يمكن لمزيج من سياسات التخفيف من تغير المناخ والتي تشمل ضرائب الكربون، والإعانات الخضراء، والاستثمار في البنية التحتية أن يقلص الحسابات الجارية العالمية، التي تمثل مجموع القيمة المطلقة للعجوزات والفوائض بين كل البلدان، بمقدار الربع بحلول عام 2027. ولكن فقط إذا نسقت البلدان سويًا من أجل استجابة متفق عليها.
يظهر أحدث رسم بياني للأسبوع، مستمد من تقرير القطاع الخارجي الصادر عن صندوق النقد الدولي، الأثر الذي يمكن أن تحدثه حزمة سياسات التخفيف المنسقة عالميا على أرصدة الحسابات الجارية العالمية.
وفقا لتحليل السيناريو القائم على النموذج، فإن ضريبة الكربون لها التأثير الأكبر في تقليص الحسابات الجارية. ومن خلال إعاقة استخدام الطاقة، من المرجح أن يتحول النشاط الاقتصادي نحو قطاعات منخفضة الكربون وأكثر كثافة في العمالة نتيجة لذلك.
التخفيف من تغير المناخ والأرصد الجارية
من المرجح أيضا أن تنخفض أسعار الفائدة العالمية على المدى الطويل بسبب انخفاض الاستثمار في الوقود الأحفوري، في أعقاب الارتفاع الأولي الناجم عن الاستثمار في البنية التحتية.
مع ذلك، ستكون الآثار الدقيقة مختلفة لكل بلد. وخلافا للاقتصادات الأكثر مراعاة للبيئة، قد تزداد أرصدة الحسابات الجارية في الاقتصادات الأكثر اعتمادا على الوقود الأحفوري بسبب الانخفاض الحاد في الاستثمار في القطاعات كثيفة الكربون.
ومن المرجح أن يتسبب هذا في تحول تدفقات رأس المال العالمية نحو اقتصادات متقدمة أكثر اخضرارا، الأمر الذي من شأنه أن يضع عبئا غير متناسب من التكيف الاقتصادي على كاهل البلدان النامية المنخفضة الدخل المصدرة للوقود الأحفوري، والتي لم تسهم تاريخيا إلا بقدر ضئيل في انبعاثات الكربون.
يمكن أيضًا أن تساعد زيادة تقاسم الأعباء في جهود التخفيف من تغير المناخ وأثاره على الحد من التحول في تدفقات رأس المال.
وهذا يعني فرض ضرائب أعلى على الكربون وخفض الانبعاثات في الاقتصادات المتقدمة. ويمكن أيضا أن يسهم التعجيل بالاستثمار في الطاقة الخضراء ومصادر الطاقة المتجددة في البلدان النامية، بما في ذلك من خلال زيادة التمويل ونقل التكنولوجيا من البلدان المتقدمة.
من الواضح أن البلدان المتقدمة والنامية على حد لسواء ستحتاج إلى أداء دورها في الحد من الانبعاثات. ولتحقيق النجاح، سيكون تنسيق السياسات وترتيبات تقاسم الأعباء أمرا أساسيا.
جدير بالذكر أنه خلال امي 2020 و2021، أدى رد الفعل العالمي تجاه الجائحة إلى زيادة أرصدة الحسابات الجارية العالمية من 2,8% من إجمالي الناتج المحلي العالمي في عام 2019 إلى 3,2% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020.
ولولا الجائحة لاستمر تقلص أرصدة الحسابات الجارية العالمية. وفي حين أن مستوى العجوزات والفوائض الخارجية لا يبعث على القلق بالضرورة، فإن الاختلالات المفرطة، بما يتجاوز المستوى الذي تبرره أساسيات الاقتصاد والسياسات الاقتصادية المناسبة، يمكن أن تكون لها آثار مزعزعة لاستقرار الاقتصادات عن طريق إذكاء التوترات التجارية وزيادة احتمالات التعديلات المُرْبِكة في أسعار الأصول.