عبر صور الأقمار الصناعية.. “أوزون” يرصد لحظيًا حرائق الغابات في سوريا

شارك:

كشفت صور فضائية حديثة رصدها فريق “أوزون” صباح التاسع من مايو/آيار عن مشاهد مقلقة لتصاعد أعمدة دخان كثيفة فوق منطقة جبل التركمان في ريف اللاذقية الشمالي، مما ينذر باندلاع حرائق واسعة في إحدى أكثر المناطق الحرجية كثافة في سوريا. وأظهرت صور القمر الصناعي الأوروبي Sentinel-2، الملتقطة حوالي الساعة العاشرة والنصف صباحًا، بوضوح امتداد الحريق وتوسع نطاقه خلال فترة وجيزة.

ومع ذلك، أوضحت مصادر متابعة تعذر إجراء تقدير دقيق للمساحات المتضررة حاليًا، وذلك بسبب كثافة الدخان من جهة، وحجب الغيوم لصور الأقمار الصناعية من جهة أخرى.

أزمة جفاف وموسم حرائق مبكر وتحديات ميدانية

تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه البلاد موجة جفاف حادة، ترافقت مع ارتفاع في درجات الحرارة وانخفاض في معدلات الهطول المطري. وقد أدى هذا الواقع المناخي إلى بدء موسم حرائق الغابات قبل أوانه المعتاد. ويزيد من تعقيد المشهد محدودية المعدات ونقص فرق الإطفاء المتخصصة في بعض المناطق.

وفي هذا السياق، أفادت الوكالة السورية للأنباء (سانا) بأن الظروف الميدانية في جبل التركمان صعبة، الأمر الذي دفع الجهات المعنية، بحسب الوكالة، إلى الاستعانة بالمروحيات، كما أشير إلى استجابة فرق إطفاء تركية لطلب المساعدة.

ضرورة استخدام أنظمة الإنذار المبكر: كيف تعمل؟

في ظل هذه الظروف، يؤكد مختصون على الأهمية القصوى لاستخدام أنظمة التنبؤ بالحرائق. وتعتمد هذه الأنظمة بشكل أساسي على دمج بيانات الطقس التفصيلية مع حالة الغطاء النباتي لتحديد المناطق الأكثر عرضة للاشتعال. فعلى سبيل المثال، يعتمد النظام الكندي المعروف باسم “مؤشر طقس الحرائق” (Fire Weather Index – FWI)، على عوامل مناخية يومية تشمل درجة الحرارة، والرطوبة النسبية، وسرعة الرياح، وكمية الأمطار الهاطلة، بالإضافة إلى تقييم دقيق لرطوبة مختلف أنواع الوقود النباتي (كالأعشاب والأوراق المتساقطة والأشجار الجافة). وبعد معالجة هذه البيانات، تُحسب مؤشرات ودرجات خطر متعددة، تُعرض عادةً على شكل خرائط تُظهر بوضوح المناطق ذات الخطورة العالية.

ويمكن لهذه الأنظمة أن تساعد في توزيع الفرق المتاحة بشكل استباقي واتخاذ إجراءات وقائية حاسمة قبل اندلاع النيران أو في مراحلها الأولية. ويشير تطبيق النظام الكندي للتنبؤ بالحرائق إلى أن الغابات والأحراج الواقعة بين إدلب وحماة وحمص قد تكون ذات خطورة أعلى من غابات الساحل في فترات معينة.

صورة من القمر الصناعي سنتنل-2 (Sentinel-2) بتاريخ 9 أيار/مايو تظهر ارتفاع أعمدة الدخان من حرائق الغابات في جبال اللاذقية

دعوات للإغلاق المؤقت والحذر المجتمعي

مع تصاعد مؤشرات الخطر، يدعو خبراء البيئة إلى إغلاق مؤقت لبعض المناطق الحرجية الأكثر عرضة للاشتعال، لا سيما في جبال اللاذقية. ومثل هذه الإجراءات ليست مستجدة عالميًا؛ فدول كالولايات المتحدة وكندا وأستراليا تطبق سياسات مماثلة مع بداية موسم الحرائق، تشمل إغلاق الغابات ومسارات التخييم، وفرض قيود على الأنشطة البشرية، وتوزيع فرق الإطفاء بشكل استباقي في النقاط الحرجة. ففي كندا، على سبيل المثال، تُحدث خريطة يومية لتوزيع مؤشر خطر الحريق، بينما تصدر سلطات الأرصاد الجوية الأميركية تحذيرات يتبعها عادة إغلاق للمناطق الحساسة.

ويتفق الخبراء على أن العامل البشري والإهمال لا يزالان من أبرز أسباب اندلاع الحرائق، مما يجعل التوعية المجتمعية والتقييد المؤقت لبعض الأنشطة في الغابات خطوة ضرورية لحماية ما تبقى من هذا الغطاء النباتي النادر في سوريا.

مؤشر خطر خرائق الغابات وفقا لنظام التنبؤ الكندي، تظهر فيه معدلات خطر اعلى لغابات واحراج الداخل مقارنة بغابات الساحل السوري

مسؤولية جماعية أمام خطر بيئي حقيقي

تمثل الغابات في سوريا ما يقارب 2% من مساحة البلاد، وتعد خسارتها ضربة موجعة للبيئة والتنوع الحيوي. وبين اشتداد الجفاف وشح الموارد، تبرز مسؤولية جماعية للمواطنين والجهات الرسمية على حد سواء في صون ما تبقى من هذا الغطاء النباتي النادر.

شارك:

Picture of عبدالله سكر

عبدالله سكر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

logo-oxary
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore