كشف بحث جديد أجراه معهد التغير البيئي بجامعة أكسفورد (ECI) عن أن تغير المناخ يهدد ما يقرب من تسعة من كل عشرة موانئ رئيسية على مستوى العالم ويعرضها لمخاطر كبيرة.
وفقًا للبحث الذي نشرته مجلة Nature Portfolio، سيتعين على الموانئ التعامل مع خسائر كبيرة تلوح في الأفق، بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر والعواصف الأكثر شدة بسبب تغير المناخ، كونها تقع في مناطق معرضة للأخطار على طول الساحل وقريبة من الأنهار، والتي تتعرض للعواصف والفيضانات بشكل مستمر.
أضافت الدراسة أن هذا قد يتسبب في أضرار مادية للبنية التحتية للموانئ، ويعطل العمل في الميناء، مع عواقب بعيدة المدى.
لتوضيح حجم المشاكل، ضربت الدراسة مثالًا بإعصار كاترينا (2005) الذي أغلق ثلاثة موانئ في الولايات المتحدة تتعامل مع ما يقرب من نصف الصادرات الزراعية للبلاد.
وألحق زلزال توهوكو وتسونامي 2011 أضرارا بأصول بحرية بقيمة 12 مليار دولار. ومع ذلك، لم يتم تحديد المخاطر المناخية التي تواجهها الموانئ على نطاق عالمي حتى الآن، وفقًا لـ ECI.
تقدم الدراسة صورة مفصلة للمخاطر المناخية لـ 1340 من أهم الموانئ على مستوى العالم، وكيف أن تغير المناخ يهدد بخسائر كبرى في معظمها.
جمع الباحثون بين قاعدة بيانات جغرافية مكانية جديدة لأصول البنية التحتية للموانئ مع المعلومات المتاحة الأكثر تفصيلاً عن الأخطار الطبيعية، بما في ذلك الزلازل والأعاصير والفيضانات، فضلاً عن المعلومات المحلية عن “الظواهر البحرية المتطرفة” (سرعة الرياح والأمواج ودرجة الحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر).
قال جاسبر فيرشور الباحث الرئيس للدراسة: “وجدنا 90٪ من جميع الموانئ معرضة لأكثر من ثلاثة أنواع من المخاطر المناخية والجيوفيزيائية. من المتوقع أن تتسبب الظروف القاسية في البحر (مثل العواصف) في اضطرابات تشغيلية لحوالي 40٪ من الموانئ على مستوى العالم. علاوة على ذلك، تتعرض الموانئ لمخاطر أخرى بما في ذلك فيضانات الأنهار والزلازل، لذا يتعين على مصممي الموانئ والمشغلين أخذ هذه المخاطر المتعددة في الاعتبار”.
أضاف: “هذا لا يحدث بشكل دوري في الوقت الحالي. على سبيل المثال، تحتاج أساسات جدران الرصيف إلى دراسة متأنية عند تعرضها للزلازل، وتوجيه وتصميم حواجز الأمواج عند تعرضها للأمواج الشديدة والارتفاعات، ونظام الصرف عند تعرضه للفيضانات. إذا لم يحدث ذلك، فقد نشهد اضطرابات كبيرة في التجارة العالمية وسلاسل التوريد”.
اقرأ أيضًا.. تغير المناخ يهدد عطرك المفضل.. ضربة قوية لصناعة الروائح العالمية بسبب الجفاف
تغير المناخ يهدد الموانئ
قالت الدراسة إن الموانئ الكبيرة في آسيا وخليج المكسيك وأوروبا الغربية هي الأكثر تعرضًا لمخاطر المناخ.
ومع ذلك، على الرغم من أن الخطر المطلق كبير بشكل خاص في البلدان ذات الدخل المرتفع، يمكن أن تكون الآثار أكبر في موانئ البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض، لأن البلدان الغنية لديها القدرة التكنولوجية والمادية على التكيف مع الوضع وتعديل البنية التحتية لمواجهة الأخطار.
ووفقًا للدراسة، يبلغ إجمالي مخاطر تغير المناخ على الموانئ 7.6 مليار دولار سنويًا، يُعزى معظمها إلى الأعاصير المدارية وفيضانات الأنهار في الموانئ.
هذا الرقم أكبر من نصف التقدير السابق للمخاطر المناخية للبنية التحتية للطرق والسكك الحديدية على نطاق عالمي، مما يوضح أنه على الرغم من أن الموانئ لا تشمل سوى مناطق صغيرة نسبيًا، فإن القيمة العالية للأصول وكثافتها يمكن أن تسهم في زيادة خسائر المخاطر النجمة عن تغير المناخ على المستوى الوطني والعالمي.
علاوة على الأضرار المادية، فإن تعطل الموانئ المرتبط بهذه المخاطر الطبيعية يعرض التجارة بقيمة 67 مليار دولار للخطر كل عام، مما قد يؤدي إلى تأخيرات مكلفة وخسائر في الإيرادات وتأثيرات على الاقتصاد الأوسع.
تحتاج الموانئ الكبيرة في البلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى والمرتفع إلى القيام باستثمارات كبيرة وباهظة التكلفة لإدارة المخاطر على المستوى المحلي في ضوء تغير المناخ المتزايد.
من ناحية أخرى، هناك حاجة إلى تحسينات البنية التحتية لحماية الموانئ الصغيرة في البلدان منخفضة الدخل من آثار المخاطر والاضطرابات المتكررة، والتي يمكن أن يكون لها آثار نظامية على الاقتصادات التي تخدمها.
في هذه الموانئ، يمكن الحد من آثار تغير المناخ على النشاط الاقتصادي من خلال تحسين البنية التحتية لجعلها أكثر قدرة على الصمود في مواجهة الكوارث وضمان عملياتها على مدار العام.
يقول فيرشور: “لحسن الحظ، هناك مبادرات مستمرة لترقية البنية التحتية للموانئ القديمة وغير الفعالة في العديد من الموانئ. ومع ذلك ، فإن هذه الجهود قاصرة نظرا لتحديات تغير المناخ المتوقعة التي ستواجهها الموانئ خلال العقود القليلة المقبلة. وتسمح ورقتنا للمؤسسات بتحديد أولويات الاستثمارات العالمية لتكييف الموانئ، فضلا عن المساعدة في تحديد التدخلات الأكثر ملاءمة”.
ويتابع: “إجمالا، تظهر دراستنا أن الموانئ في طليعة التأثيرات المناخية. وتؤكد أن هناك حاجة ماسة إلى تكييف الموانئ، ويمكن أن يساعد تحليل المخاطر الكمي، كما هو موضح في ورقتنا، في تحديد أولويات الاستثمارات والمساعدة في تقديم دراسة الجدوى لتسريع تمويل التكيف”.