تعتبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من المناطق الأكثر تعرضا لتأثيرات تغير المناخ. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بتمويل شركات التكنولوجيا والمبادرات التي قد تساعد في الحد من عواقب التغيرات المناخية، أو على الأقل التكيف معها بشكل أفضل، فإن المنطقة متأخرة كثيرا، وفقا لتقرير صادر عن مجلس أعمال الطاقة النظيفة حول تكنولوجيا المناخ بالمنطقة.
بين 3800 شركة ناشئة تأسست في المنطقة منذ عام 2010، كانت 49 شركة فقط من الشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا المناخ.
وفي السنوات الثلاث الماضية، ظل الاهتمام بشركات التكنولوجيا المالية الناشئة طاغيا، ولم يكن هناك نفس التركيز على الشركات الناشئة في مجال المناخ.
تكنولوجيا المناخ هو مصطلح يشمل كل شيء من كفاءة الطاقة والتخزين إلى إعادة التدوير واستدامة الغذاء وحماية البيئة.
يشير استطلاع مجلس أعمال الطاقة النظيفة إلى أنه من بين المجالات المختلفة لتكنولوجيا المناخ، فإن مشاريع الطاقة النظيفة والنقل لديها أكبر الإمكانات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
بينما يُنظر إلى الشركات الناشئة في مجال الاستدامة الزراعية واحتجاز الكربون على أنها الأقل قدرة على خلق عائد على الاستثمار.
نجحت العديد من الشركات الناشئة المصرية المهتمة بالمناخ في جذب رأس المال المغامر في السنوات الأخيرة.
تمكنت شركتا إدارة المخلفات بيكيا وتجدد من جذب التمويل، وحصلت شركة بيرمودا للأسمدة الحيوية على تمويل تأسيسي في عام 2018، كما أغلقت شركة بايلون الناشئة في مجال كفاءة الطاقة جولة تأسيسة بقيمة 19 مليون دولار في أبريل الماضي.
تتخلف منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كثيرا عن أجزاء أخرى من العالم، حيث حصلت المنطقة على 1.5% فقط من إجمالي تمويل رأس المال المغامر للشركات الناشئة في مجالات المناخ بين عامي 2013 و2019.
أما على الجانب الأخر، استحوذت الشركات الأمريكية على ما يقرب من النصف، وذهب الثلث إلى الصين، بينما تلقت الشركات الناشئة الأوروبية ما يقرب من 12%.
ظل عدد جولات التمويل للشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا المناخ ثابت نسبيا بين عامي 2015 و2020، وأطلقت 20 جولة تمويل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال فترة الست سنوات، وكان عام 2019 بمثابة عام “الازدهار” عندما حصلت ثماني شركات ناشئة على التمويل.
تعد سوق التكنولوجيا المالية هي الأكثر تشبعا بتمويل الشركات الناشئة في الوقت الحالي، ووصلت الجولات المخصصة لتمويل شركات التكنولوجيا المالية إلى ما يقرب من 7 أضعاف الجولات التمويل الموجهة للشركات الناشئة في مجالات المناخ.
في عام 2020 وحده، كانت هناك 41 جولة تمويل في مجال التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أي أكثر من ضعف الجولات الموجهة لتكنولوجيا المناخ بين عامي 2015 و2020.
معضلة تكنولوجيا المناخ في الشرق الأوسط
يعود جزء من المشكلة إلى طبيعة العمل، حيث لا تتمتع العديد من أنواع الشركات العاملة في مجال تكنولوجيا المناخ بنفس قابلية التوسع السريع مثل الشركات الأخرى القائمة على التكنولوجيا، ولا تقدم استراتيجية خروج سهلة نظرا لكونها كثيفة الأصول.
وهناك نقص في البنية التحتية، وليست هناك سلسلة توريد كاملة للاقتصاد الأخضر، لا على مستوى المستثمرين ولا على مستوى الشركات الناشئة.
يثق المستثمرون إلى حد ما في مصر مقارنة بالدول الأخرى في المنطقة، ولديهم حماس بشكل خاص لمجال التكنولوجيا المالية والتعليم، وفقًا لاستطلاع مجلس أعمال الطاقة النظيفة. وأظهر المستثمرون أيضا ثقتهم في الشركات الناشئة المصرية في مجال تكنولوجيا المناخ.
تباينت أسباب العزوف عن القطاع، حيث أشار عدد من المستثمرين إلى الصعوبات المحتملة في التوسع والتخارج من الأعمال، وعدم الاستقرار الاقتصادي، وعدم اليقين التشريعي والتنظيمي، ونقص الأعمال المناسبة للاستثمار، كان متساوي إلى حد ما مع عدد المستثمرين المتفائلين تجاه القطاع.
لكن قد يتعين على أصحاب رأس المال المغامر تغيير توقعاتهم ووضع أهداف استراتيجية طويلة الأجل، تتبنى العديد من صناديق رأس المال المغامر توقعات غير واقعية بشأن الاستثمارات الجديدة، تنبع أساسا من الاعتقاد بأن المبادرات المناخية تتطلب تقديم تضحيات مالية ضخمة وأن الاستدامة هي مسؤولية السياسات الحكومية فقط .
ويشير التقرير إلى أن الرغبة في تأمين عائد استثمار مرتفع من الخروج السريع هي أيضا عقبة رئيسية.
يمكن أن يمثل التمويل على أساس الإيرادات جزءا من الحل لتلك المشكلة، ويمكن لصناديق الاستثمار المؤثرة – مثل الصندوق المشترك بقيمة 500 مليون جنيه لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، بين شركة كاتاليست بارتنرز وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي – أن تساعد أيضا في زيادة الاستثمار.
المبادرات الحكومية قد تكون الأكثر فاعلية، وهي المبادرات التي تدعم الشركات الناشئة التي تركز على المناخ من خلال سياسة وتمويل واضحين، كما يشير التقرير.
من شأن الأطر الواضحة التي تقلل من الحواجز أمام تأسيس الشركات الناشئة والشركات الخاصة في مجال تكنولوجيا المناخ أن تساعد في هذا الصدد. وكذلك الأمر بالنسبة لمزيد من الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتمويل البحث والتطوير، والمزيد من برامج التسريع، كما يضيف مجلس أعمال الطاقة النظيفة.