نجح باحثون من جامعة ساوثهامبتون في هندسة الميكروبيوم النباتي لأول مرة لزيادة وجود البكتيريا المفيدة في النباتات بهدف تعزيز صحة المحاصيل. وأظهرت النتائج المنشورة في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز زيادة مقاومة الأرز لمرض البقعة البكتيرية، مما قد يقلل استخدام المبيدات وتأثيرها على البيئة.
وكان فريق بحثي دولي من جامعة ساوثهامبتون والصين والنمسا قد توصل إلى أول هندسة ناجحة للميكروبيوم النباتي بهدف حماية النبات من الأمراض، حيث اكتشف الفريق أن تفعيل جين معين يزيد من إنتاج مركب حيوي يؤثر إيجابا على تركيبة البكتيريا الميكروبية المفيدة في النبات، مما زاد من مقاومته لمرض البقعة البكتيرية الخطير على محاصيل الأرز. ويمهد هذا الإنجاز الطريق لتطوير طرق بديلة للمبيدات تعزز صحة المحاصيل والبيئة معا.
الميكروبيوم النباتي
الميكروبيوم النباتي هو مجتمع من الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش على سطح أو داخل النباتات، ويشمل ذلك البكتيريا والفطريات والفيروسات والعتائق (البكتريا القديمة)، ويتواجد الميكروبيوم النباتي في جميع أنحاء النبات، بما في ذلك الجذور والأوراق والسيقان. ويلعب الميكروبيوم النباتي دورًا هامًا في صحة النبات ونموه، ويمكن أن يساعد في حماية النبات من الأمراض، وتعزيز امتصاص العناصر الغذائية، وتحسين تحمل الإجهاد.
الميكروبيوم النباتي هو نظام بيئي معقد يلعب دورًا هامًا في صحة النبات ونموه، ومن خلال فهم أفضل لكيفية عمل الميكروبيوم النباتي، يمكن للعلماء تطوير طرق جديدة لتحسين الزراعة والحفاظ على البيئة.
تتفاعل الكائنات الدقيقة في الميكروبيوم النباتي مع بعضها البعض ومع النبات بطرق مختلفة، ويمكن أن تنتج هذه التفاعلات مواد مفيدة للنبات، مثل مضادات الميكروبات والمواد الكيميائية التي تحفز النمو. ومن الأمثلة على تفاعلات الميكروبيوم النباتي: بعض البكتيريا الموجودة في جذور النباتات القادرة على تثبيت النيتروجين، وهو عنصر غذائي أساسي للنباتات. وتساعد بعض الفطريات في تحسين امتصاص النباتات للمياه والمعادن من التربة. كما تنتج بعض البكتيريا مواد مضادة للميكروبات تساعد في حماية النبات من الأمراض.
الأبحاث الحديثة
يبحث العلماء عن طرق لتحسين الميكروبيوم النباتي لزيادة صحة النبات وإنتاجيته، وتشمل هذه الأبحاث تطوير طرق لتطعيم النباتات بالبكتيريا المفيدة واختيار الأصناف النباتية التي تحتوي على ميكروبيوم نباتي قوي. ويحاول العلماء تطوير طرق لتحسين الميكروبيوم النباتي مثل تطعيم النباتات بالبكتيريا المفيدة، حيث يبحث العلماء عن طرق لتحسين الميكروبيوم النباتي عن طريق تطعيم النباتات بالبكتيريا المفيدة، وأظهرت بعض الدراسات أن التطعيم يمكن أن يزيد من مقاومة النبات للأمراض ويحسن نموه.
ويحاول العلماء اختيار الأصناف النباتية التي تحتوي على ميكروبيوم نباتي قوي، ويمكن أن يساعد هذا في تطوير محاصيل أكثر مقاومة للأمراض والظروف البيئية القاسية. وفي نفس التوقيت يدرس العلماء النتائج العلمية الحديثة لتقديم فهم أفضل لكيفية عمل الميكروبيوم النباتي.
يبحث العلماء أيضًا في دور الميكروبيوم النباتي في صحة الإنسان، وأظهرت بعض الدراسات أن الميكروبيوم النباتي يمكن أن يؤثر على صحة الجهاز الهضمي والمناعة لدى الإنسان.
ويدرس العلماء أيضًا تأثير تغير المناخ عليه، وأظهرت بعض الدراسات أن تغير المناخ يمكن أن يغير تكوين الميكروبيوم النباتي، مما قد يؤثر على صحة النبات.
ومن الأمثلة على البحوث الحديثة في هذا المجال:
-
التحكم في الآفات والأمراض:
اكتشف باحثون من جامعة إلينوي في إربانا-شامبين أن بكتيريا تسمى Burkholderia phytofirmans يمكن أن تحمي نباتات الذرة من دودة الحشد الخريفية، وهي آفة مدمرة.
أظهرت دراسة أجرتها جامعة فاجينينجن في هولندا أن الفطريات التي تعيش على أوراق نباتات الطماطم يمكن أن تساعد في حماية النباتات من مرض البياض الدقيقي.
-
تحسين امتصاص العناصر الغذائية:
وجد باحثون من جامعة كاليفورنيا، ديفيس، أن بكتيريا تسمى Pseudomonas putida يمكن أن تساعد نباتات الأرز على امتصاص الفوسفور بشكل أكثر كفاءة.
أظهرت دراسة أجرتها جامعة” إي تي إتش” زيوريخ أن الفطريات التي تعيش على جذور نباتات القمح يمكن أن تساعد النباتات على امتصاص النيتروجين بشكل أكثر كفاءة.
-
تطعيم النباتات بالبكتيريا المفيدة:
دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا، بيركلي، وجدت أن تطعيم نباتات الأرز ببكتيريا تسمى Bacillus subtilis ساعد في حماية النباتات من مرض اللفحة البكتيرية.
أظهرت دراسة أخرى أجرتها جامعة فاجينينجن في هولندا أن تطعيم نباتات الطماطم ببكتيريا تسمى Pseudomonas fluorescens ساعد في تحسين نمو النباتات وإنتاجيتها.
-
تحسين تحمل الإجهاد:
اكتشف باحثون من جامعة ولاية ميشيغان أن بكتيريا تسمى Bacillus subtilis يمكن أن تساعد نباتات الذرة على تحمل الجفاف.
أظهرت دراسة أجرتها جامعة هارفارد أن الفطريات التي تعيش على أوراق نباتات الخيار يمكن أن تساعد النباتات على تحمل درجات الحرارة المرتفعة.
-
اختيار الأصناف النباتية التي تحتوي على ميكروبيوم نباتي قوي:
وجدت دراسة أجرتها جامعة ولاية ميشيغان أن بعض أصناف الذرة تحتوي على ميكروبيوم نباتي أكثر مقاومة للجفاف من غيرها.
أظهرت دراسة أخرى أجرتها جامعة إلينوي في إربانا-شامبين أن بعض أصناف القمح تحتوي على ميكروبيوم نباتي أكثر مقاومة للأمراض من غيرها.
-
دوره في صحة الإنسان:
وجدت دراسة أجرتها جامعة هارفارد أن الميكروبيوم النباتي في الفواكه والخضروات يمكن أن يساعد في تحسين صحة الجهاز الهضمي لدى الإنسان.
أظهرت دراسة أخرى أجرتها جامعة ليدن في هولندا أن الميكروبيوم النباتي في الفول السوداني يمكن أن يساعد في تعزيز جهاز المناعة لدى الإنسان. وجد باحثون من جامعة ليدن في هولندا أن الميكروبيوم النباتي في الفول السوداني يمكن أن يساعد في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الإنسان.
أظهرت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، أن الميكروبيوم النباتي في التفاح يمكن أن يساعد في تحسين وظائف الدماغ لدى الإنسان.
-
تأثير تغير المناخ عليه:
وجدت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد أن تغير المناخ يمكن أن يغير تكوين الميكروبيوم النباتي في نباتات العنب.
أظهرت دراسة أخرى أجرتها جامعة إي تي إتش زيوريخ أن تغير المناخ يمكن أن يغير تكوين الميكروبيوم النباتي في نباتات الأرز.
هذه مجرد أمثلة قليلة على أحدث البحوث في مجال الميكروبيوم النباتي، مع العلم أن هذا المجال سريع التطور، ومع استمرار البحوث، يمكننا أن نتوقع المزيد من الاكتشافات حول كيفية تأثيره على صحة النبات والحيوان والإنسان.