منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

لفحة القمح.. جائحة جديدة في الطريق تأتينا من النباتات هذه المرة

يقول العلماء إننا بصدد جائحة جديدة، تُصيب إمدادات الغذاء العالمية، هذه المرة، وقد تسبب في ضرب حصول القمح في جميع أنحاء العالم.

لفت العلماء إلى أنَّ هناك مرضًا فطريًّا، يشكل خطرًا على إنتاج القمح في أمريكا الجنوبية، يوشك أن ينتشر على مستوى العالم، وقد يصل خلال الأعوام المقبلة إلى مناطق في أفريقيا وأسيا.

أظهر فريق دولي من الباحثين بجامعة ميونيخ التقنية (TUM) أن انتشار مرض لفحة القمح بمعدلات أكبر من الموجودة حاليًا، يمكن أن يقلل إنتاج القمح العالمي بنسبة 13٪ حتى عام 2050.

تكشف نتائج البحث، التي نشرت في مجلة Nature Climate Change، أن هذه النسبة ستكون مأساوية بالنسبة للأمن الغذائي العالمي.

ما علاقة تغير المناخ؟

يشكل تغير المناخ تهديدا على المحاصيل والأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم، حيث تعتبر الأمراض النباتية واحدة من المخاطر الرئيسية.

يعد القمح محصولًا غذائيًا أساسيًا لسكان جميع دول العالم دون استثناء، تحديدًا في الدول النامية والأشد فقرًا، وهو أحد أهم المحاصيل المتضررة بسبب تغير المناخ.

يكافح محصول القمح، مثل جميع المحاصيل النباتية، مع الأمراض التي تنتشر بسرعة أكبر بسبب تغير المناخ، مقارنة بالسنوات القليلة الماضية.

أحد هذه الأمراض يسمى بانفجار القمح، ويعرف في المنطقة العربية بمسمى أخر، هو “لفحة القمح”.

يسبب مرض لفحة القمح فطر يطلق عليه الخبراء مسمى “Magnaporthe oryzae”، والذي يمكن أن يترك في المحصول مادة ثانوية تسمى فوميتوكسين، تصيب الناس والماشية بالأمراض.

في المناطق الدافئة والرطبة، بات الفطر يمثل تهديدا خطيرا لإنتاج القمح منذ أن لوحظ لأول مرة في عام 1985، عندما انتشر في البداية داخل البرازيل وانتقل فيما بعد إلى الدول المجاورة.

حدثت الحالات الأولى خارج أمريكا الجنوبية في عام 2016، عندما سجلت بنجلاديش أول حالة تفشي للفطر المسبِّب للفحة القمح في قارة آسيا.

وأثبت الباحثون وقتها أنَّ هذا التفشِّي تقف وراءه سلالة ذات صلة بالسلالات المنتشرة في أمريكا الجنوبية.

بعدها بعامين، وصل الفطر إلى قارة إفريقيا لأول مرة، فأصاب محاصيل القمح في زامبيا؛ لكن لم يكن واضحًا آنذاك إنْ كان المُمرض قد وصل إليها من بنجلاديش، أم من أمريكا الجنوبية.

قال الباحثون وقتها إن استيراد البذور المصابة بالفطر هو من بين المسبِّبات المحتمَلة لتفشِّيه؛ لاسيما إذا أخذنا في الحسبان أن بنجلاديش جلبَتْ كميات هائلة من بذور القمح من البرازيل قبل ظهور الفطر المسبب للفحة القمح فيها بعام واحد.

أما منشأ الفطر نفسه فليس معروفًا بعد، إذ عُثر على السلالة المسبِّبة للتفشِّي في كلٍ من البرازيل وبوليفيا.

لاكتشاف كيفية انتشار مرض لفحة القمح في المستقبل، عمل باحثون من ألمانيا والمكسيك وبنغلاديش والولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل على نمذجة البيانات المتاحة، وتوصلوا لنتائج مهمة.

تغير المناخ في مصر.. بهذه الطرق سيتأثر الطقس ومستقبل زراعة القمح والذرة 

مساحة القمح المتضررة

وفقا للباحثين، فإن أمريكا الجنوبية والجنوب الأفريقي وآسيا ستكون المناطق الأكثر تضررا من انتشار المرض في المستقبل.

ما يصل إلى 75% من المساحة المزروعة بالقمح في أفريقيا وأمريكا الجنوبية قد تكون معرضة للخطر في المستقبل.

وفقا للتوقعات، سيستمر انفجار القمح في الانتشار في البلدان التي تأثرت بشكل طفيف في السابق، بما في ذلك الأرجنتين وزامبيا وبنغلاديش.

سيخترق الفطر أيضًا بلدانًا لم يدخلها من قبل، مثل أوروغواي وأمريكا الوسطى وجنوب شرق الولايات المتحدة وشرق أفريقيا والهند وشرق أستراليا.

وفقا للنموذج، ينخفض الخطر نوعًا ما في أوروبا وشرق آسيا، باستثناء إيطاليا وجنوب فرنسا وإسبانيا والمناطق الدافئة والرطبة في جنوب شرق الصين.

على العكس من ذلك، عندما يؤدي تغير المناخ إلى ظروف أكثر جفافًا مع فترات حرارة أكثر تكرارًا تزيد عن 35 درجة مئوية، قد ينخفض ​​أيضًا خطر لفحة القمح. لكن وقتها، سيقلل الإجهاد الحراري من إمكانية الإنتاج، مما يعني أن الخطر مستمر سواء بسبب الفطر أو بسبب الإجهاد الحراري.

تعد المناطق المتضررة من بين المناطق الأكثر تأثرا بالعواقب المباشرة لتغير المناخ، حيث يشكل انعدام الأمن الغذائي بالفعل تحديًا كبيرًا في هذه المناطق، ويستمر الطلب على القمح في الارتفاع، خاصة في المناطق الحضرية منها.

سيتعين على المزارعين، في العديد من المناطق، التحول إلى محاصيل أكثر قوة لتجنب فشل المحاصيل والخسائر المالية.

ففي الغرب الأوسط من البرازيل، على سبيل المثال، يستبدل القمح بالذرة بشكل متزايد.

هناك استراتيجية مهمة أخرى لمواجهة خسائر الغلة المستقبلية وهي تربية أصناف القمح المقاومة.

أطلق الباحثون بالتعاون مع شركاء أنظمة البحوث الزراعية الوطنية (NARs) العديد من أصناف القمح المقاومة لـ لفحة القمح والتي ساعدت في التخفيف من تأثير المرض.

ومع تحديد موعد البذر المناسب، يمكن تجنب الظروف المشجعة على لفحة القمح خلال مرحلة ظهور الكوز. وقد أثبتت العملية نجاحها، إلى جانب تدابير أخرى.

بعبارات أكثر تحديدا، يعني هذا تجنب البذر المبكر في وسط البرازيل والبذر المتأخر في بنغلاديش.

دراسة: تغير المناخ سيرفع سعر القمح ويضر بالمحصول في هذه الدول

دراسات لفحة القمح

نظرت الدراسات السابقة حول تغيرات الغلة بسبب تغير المناخ بشكل أساسي إلى الآثار المباشرة لتغير المناخ مثل ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط هطول الأمطار وزيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

تجاهلت الدراسات المتعلقة بالأمراض الفطرية حتى الآن مرض لفحة القمح وتأثيره.

في دراستهم، ركز الباحثون على تأثير المرض على الإنتاج من خلال الجمع بين نموذج محاكاة لنمو القمح وإنتاجه مع نموذج لفحة القمح المطور حديثًا.

بالتالي يتم تضمين الظروف البيئية مثل الطقس في الحسابات، وكذلك البيانات المتعلقة بنمو النبات.

وبهذه الطريقة، يقوم العلماء بنمذجة ضغط المرض في المرحلة الحساسة بشكل خاص عندما تنضج الأذن.

ركزت الدراسة على تأثير لفحة القمح على الإنتاج. ومن الممكن أن تؤدي العواقب الأخرى لتغير المناخ إلى زيادة انخفاض الغلة.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.