يبرز اسم وزيرة المناخ الباكستانية، شيري رحمان، بقوة مع اقتراب فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP 27 بشرم الشيخ، خاصة مع تزامن فيضانات باكستان الكارثية قبل شهور مع احتدام المعركة التفاوضية الشهيرة بين الدول النامية والغنية حول ما يسمى بـ “الخسائر والأضرار”.
قبل شهور قليلة، أدت الفيضانات الكارثية التي غمرت باكستان، والاستجابة الدولية الضئيلة للكارثة، إلى زيادة حدة دعوة البلدان النامية للبلدان الغنية، المسؤولة تاريخيًا عن الانبعاثات المسببة لتغير المناخ، للالتزام بدفع التمويلات المطلوبة لمساعدتها على التعافي من الخسائر والأضرار الناجمة عن المناخ.
تضغط الدول النامية والضعيفة منذ سنوات على الدول الصناعية الكبرى لإجبار الأخيرة على دفع تمويلات من أجل معالجة الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ، ويؤكد ممثلو الدول النامية أنه من الظلم أن تدفع حكوماتهم ثمن أضرار ناجمة عن أزمة لم تتسبب فيها، بينما تتنصل الدول الصناعية الكبرى من مسؤولياتها التاريخية عن زيادة الانبعاثات مما أدى للأزمة المناخية الحالية.
تعد باكستان، كمثل العديد من البلدان النامية، مسؤولة عن أقل من واحد في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، لكنها تحتل المرتبة الثامنة في مؤشر جمعته المنظمة غير الحكومية Germanwatch للدول الأكثر تعرضًا لظواهر الطقس المتطرفة.
ووصلت فاتورة الخسائر والأضرار في باكستان بسبب الفيضانات الأخيرة حوالي 30 مليار دولار، ما يجعلها في مقدمة الدول النامية المطالبة بالدعم.
تترأس باكستان مجموعة من 134 دولة نامية، تعرف باسم مجموعة ال 77 والصين، وستكون عامل أساس في دفع عجلة الضغط خلال مؤتمر شرم الشيخ من أجل تدفق تمويل جديد للاستجابة للأضرار المناخية.
اقرأ أيضًا.. في قمة المناخ COP 27.. الدول النامية تستعد لمعركة الخسائر والأضرار وهذه تفاصيلها
شيري رحمان تقود المعركة
سوف تمثل وزير المناخ في البلاد، شيري رحمان، بلادها خلال مفاوضات المناخ في شرم الشيخ، ما يعني أنها ستقود معركة المفاوضات المتعلقة بالخسائر والأضرار باسم الدول النامية.
بدأت رحمان، 61 عامًا، حياتها المهنية كصحفية، قبل الانخراط في العمل السياسي في باكستان، وتم انتخابها مرتين عضوًا في المجلس الوطني الباكستاني، كما شغلت منصب الوزيرة الفيدرالية للإعلام والبث بين عامي 2008 و2011.
كانت رحمان إحدى المقربات لرئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو، التي كانت أول امرأة تتولّى منصب رئيس الوزراء في البلاد، واغتيلت في 27 ديسمبر من عام 2007، ثم عملت سفيرة لبلادها في الولايات المتحدة في عام 2011.
عينت شيري رحمان، المنتمية لحزب الشعب الباكستاني المعارض، زعيمة للمعارضة في مجلس الشيوخ الباكستاني في 2018، لتصبح بذلك أول امرأة تقوم بهذا الدور في تاريخ المجلس.
في إبريل 2022، عينت في منصب الوزيرة الاتحادية لوزارة التغير المناخي بعد تغيير حكومي مضطرب تزامن مع هجوم موجة الحر على مستوى البلاد.
لدى رحمان أيضًا خبرة كبيرة كرئيسة سابقة للهلال الأحمر الباكستاني وسفيرة سابقة لدى الولايات المتحدة، بجانب ما هو معروف عنها من قدرات استثنائية وصرامة ودأب في التفاوض، ومصداقية عالية لدى قطاعات واسعة من منظمات المجتمع المدني المهتمة بقضايا المناخ، ما قد يفيد لحد كبير في دفع المفاوضات بشأن الخسائر والأضرار للأمام.
اقرأ أيضًا.. انبعاثات باكستان من غازات الاحتباس الحراري أقل من 1٪ .. رغم ذلك تغرق الآن
مفاوضة شرسة
نفذت شيري رحمان، خلال الفترة الماضية عدد من الجولات الإعلامية لشرح حجم تحدي إعادة الإعمار في البلاد.
طالبت رحمان أكثر من مرة إعادة تعيين واضحة لجدول أعمال المناخ العالمي، من أجل توفير موارد عادلة للتغيير، وأهداف جديدة، وتسريع وتيرة تفعيل التعهدات المقدمة وكذلك الطموحات الجديدة التي تلبي احتياجات البلدان النامية قبل COP 27 في نوفمبر.
في حوار بطرسبرج الوزاري حول المناخ حول مفاوضات المناخ متعددة الأطراف- التي استضافتها مصر وألمانيا يوليو الماضي- سلطت رحمان الضوء على ضرورة زيادة تمويل التكيف ودفع ملفه للمقدمة في جدول أعمال COP 27.
قالت: “إن الحاجة إلى تسريع الإجراءات وكذلك أهداف تنفيذ التمويل المشترك أمر مُلِح”. وأضافت أنه حتى الآن، يعطي العالم الأولوية لتمويل التخفيف على حساب تمويل التكيف، وهذا يحتاج إلى التغيير الآن، على حد تعبيرها.
قالت إنه إذا لم يحدث كل هذا بوتيرة أعلى بكثير، فسنرى أن كارثة تغير المناخ تتفوق على الإجراءات والطموحات.
وأضافت: “الأزمة وجودية، وإذا لم يتم التعامل معها بشكل عادل، فسوف يتذكر التاريخ الوعود الكاذبة للحداثة، وإذا فقدنا هذه الفرصة لإصلاح النظام المناخي المعطل، فسنكون قد أخفقنا بشكل مأساوي في مستقبلنا وبقاء كل من كوكبنا والجنس البشري”.
قالت إنه من أجل مستقبل أفضل، يجب أن تذهب التعهدات العالمية إلى أبعد من ذلك، مضيفة أنها يجب أن تترجم التعهدات أيضًا إلى تخطيط وخطوط تمويل يمكن الوصول إليها من أجل تفعيل الأهداف المشتركة.
اقرأ أيضًا..قضية الخسائر والأضرار تهيمن على مفاوضات قمة المناخ COP27.. ما دور مصر؟
7 ملايين بلا مأوى
في تصريحات لـ شيري رحمان مطلع أكتوبر الجاري، قالت إن بلادها لا تستطيع تحمل المزيد من الإنفاق على التعافي من الفيضانات المدمرة التي تسبب فيها تغير المناخ، وطالبت بتقديم المساعدة الدولية بوتيرة أسرع مع تدشين مطالبة جديدة من الأمم المتحدة لتقديم مساعدات.
قالت الوزيرة في مؤتمر بشأن تقديم مساعدات لباكستان في جنيف: “ليس بمقدورنا منح اقتصادنا أي حافز… على العالم المتقدم تسريع تمويل الكوارث الناجمة عن المناخ”. وأضافت أن أكثر من سبعة ملايين شخص في باكستان صاروا بلا مأوى.
يحظى ملف “الخسائر والأضرار” باهتمام بالغ من الدول النامية، وبسببه خاضت هذه الدول معارك تفاوضية شرسة لإجبار الدول الغنية على الاعتراف في النهاية بمسؤوليتها التاريخية عن تغير المناخ ودفع الثمن للدول المتضررة من أثاره.