يعد الحد من الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها، أو ما يعرف اختصارا بـ “REDD+”، أحد الأدوات المعترف بها دوليًا للتخفيف من تأثيرات تغير المناخ وللحفاظ على الغابات.
يقلل REDD + من إزالة الغابات من خلال الحفظ والإدارة المستدامة للغابات ودعم البلدان النامية في تحويل التزاماتها السياسية، كما هو موضح في مساهماتها المحددة وطنياً، إلى عمل على أرض الواقع.
ما هي آلية الحد من الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها “REDD+”؟
واحدة من الوظائف البيئية العديدة للأشجار والشجيرات، أثناء نموها، هي التقاط الكربون، لذا عندما تقطع شجرة، يتم إطلاق هذا الكربون في شكل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. لهذا السبب، يعد تدهور الغابات وإزالتها مساهمة رئيسية في تغير المناخ.
الغابات هي حل أساسي متاح وفعال من حيث التكلفة لمعالجة تغير المناخ، حيث أنه يعتمد على الطبيعة ويمكن أن يوفر ما يصل إلى ثلث التخفيف المطلوب للحفاظ على الاحترار العالمي أقل من 2 درجة مئوية.
تتمتع الغابات بإمكانية تخفيف تزيد عن 5 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًا عن طريق وقف فقدان الغابات وتدهورها، والإدارة المستدامة للغابات وحفظها واستعادتها (REDD +).
تخفف الغابات من تغير المناخ بسبب قدرتها على إزالة الكربون من الغلاف الجوي وتخزينه في الكتلة الحيوية والتربة. عندما يتم إزالة الغابات أو تدهورها، يمكن أن تصبح مصدرًا لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري (GHG) عن طريق إطلاق ذلك الكربون المخزن.
في العقدين الأخيرين، قدرت العديد من الدراسات أن التغير في استخدام الأراضي، بما في ذلك إزالة الغابات وتدهورها، يمثل 12 إلى 29% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية. لهذا السبب، يعتبر إدراج خفض الانبعاثات الناتجة عن تغيير استخدام الأراضي ضروريًا لتحقيق أهداف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
يمكن لتجديد الغابات في الأراضي المتدهورة أو تلك التي أزيلت الغابات منها أن يخفف ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي عبر مراكمة الكتلة الحيوية، ما يجعل أراضي الغابات بلّاعةً للغازات الدفيئة (خاصة ثاني أكسيد الكربون).
تعالج آلية خفض الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات وتدهورها في البلدان النامية قضيتي خفض انبعاثات الغازات الدفيئة وتحسين إزالتها.
يمكن تحقيق إزالة الغازات الدفيئة (خاصة ثاني أكسيد الكربون) من الغلاف الجوي عبر العديد من خيارات إدارة الغابات، مثل إعادة زراعة المناطق المتدهورة أو التي أزيلت منها الغابات أو عبر زراعة التخصيب، ولكن أيضًا عن طريق السماح بتجديد أراضي الغابات بشكل طبيعي.
هناك خيار آخر يتمثل في شكل من أشكال قطع الأشجار منخفض التأثير ضمن قطع الاشجار لأغراض تجارية، في إطار نشاطٍ لخفض الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات وتدهورها، يؤهل للإدارة المستدامة للغابات.
حتى الآن، أدرجت 118 دولة استخدام الغابات والأراضي في تعهداتها المحددة وطنيا. يمثل هذا 162 مليون هكتار من الأراضي المستعادة وإعادة التحريج والتحريج، وهو ما يتماشى مع تحدي بون وإعلان نيويورك بشأن الغابات.
اقرأ أيضًا.. كل ما تحتاج معرفته عن إزالة الغابات وخطورتها على المناخ والغذاء والأنواع
الجدول الزمني لاعتماد “REDD+”
التزمت جميع البلدان المتقدمة المشاركة في بروتوكول كيوتو بقياس الجهود المبذولة لخفض صافي انبعاثات الغازات الدفيئة الناتج عن الغابات والإبلاغ عن تلك الجهود. تقيس الولايات المتحدة أيضًا صافي حبس الغازات الدفيئة في غاباتها وتبلغ عنه.
جرت المفاوضات بشأن خفض الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات وتدهورها في البلدان النامية، والذي يُعرف اختصاراً بـ REDD+، لأول مرة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) عام 2005، وذلك بهدف الحد من تغير المناخ عبر الحد من صافي انبعاثات الغازات الدفيئة، وذلك من خلال تعزيز إدارة الغابات في البلدان النامية.
أنشئ التحالف من أجل دول الغابات المطيرة استجابة لما يعتبره الكثيرون فشلًا في معالجة مصدرٍ رئيسيٍ لانبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، وفي عام 2005 اقترحوا على مؤتمر الأطراف الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشان التغير المناخي حوافز إيجابية للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن إزالة الغابات المدارية وتدهورها كتدبيرٍ يهدف للتخفيف من التغير المناخي.
خلال COP13 في بالي في عام 2007، أقر مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ REDD كأداة لمكافحة تغير المناخ.
عام 2009، في المؤتمر الخامس عشر للأطراف الموقّعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشان التغير المناخي المنعقد في كوبنهاجن، توصّل المجتمعون لما بات يعرف باسم اتفاقية كوبنهاجن، التي تشير في القسم 6 منها إلى الاعتراف بالدور الحاسم لخفض الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات وخفض الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات وتدهورها في البلدان النامية، والحاجة إلى توفير حوافز إيجابية لمثل هذه الإجراءات عبر السماح بتعبئة الموارد المالية من البلدان المتقدمة.
يمضي الاتفاق في الإشارة في القسم الثامن منه إلى أن الالتزام الجماعي من جانب البلدان المتقدمة بالموارد الجديدة والإضافية، بما في ذلك تشجير الغابات والاستثمارات عبر المؤسسات الدولية، سيقارب مبلغ 30 مليار دولار أمريكي للفترة بين عامي 2010 و2012.
في المؤتمر السابع عشر، أنشئ الصندوق الأخضر للمناخ كآلية مالية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، بما في ذلك تمويل خفض الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات وتدهورها.
تم اعتماده رسميًا كإطار عمل، فيما يسمى بإطار وارسو، في عام 2013 في مؤتمر الأطراف التاسع عشر في وارسو، ويقدم التوجيهات المنهجية والتمويلية لتنفيذ أنشطة REDD +.
يشير إطار عمل وارسو بشأن خفض الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات وتدهورها عدة مرات إلى إطار التعاون العالمي، إذ يكلّف البلدان النامية بالتقدم بطلب للحصول على التمويل.
يمول إطار التعاون العالمي حاليًا برامج REDD + في المرحلة الأولى (تصميم الاستراتيجيات أو خطط العمل الوطنية وبناء القدرات) والمرحلة الثانية (تنفيذ الاستراتيجيات أو خطط العمل الوطنية).
تقر اتفاقية باريس للمناخ ببرنامج REDD + والدور المركزي للغابات في المادة 5، مع الانتهاء من الأجزاء النهائية من كتاب القواعد عام 2015.
اقرأ أيضًا.. بسبب حرائق الغابات.. العالم يفقد أشجارًا بما يعادل مساحة البرتغال في 2021 فقط
المخاوف
منذ المناقشة الأولى حول خفض الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات وتدهورها في البلدان النامية عام 2005، وخاصة في المؤتمر الثالث عشر عام 2007 والمؤتمر الخامس عشر عام 2009، أثيرت الكثير من المخاوف بشأن جوانب برنامج خفض الانبعاثات هذا. على الرغم من أنه من المفهوم على نطاق واسع أن برنامج REDD + سيحتاج لأن يُنفذ بشكل كامل في المستقبل القريب، إلا أنه يجب التغلب على العديد من التحديات قبل التنفيذ.
من أكبر التحديات التي تواجه المشروع هي كيفية مراقبة الانبعاثات المخفّضة وإزالة الغازات الدفيئة باستمرار وعلى نطاق واسع، في عدة بلدان بشكل متزامن، في الوقت الذي يكون فيه لكل بلد منها وكالان وقوانين بيئية مختلفة.
تتعلق القضايا الأخرى بالصراع بين نهج خفض الانبعاثات موضع الذكر واستراتيجيات التنمية الوطنية الحالية، وبين مشاركة المجتمعات التي تستوطن تلك الغابات والشعوب الأصلية في خطة الخفض وصيانتها وتمويل البرنامج ومراقبته (التمويل) باستمرار لضمان التوزيع العادل للمخصصات بين أعضاء البرنامج.
استجابةً للمخاوف، وضع مؤتمر الأطراف إجراءات حماية لخفض الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات وتدهورها، على الرغم من أن هذه التدابير نفسها تواجه انتقادات عديدة لكونها مفرطة بالعموميات وغير قابلة للتنفيذ، ولفشلها بوضع مجموعة محددة من متطلبات المشاركة في برنامج خفض الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات وتدهورها في البلدان النامية.
على جانب آخر، تواجه هذه الآلية هجوما حادا من العديد من المنظمات والخبراء المعنيين بقضايا تغير المناخ، باعتبارها أدت إلى تفاقم الوضع بدلاً من تحسينه، مبررين ذلك بأن آليات REDD + لا تحاول تجنب الانبعاثات أو إزالة الغابات؛ لكنها تعمل فقط على تقليل انبعاثات ما كان يمكن أن ينبعث في الأصل من خلال إزالة الغابات.
اقرأ أيضًا.. في يومها العالمي.. لماذا الغابات مهمة لحياة البشر وباقي الأنواع على الأرض؟
REDD+ والعدالة المناخية
يرصد دليل مصطلحات العدالة المناخية الصادر عن منصة امريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي للعدالة المناخية، 5 مشاكل تسببت فيها هذه الآلية:
1 – أصبح ينظر إلى الغابات والأدغال على أنها مجرد بالوعات للكربون، في تجاهل واضح لوظائفها الحيوية الأخرى للثقافات والنظم الإيكولوجية: فإذا كانت الشجرة مفيدة فقط لتخزين الكربون، فإن غابة الزراعة الأحادية (المعروفة أيضا باسم الصحراء الخضراء، الخالية من التنوع والخطرة على المياه والتربة) لا تقل قيمة عن الأنواع المختلطة والغابات النابضة بالحياة التي، بالإضافة إلى دورها في دورة الكربون، لا غنى عنها لتنظيم تدفقات المياه، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وضمان صحة التربة، من بين أمور أخرى.
2- في كثير من الحالات، تمنح REDD+ امتيازات للشركات الكبيرة الملوثة (يشار إليها أيضا باسم “رعاة البقر الكربوني”) والمضاربين الماليين، حيث تحسب قيمة الغابة وفقا لكمية الكربون المخزنة فيها. بهذه الطريقة، تصبح بضاعة.
REDD آلية معقدة. إحدى الطرق الأساسية التي تعمل بها هي كما يلي: يقدم مشتري أرصدة الكربون لمجتمع محلي (غالبا ما يكون مالكا أصليا أو راعيا للغابات) أموالا تعويضية لعدم تدمير أراضيه- التي لم يكن يخطط لتدميرها وكان يحافظ عليها بالفعل.
في المقابل، يتلقى المشتري تصاريح الكربون التي يمكن أن يستخدمها الملوثون أو كأصل مالي.
غالبًا ما يوقعون عقودًا قد تكون سرية أو حتى مكتوبة بلغات لا تتحدث بها المجتمعات المعنية- لفترات تصل إلى 100 عام، مع إمكانية التمديد.
3- REDD + تحول العلاقات الثقافية بين الشعوب والطبيعة غير البشرية. حيث تحرم هذه المشروعات المجتمعات من علاقاتها مع الطب والغذاء والمنزل والروحانية مع أراضيها.
علاوة على ذلك، يمكن أن تؤدي إلى خلق ضغط لإزالة الغابات، لأن النظام يعتمد على خلق مخاطر على النظم الإيكولوجية داخله، وهو حافز ضار.
4- تقيس عقود REDD+ الغابات من حيث أرصدة الكربون، مما يجعلها ليست أكثر من تفويض مطلق لمواصلة التلوث.
على سبيل المثال، تحصل شركة النفط التي تشتري عددًا معينًا من أرصدة الكربون من غابة ما، تم الحفاظ عليها بالفعل باستخدام الأساليب التقليدية، على “تراخيص أو تصاريح أو شهادات” لإصدار كمية مماثلة من غازات الاحتباس الحراري في أي مكان في العالم.
لذلك، من الواضح أن خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها لا يساعد في مكافحة تغير المناخ، بل إنه يشكل في الواقع انتهاكا للحقوق الإقليمية للمالكين الحقيقيين للغابات، والمجتمعات التي تعتني بالأرض، والذين يفهمون المساهمة الأساسية لأشجار المانغروف والأدغال وأراضي الخث والغابات وغيرها في جمال الحياة على الأرض وتعقيدها.
5- تنتهك مشاريع REDD+ حقوق الطبيعة: فهي تحظر الاستخدام التقليدي للغابات، ولا يمكن إعادة إنشاء التنوع البيولوجي، وتسمح باستمرار انبعاثات CO2، وتلويث المياه وتدمير التنوع البيولوجي.