هل سمعت عما يسمى بـ لاجئ مناخي؟ إن لم تسمع عنه حتى الآن، فسوف تراه في السنوات القليلة المقبلة.
يجعل المناخ المتغير بعض البلدان غير صالحة للعيش، المحيطات ترتفع، الأعاصير تزداد جنونًا، الأمطار تسقط إما أكثر من اللازم أو أقل من المطلوب.
إذن ماذا يفعل الناس؟ يفرون.
نحن نعلم أن الصراعات تتسبب في الهجرة ونزوح اللاجئين لأماكن آمنة، الجديد الآن، أن تغير المناخ يفعل الشيء نفسه.
تستعد العديد من البلدان لهذا الاحتمال، مثل أستراليا وتوفالو، وقد وقعا بالفعل معاهدة ثنائية جديدة فذ هذا الصدد.
تنص الاتفاقية على أن أستراليا ستوفر ملجأ لمواطني توفالو المتأثرين بتغير المناخ، أو بعبارة أخرى، سوف تستقبل كانبيرا لاجئي المناخ.
ستصدر أستراليا ما يصل إلى 280 تأشيرة كل عام، يمكن لهؤلاء الأشخاص العيش والعمل والدراسة في أستراليا.
وصف رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز المعاهدة بأنها رائدة. ووصفها رئيس وزراء توفالو بأنها منارة للأمل.
قال كوسيا ناتانو، رئيس وزراء توفالو: “إن هذه الشراكة تمثل منارة أمل، ولا تمثل مجرد علامة فارقة، بل قفزة عملاقة إلى الأمام في مهمتنا المشتركة لضمان الاستقرار الإقليمي والاستدامة والازدهار”.
تعد هذه الاتفاقية بمثابة صفقة كبيرة بالنسبة لتوفالو، فهي دولة منخفضة، ويبلغ متوسط ارتفاعها عن سطح البحر ثلاثة أمتار.
لذا، إذا ارتفعت مستويات المحيطات، فإن توفالو معرضة لخطر كبير، ومن الممكن أن تغرق جزرها تحت سطح البحر، والحكومة تعلم ذلك.
في العام الماضي، قرروا إنشاء نسخة رقمية طبق الأصل من البلاد، توفالو في العالم الخارجي.
كانت الفكرة هي الحفاظ على تاريخ البلاد وثقافتها، حتى لو اختفى الوطن ستبقى الذكرى.
هذا يخبرك بمدى خطورة هذه المشكلة،وهذا هو السبب وراء جاذبية العرض الأسترالي.
توفالو هي موطن لأكثر من 11 ألف شخص، تستقبل أستراليا 280 شخصًا سنويًا، أي حوالي 2.5 في المائة من سكانهم.
بطبيعة الحال، تتداخل السياسة أيضا مع الأمر، فتوفالو واحدة من الدول القليلة التي لا تزال تعترف بتايوان، وليس لديهم علاقات مع بكين، لذا تحاول كانبيرا تأمين دعمها، كجزء من صراعها الممتد مع الصين.
اقرأ أيضًا.. اللجوء المناخي.. متى يعترف العالم بالهجرة البيئية؟
1.2 مليار لاجئ مناخي
من الممكن أن يكون لدينا 1.2 مليار لاجئ بسبب المناخ بحلول عام 2050.
هذا يعني أنه في كل عام قد يتم تهجير حوالي 21 مليون شخص بسبب الفيضانات والعواصف والجفاف وحرائق الغابات وما إلى ذلك.
في عام 2019، استقبلت الهند أكبر عدد من لاجئي المناخ، أكثر من خمسة ملايين شخص.
لدى الفلبين أربعة ملايين منهم، وكذلك بنغلادش والصين، ثم جاءت أمريكا بحوالي مليون لاجئ.
ما الذي يدفع هؤلاء الناس إلى الخروج بالضبط؟
يمثل ارتفاع مستوى سطح البحر مشكلة كبيرة، فمنذ حوالي 30 عامًا، كان حوالي 160 مليون شخص معرضين للخطر في المناطق الساحلية، والأن أصبحوا 260 مليون شخص.
يعيش 90 في المائة منهم في الدول الفقيرة والنامية، ليس لديهم المال للانتقال أو الاستثمار في التكنولوجيا الجديدة.
لنأخذ بنغلاديش على سبيل المثال: بحلول عام 2050، قد تغمر المياه 17 في المائة من البلاد، ومعها منازل 20 مليون شخص.
أين يذهبون إذن؟
لقد أصبحوا لاجئين مناخيين دون أن يشعروا، ورغم أن بنغلادش تشكل 0.3% فقط من الانبعاثات العالمية، فإن سكانها يدفعون ثمن الانبعاثات المسببة لتغير المناخ، والمسؤول عنها الدول الصناعية الكبرى، ويواجهون المزيد من العواقب بلا ذنب.
نفس الشيء في أفريقيا؛ في العام الماضي، نزح نحو سبعة ملايين أفريقي داخليا، ومرة أخرى، كان السبب هو المناخ.
بحلول عام 2050، قد يكون نصف لاجئي المناخ من الأفارقة، رغم أن حصة أفريقيا من الانبعاثات لا تتعدى أربعة في المئة فقط.
لذا فإن الوضع سيء للغاية، والبلدان التي تسببت في تغير المناخ لم تتأثر بالقدر نفسه، والدول النامية هي التي تعاني.
إذن ما هو الحل؟
تبدو فكرة أستراليا مثيرة للاهتمام، استقبال الناس ومنحهم الفرص، ولكن لن تكون كل البلدان مستعدة لذلك.
لذا على الدول الصناعية الكبرى أن تدفع لتمويل برامج العمل المناخي في الدول المتضررة.
أيضًا، عليها خفض الانبعاثات الخاصة بها، قد لا يحل ذلك المشكلة، لكنها بداية جيدة.
بالإضافة إلى ذلك، علينا أن نحدد من هو لاجئ المناخ.
في الوقت الحالي، الأمم المتحدة ليس لديها تعريف واضح ومحدد بشأن اللجوء المناخي، حتى اتفاقية اللاجئين لعام 1951 لا تتضمن تغير المناخ.
المشكلة الكبرى في ذلك، هو أنه لا يمكن المساعدة في ما لا يمكنك تحديده.
لن يكون من السهل التوصل إلى إجماع حول هذه القضية دون أن يكون لها تعريف واضح، وهذه هي المعركة الصعبة المقبلة.