منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

دراسة جديدة تكشف عن تأثير تصميمات المباني متعددة الطوابق على الانبعاثات وطرق تقليلها

تكشف دراسة جديدة، لأول مرة، عن تأثير تصميمات المباني الحديثة متعددة الطوابق على الانبعاثات الكربونية المتجسدة والتكلفة والطاقة التشغيلية.

باستخدام نموذج بحثي، قدر الباحثون أن 28 – 44٪ من طاقة التدفئة والتبريد السنوية، وستة جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون التراكمي المتجسد من الآن وحتى عام 2050، يمكن توفيرها في المباني الجديدة متعددة الطوابق من خلال استخدام توصيات معينة والاستعانة بـ التكنولوجيا المتاحة اليوم.

نظرا لأن تشييد وتشغيل المباني يمثل مصدرًا لأكثر من ثلث الانبعاثات العالمية واستهلاك الطاقة، فإن السباق مستمر لخفض الانبعاثات من هذا القطاع المهم والحيوي.

يقول الباحثون من جامعتي كامبريدج وباث، إن المباني تشكل جزءا كبيرا من المشكلة الحالية، إلا أنها أيضا قد تكون جزءا من الحل.

ووضع الباحثون في نتائج الدراسة التي نشرت في مجلة Applied Energy، العديد من التوصيات التي يجب على المهندسين المعماريين والمهندسين والمخططين الحضريين التفاوض بشأنها واتباعها لتقليل الانبعاثات والطاقة المستهلكة أثناء وبعد البناء.

لأغراض هذه الدراسة، تشمل التوصيات الشكل والحجم والتخطيط والنظام الهيكلي والنوافذ والعزل والتهوية ومعايير الاستخدام، لكل من المباني السكنية ومباني المكاتب، عبر المناخات المختلفة.

قام الباحثون ببناء نموذج سمح لهم لأول مرة بتقدير الأهمية النسبية لقرارات التصميم في المراحل المبكرة في سياق المبنى بأكمله.

وجدت الدراسة أن زيادة انضغاط المباني، واستخدام الفولاذ أو الأخشاب بدلا من الإطارات الخرسانية، ووجود نوافذ أصغر مع استخدام الزجاج الأمثل لمناخ المدينة الموجود بها المبنى، واستخدام التهوية الميكانيكية مع استرداد الحرارة، هي أهم التدابير لتقليل الانبعاثات المتجسدة والطاقة التشغيلية.

وفي الوقت نفسه، وجدت الدراسة أن أهم الطرق لتقليل الانبعاثات وتكاليف البناء تتعلق باختيار مادة الإطار، وقرار تركيب التهوية الميكانيكية.

بالنسبة لكل من المباني السكنية والمكاتب، وجد أن اختيار نوع الإطار الهيكلي له تأثير كبير على كل من الكربون المتجسد، وهي كمية الكربون المنبعثة من تشييد المبنى، وكذلك التكلفة.

وجد الباحثون أن أنواع الإطارات الأرخص تميل إلى أن تكون أكثر كثافة في الكربون والعكس صحيح، مما يشير إلى مقايضة كبيرة.

وبالمقارنة، يمكن تحقيق أقل حلول لانبعاثات الكربون باستخدام ألواح أرضية خشبية مغلفة مع عوارض مغلفة أو إطارات فولاذية.

وفي الوقت نفسه، مع زيادة عدد الطوابق، تزداد أيضا قيم الكربون المتجسدة.

يعد اختيار الكسوة أيضا عاملا مهما، حيث تؤدي كسوة الطوب إلى ارتفاع الكربون المتجسد والتكلفة بشكل ملحوظ مقارنة بخيارات الكسوة الأخف أو البلاط.

هذا له تأثير غير مباشر، مع زيادة إضافية في كميات المواد اللازمة لإطار هيكلي لدعم أحمال الكسوة الأعلى.

تقول الدراسة إن المباني المكسوة بالطوب، والتي لا تزال تحظى بشعبية واسعة في العديد من الدول، تكون أكثر تكلفة وأكثر كثافة من الكربون بنسبة تصل إلى 20 ٪ و 15 ٪ ، من المباني المكسوة بالألواح أو البلاط.

اقرأ أيضًا.. الانبعاثات العالمية في 2022 تصل إلى ذروة جديدة

ما الذي يحدد الطاقة التشغيلية؟

بالنسبة للمناخات المعتدلة، مثل مناخ لندن، المملكة المتحدة، فإن شكل المبنى وتكوينات نوافذه هي قرارات التصميم الأكثر تأثيرا التي تحدد طاقة التدفئة والتبريد.

بالنسبة للمناخات الاستوائية في سنغافورة ولاجوس في نيجيريا، تعني الرطوبة العالية ودرجات الحرارة المرتفعة أن هناك اعتمادا على طاقة التبريد. لذا كلما زاد عدد السكان داخل المبنى، زاد استخدام طاقة التبريد لإزالة الرطوبة من الهواء الوارد.

 

في المناخ الحار والجاف في القاهرة بمصر، تعتبر القرارات المتعلقة بنسب النوافذ إلى الجدار أمرا بالغ الأهمية. فكلما زاد عدد النوافذ، زادت درجة حرارة المبنى من خلال الإشعاع الشمسي.

وجد الباحثون أن النوافذ الأصغر ومعامل اكتساب الحرارة الشمسية المنخفض (جزء الإشعاع الشمسي الذي يتم إدخاله من خلال النافذة) له تأثير أكثر وضوحا على كفاءة مباني المكاتب مما هو عليه في المباني السكنية. ويرجع ذلك إلى أن الأول يحتوي على عدد أكبر من السكان والأجهزة الباعثة للحرارة.

من خلال دراسة تأثير المناخ على حساسية متغيرات تصميم المباني، وجد الباحثون أنه من الصعب الحفاظ على طاقة التبريد منخفضة في المناخات الحارة والرطبة، أكثر من تحقيق طاقة تدفئة منخفضة في المناخات الباردة والمعتدلة.

يقول الباحثون إن استخدام التهوية الميكانيكية مع استرداد الحرارة هو أحد أهم الروافع لتقليل طاقة التدفئة والتبريد، خاصة بالنسبة لمباني المكاتب في المناخات الحارة والرطبة والباردة.

يأتي خيار التهوية بتكاليف أعلى، لكنها مقايضة يؤكد الباحثون أنه يجب أن يكون لها “اعتبارا مركزيا في تصميم المباني” ، خاصة في ضوء تغير المناخ، الذي يؤثر بالفعل بشكل غير متناسب على البلدان النامية والذي سيدفع حتما المزيد من سكان العالم إلى مناخات أكثر سخونة.

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور هانيس غاوش، الباحث المشارك في الطاقة المتجسدة وانبعاثات البناء: “كان من المفاجئ بالنسبة لنا أن سمك العزل والكتلة الحرارية، والتي عادة ما يهتم بها مصممي المباني والباحثين، هي عوامل ثانوية في تحديد كفاءة المبنى. وأن اختيار الكسوة خفيفة الوزن على الطوب، على سبيل المثال، له تأثير أكثر أهمية”.

وأضاف: “تظهر النتائج التي توصلنا إليها أنه لتصميم مبان منخفضة الكربون، نحتاج إلى التركيز على الأشكال الفعالة (الصندوقية) والإطارات الهيكلية (فترات أقصر، والمزيد من الأخشاب)، والحد من أحجام النوافذ، واستخدام التهوية مع استرداد الحرارة “.

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.