يدر الصيادين ذلك، وعن تحول التحقيق إلى مشروع فني يقول “سافرنا إلى هولندا لمناقشة تحويل الفكرة إلى تعاون مشترك، كنا نمدهم بالحقائق وكانوا هم يعرضون علينا التصور ونتناقش فيه، أغلب الجزء الفني تم من خلالهم، لكنا نحن كنا نتأكد من كل المعلومات في كل مرحلة”.
أما القصة الثالثة فكانت بعنوان “أصوات من الوادي: مصانع “مروية” ومزارع عطشى بالأردن”، من عن معاناة النساء من منطقة الغور القريبة من البحر الميت في الأردن، والتي تعتبر موقع زراعي بتربة بخصبة صالحة طوال العام، لكن مع ندرة المياة، واحتكار المياة الجوفية من قبل شركات متعددة الجنسيات في المنطقة، تعاني النساء المزارعات العاملات باليومية في هذه الحقول، اللاتي تعبر الكثيرات منهن المعيلات الرئيسيات لعائلتهن، يوثق ويجسد هذا المعرض قصة هؤلاء النساء خاصة مع تأثير التغير المناخي عليهن الذي يضاعف من معاناتهن في كسب قوت يومهن، وتم تمثيل القصة بالتصميم الجرافيكي الذي يوضح مقابلة مع إحدى هؤلاء النساء ووجودها في المنطقة وحكيها لمعاناتها، كما تم وضع شاشة كبيرة تشرح ذلك على قطعة طين لتظهر تناغم القصة مع الأجواء العامة التي تتحدث عنها.
ويعبر عاشور عن إعجابه بالتجربة وأهميتها “أرى أنه يجب دائمًا أن نفكر خارج الصندوق، لأن الجمهور مختلف وتفضيلاته متنوعة، هناك من يحب الاستماع أو المشاهدة وهناك من يفضل الرؤية الفنية، وهذا ما فعلته فكرة المعرض التي تتماشي مع كل التوجهات وتوسع الفكرة إلى جمهور أبعد، وبطريقة مبتكرة”. بدأ هذا التعاون في يوليو 2023، خلال ورشة مكثفة حول السرد القصصي في العدالة البيئية وشارك فيها خبراء في البيئة والفن”
تعاون في هذا المشروع كل من منير الخطيب، وإيثار العظم، وأحمد عاشور، ومحمد كوماني من صحفيو أريج، بجانب الخريجون المشاركون من الأكاديمية الملكية: نيليك بروز، وصوفي تشيش، وجان يوهان درايسترا، وكريستينا لافوسي، دان فيرمان، وهاتي واد، بالإضافة إلى مديرو المشروع: لورين ألكسندر، وروان الضامن، وونيلز شريدر، ووبوريس فان ويسترينغ وأشرف عليه: لورين ألكسندر، وروان الضامن، وروزي هاينريش، ونيلز شريدر، ووبوريس فان ويسترينغ، وصمم المعرض: يوليوس دوش، وثريا لاتول بجانب مصمم الغرافيك جونجيون لي.
كما وصفت المديرة العامة لأريج، روان الضامن، هذا التعاون العابر للحدود بين المصممين والصحفيين الاستقصائيين، المنخرطين في مناقشات عميقة؛ لتحويل التحقيقات المرئية إلى عرض فني، بالتعاون المتطور. كما أعربت عن حماسها الشديد لرؤية هذه التجربة الاستثنائية الأولى من نوعها.

قد ساعد هذا المعرض على تحويل البيانات التجريبية لحرائق الغابات في المغرب إلى تجربة مكانية، وأظهر مسارات الهجرة المتوافقة مع الصقر شاهين، ووثق حقوق النساء باستخدام الرسومات المتحركة في المقابلة، والتجسيد البصري للقصة.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.