وجد فريق من العلماء، بعد الاستعانة بسجلات الطقس القديمة، أن عاصفة قوية ذات رياح شديدة ضربت المملكة المتحدة منذ أكثر من قرن من الزمان أنتجت بعضًا من أقوى الرياح التي شهدتها بريطانيا على الإطلاق.
ضربت العاصفة يوليسيس المملكة المتحدة في فبراير 1903، وتعد واحدة من أشد العواصف التي ضربت الجزر البريطانية.
من خلال تحويل بيانات الطقس المكتوبة بخط اليد إلى سجلات رقمية، مهد فريق البحث الطريق لفهم أفضل للعواصف التاريخية والفيضانات وموجات الحر.
يرى الخبراء أن هذه الملاحظات التي رصدت الماضي يمكن أن تساعد على فهم مخاطر الطقس المتطرف الآن وفي المستقبل.
قاد البحث البروفيسور إد هوكينز، عالم المناخ في جامعة ريدينج والمركز الوطني لعلوم الغلاف الجوي.
وقال هوكينز: “كنا نعلم أن العاصفة التي حللناها كانت كبيرة وضخمة، لكننا لم نكن نعلم أنها من بين أقوى أربع عواصف شهدتها إنجلترا وويلز، ويعود الفضل في هذا الاكتشاف إلى البيانات القديمة المسجلة التي استعدناها، فهي التي أوضحت لنا الصورة”.
وأضاف: “هذه الدراسة هي مثال رائع على حجم الاستفادة والمساعدة التي يمكن أن نحققها عند العودة إلى السجلات الورقية القديمة للطقس، وأبرز هذه الاستفادات، فهم العواصف التي وقعت في العقود الماضية بشكل أفضل، ولا شك أن الكشف عن هذه الأسرار التاريخية يمكن أن يغير فهمنا للطقس القاسي والمخاطر التي يشكلها علينا اليوم “.
اقرأ أيضًا.. ما الفرق بين الطقس والمناخ؟ 10 معلومات تفند الخطأ الشائع
أسرار عاصفة قوية
نُشر البحث في مجلة المخاطر الطبيعية وعلوم نظام الأرض، وتشير نتائجه إلى أن العديد من العواصف التي حدثت قبل عام 1950 تركت دون دراسة، حيث توجد مليارات من البيانات على الورق فقط، مخزنة في الأرشيفات حول العالم.
لكن فريق العلماء بقيادة البروفيسور هوكينز بحث في الأرشيف لتحويل الملاحظات المكتوبة بخط اليد المتعلقة بالعاصفة يوليسيس من الصيغة الورقية إلى الرقمية.
تسبب الإعصار في وفيات متعددة وألحق أضرارًا بالغة بالبنية التحتية والسفن عندما مر عبر أيرلندا والمملكة المتحدة بين 26 و 27 فبراير 1903.
باستخدام البيانات الرقمية الجديدة، تمكن فريق البحث من استخدام تقنيات مشابهة للتنبؤ بالطقس الحديث لمحاكاة العاصفة أوليسيس وتقييم قوة رياحها بدقة.
ساعدت المقارنات مع ملاحظات الطقس المستقلة، مثل بيانات هطول الأمطار، بالإضافة إلى الصور الفوتوغرافية والحسابات المكتوبة من عام 1903 التي حددت الدمار الناجم عن الإعصار، على توفير صورة كاملة حول ما يمكن أن يحدث إذا ضربت عاصفة بحجم “يوليسيس” بريطانيا في الحاضر أو في المستقبل وفي ظل الاحترار العالمي وتغير المناخ.
قال هوكينز إن هذه العواصف إذا تكررت في المستقبل ستكون أسوأ بكثير مما كانت عليه في عام 1903 بسبب آثار أزمة المناخ.
وقال لبرنامج “توداي” على إذاعة بي بي سي 4: “يمكننا ترجمة الأحداث الماضية إلى سياق حديث، واستنتاج العواقب في عالمنا الأكثر دفئًا. على سبيل المثال، نعلم أن مستويات سطح البحر قد ارتفعت بالفعل حول سواحلنا، لذا فإن العواصف التي حدثت في الماضي ستكون اليوم أكثر ضررًا، لأن العاصفة العاتية حول سواحلنا ستكون أعلى”.
وأضاف: “أيضًا، نظرًا لأننا نعيش في عالم أكثر دفئًا، فإن غلافنا الجوي أكثر دفئًا ورطوبة، وبالتالي يحتوي على المزيد من الرطوبة. وهكذا سوف تنتج العواصف أمطارًا أكثر مما كانت في الماضي”.
وتابع: ” من فهم الأحداث الماضية، يمكننا أن نفهم كيف تتغير المخاطر عبر الزمن مع ارتفاع درجة حرارة العالم.”.
قال هوكينز إنه يخطط لتطبيق هذه الطريقة على عواصف تاريخية أخرى.
وأضاف: “لدينا الكثير من اليوميات والسجلات المكتوبة بخط اليد في المملكة المتحدة وأيرلندا ، تعود إلى القرن التاسع عشر ، والتي تغطي الكثير من هذه العواصف وغيرها من الأحداث المتطرفة التي شهدناها في الماضي”.
وتابع: “إن إعادة التحليل مفيدة لفهم مخاطر الظواهر الجوية المتطرفة لأنها أظهرت أن قوة الرياح التي شهدتها بعض المواقع خلال العاصفة أوليسيس ستكون نادرة جدا، بواقع مرة واحدة فقط في 100 عام”.
يوفر الحصول على معلومات حول مثل هذا الحدث النادر، نظرة ثاقبة حول الأضرار الإضافية المحتملة التي يمكن أن تسببها عاصفة مماثلة الآن أو في المستقبل.
سميت عاصفة عام 1903 ب”العاصفة يوليسيس” لأن الأضرار التي لحقت بآلاف الأشجار في دبلن ذكرت في رواية يوليسيس لجيمس جويس، والتي كتبت في العام التالي للعاصفة.