اليوم الدولي للمرأة والفتاة في ميدان العلوم.. المساواة والتمكين في عصر الاستدامة
أدَّت النساء العالمات دوراً كبيراً في العديد من الاكتشافات الرائدة ويعود لهنَّ الفضل في إحراز تقدم كبير في مجال العلوم – لكن لا تزال المرأة، حتى يومنا هذا، تحظى بتمثيل ضعيف في العديد من مجالات العلوم المتخصصة.
في هذا النطاق، تسعى العديد من الجهات الدولية، عبر مبادرات مختلفة، إلى المساعدة في تغيير هذا الواقع وذلك عن طريق إلهام النساء والفتيات، بما في ذلك في البلدان الناطقة باللغة العربية، لمتابعة المسارات المهنية في مجال العلوم.
ويُعد الاستثمار في المرأة والفتاة في مجال العلوم ضرورياً لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والنمو الأخضر الشامل.
ويُحتفل باليوم الدولي للمرأة والفتاة في ميدان العلوم في 11 فبراير من كل عام، وذلك بهدف تسليط الضوء على دور المرأة والفتاة في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، ودعم المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة والفتاة من المشاركة في العلوم مشاركة كاملة متكافئة مع الرجل.
ويعد هذا اليوم بمثابة تذكير بأن للنساء وللفتيات دور حاسم في مجتمعات العلوم والتكنولوجيا، وضرورة تعزيز مشاركتهن.
يعتمد التصدي لعدد من أعظم التحديات التي يواجهها جدول أعمال التنمية المستدامة – بدءاً من تحسين الصحة، وانتهاء بمكافحة تغير المناخ – على تسخير كل المواهب.
وهذا يعني زيادة عدد النساء العاملات في هذه المجالات. ويؤدي التنوع في الأبحاث إلى توسيع مجموعة الباحثين الموهوبين، مما يجلب وجهات نظر جديدة ومواهب وإبداعات.
الوضع الحالي: حقائق وأرقام
- تُشير بيانات اليونسكو إلى أن زهاء 30% من جميع الطالبات يخترن مجالات ذات صلة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) في التعليم العالي.
- تبلغ نسبة النساء في المجالات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي امرأة واحدة لكل خمسة مهنيين 22٪
- نسبة التحاق الطالبات منخفضة في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصال (3%)، والعلوم الطبيعية والرياضيات والإحصاء (5%)، بينما تصل في مجالات الهندسة والتصنيع والتشييد والبناء إلى 8%.
- عادةً ما تحصل الباحثات على منح أقل قيمة من التي يحصل عليها أقرانهنَّ من الرجال، وعلى الرغم من أنَّ نسبة الباحثات تبلغ 33,3% من مجمل الباحثين، فإنَّ 12% فقط من أعضاء الأكاديميات الوطنية للعلوم من النساء.
- لم تزل نسبة النساء الخريجات من كليات الهندسة 28% فقط، في حين تصل نسبة الخريجات من كليات علوم الحاسوب والمعلوماتية إلى 40% فقط، على الرغم من النقص في المهارات في معظم المجالات التكنولوجية التي تقودها الثورة الصناعية الرابعة.
- تميل المسيرة المهنية للنساء إلى أن تكون أقصر وأقل أجراً، ولا يظهر أعمالهن بالقدر الكافي في المجلَّات البارزة، وغالباً ما يجري تجاهلنَّ عند الترقية.
وتتجنب النساء والفتيات المجالات ذات الصلة بالعلوم بسبب التحيزات والقولبة النمطية الجنسانية القائمة منذ أمد بعيد. وكما هو الحال على أرض الواقع، فإن ما يُعرض على الشاشات يعكس تحيزات مماثلة حيث أظهرت الدراسة التي أجراها معهد جينا ديفيس عام 2015 أن نسبة النساء في الشخصيات التي تظهر على الشاشة ولها وظائف في مجال العلوم والتكنولوجيا هي 12% فقط.
ولهذا عمل المجتمع الدولي على إشراك المرأة والفتاة في مجال العلوم على مدى الـ 15 سنة الماضية، ومع الأسف، لم تزل المرأة والفتاة تستبعدان من المشاركة الكاملة في ذلك المجال. ولضمان أن تتمكن النساء والفتيات من المشاركة في العلوم مشاركة كاملة متكافئة مع الرجل، فلا بد من تحقيق أكبر للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة والفتاة، ولذا اختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 11 شباط/فبراير بوصفه يوما دوليا للمرأة والفتاة في مجال العلوم بهدف تحقيق أكبر للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة والفتاة من المشاركة في العلوم مشاركة كاملة متكافئة مع الرجل.
في 14 مارس 2011، اعتمدت لجنة وضع المرأة (أصبحت الآن تعرف بهيئة الأمم المتحدة للمرأة) في دورتها الـ55 تقريرا اشتمل على استنتاجات متفق عليها بشأن تمكين المرأة والفتاة من الحصول على التعليم والتدريب والعلم والتكنولوجيا، فضلا عن تعزيز حق المرأة في العمل والعمل اللائق. وفي 20 ديسمبر 2013، اعتمدت الجمعية العامة قرارا بشأن العمل والتكنولوجيا والابتكار من أجل التنمية. وأقرت الجمعية العامة في ذلك القرار بأن تمكين المرأة والفتاة (في كل الفئات العمرية) من الحصول على التعليم والتدريب والتكنولوجيا هو ضرورة لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة والفتاة.
ومع أن مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات تُعد ذات أهمية بالغة للاقتصادات الوطنية، إلا أن معظم البلدان —بغض النظر عن مستوى التنمية لديها— لم تحقق المساواة بين الجنسين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات حتى الآن.
فعاليات الاحتفالية:
يهدف هذا اليوم الدولي بذلك إلى ربط المجتمع الدولي بالمرأة والفتاة في مجال العلوم، وتقوية الروابط بين العلم والسياسة والمجتمع بما يحقق الخطط العامة الموجهة نحو المستقبل. وبالتالي، سيعرض هذا اليوم الدولي أفضل الممارسات والخطط العامة والحلول التطبيقية لمواجهة التحديات الماثلة أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة والفرص المتاحة.
- الجمعية الخاصة بالاحتفالية التاسعة باليوم الدولي عقدت في يومي 8 و9 فبراير بمقر الأمم المتحدة في نيويورك.
- ندوات علمية تناقش دور المرأة والفتاة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
- ورش عمل تهدف إلى إلهام وتشجيع الفتيات على متابعة مسارات مهنية في مجال العلوم.
- حملات إعلامية تهدف إلى نشر الوعي بأهمية مشاركة المرأة في مجال العلوم.
أسباب قلة مشاركة المرأة في العلوم
- التحيزات والقولبة النمطية الجنسانية.
- قلة التحاق النساء والفتيات في مجالات STEM في التعليم العالي.
- قلة فرص العمل للنساء في مجال العلوم.
- عدم وجود بيئة عمل مناسبة للنساء في مجال العلوم.
أهمية الاستثمار في المرأة والفتاة في مجال العلوم
- المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.
- تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
- النمو الأخضر الشامل.
التركيز على التعليم
- تزويد النساء بالمعرفة والخبرة والفهم في المجالات العلمية.
- تشجيع الفتيات على اختيار مجالات STEM في التعليم العالي.
الآفاق المستقبلية
- زيادة تمثيل المرأة في المجال النووي.
- تحقيق التكافؤ بين الجنسين في وظائف الفئة الفنية والفئات العليا بحلول عام 2025.
قصة نجاح ملهمة:
د. جينا الفقي نموذج ملهم للمرأة العربية في مجال العلوم
ومع تواجد عدد قليل جداً من النساء في مناصب صنع القرار ووظائف العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ذات الراتب الأعلى، فإن الفجوة بين الجنسين لها انعكاسات عميقة على مستقبل الاقتصاد العالمي. فعلى سبيل المثال، ستحصل النساء على وظيفة واحدة فقط جديدة مقابل فقدهن لعشرين فرصة في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، في تناقض صارخ مع الرجال الذين يحصلون على وظيفة جديدة مقابل فقدهم لأربعة فرص وظيفية. ويمكن أن يؤدي تحسين سياسات التوظيف والترقيات، وكذلك التعلم المستمر ورفع مهارات النساء، إلى قطع شوط طويل نحو سد هذه الفجوة.
ودعت الأمم المتحدة الجميع لتغيير هذا السرد والانضمام للمشاركة في الاحتفال بالنساء والفتيات اللواتي يقدن الابتكار، واتخاذ جميع الإجراءات لإزالة جميع الحواجز التي تعيق مساهماتهن في مجالات العلوم والابتكار.
ويتواكب الاحتفال في مصر هذا العام بتعيين الأستاذة الدكتورة جينا الفقي هي عالمة مصرية بارزة في مجال الصيدلة، في منصب القائم بأعمال رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا المصرية.
ساهمت الأستاذة الدكتورة جينا الفقي في تطوير العديد من الأدوية والعلاجات الجديدة. وشغلت مناصب قيادية في العديد من المؤسسات العلمية. وكانت تشغل منصب المشرف على قطاع العلاقات العلمية والثقافية بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ورئيسة مشروع جامعة الطفل، كما تولت رئاسة اللجنة المالية لمشروع السينكروترون (سيزامي). وتقوم الفكرة الفريدة للمشروع على بناء مركز تميز بحثي عالمي يكون نواة لنهضة علمية وتعليمية في منطقة الشرق الأوسط وكذلك تحقيق التفاهم المشترك بين شعوب المنطقة ونشر ثقافة التسامح والسلام عن طريق العلم والتكنولوجيا.
وفي أول تعليق لها بعد تولي رئاسة الأكاديمية، قالت: “إن الأكاديمية تحرص على دعم البحوث الزراعية من خلال الحملات القومية والتعاون مع الجهات الدولية في زيادة الدعم لهذا القطاع الحيوي”.
موضحة: لا يزال هناك الكثير لنقدمه في مجال تكنولوجيا الزراعة، لإيجاد حلول حقيقية تعود بالنفع على الجميع.
تقدم د. جينا الفقي قصة نجاح ملهمة للفتيات العربيات، وتؤكد أنه يمكن للمرأة العربية أن تُحقق إنجازات عظيمة في مجال العلوم، وأنه لا يوجد حدود لما يمكن للمرأة أن تُحققه إذا بذلت الجهد والمثابرة، وتُلهم الفتيات وتُشجعهن على متابعة أحلامهن في مجال العلوم، حيث يُعد الاستثمار في المرأة والفتاة في مجال العلوم ضرورياً لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والنمو الأخضر الشامل.
فلنعمل جميعاً على دعم مشاركة المرأة والفتاة في مجال العلوم، ونُلهم الأجيال القادمة من النساء والفتيات ليكونوا قادة في هذا المجال.