أظهرت دراسة جديدة أن 80% من سكان البلدان الأفريقية، نزحوا نحو الأنهار والمدن أثناء موجات الجفاف، مما أدى إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق المعرضة لخطر الفيضانات في العقود الأخيرة.
ومن المرجح أن يتكثف نمط إعادة التوطين هذا في العقود القادمة، وفق الدراسة، حيث من المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة تواتر وشدة حالات الجفاف.
قالت سيرينا سيولا، عالمة الهيدرولوجيا بجامعة بولونيا في إيطاليا، والتي قادت الدراسة: “هي دورة تؤدي إلى تفاقم عدد الأشخاص الذين يتأثرون سلبًا بالجفاف، وليس فقط بالطرق التي نتوقعها عادةً”.
وأضافت: “مع تغير المناخ الإقليمي وتفاقم مشاكل الجفاف والفيضانات، سيكافح عدد أكبر من الناس للعثور على مكان آمن للاستقرار. فقد ينتقل الناس من مكان متأثر بالجفاف إلى مكان آخر أو ينتقلون إلى مكان يشكل مخاطر مناخية مختلفة”.
في الصومال، على سبيل المثال، نزح أكثر من 3.8 مليون شخص جزئياً بسبب الجفاف خلال السنوات الثلاث الماضية.
كما لجأ العديد من مهاجري المناخ إلى مأوى بالقرب من الأنهار، حيث يمكن استئناف الزراعة، لكن الأمطار الغزيرة والفيضانات العارمة أدت إلى نزوح أكثر من نصف مليون شخص.
نُشرت الدراسة في مجلة Earth’s Future، التي تنشر أبحاثًا متعددة التخصصات حول الماضي والحاضر والمستقبل لكوكبنا وسكانه.
قبل هذه الدراسة، ركزت الأبحاث حول الهجرات الناجمة عن الجفاف في أفريقيا على بلدان منفردة أو أحداث جفاف محددة، مما حد من فهم العلماء لكيفية تأثير الجفاف على أنماط المستوطنات البشرية على نطاقات واسعة.
أما الدراسة الجديدة فهي الأولى التي تدرس التغيرات في أنماط المستوطنات البشرية المرتبطة بالجفاف على المستوى القاري.
قالت سيولا: “نريد أن يكون المجتمع بأكمله على دراية بعدد الأشخاص الذين ينتقلون من تهديد مناخي إلى آخر”.
اقرأ أيضًا.. أصعب 10 أسئلة مناخية في عام 2024.. أبرزها يتعلق بـ ترامب
خطر موجات الجفاف
ركز الباحثون على تأثيرات موجات الجفاف في 50 دولةً أفريقيةً بينها السودان والمغرب، ووجدوا أن الجفاف قد يدفع الناس إلى الاقتراب من الأنهار لمواصلة الأنشطة الزراعية، وقد ينزح آخرون إلى المدن التي توفر فرصًا اقتصاديةً متنوعةً عندما يحد الجفاف من الزراعة.
افترض العلماء أن الجفاف يمكن أن يكون المحرك الرئيس للنزوح البشري، ولكن هناك عوامل كثيرة أخرى، غالبًا ما ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالجفاف نفسه، ويمكن أن تساهم في النزوح.
كما يمكن للجفاف أن يؤدي إلى تفاقم الصراعات والعنف السياسي وانعدام الأمن الغذائي والوظيفي، وكل منها بشكل منفصل يمكن أن يؤدي إلى هجرة جماعية.
اختار الباحثون التركيز على الجفاف وحده بسبب تأثيره المحتمل على العديد من العوامل المختلفة، واستخدموا مؤشرين يعكسان على التوالي التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية وتأثيرات التبخر والنتح للجفاف، للبحث عن حالات الجفاف في 50 دولة أفريقية من عام 1992 إلى عام 2013.
أدرج الباحثون في تحليلاتهم السنوات السابقة واللاحقة للجفاف لاختبار قوة إشارة الجفاف وتأثيرات الجفاف المتبقية على حركة الإنسان.
ولتحديد ما إذا كان الناس قد انتقلوا إلى الأنهار، استخدم الباحثون كشف الضوء الليلي المعتمد على الأقمار الصناعية للتحقق من التغيرات في لمعان المستوطنات الحالية أو تطوير مستوطنات جديدة.
واستخدموا أيضًا بيانات التعداد السنوية للبنك الدولي على أساس كل بلد لتتبع السكان في المراكز الحضرية.
إلى أين يقود الجفاف الناس؟
وجدت الدراسة أن الناس انتقلوا نحو الأنهار أو المراكز الحضرية في ما يصل إلى 80% من البلدان الأفريقية التي تعاني من الجفاف.
وفقًا للمؤشرات، فإن ما يقرب من نصف إلى ثلاثة أرباع مستوطنات جميع البلدان التي شملتها الدراسة كانت تقترب من الأنهار، كما أن ثلث إلى نصف البلدان شهدت نموًا في سكان المناطق الحضرية.
وكشفت النتائج أيضًا أن ما بين 70 إلى 81% من البلدان الأفريقية تشهد عمليات نزوح أكبر خلال فترات الجفاف، مقارنةً بالفترات التي لا تعاني فيها من الجفاف.
وقالت سيولا إن إشارة النمو الحضري ربما كانت أضعف من الهجرة النهرية لأن الناس قد ينتقلون إلى المدن لأسباب عديدة.
وشهد سبعة عشر بلداً حالات جفاف وفقاً لمؤشري الجفاف خلال فترة الدراسة، كما شهد ما يصل إلى 65% من تلك البلدان زيادة في حركة الإنسان نحو الأنهار خلال سنوات الجفاف عندما تم تضمين سنة ما قبل الجفاف في التحليل.
الجدير بالذكر أن جميع بلدان الجنوب الأفريقي شهدت هجرة مرتبطة بالجفاف نحو الأنهار بناءً على مؤشر جفاف واحد على الأقل خلال فترة الدراسة، خاصة بوروندي وغينيا بيساو وناميبيا، كما أشارت سيولا.