يواجه الأمن المائي العالمي أخطار جمة بسبب التأثيرات الناجمة عن تغيّر المناخ؛ إذ يشهد العالم احترارًا لم يسبق له مثيل، ما أثر بالفعل على موارد المياه في جميع أنحاء العالم.
يعمل الاحتباس الحراري على توجيه الدورة الهيدرولوجية، وأية زيادة تؤدي إلى تكثيف ملحوظ في الدورة، مما يغيّر من أنماط سقوط الأمطار ويُفاقم الظواهر المتطرفة، مثل الجفاف والفيضانات.
هذه العوامل سوف تؤثر على الأمن المائي للبلدان النامية، ومصر هي إحدى البلدان التي يمكن أن تكون سريعة التأثر بالإجهاد المائي في ظل تغير المناخ، مع سيناريوهات عدة لمدى تأثير الاحتباس الحراري والمياه في مصر.
وفقاً للتقرير الوطني الثالث المقدم للجنة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، من المتوقع أن تزيد التغيرات المناخية من التحديات التى تواجه الموارد المائية في مصر، أبرز تلك التحديات تخص دلتا نهر النيل الذي يعتبر من أكثر المناطق عرضة للتأثيرات السلبية لتغيرات المناخ كارتفاع درجات الحرارة ومنسوب سطح البحر.
يؤكد التقرير أن أكثر القطاعات المصرية عرضة لتغير المناخ هي المناطق الساحلية، موارد المياه العذبة، الزراعة.
في قطاع المياه العذبة، تواجه مصر تحديا كبير افي سد الفجوة الآخذة في التزايد السريع بين المياه المحدودة المتوافرة والطلب المتصاعد على المياه من مختلف القطاعات الاقتصادية.
بلغت تقديرات المياه المستعملة والاحتياجات المائية في مصر في عام 2020 نحو 114 متر مكعب سنويا من المياه، بعد استيراد مياه فى صورة غذاء، وهو ما يتجاوز إلى حد بعيد الموارد المتوافرة، التي تقدر بحوالي 59 مليار متر مكعب سنويا من المياه معظمها يأتي من نهر النيل بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحاري.
تعوض الدولة تلك الفجوة عن طريق إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي واستخراج المياه الجوفية السطحية بمناطق الوادي والدلتا، بجانب استيراد عدد من المنتجات الغذائية من الخارج، التي تقابل ٣٤ مليار متر مكعب سنويًا من المياه.
ما يعني أن معدل استعمال المياه في مصر تجاوز حده الأقصى بالفعل، وسيؤدي تغير المناخ إلى تفاقم هذا الضعف.
وفق الاحصائيات الرسمية في 2020، تستهلك الزراعة نحو 80 %من موارد المياه الإجمالية السنوية، يليها مياه الشرب الذي بلغ استهلاكها 10.75 مليارات متر مكعب، بنسبة 13.4% من إجمالي الاستخدامات، كما بلغت باقي استخدامات المياه، 7.9 مليارات متر مكعب، بنسبة 9.9%.
تؤدي الزراعة دورا هاما في الاقتصاد الوطني وتسهم بنحو 20 %من الناتج الداخلي الإجمالي، ويعتمد أكثر من 70 %من الأراضي المزروعة على نظم للري السطحي تتسم بضعف كفاءتها مما يسبب فقدانا كبيرا للمياه وانخفاضا في إنتاجية الأراضي، ويثير المشاكل الناجمة عن الملوحة وبالإضافة إلى ذلك، تؤثر الممارسات الزراعية غير المستدامة والإدارة غير السليمة للري على نوعية موارد المياه في البلد.
اقرأ أيضًا.. نعم.. التغيرات المناخية هي السبب في ثلوج الإسكندرية “3 خبراء يؤكدون”
الاحتباس الحراري والمياه في مصر
مع تغير المناخ وأثاره التي بدأت تظهر بوضوح في مصر، تلوح في الأفق مجموعة من المخاطر الشديدة على قطاع المياه في البلاد.
هناك العديد من السيناريوهات التي وضعها علماء المناخ بشأن تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري على نهر النيل.
حتى الأن، معظم تلك السيناريوهات تتناقض فيما يخص مسألة تدفق النيل، فهي لا تؤكد حتى الآن ما إذا كان للتغير المناخي أثرا سلبيا أم إيجابيا على النيل، وكيف سيؤثر على جريانه؟
بحسب محمد الراعي ، أستاذ الدراسات البيئية بجامعة الإسكندرية ، فإن معظم الدراسات تتوقع أن تنخفض وفرة النيل المائية بنسبة تصل إلى 70٪، بينما تتنبأ دراسات أخرى بارتفاع منسوب مياه النيل بمقدار 25 بالمائة بسبب التغيرات في أنماط هطول الأمطار مقارنة بالمستويات السنوية الحالية.
في نفس الوقت، تتفق معظم السيناريوهات على أن هناك ثمة خطر يواجه أمن مصر المائي في كل الأحوال.
وفق السيناريو الأول، من المتوقع أن يسرع تغير المناخ من تبخر المياه من نهر النيل ، وبالتالي تقليل موارد المياه العذبة ، وبالتالي تفاقم النقص الحاد في البلاد في مياه الشرب والري وتوليد الطاقة.
يدعم ذلك تقريرا صادرا عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في عام 2004 كان قد أفاد أن ارتفاع الحرارة درجة مئوية واحدة فقط قد يؤدي إلى التبخر وبالتالي خفض مياه النيل، متوقعاً أن ترتفع نسبة التبخر بحوالي 4 بالمائة مقابل ارتفاع الحرارة درجة مئوية واحدة.
السيناريو الثاني، يتوقع أن يشهد النيل ارتفاعاً في مياهه نتيجة تساقط المزيد من الأمطار على الهضبة الإثيوبية، ما يؤدي لحدوث العديد من الفيضانات، ومن ثم زيادة التدفق.
أخر الدراسات التي تتبنى هذا السيناريو، صادرة عن معهد ماساتشوستس (MIT)، تشير إلى أنه من المحتمل أن يتغير تدفق النيل في المستقبل بشكل كبير نتيجة لتغير المناخ.
يتوقع الباحثون أن يحدث المزيد من الفيضانات مع التدفق السنوي للنهر بحيث يزداد هذا التدفق ليصل إلى 15%، بينما يحتمل ارتفاع التغير السنوي للتدفق إلى 50%.
دراسة أخرى للباحث المصري د. أكرم الجنزوري مدير معهد بحوث المياه، صادرة عن هيئة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة عام 2012، تعاون فيها الباحث مع قسم التغير المناخي بالأرصاد الجوية بالمملكة المتحدة، تكشف تأثير التغير المناخي المتوقع على نهير النيل في الفترة من 2020 وحتى 2049، واستخدمت معدل البخر والتغير فى درجة الحرارة ومعدل هطول الأمطار على نطاق منطقة حوض نهر النيل لتقييم التغيرات في تدفق نهر النيل عند المحطات الهامة على مجرى النيل الأزرق وعطبرة، والنيل الأبيض، والنيل الرئيسي عند دنقال.
وأظهرت النتائج أن التغيرات المتوقعة في التدفق السنوي إلى السد العالي عند أسوان للفترة المقبلة تتراوح من +0.5 ٪ إلى +2.36 ٪ وأظهرت التوقعات أيضا أن التدفقات السنوية فى الفترة المقبلة من المتوقع أن تزداد خلال الفترة من يوليو إلى نوفمبر، وبصفة خاصة في شهري أغسطس وسبتمبر على الهضبة الإثيوبية، كما أظهرت النتائج أيضا أن التغيرات المتوقعة لتدفقات النيل الرئيسي عند دنقال تنشأ من الزيادة في معدلات سقوط الأمطار والتدفقات على حوضي النيل الأزرق وعطبرة.
“جميع السيناريوهات تشكل خطورة على أمن مصر المائي وبالتالي على الأمن الغذائي أيضًا”.
هكذا يقول د. الراعي، إذ يحتمل في حال حدوث السيناريو الأول، أن يؤدي نقص المياه إلى انخفاض في إنتاجية محصولي القمح والذرة من 10 إلى 20 في المئة بحلول العام 2060.
ويستكمل الراعي: “أما السيناريو الثاني فلا يقل خطورة كما يظن البعض، إذ أن ارتفاع معدلات هطول الأمطار على المرتفعات الإثيوبية والنيل الأزرق، يؤدي إلى زيادة التدفقات المائية من 15 إلى 25 في المئة، ما يعني احتمال تعرض السكان المتمركزين حول الدلتا ووادي النيل، إلى خطورة الفيضانات، علاوة على ما تمثله هذه التدفقات المائية من أثر سلبي على النشاط الزراعي في البلاد.
“حتى الآن، نحن نتحدث عن تأثير تغير المناخ والاحتباس الحراري فقط على النيل، ولم نذكر أي عوامل أخرى”.
هكذا قال د. أشرف كروان مدير المرصد المصري لتغيرات المناخ، جهة مستقلة، في تصريحات خاصة لـ اوزون.
وأضاف: “لكن لو أضفنا لها التأثيرات التي قد تنجم عن سد النهضة الأثيوبي، فنحن أمام سيناريو شديد الصعوبة”.
هناك احتمالية، وفق كروان، أن تتضاعف التبعات الخطيرة المتوقع حدوثها بسبب تغيرات المناخ أثناء سنوات ملء سد النهضة، حيث أن الجفاف الطبيعي الذي يحدث خلال فترة الملء أو السنوات الأولى من التشغيل سيقلل من إمدادات المياه في مصر، ومع اشتداد تغيرات المناخ، قد تصبح حالات الجفاف تلك أكثر شيوعًا أو تستمر لفترة أطول، ما يهدد الأمن المائي لمصر بشكل كبير.
لذا فأن ندرة المياه المتوقع حدوثها لسنوات بسبب سد النهضة والتغيرات المناخية معا، تزيد من صعوبة الوضع فيما يخص إدارة الموارد المائية في مصر، وتجعلها حساسة للغاية تجاه أي مشروعات أحادية الجانب يتم تنفيذها في دول حوض نهر النيل دون اتفاقيات قانونية عادلة وملزمة لتنظيم هذه المشروعات والحد من آثارها السلبية.
يقول كروان: لهذا السبب تحديدًا، تصر حكومة مصر على إلزام أثيوبيا باتفاق يسمح بتدفق كميات معينة، ومتفق عليها، من المياه في اتجاه مجرى النهر، تحديدًا في أوقات الجفاف، فالمفاوض المصري درس الوضع جيدًا، سواء الأن أو في المستقبل، مصر تدرك جيدًا ما تفعله وما تريده، وإصرارنا على اتفاق ملزم ليس من فراغ، أو مجرد تعنت كما يحاول الجانب الإثيوبي تصديره للعالم، مصر دولة كبيرة ودرست موقفها جيدًا وعلى أسس علمية، والدراسات الدولية كلها في صالحنا.
اقرأ أيضًا.. حصاد الاقتصاد الأخضر ومشروعات الطاقة المتجددة في مصر خلال 2021
تغيرات المناخ والري في مصر
” تأثر مياه النيل بتغيرات المناخ ليس هذا هو الخطر الأوحد الذي يواجه ملف المياه في مصر، بل هناك خطرًا أخر لا يقل أهمية عن الأول، وهو الزيادة العامة المتوقعة في الطلب على الري بسبب زيادة درجات الحرارة”.
ذلك ما قالته “وفاء ربيع” باحثة في ملف “المياه” وناشطة مناخية وبيئية.
تقول ربيع في تصريحات خاصة لـ اوزون إن الدراسات تؤكد أن التغييرات المناخية في مصر سوف تؤدي إلى تقليل كمية المياه الواردة إلى بحيرة ناصر، وانخفاض الأمطار في شمال مصر، وزيادة احتياجات المحاصيل الزراعية من المياه، وسوف تتضاعف الأزمة مع وجود سد النهضة الأثيوبي.
وتضيف: من المرجح أن يؤدي حدوث زيادة في درجات الحرارة إلى خفض إنتاجية المحاصيل الرئيسية وزيادة الاحتياجات إلى المياه، وبالتالي وعلى نحو مباشر تقليل كفاءة استخدام المياه في ري المحاصيل.
ما قالته “ربيع” يتوافق مع تقرير التنمية البشرية في مصر 2021 الصادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ألقى الضوء أيضًا على أزمة تحدي المياه وأبعادها المختلفة، في ظل التغيرات المناخية وبناء سد النهضة الإثيوبي الكبير.
وأكد التقرير أن القطاع الزراعي يستهلك نحو 80% من إجمالي كميات المياه العذبة المتاحة، موضحا أنه نتيجة للارتفاعات المتوقعة في درجات الحرارة والانخفاضات المحتملة في معدلات هطول الأمطار فمن المرجح أن يزداد الطلب على المياه للأغراض الزراعية، مما سيزيد من مشكلة ندرة المياه.
وبين التقرير أنه بما أن مصر تعتمد بكثافة على نهر النيل في الزراعة، فستتأثر التنمية الزراعية بتأثيرات تغير المناخ على نهر النيل.
وأشار التقرير إلى أن إنشاء سد النهضة الإثيوبي سيؤدي إلى تفاقم الوضع وقد يؤدي إلى نشوء نزاعات بسبب المياه في المنطقة.
حيث أنه من المتوقع أن تؤثر عملية ملء السد تأثيرا خطيرا في مدى توافر المياه بمصر، كما ستؤدي إلى خفض نصيب الفرد من المياه، ما يؤثر على مختلف الأنشطة الاقتصادية خاصة في حالة ملء إثيوبيا خزان السد على نحو غير متعاون.
وبحسب التقرير، في حال استغرقت عملية الملء 5 سنوات فقط -كما تقول إثيوبيا- سيزيد معدل النقص التراكمي لمياه السد العالي بأسوان إلى 92 مليار م3، موزعة على مدى عدة سنوات، وسرعان ما سينخفض منسوب المياه في بحيرة ناصر إلى 147 م، فيتعذر تعويض الفاقد من المياه.
دراسة محلية أخرى أجرتها وحدة بحوث الأرصاد الجوية الزراعية والتغير في المناخ التابعة لمعهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية، حيث استخدم الباحثون نماذج المحاكاة وسيناريوهات تغير المناخ المختلفة، للوصول إلى توقعات بعيدة المدى حول حجم التأثير الذي سوف تسببه التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة العالمية على المحاصيل الزراعية المصرية وحجم إنتاجها.
وأكدت النتائج أن ارتفاع درجة الحرارة العالمية، سوف يؤثر سلبًا على إنتاجية 10 محاصيل زراعية مصرية على الأقل، ما قد يتسبب في نقص شديد في إنتاجية معظم محاصيل الغذاء الرئيسية في مصر بالإضافة إلى زيادة الاستهلاك المائي لها.
فعلى سبيل المثال، سوف تتأثر زراعة القمح، في حال ارتفعت درجة الحرارة العالمية 2°م، وتقل إنتاجية المحصول حوالى 9%، وسوف يصل معدل النقص إلى حوالى 18% إذا ارتفعت درجة الحرارة حوالى 3.5°م. كما أن الاستهلاك المائي لهذا المحصول سوف يزداد حوالى 2.5% مقارنة بالاستهلاك المائي الحالي، وفق الظروف الجوية الحالية.
اقرأ أيضًا.. الاحتباس الحراري يهدد 10 محاصيل زراعية في مصر “الطماطم في خطر”
تحركات الحكومة لمواجهة الفقر المائي
حتى الآن تبدو التحركات الرسمية في مصر لمواجهة الفقر المائي بشكل عام، وأثار تغير المناخ على قطاع المياه بالبلاد بشكل خاص، جيدة ومدروسة، وفق ما أكد عدد من الخبراء، لكنها تحتاج أيضًا إلى قفزة واسعة للأمام لتسبق السيناريوهات المستقبلية السيئة.
تقول وفاء ربيع إن الهيئات المؤسسية المعنية بالمياه في مصر تحتاج للعمل على 3 محاور رئيسة بشكل مبدئي لتجنب أزمة مستقبلية، أولها أن تعمل من أجل تحسين التغطية بالمياه اللازمة لمرافق النظافة الصحية في المناطق الحضرية والريفية، وأن تدير المياه المستعملة عبر آلية متطورة، وتعزز فعالية استعمال موارد المياه من خلال تحسين كفاءة الري وإعادة استعمال مياه الصرف في الزراعة.
أما المحور الثاني فيتعلق بالتأقلم مع المتغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة المتوقعة باستخدام طرق ري مرشدة ومحاصيل تتحمل درجات الحرارة والملوحة وتدر إنتاجية عالية.
ثالثًا، حماية دلتا نهر النيل من ارتفاع سطح البحر بتكثيف أعمال حماية الشواطئ في الأماكن المهددة، ومراجعة قواعد تشغيل السد العالي للتأقلم مع سيناريوهات الفيضانات العالية و الجفاف.
المهندس شريف عبدالرحيم رئيس الادارة المركزية لتغير المناخ بوزارة البيئة يؤكد أن الحكومة المصرية لديها خطة شاملة للمواجهة وقطعت فيها شوطًا كبيرًا، وقال إن الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات العاجلة لتنفيذ برامج التكيف من أجل مواجهة مخاطر التغير المناخي على نهر النيل.
وأضاف: بذلت الحكومة جهدًا كبيرًا لتحسين وتطوير شبكات التوزيع من مواسير ومحابس وخزانات وغيرها، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالج، مع الاستفادة القصوى من مياه السيول والأمطار والتي تقدر بنحو 1.3-1.5 مليار متر مكعب سنويًّا، من خلال تدابير عدة أهمها التوسع في إنشاء السدود والخزانات لتجميع هذه المياه، واستخدامها في الشرب أو الزراعة أو تخزينها لحين الاستفادة منها.
وتعطي الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا لملف ترشيد استخدم المياه تحديدًا، ويظهر ذلك بوضوح في تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي المتكررة حول هذا الصدد وتشديده المستمر على ضرورة ترشيد الاستهلاك، خاصة في قطاع الزراعة.
في أكتوبر الماضي قال الرئيس السيسي، خلال كلمة، أمام “الدورة الرابعة لأسبوع القاهرة للمياه 2021″، إن أزمة المياه أصبحت من أبرز التحديات الدولية الملحة بسبب الزيادة المطردة في سكان العالم مع ثبات مصادر المياه العذبة والتدهور البيئي وتغير المناخ والسلوك البشري غير الرشيد من خلال إنشاء مشروعات مائية غير مدروسة.
وأشار الرئيس السيسي، إلى أن مصر وضعت الخطة الاستراتيجية لإدارة الموارد المائية حتى عام 2037 بتكلفة تقديرية 50 مليار دولار وقد تتضاعف نتيجة معدلات التنفيذ الحالية.
وشدد الرئيس في أكثر من مناسبة على ضرورة تبني أنظمة الري بالتنقيط في القطاع الزراعي، حيث يحقق ذلك عدة فوائد، مثل زيادة الإنتاج وتقليل استخدام الأسمدة وخفض معدلات التلوث وترشيد كميات كبيرة من المياه.
الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري أكد، في أكتوبر الماضي، أن كافة المشروعات التي تنفذها الوزارة أو تخطط لتنفيذها تهدف لزيادة قدرة المنظومة المائية على التعامل مع مثل هذه التحديات بدرجة عالية من المرونة والكفاءة، وتحقيق العديد من الأهداف مثل ترشيد استخدام المياه، وتعظيم العائد من وحدة المياه، وتحسين إدارة المنظومة المائية، بالإضافة للتكيف مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية، مثل مشروعات تأهيل الترع والمساقي، والري الحديث، والتوسع في إعادة استخدام المياه، واستخدام المياه غير التقليدية مثل تحلية مياه البحر، ومشروعات الحماية من أخطار السيول، ومشروعات حماية الشواطئ.
على جانب أخر أطلقت مصر الاستراتيجية الوطنيّة لتغيُّر المناخ 2050 على هامش مشاركتها في فعاليات مؤتمر المناخ بغلاسكو “cop26”.
أعلنت وزيرة البيئة المصرية، ياسمين فؤاد، أنّ الاستراتيجية ستمكّن مصر من تخطيط وإدارة تغيُّر المناخ على مستويات مختلفة ودعم تحقيق غايات التنمية المستدامة وأهداف رؤية مصر 2030 باتباع نهج مرن ومنخفض الانبعاثات.
تعمل الاستراتيجية على تحقيق خمسة أهداف رئيسة، والهدف الثاني منها يركز على بناء المرونة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ، بالتخفيف من الآثار السلبية المرتبطة بتغير المناخ، والحفاظ على الموارد الطبيعية والنظم الإيكولوجية وموارد الدولة وأصولها من تأثيرات تغير المناخ، وتحسين البنية التحتية والخدمات المرنة في مواجهة التأثيرات، وتنفيذ مفاهيم الحد من مخاطر الكوارث، عن طريق إنشاء أنظمة إنذار مبكر.