منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

معلومات مضللة: فيديو لترامب يخلط بين المصطلحات المناخية للتشكيك في الاحترار العالمي

 

ملخص الادعاء:

تغير المناخ خدعة، العالم لن يتأثر، مصطلح الاحتباس الحراري لم يقنع الناس بالخدعة فقام المخادعون بتغييره إلى تغير المناخ. درجة الحرارة يمكن أن ترتفع ويمكن أن تنخفض ويمكن أن تسير في 15 اتجاهًا مختلفًا. إنه تغير في الطقس وليس المناخ.

 

مصدر الادعاء: مقطع فيديو انتشر بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي العربية مؤخرًا، وهو عبارة عن كلمة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، يدلي فيها برأيه في تغير المناخ والطقس وبعض المصطلحات العلمية، ويلمح إلى أن تغير المناخ مجرد خدعة.

 

تقييم أوزون: خطأ.  تغير المناخ والاحتباس الحراري ليسا شيئًا واحدًا. واستخدام مصطلح  تغير المناخ بكثرة ليس لأن مصطلح “الاحتباس الحراري العالمي” لم “يعمل” كما يدعي ترامب. على جانب آخر،  الطقس والمناخ أمرين مختلفين، ولا يمكن وصف ما يحدث من تغير في المناخ بأنه في الأصل تغيير في الطقس.

الحقائق:

باستخدام البحث العكسي، توصلنا إلى أن  الفيديو المنتشر للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ومدته دقيقة و20 ثانية، مقتطع من فيديو مدته 82 دقيقة، نشر لأول مرة في 21 إبريل 2022،  وتداولته العديد من وسائل الإعلام الأمريكية.

بالبحث عن تفاصيل أكثر، توصلنا إلى أن الفيديو تم التقاطه خلال مؤتمر القيادة السنوي لمؤسسة هيريتيج بولاية فلوريدا، وكان ترامب أحد المدعوين، وألقى كلمة رئيسية خلال الاحتفال، تناول خلالها العديد من الموضوعات، منها تغير المناخ.

بعد البث بأيام، أعلنت مؤسسة  هيريتيج في بيان لها أن شركة Big Tech العملاقة المالكة لمنصة YouTube قد اتخذت إجراءً جديدًا لفرض رقابة على المحتوى الخاص بقناة المؤسسة.

وقال البيان: “في 21 أبريل، تحدث الرئيس السابق دونالد ترامب  في مؤتمر القيادة السنوي لهريتيج في فلوريدا، وبثت المؤسسة كلمته على الهواء مباشرة، وأتاحتها بالكامل على قناة المؤسسة بعد ذلك بوقت قصير. وحصل مقطع الفيديو، غير المعدّل، ومدته 82 دقيقة، لتصريحات الرئيس، على أكثر من 531 ألف مشاهدة.

بعد ما يقرب من ثلاثة أسابيع، في 9 مايو، أبلغ ممثلنا أنه تم حذف الفيديو من منصة  YouTube وأن قناة المؤسسة محظورة لمدة أسبوع من تحميل أي محتوى، لأن الفيديو الخاص بتصريحات ترامب انتهك سياسات المنصة”.

انتشر مقطع الفيديو، المقتطع من الفيديو الأصلي، بكثافة عبر مواقع التواصل العربية خلال الفترة الأخيرة، مصحوبًا بعبارات تدعي أن تغير المناخ كذبة ومؤامرة، وتستخدم كلمات ترامب، كدليل على ذلك، باعتباره رئيس سابق لأكبر وأهم دولة في العالم.

على موقع تويتر، تداوله العديد من المستخدمين العرب على حساباتاهم الشخصية، وشوهد الفيديو على أحد هذه الحسابات أكثر من 100 ألف مرة، وأعاد المستخدمين التغريده المتضمنه له حوالي 600 مرة، بينما أعجب بها أكثر من 1500 مستخدم.

 

 

تغير المناخ والاحتباس الحراري

قال ترامب: العالم لن ينتهي، مستقبلنا لم يموت. علينا أن نهزم مخادعين التغير المناخي. كانوا يسمونه الاحتباس الحراري لكن هذا لم يعمل… ثم قاموا بتغييره إلى تغير المناخ

يدعي ترامب أن المصطلحات المحيطة بتغير المناخ قد تغيرت عمدا على مر السنين، في البداية كان مصطلح “الاحترار العالمي” هو الأكثر شيوعًا، قبل أن يحل محله مصطلح “تغير المناخ”، هذا الادعاء يحرف تاريخ المصطلحات.

يعود المصطلحان إلى عقود مضت في الأدبيات العلمية، ويشيران تقنيا إلى مفاهيم مختلفة قليلا، على الرغم من أنهما غالبا ما يستخدمان بالتبادل.

الاحترار العالمي أو الاحتباس الحراري، وفقا لوكالة ناسا، يعني على وجه التحديد ارتفاع درجة حرارة الأرض خلال القرن الماضي أو نحو ذلك، بسبب حرق البشر للوقود الأحفوري.

تغير المناخ هو مفهوم أوسع، حيث أنه يشمل ارتفاع درجات الحرارة نتيجة للاحتباس الحراري، ويشمل أيضا التغيرات الأخرى التي تنتج عن هذا الاحترار، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر، وتغيير أنماط هطول الأمطار، والطقس القاسي أو المتطرف.

يقول مايكل مان، عالم المناخ بجامعة ولاية بنسلفانيا، إن العديد من العلماء يفضلون استخدام تغير المناخ بسبب معناه الأوسع والأشمل. لكن كلا المصطلحين لا يزالان شائعين، واستخدام مصطلح  تغير المناخ بكثرة مؤخرًا، ليس لأن مصطلح “الاحتباس الحراري العالمي” لم يعد “يعمل” كما يدعي ترامب..

وفقا لمان، سبب الاستخدام المتزايد لمصطلح “تغير المناخ”، على الأقل بين الساسة، كان راجعا إلى خبير استراتيجي جمهوري دفع إدارة بوش إلى استخدامه، لأنه بدا أقل “رعبا” وأخف وطأة على الجمهور من مصطلح الاحتباس الحراري العالمي.

في نفس السياق، أصبح مصطلح الطقس المتطرف أكثر شيوعا خلال الفترة الأخيرة،  لكنه يستخدم كـ كأحد آثار تغير المناخ، ولم يستخدمه العلماء أبدًا كمصطلح بديل لـ “تغير المناخ” أو “الاحترار العالمي”.

في عام 2014، على سبيل المثال، ذكر التقييم الوطني للمناخ أن “التغيرات في الظواهر الجوية والمناخية المتطرفة، مثل موجات الحرارة والجفاف، هي الطريقة الأساسية التي يعاني بها معظم الناس من تغير المناخ”.

“الطقس القاسي” يعني ببساطة طقسا غير عاديًا من تلقاء نفسه. يمكن أن يشمل الطقس القاسي موجات الحر أو الجفاف أو الأمطار الغزيرة أو الفيضانات أو العواصف الأخرى. لم يتم ربط جميع أنواع الطقس المتطرف بتغير المناخ، ومن الصعب القول إن أي حدث معين قد تأثر بتغير المناخ.

ومع ذلك، فقد أحرز العلماء تقدما فيما يسمى بعلم الإسناد، وأصبحوا أكثر ثقة بشكل متزايد بشأن ربط العواصف أو الأحداث الفردية بتغير المناخ.

في هذه الحالات، لا يقول العلماء إن تغير المناخ تسبب في الحدث، ولكن تغير المناخ جعل الظروف أكثر احتمالا أو أكثر حدة.

 

الطقس مقابل المناخ

قال ترامب: “درجة الحرارة يمكن أن ترتفع ويمكن أن تنخفض ويمكن أن تسير في 15 اتجاهًا مختلفًا إنه تغير في الطقس”.

ليس من الواضح تماما ما قصده ترامب عندما قال إن ما يحدث هو “تغييرا في الطقس”. إذا كان يشير إلى تغير في الطقس على مدى عقود عديدة، فهو يصف المناخ.

إذا لم يكن الأمر كذلك، فهو لم يضف جديد،  لأن الطقس يتغير فعلا وهو متغير بطبيعته، لكن ما علاقة ذلك بتغير المناخ؟

.في كلتا الحالتين، كلماته مضللة، وتتطرق إلى فشل في فهم الفرق بين المناخ والطقس.

وفق ما توضحه وكالة ناسا على موقعها الإلكتروني،  يشير الطقس إلى الظروف الجوية على مدى فترات زمنية قصيرة، مثل الدقائق أو الأيام أو الشهور.

في المقابل، يشير المناخ إلى متوسط الظروف الجوية على مدى فترة زمنية أطول بكثير، مثل 30 عاما.

أو كما تقول  الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي: “المناخ هو ما تتوقعه، والطقس هو ما تحصل عليه”.

طريقة أخرى لشرح الفارق بين المصطلحين: الطقس هو ركلة أو هجمة في مباراة كرة قدم، في حين أن المناخ هو موسم كرة القدم بأكمله.

هذا الاختلاف في المنظور مهم لأن الطقس سيتقلب دائما. حتى في عالم الاحترار، ستظل هناك أيام وشهور أكثر برودة.

تؤكد ناسا أن تغير المناخ “لا يمكن إثباته أو دحضه من خلال نوبات الاحترار أو البرودة في سنة واحدة أو موسم واحد. بل من خلال الاتجاهات طويلة الأجل، لعقد أو أكثر”.

في حالة تغير المناخ، يسير اتجاه متوسط ​​درجة الحرارة العالمية في اتجاه واحد ، على عكس كلمات ترامب بأنه “يتغير في كلا الاتجاهين أو في 15 اتجاه”.

مع ذلك، هذا لا يعني أن جميع الأماكن على الأرض تعاني من الاحترار أو ترتفع درجة حرارتها بنفس المعدل.

 

التصنيف: مغالطات منطقية

يمكن تصنيف المعلومات المضللة التي قالها ترامب تحت بند “المغالطات المنطقية”، وهو نوع من تكتيكات التضليل الشائعة حول تغير المناخ، يستخدم فيها المضلل حجج منطقية تنتهي إلى استنتاجات غير منطقية، أو بمعنى أوضح، مغالطات بُنيت على مقدمات سليمة وحقيقية.

تنشر المعلومات المضللة حول تغير المناخ عن عمد لضرب العمل المناخي، وفي الغالب يكون مصدرها أشخاص لهم نفوذ سياسي أو اقتصادي، لأن العمل المناخي يتعارض مع استمرار أرباحهم، مثل شركات النفط الكبرى، ولوبي الوقود الأحفوري بشكل عام، وهو يضم رجال أعمال وسياسيين ومستفيدين بخلفيات متعددة.

تزداد المعلومات المضللة انتشارًا على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الوسائل الإعلامية، وتتكرر حتى يقبلها المزيد من الناس.

 

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.