«الناس عايشة على البطاريات والإنارة باللدات، وأنا بالنسبة إلي ما عاد تلحق معي البطاريات. يعني وقت بدي أشحنها، لما ما يكون في كهرباء، جهدها بيهبط بسرعة، مع إنو ما صارلي أكثر من ثلاث شهور شاريها، وسعرها صار بين المليون والمليون ونص ليرة سورية تقريباً. لهذا السبب قررت أقلع ضرس وأركّب منظومة طاقة شمسية عن طريق قرض مدعوم من الدولة، خصوصي إنو بدون فوائد»، يقول ملهم جعفر، موظف حكومي مقيم في دمشق، في محاولة للتكيف مع أزمة الكهرباء المستمرة.
على مدار ثلاثة عشر عاماً من الحرب، عمّقت أزمة الكهرباء معاناة السوريين والسوريات، حيث عجزت حكومة الأسد البائد عن تأمين إمدادات الطاقة، مما دفعها إلى البحث عن حلول بديلة. ومع تفاقم النقص وارتفاع أسعار الوقود، لجأت إلى مشاريع الطاقة الشمسية كخيار اضطراري للتخفيف من حدة الأزمة.
في هذا السياق، صدر القانون رقم 23 في 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2021، بقرارٍ من بشار الأسد. الذي نص على إنشاء «صندوق دعم استخدام الطاقات المتجددة وزيادة كفاءة الطاقة»، بهدف تمويل مشاريع الطاقة البديلة، وتحسين كفاءة الاستهلاك، وتقليل الانبعاثات الضارة، وتوطين تكنولوجيا الطاقات المتجددة محلياً. تولت وزارة الكهرباء إدارته، وضمّ مجلس إدارته ممثلين عن عدة وزارات حكومية، إلى جانب المركز الوطني لبحوث الطاقة، الذي تأسس عام 2003 ويتبع مباشرةً لوزارة الكهرباء.

ومع تفاقم أزمة الكهرباء، لم تعد الطاقة الشمسية مجرد خيار، بل أصبحت حلاً لا مفر منه فرضته الحاجة المتزايدة لمصدر طاقة بديلة. وبما أن كلفة تركيب المنظومات الكهروضوئية كانت مرتفعة، فقد لجأ العديد من السوريين إلى القروض المدعومة، خاصةً تلك التي يوفرها صندوق دعم الطاقات المتجددة دون فائدة.
يستند هذا التحقيق إلى مقابلات مع 25 شخصاً، بينهم مستفيدون من القروض، مهندسون مختصون-ات، مقاولون، مستوردون، ومصرفيون، إضافةً إلى مراجعة وثائق وقرارات رسمية مرتبطة بالطاقة الشمسية وصندوق الدعم.
يكشف هذا التحقيق كيف تحولت قروض الطاقة المتجددة من فرصةٍ لحل أزمة الكهرباء إلى أداة لتعزيز شبكات النفوذ الاقتصادي، حيث أدت المعدات الرديئة وسيطرة الشركات المرتبطة بدوائر النفوذ في نظام الأسد إلى إضعاف استفادة المواطنين-ات من هذه القروض، بينما استمر كبار المستوردين في تحقيق الأرباح على حساب الجودة والاستدامة.

قروض بلا فوائد.. بشروط
في 3 كانون الأول (ديسمبر) 2023، تقدّم ملهم جعفر، موظف حكومي في دمشق، بطلبٍ للحصول على قرض من صندوق دعم الطاقات المتجددة لتمويل تركيب منظومة كهروضوئية. كان عليه استكمال الأوراق المطلوبة، والتي شملت بيان راتب، فاتورة كهرباء باسمه، وكفيلين لضمان السداد، وهو أحد الشروط الأساسية للحصول على القرض.
يقول ملهم: «للحصول على القرض كان لا بد من توفير كفيل سداد، إضافةً إلى كفيل آخر يُسمّى ‘كفيل شريك سداد’. ولحسن الحظ، تمكّنت من إيجاد مهندسٍ يكفلني، كما أن أحد أصدقائي لم يتردّد في مساعدتي أيضاً».
استغرقت الإجراءات نحو شهر، خضع خلالها طلبه لـ«استعلام مالي» من قبل المصرف المركزي للتأكد من عدم وجود التزامات مالية سابقة. وبعد الموافقة، حصل على قرضٍ بقيمة 31 مليون ليرة سورية من المصرف التجاري السوري، وفق ما حدده الصندوق بناءً على الدراسة الفنية لحجم المنظومة الكهروضوئية المطلوب تركيبها.
يضيف ملهم: «مكّنني القرض من تركيب أربعة ألواح شمسية، وإنفرتر، وبطاريتين من نوع ‘جيل’، بالإضافة إلى هيكل التثبيت (قاعدة حديدية تُحسب تكلفتها ضمن القرض). لكنني اضطُررت إلى إضافة أربعة ألواح أخرى على نفقتي الخاصة، لأن المنظومة الأساسية لم تكن كافية لتغطيةً احتياجاتي».
في شباط (فبراير) 2023، بدأت فروع المصرف التجاري السوري باستقبال طلبات قروض الطاقة المُتجددة. وفقاً للإجراءات، يُقدِّم المستفيد طلباً للصندوق، الذي يحدد سقف التمويل بناءً على دراسةٍ فنية لحاجة المنظومة الشمسية المطلوب، ثم يُحال الطلب إلى المصرف لاستكمال الدراسة الائتمانية ومنح الموافقة النهائية.
رغم أن القروض كانت بلا فوائد، إلا أن الحصول عليها لم يكن متاحاً للجميع، توضح المهندسة مروة حبمبم، التي تدير مكتباً هندسياً مُعتمداً من قبل صندوق دعم الطاقات المتجددة: «لم يكن بإمكان أي شخص التقدّم للحصول على القرض، إذ اقتصر على الموظفين الحكوميين أو من يملكون ضمانات مالية كافية. حتى في هذه الحالة، كان لا بد من تأمين كفيلين لضمان السداد».
وتشير حبمبم إلى أن القروض كانت مُجديةً فقط عند الحصول على مبالغ مرتفعة، لكنها كانت صعبة المنال بسبب تعقيد الإجراءات: «الفئات التي استفادت بشكل رئيسي كانت الورش الصناعية أو الأطباء الذين يمكنهم تقديم ضمانات بديلة عن العقارات، أما أصحاب الدخل المحدود فلم يحصلوا على الاستفادة الكاملة».
تنفيذ المشاريع بيد الشركات المعتمدة
بعد حصول مُلهَم على الموافقة على القرض، واجه مرحلةً جديدةً مرتبطةً بعملية التنفيذ، إذ كان مُلزماً بالتعامل مع إحدى الشركات المعتمدة من قِبل صندوق دعم الطاقة المتجددة، وفقاً للشروط المحددة للاستفادة من القرض. فالمُستفيدون من القروض المدعومة مُلزَمون بالتعامل مع الشركات والمكاتب الهندسية المُعتمدة من قبل المركز الوطني لبحوث الطاقة التابع لوزارة الكهرباء، وهو ما يحدّ من خياراتهم في اختيار المنظومات والمعدات المستخدمة.
ووفقاً للبيانات الرسمية للصندوق، بلغ عدد الجهات المُعتمدة 428 جهة، وتنقسم هذه الجهات إلى ثلاث فئات رئيسية: الشركات التجارية، والمقاولون، والمكاتب الهندسية، موزّعين في مختلف المحافظات السورية التي استهدفها عمل الصندوق.
ورغم العدد الكبير للمكاتب والشركات المعتمدين، لم تكن الخيارات المتاحة للمُقترضين على مستوى التوقعات. يقول ملهم: «بعد موافقة المصرف على منحي القرض، طُلب مني اختيار الشركة المُنفّذة لتركيب المنظومة الشمسية. ورغم أن الشركات المتاحة لم تكن بالمستوى المطلوب، لم يكن لدي خيار آخر سوى إتمام العملية».
وفقاً لآلية التمويل المعتمدة في صندوق دعم الطاقات المتجددة، لا يحصل المُقترِض على الأموال مباشرةً لشراء وتركيب المنظومة بنفسه، بل تتولى الشركات المعتمدة تنفيذ المشروع، وتتلقى قيمة التمويل من المصرف التجاري السوري أو مصرف التسليف الشعبي بعد استكمال التركيب وخضوعه للتدقيق من قبل لجان الكشف التابعة للصندوق.
لكن التعامل مع الشركات المعتمدة لم يضمن للمستفيدين جودة المعدات المستخدمة، إذ بدأت بعض المشكلات تظهر بعد التنفيذ، خاصةً فيما يتعلق بأداء البطاريات والإنفرترات.

معايير الجودة.. أزمة تواجه المقترضين
لم تمرّ فترة طويلة حتى بدأ ملهم يواجه مشاكل تتعلق بأداء المعدات الكهروضوئية، لا سيما البطاريات التي لم تعمل بالكفاءة المطلوبة. يروي تجربته قائلاً: «بعد أن قامت الشركة بتركيب المنظومة، اتفقنا على أن كل شيء بحالة جيدة، لكن بعدها ظهرت أعطال متكررة، ما دفعني إلى تقديم شكاوى للشركة المعتمدة. اضطروا إلى تغيير البطاريات مرتين، وبعد معاناة طويلة، قررت استبدال بطاريات ’جيل‘ بأخرى من نوع ليثيوم على نفقتي الخاصة».
يرى المهندس الكهربائي محمد قهوجي، الذي يدير مكتباً هندسياً مُعتمَداً من الصندوق، أن هذه المشكلات شملت معظم المستفيدين من قروض الطاقة المتجددة، حيث اضطُرَّ العديدُ منهم لاختيار أنظمةٍ بجودة متوسطة أو منخفضة بسبب القيود المفروضة على قيمة القروض. ويضيف للجمهورية.نت: «فضّلتْ بعض الشركات تحقيقَ أرباحٍ مرتفعة على حساب الجودة، ما أثّر سلباً على كفاءة المعدات».
لم يكن ملهم الوحيد الذي واجه هذه المشكلاتٍ، إذ دفعت التجربة خالد، الموظف في وزارة المالية بدمشق، إلى التراجع عن فكرة التقدم للحصول على القرض، رغم حماسه في البداية بسبب الفائدة الصفرية. لكن تجربة أحد أصدقائه، الذي واجه أعطالاً متكررة في منظومته الشمسية، جعلته يعيد التفكير.
لم يمضِ سوى بضعة أشهر حتى بدأ الإنفرتر في التعطّل مراراً، ما اضطره لإصلاحه مرتين، ودفع أجور صيانة تجاوزت مليون ليرة سورية. وفي النهاية، لم يجد خياراً سوى استبداله بإنفرتر جديد بجودة أفضل وعلى نفقته الخاصة.
يقول خالد: «هذه الشركات تتعامل مع موردين محددين؛ لماذا يقدمون قروضاً بدون فوائد؟ لأنهم في النهاية يحققون أرباحاً إضافيةً من وراء هذه المعدات، وإذا كانت لديهم قطعٌ غير مُباعة أو فائضة عن الحاجة، فإنهم يجدون وسيلةً أو ‘فتوى’ لتصريفها، سواء كانت ذات جودة أم لا».
ويضيف: «مثلما يتعامل بعض الأطباء مع صيدلية مُعيّنة ويوصون بأدوية متوفرة لديها، بغض النظر عن جودتها وفعاليتها. هذا هو المبدأ نفسه هنا».
تتفق مهندسة الكهرباء نور حمزة، التي تدير مكتباً هندسياً مُعتمداً من قبل الصندوق، مع هذا الرأي، مشيرةً إلى أن جودة المعدات تغيرت بمرور الوقت. توضح: «في البداية، كنا نحصل على معدات الطاقة الكهروضوئية ذات الجودة المقبولة، سواء الإنفرترات أو البطاريات، لكن لاحقاً بدأ بعض المستوردين بالسفر إلى الصين وطلب تعديلاتٍ تُقلّل من جودة المنتجات، بهدف خفض التكلفة وزيادة هامش الربح. هذه البضائع المُعدّلة كانت تُباع للمستهلكين، مما أثّر سلباً على السوق وأدى إلى انتشار منتجات ذات كفاءة أقل».
وتضيف حمزة: «للأسف، معدات الطاقة منخفضة الجودة تم إدخالها إلى مشاريع القروض المدعومة. بعض الشركات كانت تحقق أرباحاً ضخمة تصل إلى 7 ملايين ليرة سورية من بيع منظومة واحدة».
في محاولة لضبط معايير الجودة، أصدرت وزارة الكهرباء القرار رقم 1578 في 3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021، بناءً على توصيات اللجنة الاقتصادية، وهي إحدى اللجان التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، وباقتراح من المركز الوطني لبحوث الطاقة المتجددة. نصَّ القرار على إلزام الشركات الخاصة بإخضاع تجهيزات الطاقة البديلة المستوردة لاختبارات الجودة قبل طرحها في الأسواق.
ورداً على استفسارات فريق التحقيق حول مدى التزام الشركات بهذه الاختبارات، أوضح بسام درويش، مدير عام المركز الوطني لبحوث الطاقة المتجددة: «كنا نعمل على إنشاء مختبر لضبط جودة تجهيزات الطاقات المتجددة، لكنّ المشروع لم يكتمل بعد، ولم يتم تشغيله حتى الآن. الهدف كان إلزام أي جهةٍ ترغب في إدخال منتجاتٍ جديدة بتقديم عيّناتٍ لفحصها وإجراء الاختبارات اللازمة، ومن ثم إصدار شهادة جودة تُثبت مدى مطابقتها للمواصفات المعتمدة».

استيراد معدات الطاقة.. من الجمركة إلى الاحتكار
لم تكن أزمة الجودة التي واجهها المقترضون بمعزلٍ عن ديناميكيات سوق الاستيراد، حيث تتحكم مجموعةٌ محدودةٌ من المستوردين في تدفّق الألواح الشمسية والبطاريات، وسط إجراءاتٍ جمركية معقدة وسياساتٍ تجارية يفرضها كبار المستوردين، يرتبط معظمهم بشخصياتٍ نافذة في النظام السوري البائد.
على وسائل التواصل الاجتماعي، تنتشر مئات الإعلانات عن ألواح طاقة شمسية، بطاريات، وإنفرترات، تعرضها شركات ومقاولون دخلوا السوق حديثاً. بالبحث عبر فيسبوك، ظهرت عدة شركات تأسست قبل ثلاث أو أربع سنوات فقط، بعضها لم يسبق له العمل في هذا القطاع، لكنها تُقدّم عروضاً تجارية مرفقة بكفالات. ورغم تعدد العلامات التجارية، إلا أن القاسم المشترك بينها هو منشؤها الصيني.
وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، تستحوذ الصين على أكثر من 80 بالمئة من إنتاج الألواح الشمسية عالمياً، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 95 بالمئة خلال السنوات القادمة. بينما لا تتجاوز حصة أوروبا 3 بالمئة، وأميركا الشمالية 2 بالمئة. وخلال العقد الماضي، استثمرت الصين أكثر من 50 مليار دولار في تعزيز قدرتها الإنتاجية، وهو ما يفوق استثمارات الدول الأوروبية، مُجتمعةً، في هذا القطاع بعشر مرات.
لكنّ وصول معدات الطاقة المتجددة إلى السوق السورية لا يتم بسهولة. يقول أربعة مستوردين تحدّثنا معهم إنّ غالبية الألواح الشمسية والبطاريات تُشحن من الصين إلى سوريا عبر ميناء جبل علي في الإمارات، ومن ثم نقلها براً إلى سوريا عبر معبر النصيب، الحدود الأردنية-السورية، بواسطة شاحنات متعاقدة مع المستوردين، وأحياناً عبر ميناء اللاذقية في سوريا.
ورغم تعدّد هذه المسارات، إلا أن عملية الاستيراد كانت تعاني من تعقيداتٍ جمركية ومن الأتاوات التي كانت تفرضها سابقاً «الفرقة الرابعة» التابعة للنظام المخلوع، ما يؤدّي إلى تأخير تخليص البضائع وينعكس مباشرةً على الأسعار وتوافر المعدات الكهروضوئية في الأسواق المحلية.
يوضح أحمد الناصر، مدير مبيعات في إحدى الشركات الصغيرة التي تأسست عام 2021 بريف دمشق، كيف تتحكم الاعتبارات الجمركية في وصول البضائع إلى السوق، قائلاً: «قد تتأخر البضائع على معبر النصيب بسبب إجراءات التخليص الطويلة، وأحياناً بسبب أولويةٍ تُمنح لتجار مُحدّدين لديهم نفوذٌ قوي في السوق. حدثَ مرّةً أن بقيتْ شحنةٌ لشركتنا عالقةً على الحدود لأكثر من ثلاثة أشهر، مما اضطرني إلى دفع 5000 دولار كتعويض لشركة النقل عن تأخير الشاحنة».
ويضيف الناصر أن مدة تخليص الشحنات تختلف من مستوردٍ إلى آخر، إذ يواجه بعض التجار تأخيراتٍ تمتد إلى أكثر من 30 يوماً، بينما يتم تسهيل دخول بضائع أخرى. يقول: «بالنسبة للشركات التي تضبط أمورها وتحظى بالدعم، كانت لها الأولوية في كل شيء تقريباً».
وفي أيار (مايو) 2024، أوصت اللجنة الاقتصادية بفرض «ضميمة» أو ما يُعرف باسم «اللصاقة» بقيمة 25 دولاراً على كل لوح شمسي مستورد، تُضاف إلى الضرائب والجمارك والرسوم الأخرى. هذه الرسوم الإضافية رفعت من تكاليف الاستيراد، ما زاد من الضغوط المالية على المستوردين، خصوصاً الصغار منهم، وأدى إلى ارتفاع الأسعار النهائية التي يدفعها المستهلكون.
يقول سامي (اسم مستعار)، أحد العاملين في صندوق دعم قرض الطاقات المتجددة: «بالنسبة للتجار الكبار أو مَن يُسمّون بـ’الحيتان’، لم تكن هذه التكاليف تشكل عبئاً كبيراً، إذ إنهم يعوضونها من المواطن في نهاية المطاف، سواء كانت 25 دولاراً أو 100 دولار. ولكن بالنسبة للتجار المتوسطين، فإن هذه التكاليف أصبحت عقبةً حقيقية».
ويضيف سامي: «التجار الكبار هم مَن يحددون قواعد اللعبة، إذ تُصاغ القرارات بما يتناسب مع مصالحهم. السوق ليست مفتوحةً كما يتم الترويج لها، بل هناك مجموعةٌ مُحدّدةٌ تُهيمن على استيراد المعدات وتتحكم في الأسعار».
حيتان سوق الطاقة المتجددة: مَن يُسيطر؟
قادنا البحث في شبكات التوريد إلى اسمٍ تكرّر في معظم المقابلات التي أجراها فريق التحقيق. فقد قال اثنا عشر من المستوردين والمقاولين، والعاملين في المكاتب الهندسية، أن هناك شركة واحدة تفرض سيطرتها على السوق وتتحكم بالأسعار في دمشق وريفها.
بحسب مصادر متقاطعة، تُعد شركة أبناء محمد أكريّم (M.E.S) من بين أكبر مستوردي المعدات الكهروضوئية في دمشق وريفها، حيث لعبت دوراً رئيسياً في سوق التوزيع خلال السنوات الأخيرة. تشير شهاداتٌ في هذا التحقيق إلى أن العديد من المكاتب الهندسية المُعتمدة من قبل صندوق دعم الطاقات المتجددة تعتمد على شراء تجهيزات المنظومات الشمسية من هذه الشركة.
يملك الشركة كلٌّ من خلدون محمد أكريّم ومحمد خلدون أكريّم، المسجلان رسمياً كمُلّاك لشركة Techno M.E.S. LLC، التي تأسست في 23 حزيران (يونيو) 2022. كما يديران مشاريع أخرى، مثل مول تاون سنتر التجاري في دمشق، وهم وكلاء شركة LG للإلكترونيات في سوريا.
وتكشف السجلات التجارية أن محمد خلدون أكريّم يمتلك أيضاً شركة Techno Mira L.L.C بالشراكة مع مايا محمد نورس شريف، وهي زوجته، إضافةً إلى شركة فسحة ذات الشخص الواحد، التي تأسست في 17 تموز (يوليو) 2024، وغايتُها استيراد أجهزة ومعدات ومستلزمات الطاقة الشمسية.
ورغم أن هذه الشركات تُعد من الفاعلين الأساسيين في سوق الطاقة في دمشق وريفها، إلا أن فريق التحقيق لم يعثر على وثائق رسمية تربطها بشكلٍ مباشر بجهات سياسية أو اقتصادية مرتبطة بالنظام البائد.
قروض الطاقة.. في قبضة المحاسيب
خلال البحث عن شركات أكريّم المعنية ببيع المعدات الكهروضوئية، ظهر لنا حساب شركة أكريّم للإلكترونيات – 1986 على فيسبوك، لم تكن هناك أي منشوراتٍ تتعلّق بالطاقة الشمسية قبل عام 2021. لكن بعد ذلك، بدأت الشركة تكثّف من إعلاناتها حول بيع الألواح الشمسية والبطاريات، مصحوبةً بعروض كفالة لمنتجاتها، مما يعكس تحوّل نشاطها بشكلٍ لافت خلال تلك الفترة.
وتعود إدارة شركة أكريّم للإلكترونيات – 1986 إلى عمار ياسر أكريّم، الذي يشغل منصب المدير العام، إلى جانب والده ياسر أكريّم.
بالتعاون مع مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية، عمل فريق التحقيق على تفكيك شبكة العلاقات بين إدارة شركة أكريّم للإلكترونيات – 1986 والشخصيات النافذة في الاقتصاد السوري، وقد أظهرت الوثائق والمعلومات تمّ التحقق منها، وجود روابط مباشرة مع جهاتٍ مُدرَجة على قوائم العقوبات الدولية.
وفقاً لوثائق رسمية، يشغل ياسر أكريّم منصب نائب رئيس غرفة تجارة دمشق منذ أيلول (سبتمبر) 2024، كما يمتلك قاسيون مول بالشراكة مع بلال النعال، أحد المساهمين في شركة دمشق الشام القابضة، إلى جانب وسيم قطان، المُدرَج على قائمة العقوبات الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية منذ عام 2020.
إلى جانب ذلك، يرتبط اسم ياسر أكريّم بـ شركة جبل لخدمات الحماية والحراسة، التي تتولى تأمين قاسيون مول، وفق ما نشرته الشركة عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك.
تأسست شركة جبل في الأصل تحت اسم شركة العرين لخدمات الحراسة، وتشير مصادر متقاطعة إلى أنها الامتداد الجديد لـ ميليشيا سرايا العرين 313 التابعة للمخابرات العسكرية، والتي تم دمج عناصرها عام 2018 في الفيلق الخامس الذي كان يقوده العميد البارز في جيش النظام السوري السابق سهيل الحسن. ووفقاً للمعلومات المتاحة، فإن عدداً من موظفي الشركة كانوا في السابق مقاتلين في هذه الميليشيا، قبل توزيعهم بين شركة العرين وقوات سند الأمن العسكري.
أما عمار أكريّم، فهو عضو مجلس محافظة دمشق منذ عام 2022. وتشير الوثائق التجارية إلى أن إحدى شركاته؛ شركة الدوائر المساندة للإكساء والديكور، التي تأسّست في آب (أغسطس) 2021، تضم بين شركائها فارس جدعان، ابن باسل جدعان، مما يعني أن عمته هي منال جدعان زوجة ماهر الأسد. كما يظهر اسم مهند عطية، وهو شريك في أعمال عامر شويكي، المُدرج على قوائم العقوبات الدولية لدوره في تهريب النفط الإيراني إلى سوريا عبر شبكة من الشركات والبنوك في روسيا وإيران.
كما يُظهر حساب عمار أكريّم الشخصي على فيسبوك أنه عضوٌ في مجلس إدارة شركة دمشق الشام القابضة، كما عمل / يعمل كاستشاريٍّ في جمعية نور للإغاثة والتنمية، التي يرأسها محمد جلبوط، والذي ورد اسمه في تحقيق عمليات الأمم المتحدة الإنسانية، الذي نشره مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية، حيث وُجّهت له اتهاماتٌ بالتعاون مع أجهزة الأمن السورية وتسهيل الإجراءات الأمنية ضد نشطاء المعارضة، بما في ذلك انتزاع الاعترافات القسرية والتعذيب، الذي أدى وفقاً لمصادر إلى مقتل المصوّر الفلسطيني السوري نيراز سعيد.
بتاريخ 11شباط/ فبراير 2025، أجرى فريق التحقيق اتصالاً هاتفياً بمكتب شركة أكريّم للإلكترونيات – 1986 في دمشق، للاستفسار عن سعر منظومة شمسية منزلية. حدّدت الموظفة السعر بـ 1600 دولار. وعند سؤالها عن تعاملهم مع قروض صندوق دعم الطاقة المدعوم من الحكومة، أجابت بأن القروض متوقّفة حالياً، لكنّها أكدت أنهم كانوا يتعاملون مع الصندوق سابقاً.
في رده على أسئلة فريق التحقيق، نفى عمار أكريّم، المدير العام لشركة أكريّم للإلكترونيات – 1986، وجود أي تعاملٍ مباشرٍ بين شركته وصندوق دعم قرض الطاقات المتجددة، موضحاً أن شركته عملت على تمويل منظومات الطاقة الشمسية من خلال اتفاقيات مع بنك البركة وبنك بيمو السعودي الفرنسي، والتي تتيح منح قروض بفائدة صفرية مستهدفياً الموظفين فقط.
لكن بحسب المعلومات المنشورة على المواقع الرسمية، فإن بنكَي البركة وبيمو السعودي الفرنسي كانا من بين البنوك التي قدّمت قروضاً مدعومةً عبر صندوق دعم قرض الطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة.
أكد أكريّم أن شركة M.E.S تُعد أكبر مستوردٍ لمعدات الطاقة الشمسية في سوريا، لكنه شدّد على أنها كيانٌ منفصلٌ تماماً عن شركته، موضحاً أن «أكريّم للإلكترونيات – 1986 لم تكن تستورد المعدات باسمها مباشرة، وإنما كانت تعتمد على شركات أخرى لإجراء عمليات الاستيراد».
كما أكد أنه عضو في شركة دمشق الشام القابضة، المعروفة أيضاً باسم شركة دمشق الشام المساهمة الخاصة.

صندوق دعم الطاقة.. لمنفعة مَن؟
لم تقتصر سيطرة الجهات النافذة في قطاع الطاقة المتجددة على الاستيراد والتوزيع عبر الشركات المعتمدة، بل امتدت إلى فرض قيود على المُستفيدين والمُستفيدات من القروض المدعومة. حيث أُلزِمت الشركات المعتمدة لدى الصندوق بشراء ألواح شمسية محلية حصراً، وذلك قبل سقوط نظام الأسد بما يقارب شهر ونصف.
في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024، وقّع زهير مخلوف، مدير صندوق دعم الطاقة المتجددة، اتفاقية شراكة مع نوفل إبراهيم، المدير العام للشركة السورية لإنتاج اللواقط الكهروضوئية، ومقرها اللاذقية. نصّت الاتفاقية على تزويد مشاريع الصندوق بألواح كهروضوئية محلية، ضمن خطة حكومية لتعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وفق ما ورد في منشورات الشركة على حسابها الرسمي في فيسبوك.
لكنّ الاتفاقية أثارت اعتراض الشركات المُعتمدة لدى الصندوق، بعدما فُرض على المستفيدين من القروض استخدام الألواح الشمسية المحلية حصرياً تحت علامة «فونيكس».
يقول خلدون الخطيب، مقاولٌ مُعتمدٌ لدى صندوق دعم الطاقات المتجددة بدمشق: «المشكلة لم تكن بإلزامنا استخدامَ الألواح الوطنية فحسب، بل في الأسعار أيضاً. كنا نشتري اللوح من السوق بمليون وستمائة ألف ليرة سورية، لكن عبر الصندوق ارتفع السعر إلى مليونين ومئة وخمسين ألفاً، رغم حصولنا على خصم 5 بالمئة لكوننا جهةً مُعتمَدة».
تواصلَ فريق التحقيق عبر تطبيق واتساب مع زهير مخلوف، مدير صندوق قرض الطاقة المتجددة، للاستفسار عن اتفاقيته مع الشركة السورية لإنتاج اللواقط الكهروضوئية، لكنه اكتفى بالرد: «نحتاج إلى موافقة من المكتب الإعلامي في وزارة الكهرباء (للإجابة)، وذلك استناداً إلى التعليمات الصادرة بهذا الشأن».
في 3 آب (أغسطس) 2023، زار بشار الأسد مصنع إنتاج الألواح الشمسية في اللاذقية، الذي بدأ عملياته التشغيلية قبل بضعة أشهر آنذاك. ورغم أن المصنع يُعرف باسم الشركة السورية لإنتاج اللواقط الكهروضوئية، إلا أنه يستخدم علامة Phoenix Sun التجارية في منشوراته باللغة الإنجليزية على فيسبوك.
تحدّثنا مع أحد الأشخاص العاملين في صندوق دعم الطاقة المتجددة حول إذا ما كان لديه معلومات حول الشركة، فأجاب: «يُقال إن المصنع وطني (حكومي)، لكنّه في الحقيقة شركة خاصة وليس مملوكاً بالكامل للدولة».
وفي مقطع فيديو نُشر على صفحة جريدة الوطن شبه الرسمية في سوريا، في 19 أيار (مايو) 2024، ومن داخل مصنع إنتاج الألواح الشمسية، رصدت مُعدّة التحقيق من خلال تحليل بعض اللقطات وجود معداتٍ وتقنياتٍ إلكترونية ألمانية الصنع من إنتاج شركة Siemens في الدقيقة الثانية، بالإضافة إلى آلاتٍ تحمل علامة Mitsubishi Electric في الدقائق الثالثة، والتاسعة، والثلاثين، مما يشير إلى استخدام تكنولوجيا مشمولة بالعقوبات الدولية، ورغم ذلك وصلت إلى سوريا قبل سقوط نظام الأسد.
اتصل فريق التحقيق بالشركة السورية لإنتاج اللواقط الكهروضوئية عبر الرقم المدرج على موقعها الرسمي، لكنه كان خارج الخدمة.
في محاولة أخرى، تواصل الفريق مع وكلاء مُدرَجين على الموقع الرسمي للشركة. أكد مدير مستودعات شركة عمار يحيى محمد وشريكه لتصنيع التابلوهات الكهربائية المعدنية، أن «توقّفت عن العمل بعد سقوط نظام الأسد»، مؤكداً أنهم «لم يعودوا يتعاملون معها».
أما شركة الجونة للطاقة محدودة المسؤولية، فأوضحت الموظفة أنهم «اشتروا كميات كبيرة من الألواح الشمسية من الشركة قبل سقوط النظام»، مشيرةً إلى أنّ الشركة «كانت تعمل ضمن قطاع مشترك، وليس لديها معرفة لمَن تعود ملكية الشركة، لكنها تعتقد بأن جزء منها لوزارة الدفاع».
وفقاً لموقع The Syria Report، صرّح بشار الأسد بأن المصنع يتبع منظمة الصناعات التقنية (OTI)، وهي هيئة حكومية تابعة لوزارة الدفاع السورية، تأسست عام 2010 بهدف تطوير صناعات عسكرية ومدنية متقدمة. وتجدر الإشارة إلى أن كلاً من الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة فرضت عقوبات على OTI عام 2015، متهمةً إياها بالتورط في إنتاج أسلحة كيميائية لصالح النظام السوري البائد.
خلال البحث عن الشركات المعتمدة من قبل صندوق دعم قرض الطاقات المتجددة، التي يمكنها بيع الألواح الشمسية المنتجة محلياً، تواصل فريق التحقيق مع شركة الديوان المتحدة للطاقة الشمسية والطاقات المتجددة.
لكن اللافت أنه عند اتصال أحد أعضاء الفريق بالرقم المُخصص للشركة، أجابت الموظفة نفسها التي تعمل لدى شركة الجونة للطاقة، مؤكدة أن «شركة الجونة للطاقة محدودة المسؤولية جزءاً من مجموعة الديوان المتحدة للطاقة الشمسية والطاقات المتجددة (Al-Diwan United Group)» التي يديرها «سعد إسحاق».
دفعنا ذلك إلى البحث عبر فيسبوك عن الرقم ذاته لمعرفة ما إذا كان مستخدماً لشركات أخرى، ليتبين أنه ظهر في إعلان منشور على صفحة «عالم العقارات بدمشق» بتاريخ 4 شباط (فبراير) 2025، يروج للاستثمار في شقق سكنية ومحلات تجارية ضمن مشروع ماروتا سيتي.
أجرى مراسل آخر اتصالاً بالرقم ذاته للاستفسار عن الإعلان والمشروع العقاري، فجاءه الرد من الموظفة نفسها. وعند سؤاله عن أصحاب المشروع، أوضحت أنه يعود لكل من «سعد إسحاق ومفيد الصفدي»، كما قالت خلال المكالمة أن شركتهم تعمل أيضاً في تركيب منظومات الطاقة الشمسية.
وفي السياق، تتولى شركة دمشق الشام القابضة إدارة وتنفيذ مشروع ماروتا سيتي، وهو مشروع عقاري فاخر أُقيم على أراضٍ مستملكة بموجب المرسوم رقم 66 والقانون رقم 10. كما تمنح الشركة امتيازات خاصة لرجال الأعمال المقربين من النظام البائد، الذين أبرموا صفقات مربحة معها عبر شراكات بين القطاعين العام والخاص.

شبكات النفوذ والاقتصاد: قروض دون تأثير حقيقي؟
على مدار عام ونصف من عمل صندوق دعم قرض الطاقات المتجددة، بلغ عدد القروض الممنوحة نحو 16 ألف قرضاً، بقيمة إجمالية تُقدّر بـ 800 مليار ليرة سورية، أي ما يعادل 53 مليون دولار أميركي وفقاً لسعر صرف 15.000 ليرة مقابل الدولار قبل سقوط نظام الأسد. كما بلغت الفوائد المدفوعة للمصارف نحو 138 مليار ليرة سورية، أي ما يعادل 9.2 مليون دولار أميركي، وفقاً لمعلومات حصل عليها فريق التحقيق من مصادر داخل الصندوق.
في المقابل، قال أحد المصرفيين الذين تحدثوا إلى فريق التحقيق، شريطة عدم الكشف عن هويته، أن بعض المصارف علّقت منح القروض بعد تأخّر الصندوق في تحويل الفوائد المستحقة لمدة تراوحت بين خمسة إلى ستة أشهر في العام الماضي 2024. وأوضح أن «هذا التأخير أثّرَ على قدرة المصارف على تمويل دفعاتٍ جديدة، وأدّى إلى تراكم طلبات القروض غير المُعالَجة».
يرى جوزيف ضاهر، الأكاديمي الاقتصادي والناشط السياسي، أن القروض الممنوحة لم تُحقّق أثراً اقتصادياً واسع النطاق، إذ لم تُوجّه لتعزيز الإنتاج أو خلق فرصٍ مستدامة، بل استفاد منها رجال الأعمال المرتبطون بالقصر الجمهوري، نظراً لامتلاكهم امتيازات الموردين الأساسيين لهذه المشاريع.
ويشير ضاهر إلى أن هذه القروض، رغم ضخامتها، لم تؤثّر على بنية الاقتصاد السوري الكلي، موضحاً: «المستفيد الحقيقي ليس المواطن، بل المستوردون، وغالبيتهم من شبكات النفوذ المرتبطة بالنظام البائد».
ورغم تغيير الحكومة، بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من كانون الأول (ديسمبر) 2024، لم يطرأ تحوّلٌ في السياسات الاقتصادية، إذ لا تزال القرارات تخدم الفئات ذات النفوذ.
ويؤكد ضاهر أن شخصيات مثل محمد حمشو وبلال النعال لا تزال خارج إطار المساءلة، رغم دورها البارز في شبكات الفساد الاقتصادي. ويرى أن هناك صراعاً بين رجال الأعمال الجدد والقدامى، لكنّ الحكومة الجديدة «لا يمكنها التخلي عن الشخصيات القديمة بسهولة، نظراً إلى رؤوس أموالهم المتراكمة وشبكاتهم الاقتصادية الخارجية، التي تضمن استمرار نفوذهم».
إيقاف صندوق الطاقات المتجددة بقرار حكومة تصريف الأعمال
في 19 كانون الأول (ديسمبر) 2024، وبعد سقوط نظام بشار الأسد، أصدر وزير الكهرباء في حكومة تصريف الأعمال، المهندس عمر شقروق، قراراً يقضي بإيقاف عمل المنصة الإلكترونية الخاصة بتقديم طلبات الاستفادة من قروض دعم استخدام الطاقات المتجددة، المُخصّصة لكافة القطاعات المشمولة بموجب القانون رقم 23 لعام 2021.
القرار شمل أيضاً إيقاف عمليات التسجيل المباشر لجميع الفئات المستهدفة، بما في ذلك مشاريع السخّان الشمسي، ووقف الإحالات إلى المصارف التي كانت تمنح القروض المدعومة لتمويل هذه المشاريع. كما نص على استكمال الإجراءات المالية لصرف المستحقات للجهات التي سبق أن نفّذت مشاريع الطاقة المتجددة، وفق البيانات المُقدّمة من قبلها.
في محاولة للحصول على رد رسمي حول أسباب اتخاذ هذا القرار، تواصلنا مع المكتب الإعلامي التابع لوزارة الكهرباء ووجهنا أسئلتنا إلى الوزير عمر شقروق. بعد انتظارٍ دامَ نحو ثلاثة أسابيع، جاء رد المكتب الإعلامي مقتضباً: «يجب الانتظار فترةً حتى نتمكن من التصريح حول هذا الأمر»، وعند طلبنا توضيح السبب، لم نحصل على أي إجابة حتى تاريخ نشر هذا التحقيق.
رغم توقّف صندوق دعم الطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة، فإنه تركَ خلفه آلاف المُقترضين والمقترضات، يعاني بعضهم أوضاعاً اقتصاديةً صعبة، بينما فقد آخرون وظائفهم، ما يجعلهم عاجزين عن سداد الأقساط أو تحمل تكاليف إصلاح معداتهم الكهروضوئية.
في المقابل، لا يزال التجار «حيتان السوق» الذين يسيطرون على سوق الطاقة يواصلون أعمالهم دون قيودٍ من الحكومة الحالية، وحتى بعد سقوط الأسد. يقول ملهم جعفر: «بالنسبة لي شخصياً، فبفضل الله ما زلت قادراً على السداد حتى الآن، لكن غيري – أقسم بالله – غير قادر على ذلك أبداً».
أُنتِجَ هذا التحقيق ضمن الدورة الثانية من «برنامج مِنَح الجمهورية للصحفيّات السوريات»، الذي يَدعمُ إنتاج مشاريع صحفية مُعمَّقة تتعلّقُ بشؤون السوريين والسوريات ومعاشهم داخل البلد وخارجه.