طالما اشتهرت الإمارات العربية المتحدة بمناخها الصحراوي الذي يسجل درجات حرارة عالية وموجات حر شديدة في فصول الصيف مع شتاء معتدل في أغلب الأوقات، لكنها على ما يبدو تشهد الآن التأثير المقلق لتغير المناخ.
شهدت الإمارات اليوم الخميس أمطارا غزيرة تسببت في فيضانات وسيول جارفة في جميع أنحاء الإمارات، خاصة في الأجزاء الشرقية من البلاد غطت الشوارع ودخلت بعض البيوت وألحقت أضرار بالبنيات التحتية.
أنقذ عناصر الدفاع المدني بعض المحاصرين في منازلهم في مدينتي الشارقة والفجيرة التي تأثرت بشدة بسبب طبيعتها الجبلية ووديانها. بينما شهدت دبي وأبو ظبي أمطارًا أقل.
علاوة على ذلك، شهدت مدينة العين الإماراتية أيضًا أمطارًا أكثر من المعتاد هذا الصيف، وفقًا لما أكده مسؤول من المركز الوطني للأرصاد الجوية (NCM).
حمل المركز الوطني للأرصاد الجوية (NCM) تغير المناخ مسؤولية زيادة وتيرة هطول الأمطار الغزيرة في الإمارات، حيث يتسبب تغير المناخ في زيادة ظواهر الطقس المتطرف وارتفاع مستوى سطح البحر وتأثيرات أخرى.
قال بيان المركز الوطني للأرصاد الجوية (NCM) أن الاحتباس الحراري والتغير المناخي ربما يكونان أحد الأسباب المسؤولة عن زيادة وتيرة هطول الأمطار في الإمارات العربية المتحدة، بجانب عوامل أخرى مثل ظاهرة النينو وظاهرة لا نينا، وهما أنماط مناخية يمكن أن تؤثر على الطقس في جميع أنحاء العالم.
بسبب أحداث لا نينا التي تدفع بالمياه الدافئة نحو آسيا بسبب الرياح القوية، فإنها تغير درجات حرارة المياه السطحية وحالة الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى ظروف جوية قاسية في العديد من البلدان، مثل التي تشهدها الإمارات في الوقت الحاضر.
بسبب هطول الأمطار الغزيرة، سمحت السلطات للموظفين غير الأساسيين الذين يعملون في المناطق المتضررة من الأمطار في الإمارات العربية المتحدة بالعمل عن بُعد يومي الخميس والجمعة، حسبما ذكرت صحيفة الخليج تايمز.
ووجه مجلس الوزراء الإماراتي جميع الدوائر الاتحادية لاتخاذ الترتيبات اللازمة، بينما أصدرت وزارة الموارد البشرية والتوطين نفس الإشعار إلى مؤسسات القطاع الخاص.
وشددت الوزارة على ضرورة احتساب الفترة الزمنية التي يقضيها العاملون في التنقل بين منازلهم وأماكن عملهم ضمن ساعات العمل العادية.
علاوة على ذلك، توقفت معظم الخدمات بسبب الأمطار المتواصلة التي ضربت عدة أجزاء من دبي.
وجه مجلس الوزراء الإماراتي، الأربعاء، بتشكيل لجنة عاجلة برئاسة وزير الطاقة والبنية التحتية لتقييم الأضرار الناجمة عن السيول والفيضانات التي اجتاحت الدولة، كما وجه اللجنة برفع تقرير مفصل عن الأضرار الناجمة عن السيول.
اقرأ أيضًا.. تغير المناخ يشعل أوروبا.. إعلان حالة الطوارئ في 6 دول بسبب موجات الحر التاريخية
سيول الإمارات.. دراسة تدين الاحترار
ترتبط الأمطار بفصل الشتاء، ولكن مع تأثيرات “الاحتباس الحراري” بدأت تضرب وبقوة في فصل الصيف عددا من بلدان العالم.
مؤخرا كانت السعودية والإمارات وعدد من دول الخليج والعالم على موعد معها، ففي المملكة العربية السعودية أشارت وكالة الأنباء الرسمية “واس” إلى سقوط أمطار متفرقة من خفيفة إلى متوسطة الأربعاء على منطقة الباحة، وأوضحت أن الأمطار شملت أجزاء من محافظات عدة بينها بلجرشي، وبني حسن، والعقيق والمخواة والحجرة، والمراكز التابعة لها وعددًا من منتزهاتها.
في الإمارات تعرضت المناطق الشرقية بالدولة، إلى هطول أمطار تراوحت بين المتوسطة والغزيرة لفترات متفاوتة وأحيانا متقطعة، وكانت مصحوبة بالبرق والرعد، وسجلت أعلى كمية أمطار في ميناء الفجيرة بواقع 221.8 ملم وهي أعلى كمية أمطار سقطت على دولة الإمارات خلال شهر يوليو/تموز منذ 27 عاماً، والتي هطلت في خورفكان عام 1995 بواقع 175.6ملم.
كانت دراسة لجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا في أبوظبي والمركز الوطني للأرصاد الجوية (NCM) ، الموجود أيضا في عاصمة الإمارات العربية المتحدة، قد أشارت إلى أن هذه الأحداث في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية “قد تكون أكثر تأثيرًا في عالم يزداد احترارًا”.
وخلال الدراسة التي نشرت في أغسطس من العام الماضي بدورية “أتموسفير ريسيرش”، نظر العلماء في أنظمة الحمل الحراري متوسطة الحجم (MCSs)، وهو نمط الطقس الذي يتسبب بشكل شائع في الطقس القاسي في مارس أو أبريل، وقاموا بتحليل 95 من هؤلاء بين عامي 2000 و2020 ووجدوا أنها ناجمة عن أنماط رياح معينة ورطوبة قادمة من بحر العرب أو الخليج العربي أو البحر الأحمر.
ونظروا في بيانات الرصد والسجلات من الأقمار الصناعية، على سبيل المثال، ووجدوا أن هذه الأحداث على دولة الإمارات استمرت لفترة أطول بمرور الوقت.
وقالت الدكتورة ديانا فرانسيس، مؤلفة الدراسة في تقرير نشره الموقع الرسمي لجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “نعتقد أن الاحترار العالمي وتغير المناخ مسؤولان على الأرجح عن زيادة مدة أنظمة الحمل الحراري متوسطة الحجم (MCSs) في منطقة الدراسة”.
وقال الدكتور فرانسيس، الذي يرأس مختبر العلوم البيئية والجيوفيزيائية في جامعة خليفة، إن الغلاف الجوي الأكثر دفئا يمكن أن يحمل المزيد من بخار الماء، مما يعني أن الأحداث المتطرفة تستمر لفترة أطول.
ويرتبط هذا بالتقرير الصادر مؤخرا عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والذي قال الدكتور فرانسيس إنه “حدد بوضوح أن هناك تكثيفا لدورة المياه العالمية بسبب زيادة الاحترار”.
يقول الدكتور فرانسيس، الذي حدد مؤخرًا أيضًا تعزيز نظام الطقس الدافئ فوق الإمارات العربية المتحدة: “نتوقع رؤية اتجاهات مماثلة في المستقبل مع زيادة إضافية محتملة في قوة أنظمة الحمل الحراري متوسطة الحجم (MCSs)، وما ينتج عن ذلك من كمية أكبر من الأمطار”.
في حين أن الطقس المتطرف في العديد من البلدان يشكل فقط خطرا على الحياة والممتلكات، قال الدكتور فرانسيس إن الدول القاحلة مثل الإمارات، حيث تتلقى العديد من المناطق معدل أقل من 100 ملم من الأمطار كل عام، يجب أن تخطط أيضا للاستفادة منها.
يضيف: “يجب تضمين استراتيجيات تخزين مياه الأمطار وخطط تصريف المياه في المدن الكبرى في استراتيجيات التخطيط الحضري للبلاد لتجنب الأضرار الناجمة عن الفيضانات، والاستفادة من كمية الأمطار الهائلة”.