في ظل أزمات العصر البيئية والغذائية، برز مفهوم الأغذية الذكية الذي انتشر بكثافة مؤخرا، كأحد الحلول المرتبطة بالتغذية السليمة
يقصد بمفهوم “الأغذية الذكية” الطعام الذي يفيد الصحة وفي الوقت نفسه يحافظ على البيئة ويعود بالنفع والمردودية على المزارعين.
تعد الأغذية الذكية مفيدة صحيا، خصوصا في حماية الدماغ والقلب والخلايا العصبية والأوعية الدموية، ويساعد في تأخير أعراض الشيخوخة، والحد من أمراضها الخطيرة.
يفي “الغذاء الذكي” بجميع المعايير، فهو مُغَذٍ وصحي للبشر، ومفيد أيضا لكوكب الأرض كونه مستداماً بيئياً، فضلاً عن أنه جيد للمزارعين من حيث إمكانية زيادة المحصول والأرباح.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة العالمية (فاو) التابعة للأمم المتحدة دعت إلى استخدام أنظمة غذائية “ذكية” تحافظ على الطاقة وتحمي البيئة، خلال مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة الذي انعقد في روما عام 2012.
أكدت “الفاو” أن أنظمة إنتاج الغذاء في العالم، بدءا من المزارع التي تزرع فيها الأغذية إلى مراحل التصنيع والتسويق، تستهلك 30% من إجمالي الطاقة المتاحة في العالم، مما يساهم بشكل حاسم في تلوث البيئة.
وأكدت المنظمة، آنذاك، أن “اعتماد الزراعة الشديد على الوقود الأحفوري يقوض قدرة القطاع على إطعام العالم، ما يديم الفقر ويقوض الجهود المبذولة لبناء اقتصاد عالمي أكثر استدامة”.
اقرأ أيضًا.. الأطعمة الزرقاء.. ما هي؟ وكيف تدعم الأمن الغذائي العالمي؟
ما هي “الأغذية الذكية”
تحتوي الأغذية الصحية “الذكية” على الكثير من الفواكه والخضروات والأسماك والدهون الصحية، مثل سمك السلمون والسردين والرنجة، والكاكاو الساخن، والمكسرات وخصوصا اللوز والجوز والثوم الذي يقاوم الشيخوخة من خلال خصائصه المضادة للأكسدة، وزيت الزيتون، وأخيرا التوت الذي يحسن الذاكرة ويخفض ضغط الدم.
يعد النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضروات -وبالذات الملونة منها- ذو فوائد صحية على الدماغ والقلب من بين النتائج الأكثر اتساقا في علم التغذية.
كما تعد الأسماك الدهنية، مثل السلمون والسردين والرنجة، مليئة بأحماض “أوميجا 3” (Omega-3) الدهنية غير المُشبعة التي يحتاج إليها الجسم لأداء الكثير من الوظائف المهمة، كبناء خلايا الدماغ.
وتحمي مضادات الأكسدة الموجودة في الكاكاو الساخن خلايا الدماغ من “الإجهاد التأكسدي” (oxidative stress) الذي يمكن أن يؤدي إلى مرض ألزهايمر واضطرابات أخرى.
بينما تقول الدراسات إن المكسرات غنية بمضادات الأكسدة، ووجد باحثون أنها تخفض مستويات الكوليسترول في الدم.
فيما يحتوي زيت الزيتون البكر على مضادات الأكسدة القوية التي تسمى البوليفينول (polyphenols). وثبت أن زيت الزيتون يقلل من ضغط الدم ومستويات الكوليسترول.
كما يحتوي الثوم على مركبات قوية مضادة للبكتيريا والفيروسات، وتساعد في التخلص من نزلات البرد والالتهابات الناتجة عن الإجهاد.
كما تؤثر المواد الكيميائية الموجودة في التوت على آلية تقلص الشرايين، ومن ثم يكون لها تأثير جيد على ضغط الدم، بجانب أنه يحسن الذاكرة والمهارات الحركية ويعكس التدهور المرتبط بالعمر.
اقرأ أيضًا.. بروتين المستقبل.. البكتيريا الهيدروجينية مصدر مستدام للغذاء وبديل للحوم
مبادرة الأغذية الذكية العالمية
مؤخرًا، ظهرت مبادرة الأغذية الذكية العالمية، والهدف الرئيسي منها هو تنويع مصادر المواد الغذائية الأساسية في جميع أنحاء أفريقيا وآسيا، من خلال التركيز على المواد الغذائية الأساسية، والتي غالبًا ما تكون 70% من الطبق ويتم تناولها 3 مرات يوميًا، والابتعاد عن الأطعمة السريعة والمضرة بالصحة والبيئة على حد سواء.
تعمل المبادرة أيضًا على مستوى العالم لفتح الأسواق للأغذية الذكية وتعزيز الأنظمة الغذائية الصحية والمستدامة.
تعد الأغذية الذكية أحد الحلول التي تساهم في معالجة بعض أكبر القضايا العالمية مثل: الأنظمة الغذائية السيئة (من سوء التغذية إلى السمنة)؛ القضايا البيئية (تغير المناخ، وندرة المياه والتدهور البيئي)؛ والفقر الريفي.
وبالنظر إلى أن المواد الغذائية الأساسية قد تشكل عادة 70 في المائة من الوجبة وغالبا ما يتم تناولها ثلاث مرات في اليوم، فإن تنويعها يمكن أن يكون له تأثير واضح على التغلب على سوء التغذية والفقر والتكيف مع تغير المناخ والتدهور البيئي.
وهذا من شأنه أن يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs) للتغلب على الفقر والجوع (هدف التنمية المستدامة 1 و 2)، والاستهلاك والإنتاج المسؤول (هدف التنمية المستدامة 12)، إلى جانب التكيف مع تغير المناخ (الهدف 13). ويشمل النهج المتبع المساواة بين الجنسين (الهدف 5 من أهداف التنمية المستدامة) والعمل من خلال الشراكات (الهدف 17 من أهداف التنمية المستدامة).
تابعنا على نبض