ذكر معهد الفكر البريطاني الشهير “تشاتام هاوس”، في أحدث تقاريره، أن مفاوضات COP28 تمثل فرصة حاسمة للعالم، ويفرض أهميته لأسباب كثيرة.
تشاتام هاوس، المعروف أيضًا باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية، هو مؤسسة فكرية يقع مقرها الرئيس في لندن، إنجلترا، كانت مصدرًا عالميًا للتحليل والحوار والأفكار المؤثرة في مساعدة الحكومات والمجتمعات لأكثر من مائة عام.
يقول التقرير إن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) يمثل فرصة حاسمة لوضع العالم على مسار أكثر استدامة، بعد ما أظهر التقرير التجميعي للتقييم العالمي للأمم المتحدة أنه يجب القيام بالمزيد لتحقيق أهداف اتفاق باريس التاريخي.
كما أشار التقرير إلى أهمية مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)، مستعرضًا مجموعة من القضايا الرئيسة التي يترقب العالم بأكمله نتائج المفاوضات بشأنها.
التقييم العالمي
يرى التقرير أن COP28 مهم لعدة أسباب، ليس أقلها أنه يمثل اختتام أول عملية تقييم عالمية (GST)، وهي الآلية الرئيسة التي يقيم العالم من خلالها التقدم الجماعي الذي أحرزه العالم نحو تحقيق أهداف وغرض اتفاق باريس، وتقديم التوجيه للحكومات حول كيفية تعزيز العمل والدعم والتعاون الدولي بشأن تغير المناخ.
ويشير إلى أن الأمل الكبير في COP28 هو أن تتوصل الحكومات إلى خريطة طريق لتسريع العمل المناخي، بعد أن تأكد للجميع أن العالم ليس على المسار الصحيح لتحقيق أهداف الاتفاقية.
تجرى عملية التقييم كل خمس سنوات، وبدأت المرحلة الأولى منها في COP26 في عام 2021 وستختتم بالمرحلة الثالثة في COP28.
خلال هذه المرحلة “السياسية”، تناقش الحكومات وتنظر في نتائج المرحلة الفنية للتقييم العالمي، وما تعنيه هذه النتائج لتعزيز العمل المناخي.
ستعقد سلسلة من الأحداث رفيعة المستوى في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، والتي ينبغي أن تولد رسائل سياسية رئيسة.
سوف تتفاوض الحكومات أيضًا على قرار أو إعلان، أو الاثنين معًا، ومن المهم أن تتضمن نتائج التقييم التزامات وتوصيات لدفع العمل المناخي الطموح للأمام، نظرًا للطابع الملح لأزمة المناخ، وفق التقرير.
الخسائر والأضرار والتكيف
تشمل المهام الحاسمة الأخرى التي تواجه المفاوضين في دبي، ملفي تشغيل صندوق الخسائر والأضرار، والتكيف وبناء القدرة على المرونة مع آثار تغير المناخ، بالإضافة إلى الاتفاق على إطار عمل للهدف العالمي لاتفاق باريس بشأن التكيف (GGA).
عندما وافقت الأطراف على إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ COP27، ظلت الأسئلة الحاسمة بلا إجابة: إلى أي مدى ينبغي أن يكون تركيزه، ضيقاً أم واسعاً؟ ما هي الدول التي يجب أن تكون مؤهلة للحصول على الدعم؟ ومن أين يجب أن يأتي المال؟
هذه القضايا وغيرها تدرسها لجنة انتقالية، تتألف من ممثلين من البلدان المتقدمة والنامية، ومكلفة بإصدار توصيات للحكومات قبل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28).
على جانب آخر، من المقرر أن تتبنى الحكومات في (COP28) إطارا لتحقيق الهدف العالمي لاتفاق باريس بشأن التكيف.
يهدف التحالف العالمي للتغير المناخي إلى تركيز جهود البلدان على تعزيز القدرة على التكيف وتعزيز المرونة والحد من التعرض لتغير المناخ، لكن لم يقدم تعريفا واضحا للهدف في اتفاق باريس ولم يحرز تقدمًا يذكر بشأن تحديده منذ ذلك الحين.
من المأمول أن يحدد الإطار الجديد الهدف بوضوح، ويوفر طرقًا لقياس التقدم المحرز نحو تحقيقه.
من شأن هذا الوضوح أن يمكّن الحكومات والمنظمات ذات الصلة من متابعة وقياس التقدم المحرز في التكيف مع قدر أكبر من التركيز وقابلية المقارنة والدقة، كجزء من عملية التقييم العالمي الثانية.
بالتوازي، تقوم اللجنة الدائمة المعنية بالتمويل بإعداد تقرير حول تعهد الدول المتقدمة بمضاعفة تمويل التكيف من مستويات 2019 بحلول عام 2025، على النحو المتفق عليه في مؤتمر الأطراف السادس والعشرين.
يقول التقرير إن تمويل التكيف أقل بكثير من المطلوب، ويتضاءل أمام حجم الاحتياجات المستقبلية.
في عام 2022، تشير تقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن احتياجات التكيف السنوية في البلدان النامية تبلغ 160 إلى 340 مليار دولار بحلول عام 2030، ثم إلى 315 إلى 565 مليار دولار بحلول عام 2050.
تحول الطاقة والوقود الأحفوري
تشمل القضايا الأخرى التي من المرجح أن تحظى باهتمام كبير في المفاوضات الجارية في دبي، والتي قد تنعكس عبر العديد من مسارات التفاوض، قضيتي تحول الطاقة والتخلص من الوقود الأحفوري، وفق التقرير.
على الرغم من أن قضية التخلص من الوقود الأحفوري ليس لها مسار تفاوضي مخصص، إلا أنه يمكن دمجها في مجموعة من مسارات العمل، مثل التقييم العالمي، والنص النهائي، و”برنامج عمل التخفيف”.
كما ستجري مناقشة التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري كجزء من حزمة أوسع نطاقا بشأن الطاقة تشمل أيضا أهدافا بشأن توسيع نطاق الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة.
في سبتمبر/أيلول الماضي، أيدت قمة قادة مجموعة العشرين، مطلب رئاسة مؤتمر الأطراف بشأن هدف الطاقة المتجددة، ووافقت على “متابعة وتشجيع الجهود الرامية إلى مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات على مستوى العالم”، والذي يعد ضمن الخطوات المهمة للأمام المتوقع حدوثها في COP28.
النظم الغذائية
حظيت النظم الغذائية والزراعة باهتمام دبلوماسي متزايد في الفترة التي تسبق COP28.
أطلقت رئاسة المؤتمر ومركز تنسيق النظم الغذائية التابع للأمم المتحدة، في يوليو/تموز، جدول أعمال COP28 للنظم الغذائية والزراعة.
يدعو جدول الأعمال البلدان إلى مواءمة النظم الغذائية الوطنية والسياسات الزراعية مع المساهمات المحددة وطنيا وخطط التكيف الوطنية، وإدراج أهداف لإزالة الكربون من النظم الغذائية في هذه الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية للتنوع البيولوجي.
دعت رئاسة COP28 أصحاب المصلحة في القطاعين العام والخاص إلى الالتزام بالتمويل والتكنولوجيا للنظام الغذائي والتحول الزراعي، وسلطت الضوء على أن النظم الغذائية تساهم بثلث جميع انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن الإنسان.
سيركز المؤتمر على الحلول التكنولوجية، حيث تتعاون دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة لتعزيز مهمة الابتكار الزراعي من أجل المناخ (AIM4C).
رحب الكثيرون بالتركيز على الغذاء في COP28، مع ضرورة أن تكمل الإجراءات الرامية إلى تغيير النظم الغذائية باقي الجهود الرامية إلى تسريع انتقال الطاقة بدلا من التنافس معها، حيث إن هناك حاجة إلى تحولات في كلا القطاعين لتحقيق الأهداف المناخية.
التمويل
كما هي الحال، من المرجح أن تكون المناقشات والمفاوضات بشأن تمويل المناخ في مركز الاهتمام في COP28.
تحتاج البلدان النامية إلى موارد مالية، فضلا عن نقل التكنولوجيا وبناء القدرات، لمساعدتها على الحد من الانبعاثات، والتكيف مع تغير المناخ ومعالجة الخسائر والأضرار.
على هذا النحو، فإن توفير وتعبئة التمويل المناخي يمثل أولوية رئيسة للعديد من البلدان في المفاوضات.
في عام 2009، تعهدت البلدان المتقدمة بتعبئة 100 مليار دولار سنويا اعتبارا من عام 2020 وما بعده من مجموعة من المصادر العامة والخاصة، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
ربما كان للفشل في تحقيق الهدف في الوقت المناسب تأثير سلبي على المفاوضات بشكل عام، نظرا لأن العملية تعتمد إلى حد كبير على قدرة الحكومات على الثقة في أن الآخرين سوف يفون بوعودهم.
سيعمل COP28 على رأب هذا الصدع، وستواصل الحكومات مفاوضاتها حول هدف جديد لتمويل المناخ ليحل محل الالتزام بمبلغ 100 مليار دولار.
الموعد النهائي للتوصل إلى اتفاق هو عام 2024، لكن التقدم الكبير المتوقع في دبي أمر بالغ الأهمية لوضع الأساس لمؤتمر الأطراف العام المقبل.