من بعد موجة كورونا، ظهرت إصابات بـ الكوليرا في لبنان من بعد اختفائها منذ عام 1993. إذ رصدت السلطات اللبنانية حالتي إصابة بالكوليرا في الثامن من أكتوبر الجاري، في عكار مما أثار المخاوف من تفشي المرض في بلد يعاني أزمات مركبة منذ سنوات.
الكوليرا هي بكتيريا تتنقل عبر المياه الملوثة ان كانت مياه الري او الصرف الصحي، وهذه البكتيريا يمكن القضاء عليها عند تأمين شبكة مياه صحية نظيفة. وحتى ظهر يوم الاثنين 10-10-2022 سجّل لبنان 16 إصابة بالكوليرا، وفق أرقام وزارة الصحة اللبنانية الرسمية، مع توقع ارتفاع العدد نسبة إلى الفحوص المخبرية المُنتظر صدور النتائج بشأنها.
هذا في عكار، أما في البقاع، وخصوصاً بلدة عرسال، تشهد حالة من الهلع نتيجة تشخيص 4 حالات في أوساط اللاجئين السوريين بحسب ما لفتت المعلومات لـ”نقِد”.
قال وزير الصحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال فراس أبيض خلال جولة في عكار حيث تم رصد الإصابة الأولى بالكوليرا في لبنان منذ عام 1993: “نراقب الوضع على الأرض، ولمسنا التراجع في مستوى الخدمات الأساسية، إن كان للشعب اللبناني أو اللاجئين، ووصل التراجع إلى مستوى التعرض إلى أوبئة لم تدخل إلى لبنان منذ زمن بعيد”، مشيراً إلى أن هذا التراجع المخيف يمكن أن يؤثر على الصحة العامة أيضا.
أكد أبيض أن الجهوزية على مستوى النظام الصحي جيدة، مضيفاً: “لكن نحن نعتبر أن المشكلة ليست هنا، إنما تبدأ بتقديم المياه السليمة للمواطنين أو اللاجئين إضافة إلى صرف صحي فعّال حتى نتخلّص من أي جراثيم موجودة في المياه المبتذلة”.
هذا وقد طمأن نقيب الاطباء يوسف بخاش أن أعداد اصابات الكوليرا في لبنان اليوم ليست مخيفة، وهي بحدود 16 حالة ولكن قد تتزايد مع الأيام المقبلة، مشيراً الى أن البكتيريا أتتنا من الداخل السوري حيث هناك تفشي واسع، عبر أشخاص أتوا الى مخيم اللاجئين السوريين في عكار.
اعتبر بخاش أن الخطر هو اذا أصبح هناك تساهل بالتعامل مع هذا الوباء، علماً أن وزير الصحة طلب فحوصات لكل المياه في منطقة الانتشار، مؤكداً أن وضع الكوليرا في لبنان لا يزال تحت السيطرة.
من جهته، أصدر وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي، تعميماً إلى جميع المسؤولين عن المؤسسات التربوية الرسمية والخاصة في لبنان حول الإجراءات الوقائية من الأمراض الوبائية والمعدية ومنها الكوليرا.
اقرأ أيضًا.. كشف جديد قد يكتب نهاية فيروس كورونا للأبد.. والمفاجأة: العلاج داخلنا
اجراءات مواجهة الكوليرا في لبنان
تتضمن الإجراءات توفير المعلومات حول الوقاية من انتشار العدوى، سواء للهيئتين الإدارية والتعليمية والأفراد العاملين في المؤسسات التربوية عامة، والأهل، وللتلامذة والطلاب، والتشديد على تطبيق السلوكيات السليمة، وتكثيف الجهود لتأكيد غسل التلامذة والطلاب أيديهم بالماء والصابون بالطريقة الصحيحة.
إضافة إلى تأمين نظافة البيئة في المؤسسة التربوية، بما في ذلك طاولات الطلاب والتلامذة، وكافة المرافق الصحية، وتأمين الصابون والماء والمناديل الورقية في جميع مرافق غسل اليدين، مع تأمين عبوات تحتوي على سائل التعقيم في الممرات أو داخل الصفوف.
كما تتضمن الإجراءات تأمين نظافة وسلامة المياه في المؤسسة التعليمية، ومطالبة الأهالي بعدم إرسال أي تلميذ أو طالب يشكو من أي من العوارض المرضية.
ومن هذه العوارض إسهال مائي حاد، تقيؤ، حرارة مرتفعة، أي ما فوق 38 درجة مئوية، وغير ذلك.
نشرت وزارة الصحة العامة دليلاً يقدّم معلومات بارزة عن كيفية الوقاية من وباء الكوليرا، ويُبرز الدليل قائمة بالأعراض المرتبطة بالوباء فضلاً عن كيفية انتقاله وفترة الحضانة المرتبطة به. كذلك، قدمت الوزارة دليلاً بأساليب العلاج من الوباء في حال الاصابة به، إلى جانب سردٍ مفصل لكيفية غسل اليدين بشكلٍ جيد وتعقيم الفواكه والخضار قبل تناولها.
عرفت منظمة الصحة العالمية الكوليرا بأنه مرض شديد الفوعة إلى أقصى حد ويمكن أن يتسبب في الإصابة بإسهال مائي حاد، وهو يستغرق فترة تتراوح بين 12 ساعة و5 أيام لكي تظهر أعراضه على الشخص عقب تناوله أطعمة ملوثة أو شربه مياه ملوثة. وتصيب الكوليرا الأطفال والبالغين على حد سواء ويمكن أن تودي بحياتهم في غضون ساعات إن لم تُعالج.
بحسب منظمة الصحة العالمية فإن أعراض الإصابة بعدوى ضمات بكتيريا الكوليرا لا تظهر على معظم المصابين بها، رغم وجود البكتريا في برازهم لمدة تتراوح بين يوم واحد و10 أيام عقب الإصابة بعدواها، وبهذا تُطلق عائدة إلى البيئة ويمكن أن تصيب بعدواها أشخاصاً آخرين.
معظم من يُصابون بعدوى المرض يبدون أعراضاً خفيفة أو معتدلة، بينما تُصاب أقلية منهم بإسهال مائي حاد مصحوب بجفاف شديد، ويمكن أن يسبب ذلك الوفاة إذا تُرك من دون علاج. ويمكن العلاج من الكوليرا بسهولة. ويمكن الوقاية من الوفاة بسبب الجفاف الشديد عن طريق استخدام محلول إمهاء بسيط وغير مكلِّف.
من طرق الوقاية غسل اليدين بالصابون والماء بشكل متكرِّر، خاصة بعد استخدام المرحاض وقبل تناوُل الطعام. وفرك الصابونة، تبلل اليدين معًا لمدة 15 ثانية على الأقل قبل الشَّطف. إذا لم يتوفَّر الماء والصابون، يتم استخدام معقِّم اليدين الذي يحتوي على الكحول. إضافة إلى شرب الماء الآمن فقط، بما في ذلك المياه المعبَّأة في زجاجات أو الماء المغلي والمعقم، وإستخدام المياه المعبأة حتى لتنظيف الأسنان. فضلاً عن تناول الطعام المطبوخ والساخن تمامًا والالتزام بالفواكه والخضروات.
أودى تفشّ للكوليرا في سوريا بحياة العشرات ويمثل خطرًا كبيراً، وهو ما يثير مخاوف في المخيمات المكتظة بالنازحين الذين تنقصهم المياه النقية والصرف الصحي.
كانت تقارير قد ربطت بين المرض الذي ينشأ في الماء غالبا ومياه ملوثة قرب نهر الفرات الذي يخترق البلاد، لكن الوباء انتشر في باقي أنحاء البلاد فسجلت بها آلاف الحالات المشتبه فيها. ويظهر مرض الكوليرا عادة في مناطق سكنية تعاني شحًّا في مياه الشرب أو تنعدم فيها شبكات الصرف الصحي، وغالبًا ما يكون سببه تناول أطعمة أو شرب مياه ملوثة.