تعمل مصر على خطة شاملة للتحول نحو طاقة خضراء، وأن تكون واحدة من أكبر منتجي الطاقة النظيفة بالمنطقة، وهو ما سيساعد في إنقاذ البيئة في الشرق الأوسط، وهو البؤرة الأكثر تضررًا من تغيرات المناخ والاحتباس الحراري العالمي، وفق العديد من الدراسات.
تمتلك البلاد أكبر مصادر للطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كطاقة الرياح والشمس، وتعمل الحكومة المصرية على عدة مشاريع في مجالات متنوعة لدعم الطاقة المتجددة في مصر.
وضعت الحكومة، خلال العامين الماضيين، خطة طموحة في مجال الطاقة المتجددة في مصر وإنتاجها، وجنت خلال العام 2021 القليل من الثمار، بسبب الاضطرابات التي تشهدها سلاسل التوريد ما أدى لارتفاع أسعار المواد الأساسية في مشروعات الطاقة المتجددة في مصر.
الإنتاج والقدرة
أعلنت الحكومة في نوفمبر الماضي أنها تهدف إلى توليد 42٪ من الكهرباء من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 بدلاً من 2035، وهي نسبة أعلى بكثير من الزيادة الحالية البالغة 10٪.
ارتفع إنتاج الطاقة المتجددة من مشاريع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة بأكثر من 22٪ سنويًا في السنة المالية 2021/2020، اعتبارًا من يونيو 2021، لتصل إلى 4.5 ألف ميجاوات في الساعة.
بالنسبة للقدرة فشهدت مصر ارتفاع طفيف في الأرقام، فوفقًا لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، في نهاية عام 2020، وصلت قدرة توليد الطاقة المتجددة في مصر إلى 5.97 جيجاوات.
تشير آخر التقديرات الصادرة عن هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة إلى أن القدرة المركبة فيما يخص الطاقة المتجددة في مصر بلغت في أكتوبر من العام الماضي 6.11 جيجاوات.
في يناير المقبل سوف تصدر الهيئة تقريرها الجديد، لنعرف بالضبط مستوى القدرة التي وصلت إليها البلاد خلال 2021.
وكانت الحكومة الأمريكية قد توقعت قبل بضعة أشهر أنه بحلول نهاية هذا العام ، سيصل توليد الكهرباء في مصر إلى 6.34 جيجاوات.
التمويل الأخضر والطاقة المتجددة في مصر
كان من المتوقع أن يتجاوز تمويل الاقتصاد الأخضر 40٪ من التمويل العالمي المخطط له والبالغ مليار يورو والذي قدمه البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير لاستثمارات مصر في عام 2021، حسبما قالت المديرة التنفيذية لجنوب البحر المتوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط للشركة في مايو الماضي.
يشمل تمويل عام 2021 حزمة بقيمة 114 مليون دولار أمريكي بقيادة البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير لتمويل محطة أكوا باور الجديدة للطاقة الشمسية في كوم أمبو بقدرة 200 ميجاوات، وقرض بقيمة 83 مليون يورو من بنك التنمية الأفريقي لدعم كفاءة الطاقة.
مشاريع الرياح
وقع كونسورتيوم يتكون من أوراسكوم للإنشاءات، وشركة تويوتا تسوشو اليابانية وشركة يوروس للطاقة القابضة اليابانية، وشركة إنجي الفرنسية عقدًا لتطوير وبناء وتشغيل مزرعة رياح بقدرة 500 ميجاوات في رأس غارب في أكتوبر.
في الوقت نفسه، افتتحت ليكيلا باور، بدعم من شركة أكتيس، مزرعة رياح بقدرة 250 ميجاوات في غرب بكر الشهر الماضي. ومن المتوقع أن يزيد هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته 350 مليون دولار من قدرة طاقة الرياح في مصر بنسبة 18٪.
بينما تتقدم شركة النويس في الإمارات العربية المتحدة في تنفيذ مزرعة رياح بقدرة 500 ميجاواط في راس غالب.
بينما حصل كونسورتيوم أكوا باور وحسن علام القابضة على موافقة مجلس الوزراء الصيف الماضي لاستبدال محطة توليد الكهرباء ذات الدورة المركبة التي تعمل بالغاز في الأقصر بمزرعة رياح 1.1 جيجاوات.
الهيدروجين الأخضر
خطط الهيدروجين الأخضر في مصر، بدأت تأخذ ملامح أكثر جدية في عام 2021، وفي يوليو الماضي، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي تعليماته بتطوير استراتيجية الهيدروجين الأخضر في مصر، بهدف إطلاق المرحلة الأولية من المشروع الذي قد تصل تكلفته من 3 إلى 4 مليارات دولار أمريكي.
في نوفمبر الماضي، أعلنت شركة أوراسكوم للإنشاءات أنها انضمت إلى كونسورتيوم مؤلف من شركة Scatec النرويجية ، وفيرتي جلوب المملوكة لرجل الأعمال ناصف ساويرس، والصندوق السيادي المصري، لبناء محطة طاقة هيدروجينية خضراء في العين السخنة بقدرة 100 ميجاوات ومن المتوقع أن تبدأ المنشأة في العمل خلال عام 2024.
الطاقة الشمسية.
بالنسبة لمشاريع الطاقة الشمسية فقد شملت مشروعًا بارزًا لشركة Amia Power، وهي شركة تابعة لشركة النويس الإماراتية، والتي ضاعفت قدرة محطة كوم أمبو للطاقة الشمسية الكهروضوئية بأكثر من الضعف من 200 ميجاوات في عام 2020 إلى 500 ميجاوات.
قال أحمد هيكل رئيس مجلس إدارة شركة القلعة في أكتوبر الماضي أن إحدى الشركات العربية التابعة للقلعة تخطط أيضًا لزيادة توليد الطاقة الشمسية إلى 400-500 ميجاوات في غضون خمس سنوات، بزيادة قدرها 6 أضعاف عن القدرة الحالية والتي بلغت 70 ميجاوات.
كما تم توقيع عقد لبناء محطة طاقة شمسية بقدرة 50 ميجاوات بقيمة 38 مليون يورو في الزعفرانة، وسيتم الانتهاء من التركيب من قبل الكونسورتيوم الذي تقوده شركة بي إليكتريك الألمانية وهيئة الطاقة المتجددة في مصر منتصف عام 2022.
احتجاز الكربون
تستكشف مصر أيضًا تقنية احتجاز الكربون ، حيث تسعى الحكومة للوصول إلى اتفاقية احتجاز الكربون مع شركة إيني الإيطالية، وهذه هي المرة الأولى لمصر في مجال احتجاز الكربون.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، ناقش ممثلو شركة ميتسوبيشي اليابانية أيضًا التعاون مع وزارة البترول في مشاريع احتجاز الكربون وإنتاج الهيدروجين الأخضر، خلال محادثات مع وزير البترول طارق الملا.
تحلية المياه
على صعيد أخر، تتدفق الأموال تجاه مشاريع تحلية المياه، حيث أعلن الصندوق السيادي المصري عن خطة بقيمة 2.5 مليار دولار أمريكي لمضاعفة طاقة تحلية المياه أربع مرات في السنوات الخمس المقبلة.
وفي أكتوبر دعا الصندوق الشركات الخاصة إلى تقديم عطاءات لبناء 17 محطة لتحلية مياه البحر تعمل بالطاقة الشمسية.
في يونيو، نجحت أوراسكوم للإنشاءات وشركة ميتيتو في تسليم محطة لتحلية المياه في شرق بورسعيد بقيمة 130 مليون دولار أمريكي.
أما شركة كرم ووتر- قسم حلول المياه الذي أنشأته مؤخرًا شركة تطوير الطاقة الشمسية المحلية كرم سولار – تقوم بإدارة وتشغيل مشروع تحلية المياه بالطاقة الشمسية في مرسى علم.
السيارات الكهربائية
في منتصف 2019، تبنت الحكومة مشروعًا لإنتاج السيارة الكهربائية رسميًا، ضمن خطة شاملة للتحول إلى الطاقة المتجددة في مصر، حيث أعلنت وقتها استراتيجية وطنية لتوطين صناعة السيارات الكهربائية، كوسائل نقل حضارية وبلا انبعاثات مضرة وصديقة للبيئة.
ووقعت شركة النصر لصناعة السيارات المسؤولة عن تنفيذ المشروع، اتفاقيتين لإنتاج أول سيارة كهربائية مصرية مع شركة “دونج فينج” الصينية.
واستوردت مصر بالفعل 13 سيارة كهربائية مصنوعة بالكامل في الشركة الصينية طراز E70، وأطلقتها للاستخدام التجريبي على الطرق المصرية لمدة 3 أشهر، للتأكد من مدى توافقها مع الأجواء في مصر، والوقوف على مواصفاتها النهائية قبل البدء في تصنيعها محليًا داخل مصانع شركة النصر للسيارات والتي سوف تحمل علامتها “نصر”.
لكن المشروع تعطل بعض الشيء بسبب انهيار المفاوضات بين شركة النصر للسيارات المملوكة للدولة وشركة دونج فينج الصينية في نوفمبر الماضي، بسبب ارتفاع تكلفة المواد المستوردة.
لكن الحكومة أكدت في أخر بياناتها فيما يخص هذا الأمر أنها مستمرة في خطتها، ولم تتوقف، ولن تؤجل التنفيذ، مؤكدة أنها تستهدف بدء إنتاج أول سيارة كهربائية مصرية الصنع في النصف الثاني من عام 2022.
وهناك أيضًا مفاوضات لإنتاج سيارات كهربائية محليًا من خلال القطاع الخاص، حيث وقعت شركة جنرال موتورز وشركة منصور للسيارات، التابعة لمجموعة منصور، مذكرة تفاهم في وقت سابق من هذا الشهر لتأسيس شراكة لإنتاج السيارات الكهربائية محليًا.
وفقًا للاتفاقية الموقعة، ستقوم الشركتان بتقييم متطلبات الإنتاج وحجم المبيعات والحوافز المقدمة، والاستعداد لتقديم تقارير بحثية إلى الحكومة في الشهرين أو الثلاثة أشهر القادمة.
تحويل المخلفات
أحرزت مصر تقدمًا طفيفًا خلال العام 2021 في هذا المجال، ونجحت في جذب القليل من الاستثمارات في مشاريع تحويل المخلفات إلى طاقة، وأطلقت على إثر ذلك أول مصنع لإنتاج الطاقة من المخلفات.
عوائق مشروعات الطاقة المتجددة في مصر 2021
رغم جهود الحكومة والقطاع الخاص في تحفيز تحول الطاقة المتجددة في مصر، إلا أن تلك الجهود تقلصت بسبب الاضطرابات العالمية في سلاسل التوريدات وارتفاع تكلفة المواد الأساسية المستخدمة في مشاريع الطاقة المتجددة في مصر.
على سبيل المثال، أدى ارتفاع أسعار الألمنيوم والنحاس على مدار العام، في تضرر شركات إنتاج الطاقة الشمسية المحلية، وأدى ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة أسعار الخلايا الشمسية في زيادة الأعباء على الشركات العاملة في الطاقة المتجددة في مصر.