قالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية إن القمة الأفريقية المنعقدة في نيروبي حاليًا تعد خطوة حاسمة للتحضير لمفاوضات مؤتمر المناخ المقبل، COP28، والتأكد من أن صوت أفريقيا، يتردد صداه في جميع أنحاء العالم، وأولوياتها تؤخذ في الاعتبار على النحو الواجب، باعتبارها القارة الأكثر تأثرا بتغير المناخ.
كما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية عما أسمته بالعرض الأوروبي للتحالف مع أفريقيا في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)، والذي يهدف للعمل المشترك في جميع القضايا المدرجة على جدول الأعمال.
وقالت: “مهما بدت قارتانا مختلفتين، فإننا نتقاسم نفس المصالح عندما يتعلق الأمر بالعمل المناخي”.
أشارت إلى أن أفريقيا تعتبر جزءًا من الحل فيما يتعلق بالعمل المناخي، بفضل إمكاناتها الهائلة في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين النظيف، وموادها الخام المهمة، وطبيعتها المذهلة وتنوعها البيولوجي، وقوتها العاملة الشابة، والتي تمكن القارة من المساعدة في تنظيف أنظمة الطاقة العالمية وسلاسل التوريد، مع خلق فرص عمل جيدة.
أضافت: “هذه شراكة مربحة للجانبين وتعود بالنفع على أفريقيا والعالم. على سبيل المثال، سوف تكون الفوائد المترتبة على توسيع قطاع الطاقة النظيفة في أفريقيا هائلة، ويمكن أن يكون العمل المناخي أحد المحركات الرئيسية للنمو في القارة “.
تابعت: “من خلال تسريع التحول إلى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، يمكن أن تتضاعف وظائف قطاع الطاقة في أفريقيا في غضون سنوات قليلة. ويمكن لأفريقيا أن تنتج ما يكفي من الطاقة النظيفة ليس فقط لتزويد القارة بالطاقة ولكن أيضًا للتصدير إلى الخارج.”.
150 مليار يورو
انتقلت دير لاين بعد ذلك لقضية التمويل، مؤكدة أن أوروبا ستشارك في سد الفجوة الاستثمارية في أفريقيا، من أجل تحقيق النمو في الطاقة المتجددة.
أيدت خلال كلمتها الحاجة إلى إصلاح بنك التنمية المتعدد الأطراف، لتتدفق الاستثمارات إلى أفريقيا بسهولة.
قالت إن أوروبا قررت تخصيص 150 مليار يورو في خطتها الاستثمارية لصالح أفريقيا، والتي يطلق عليها اسم ” Global Gateway”.
تدعم هذه المخصصات استثمارات تتراوح بين محطات الطاقة الكهرومائية في جمهورية الكونغو الديمقراطية وبوروندي ورواندا وتنزانيا، إلى مبادرة المليار يورو بشأن التكيف مع المناخ والقدرة على الصمود في أفريقيا، والتي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي في COP27 بشرم الشيخ.
قالت: “خطتنا الاستثمارية فريدة من نوعها في المشهد الاستثماري العالمي، نحن لسنا مهتمين فقط باستخراج الموارد، بل نريد أن نتشارك معكم لإنشاء سلاسل قيمة محلية، ولخلق فرص عمل جيدة هنا في أفريقيا”.
أضافت: “نريد أيضًا أن نشارك التكنولوجيا الأوروبية معكم، ونريد الاستثمار في مهارات العمال المحليين”.
ضربت رئيسة المفوضية الأوروبية عدة أمثلة حول الشراكات الاستثمارية النظيفة لأوروبا مع دول أفريقيا، أبرزها بناء مصنع جديد للهيدروجين في ناميبيا، وشراكة هيدروجينية جديدة مع كينيا بهدف مواصلة تطوير اقتصاد الهيدروجين الأخضر.
قالت دير لاين إن أفريقيا بحاجة إلى نقل الحوار حول تمويل المناخ إلى المسرح العالمي، في مؤتمر الأمم المتحدة (COP28)، لأن الأموال العامة الموجهة من الاقتصادات الكبرى للقارة، على الرغم من أهميتها، ليست كافية.
لذا حددت، خلال كلمتها، 3 ملفات حاسمة تتعلق بالتمويل، ستناقش في قمة نيروبي لتمهيد الطريق نحو مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين.
السندات الخضراء
يركز أول هذه الملفات على جذب الاستثمار الخاص إلى أفريقيا بعدة طرق، لأن التحول الأخضر سوف يتطلب نطاقاً غير مسبوق من الاستثمار الخاص داخل القارة، ولن يكون التمويل العام كافيا.
ترى أوروبا في هذا الصدد أنه من الضروري تعبئة رأس المال الخاص على نطاق واسع، مع الوضع في الاعتبار أن السندات الخضراء تشكل جزءاً مهمًا من الحل.
لذا طرحت خلال قمة نيروبي اقتراحًا جديدًا لجذب الاستثمار الخاص، أطلقت عليه مبادرة السندات الخضراء العالمية، حيث تمتلك أوروبا أكبر سوق للسندات الخضراء وأكثرها تقدمًا في العالم.
تهدف المبادرة الأوروبية إلى إزالة العقبات من أمام الاقتصادات الناشئة من أجل الوصول بيسر إلى أسواق رأس المال.
قالت دير لاين: “نحن على استعداد لمشاركة خبراتنا مع فرقكم حول كيفية تطوير أسواق السندات الخضراء الخاصة بكم. وفي الوقت نفسه، سنضغط على المستثمرين”.
أضافت: “بالتعاون مع بنك الاستثمار الأوروبي والدول الأعضاء، نخصص مليار يورو لتخفيف مخاطر الاستثمارات الخاصة في الأسواق الناشئة. يمكن أن يساعد ذلك في جذب ما يصل إلى 20 مليار يورو من الاستثمارات المستدامة”.
تابعت: “لذا، دعونا نعمل معًا على تحقيق ذلك من أجل بناء وتنمية أسواق السندات الخضراء في أفريقيا، ونأخذ هذا الملف الحاسم معنا إلى مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين”.
تسعير الكربون
يتمثل الملف الثاني في تسعير وأرصدة الكربون، الذي من شأنه أن يفتح موارد ضخمة للعمل المناخي في أفريقيا، على حد تعبيرها.
أشارت إلى أن تحديد سعر لانبعاثات الكربون هو أحد أكثر الأدوات كفاءة وفعالية، لأنه يشجع الابتكار من جانب القطاع الخاص، ويجعل الملوثين الكبار يدفعون ثمناً عادلاً لانبعاثاتهم.
كما أنه يخلق إيرادات قادرة على دعم التحول النظيف في البلدان النامية، وحماية أحواض الكربون الطبيعية، والتي تنتشر بكثافة في أفريقيا.
فيما يخص هذا الملف، دعت دير لاين لتقديم مقترح لتسعير الكربون العالمي وأرصدة الكربون الحقيقية في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين.
أهداف عالمية لتحول الطاقة
يتعلق الملف الثالث بأهداف الطاقة العالمية، حيث يتعين على العالم تسريع عملية التحول في مجال الطاقة من أجل الحد من الانحباس الحراري العالمي بحيث لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية، وفق اتفاق باريس.
قالت دير لاين إنه في حال أردنا تحقيق الأهداف المناخية العالمية، فإننا بحاجة إلى مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات، كما نحتاج إلى مضاعفة كفاءة استخدام الطاقة بحلول عام 2030.
أضافت: “يبدو هذا جريئًا، لكنه قابل للتنفيذ، وإذا قمنا بتكثيف الاستثمار العالمي في مصادر الطاقة المتجددة، فإن هذا من شأنه أن يجعل الطاقة النظيفة في متناول جميع البلدان، بما في ذلك هنا في أفريقيا”.
وعلى هذا فإن الأهداف العالمية سوف توفر معياراً لتتبع التقدم وجذب المزيد من الاستثمارات الخاصة. لذا فإنني أتطلع إلى العمل معكم في هذا الشأن وأكثر من ذلك بكثير.
وعبرت دير لاين عن أملها في أن تتضافر جهود أفريقيا وأوروبا للتوصل إلى اتفاق عالمي في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28).
وختمت كلمتها بدعوة للأطراف من أجل التوحد قائلة: “تقع على عاتقنا مسؤولية كبيرة لمكافحة تغير المناخ من أجل خير أطفالنا، ومن أجل خير أحفادنا. لذا دعونا نوحد قوانا من أجل COP28”.