تواجه الدول المطلة على البحر الأحمر تهديدات بـ كارثة بيئية كبرى بسبب احتمالات وقوع انفجارات أو تسربات نفطية من خزان صافر اليمني، ما يهدد دولًا مثل اليمن ومصر والسعودية بواحدة من أخطر كوارث التسربات النفطية في التاريخ.
صافر هي ناقلة نفط مهترئة عمرها 45 عاما تحمل 1,1 مليون برميل من النفط (أي أكثر من 140 ألف طن)، وهي ترسو على مسافة ستة أميال من الساحل اليمني.
وتعتبر سفينة صافر المصنعة في اليابان عام 1976، ناقلة نفط ضخمة يصل وزنها الساكن إلى نحو 400 ألف طن، وتبلغ سعتها حوالي 3 ملايين برميل من النفط الخام.
خزان صافر، هو محطة التصدير الرئيسة للنفط الخام الخفيف الذي كان يستخرج من بعض القطاعات النفطية الواقعة في المناطق الشرقية من اليمن، مثل (القطاع 18) في منطقة صافر بمحافظة مأرب شمال شرق اليمن، و(القطاع 9) في منطقة مالك بمحافظة شبوة (جنوب شرق).
غير أن ضخّ النفط الخام إلى الخزان العائم، توقف منذ أكثر من 7 سنوات، حيث يشهد اليمن حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر 2014.
تعود ملكية السفينة لشركة النفط الحكومية “صافر لعمليات إنتاج واستكشاف النفط”، وبسبب عدم خضوعها لأعمال صيانة منذ عام 2015، أصبح النفط الخام والغازات المتصاعدة تمثل تهديدا خطيرا بوقوع كارثة بيئية لم تشهدها المنطقة من قبل.
تحتوي صافر على أربع مرات كمية النفط التي تسربت خلال كارثة “إكسون فالديز” عام 1989، وهي أسوأ كارثة بيئية في العالم، وفقا للأمم المتحدة.
كارثة بيئية تهدد مدن عربية
حذرت العديد من المنظمات البيئية الدولية ودقت أكثر من مرة ناقوس الخطر على الدول المطلة على البحر الأحمر، بعد تزايد احتمالات وقوع واحدة من أخطر كوارث الانسكاب النفطي في تاريخ البشرية.
تهدد السفينة 8 محافظات في اليمن وهي: حَجّة والحديدة وصعدة ودمار وصنعاء والمحويت وريمة، وأكثر من 100 جزيرة يمنية على البحر الأحمر قد تفقد تنوعها البيولوجي وتخسر موائلها، إضافة إلى فقدان ما لا يقل عن 126 ألف صياد يمني، لمصدر دخلهم الوحيد في مناطق صيد الأسماك، وفقدان نحو 850 ألف طن من المخزون السمكي في المياه اليمنية على البحر الأحمر، و969 نوعاً من الأسماك في المياه اليمنية التي سيقتلها النفط الخام في حال تسربه.
وتعد جمهورية مصر العربية واحدة من الدول المهددة بـ كارثة بيئية كبرى في حال وقوع التسرب، لأنها واحدة من الدول المطلة على البحر الأحمر، ما يهدد مجموعة من المدن الساحلية على البحر الأحمر، وهي مدن جنوب سيناء: نويبع، دهب، شرم الشيخ، أبو رديس، أبو زنيمة، رأس سدر، طور سيناء، ومدن محافظة البحر الأحمر: رأس غارب، الغردقة، سفاجا، القصير، مرسى علم، شلاتين، بالإضافة إلى محافظتي السويس ومرسى مطروح
معظم هذه المدن المصرية تعتمد اعتمادًا كليًا على السياحة، ما يهدد بانقطاع السياحة في حال تسرب النفط من الناقلة المتهالكة، بجانب تهديدات أخرى تتعلق بانقطاع الملاحة في قناة السويس.
كما ستؤثر الكارثة المتوقعة على المشاريع والخطط السياحية وعلى مجال الصيد في المملكة العربية السعودية وسيكون الأثر واضحا وكبيرا.
وتهدد السفينة جميع المدن السعودية، التي تطل على البحر الأحمر، وهي: جدة ونيوم والقنفذة والليث ورابغ وينبع والدمام والخبر والجبيل والخفجى والشقيق والقحمة وجزر فرسان وصبيا وضباء والوجة وحقل وأملج.
اقرأ أيضًا.. 425 قنبلة مناخية في 48 دولة تُفاقم الاحترار وتهدد مستقبل الأرض
غرينبيس تناشد جامعة الدول العربية
حضت منظمة غرينبيس، الأربعاء، جامعة الدول العربية على عقد اجتماع طارئ لوزراء خارجية الدول الأعضاء من أجل تمويل خطة الأمم المتحدة لإنقاذ خزان “صافر” ومنع كارثة بيئية كبرى وإيجاد حل للتهديدين الإنساني والبيئي اللذين تشكلهما ناقلة النفط هذه على اليمن والدول المجاورة، وكذلك على البيئة الهشة في المنطقة.
وقالت المديرة التنفيذية في غرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا غوى النكت “نتوجّه اليوم الى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ونلحّ عليه بضرورة التنسيق مع الدول الأعضاء لعقد اجتماع طارئ والعمل معاً لتمويل خطة ازالة خزان صافر قبل ان يفوت الأوان وتقع كارثة بيئية كبرى.
وقالت إنه من المؤسف جداً ان أزمة صافر لم تنحلّ بعد بسبب عدم توافر الدعم المادي اللازم لذلك، ولم تساهم حتى اليوم سوى دولة عربية واحدة بالتبرعات التي بلغت نصف المبلغ المطلوب”.
وتابعت النكت “حان الوقت الآن الى إيلاء خزان صافر الانتباه اللازم وبذل كل الجهود الممكنة لحل هذه الأزمة العالقة قبل وقوع كارثة بيئية كبرى، وهي أولاً وقبل كل شيء أزمة عربية. ولنا ثقة كاملة أن جامعة الدول العربية قادرة على لعب هذا الدور في تسريع العمل على الحلّ.
وأضافت: كارثة بيئية كتلك اذا وقعت، ستقع علينا جميعاً وسيكون أثرها خطيرًا جداً على ملايين السكان في المنطقة وعلى سبل عيشهم وغذائهم وصحتهم وبيئتهم”.
الأمم المتحدة وخطة لمنع كارثة بيئية
تسعى الأمم المتحدة إلى الحصول على 144 مليون دولار لتنفيذ خطتها، بما في ذلك 80 مليون دولار لتنفيذ العملية الطارئة لتركيب سفينة بديلة مؤقتة.
يحذّر دعاة حماية البيئة من أن التمويل المطلوب لتنفيذ العملية هو مبلغ زهيد مقارنة ب20 مليار دولار ستكون هناك حاجة إليها من أجل تنظيف التسرب في مياه البحر الأحمر.
في مايو تمكن مؤتمر نظمته الأمم المتحدة لحشد التبرعات من جمع نحو نصف المبلغ المنشود لتنفيذ العملية الطارئة، وهو 80 مليون دولار، لتمويل المرحلة الأولى للخطة التي تهدف إلى نقل النفط من السفينة التي نخرها الصدأ إلى ناقلة نفط أخرى كإجراء موقت، بحسب فرانس برس.
قال منسق الأمم المتحدة والشؤون الإنسانية في اليمن ديفيد غريسلي، نهاية مايو، إن المنظمة الدولية تحتاج بشكل عاجل إلى 40 مليون دولار في يونيو المقبل، للبدء في عملية الطوارئ لتنفيذ خطة حل أزمة الخزان صافر قبل فوات الأوان، ووقوع كارثة بيئية كبرى.
ووجه غريسلي – في تغريدة على الموقع التواصل الاجتماعي تويتر – الشكر لمكتب شؤون الشرق الأدنى في الخارجية الأمريكية على تشجيعه المانحين على تقديم 144 مليون دولار لتنفيذ خطة الأمم المتحدة الخاصة بالخزان صافر، مشيرا إلى توفر 40 مليونا منها في الوقت الحالي.
اقرأ أيضًا.. الأرض المسمومة في سوريا.. كيف أدت سنوات الصراع إلى تلويث وتدمير الأراضي السورية؟
الولايات المتحدة على الخط
مايو الماضي، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، أن عملية نقل النفط من خزان ظافر قد تبدأ في وقت مبكر من يونيو القادم.
جاء ذلك في تصريح للمبعوث الأمريكي لليمن “تيم ليندركينغ”، نشره الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية، وقتها.
وقال ليندركينغ إن “عملية نقل النفط من السفينة صافر إلى سفينة مؤقتة يمكن أن تبدأ في وقت مبكر من يونيو القادم”.
وشكر “الذين تعهدوا اليوم بدعم خطة الأمم المتحدة لتوفير 144 مليون دولار لإنهاء التهديد الذي تشكله ناقلة صافر”.
وحث “الجهات المانحة في الخليج والمنطقة وخارجها بما في ذلك الجهات الفاعلة الخاصة لاغتنام الفرصة والانضمام إلينا في اتخاذ إجراءات عاجلة”.
وجاءت أخر التصريحات الأمريكية بشأن خزان صافر، أمس الأول، على لسان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي كشف أن وزارة الخارجية الأمريكية تعمل على توفير 10 ملايين دولار لدعم خطة الأمم المتحدة لمواجهة تهديد خزان صافر النفطي، قبالة سواحل محافظة الحديدة غرب اليمن، وما قد ينتج عنه من كارثة بيئية محتملة.
وحذر بلينكن، في بيان مساء أمس الأول، “بمناسبة اليوم العالمي للمحيطات”، من أنه “سيكلف تسرب النفط أو انسكابه العالم مليارات الدولارات لتنظيفه، كما أنه سيدمر الحياة البحرية في البحر الأحمر، ويعيق التجارة العالمية في هذا الممر المائي الدولي الرئيس”.
وأضاف: “يدمر سبل عيش من يعتمدون على مصايد الأسماك، ويفاقم الوضع الإنساني الحرج أصلا في اليمن”.
وأكد وزير الخارجية الأمريكي على أنه يجب العمل لتجنب حدوث ذلك.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة تحتاج إلى 80 مليون دولار لتنفيذ عملية طارئة أولية لنقل نفط الناقلة صافر إلى سفينة أكثر أماناً.
وتابع: “يقربنا تعهد الولايات المتحدة اليوم من هدفنا أكثر، وندعو القطاع الخاص والحكومات الأخرى التي لها مصلحة في هذا الممر المائي الحيوي إلى أخذ المبادرة الآن وتقديم التمويل المطلوب بشكل عاجل”.