منصة رقمية متخصصة بقضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط

معلومات مضللة: 1000 عالم دولي ينكرون الاحتباس الحراري.. وتغير المناخ مؤامرة لتقليل البشر

 

ملخص الادعاء:

أكثر من 1000 عالم دولي أصدروا وثيقة عام 2010 يعارضون فيها مزاعم الاحترار العالمي وعزوه إلى النشاط البشري

غاز ثاني أكسيد الكربون مفيد لسرعة نمو النبات والقطب الجنوبي في أبرد حالاته.

تغير المناخ مؤامرة والهدف تقليل سكان الارض والمتاجرة بحصص الكربون.

 

مصدر الادعاء: مقطع فيديو منشور في 1 ديسمبر 2023 على فيسبوك ويوتيوب، وحظي بأكثر من 11 ألف مشاهدة على فيسبوك فقط.

تقييم أوزون:

 خطأ، هذه الحملة تتعارض مع الحقائق العلمية المثبتة بشأن الاحتباس الحراري، والوثيقة التي تعتمد عليها الحملة تروج بشكل مضلل، ناهيك عن إجماع العلماء على مسؤولية البشر في التسبب في تغير المناخ.

لا تعارض بين الدور المهم والمفيد الذي يلعبه ثاني أكسيد الكربون لسرعة نمو النبات من خلا عملية التمثيل الضوئي الشهيرة، وبين الأضرار التي يلحقها بالمناخ بسبب خصائصه التي تجعله يحبس حرارة الشمس في الغلاف الجوي.

كما التحول إلى الطاقة المتجددة هو السبيل الوحيد لتجنب الكوارث المناخية المتوقعة، وأسواق الكربون مجرد أداة لتقليل الانبعاثات وضمان حدوث هذا التحول بحلول منتصف القرن.

لا يوجد مؤامرة وراء تغير المناخ، ولا يمكن أن يكون 99% من علماء المناخ في العالم وأكثر من 200 مؤسسة بحثية دولية جزء من مؤامرة.

الحقائق

تبين بالبحث أن مقطع الفيديو المنتشر جزء من سلسلة حلقات تنتجها وتمولها قناة على اليوتيوب لها صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل اسم “مركز دراسات الواقع والتاريخ”، ويقدمها شخص يدعى الدكتور “أيمن عامر“، ويعرف نفسه بأنه خبير في العلوم والتاريخ والجغرافيا والدين.

باستخدام البحث المتقدم توصلنا إلى أن سلسلة الفيديوهات المضللة، وعددها 5، بثت أولى حلقاتها في ١٢  نوفمبر ٢٠٢٢، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر Cop27،  الذي عقد في شرم الشيخ من ٦ إلى ١٨ نوفمبر ٢٠٢٢، وذلك من خلال قناة اليوتيوب التابعة للمركز المزعوم وصفحاته المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.

حذفت YouTube الفيديو لمخالفته لمعايير المنصة، مع توجيه إنذار لصاحب القناة بأن تكرار المخالفات قد يعرض قناته للغلق، إلا أن المركز المزعوم أعاد بث 4 حلقات من السلسلة على التوالي في ١٣ و٢١ و٢٢ و٢٥ نوفمبر.

رغم الحذف والحظر مراراً من إدارة فيسبوك ويوتيوب، أنشئ المركز قناة وصفحات أخرى بنفس الاسم، وأعاد نشر المحتوى  المضلل في مناسبات مختلفة.

بمراجعة وتدقيق تواريخ إعادة نشر الفيديوهات تبين أنه أُعيد نشر الحلقات الخمسة مجمعة في فيديو واحد مدته حوالي 13 دقيقة في 1 ديسمبر 2023، وبالتزامن مع انعقاد Cop28 بالإمارات تحت عنوان “مهزلة الإمارات وأكذوبة الاحتباس الحراري”، وحصلت هذه النسخة المجمعة على 11 ألف مشاهدة، و58 مشاركة و152 تفاعل.

بالبحث عن خلفية القائم على نشر هذه الحملة “أيمن عامر” تبين أنه صيدلي مصري مقيم في بريطانيا، وليس لديه خبرة أكاديمية في علوم المناخ أو البيئة، ويقول إنه لاجئ سياسي خرج من مصر منذ عام 2000.

أما مركز “دراسات الواقع والتاريخ”، الذي يديره عامر افتراضيا من بريطانيا، يعرف نفسه على موقعه الرسمي والصفحات التابعة له بأنه منظمة مصرية غير ربحية تأسست عام ٢٠١٦، ومتخصصة في دراسات الواقع والتاريخ.

بالبحث، تأكدنا من أن المركز غير مسجل كمنظمة بشكل رسمي، وغير معترف به كمؤسسة بحثية أو لها نشاط علمي لدى أي جهة رسمية محلية أو دولية، ولا يمتلك أي مقار في مصر أو أي دولة أخرى، ووجوده افتراضيًا فقط.

وثيقة مضللة

ورد بالفيديوهات أن أكثر من 1000 من علماء المناخ والبيئة أصدروا وثيقة عام 2010 يعارضون فيها مزاعم الاحترار العالمي، وعزوه إلى النشاط البشري.

نشر المركز مجموعة صور من هذه الوثيقة على موقعه الرسمي، لكنه لم يشر إلى أي روابط لها على شبكة الإنترنت.

بالبحث، تبين أن مصدر الوثيقة هو موقع climate depot، وهو موقع إخباري أمريكي مغمور تأسس عام 2009، ومشهور بنشر الشائعات والمعلومات المضللة حول تغير المناخ، وحصل رئيس تحريره “مارك مورانو“، وهو صحفي ومراسل وباحث إعلامي، على لقب مضلل العام في مجال تغير المناخ من مجلة “ميديا ماترز” لعام 2023 .

قالت المجلة الأمريكية المتخصصة في مراقبة وسائل الإعلام إن مورانو يستحق هذا اللقب نظرا لمحاولاته المستمرة في تضليل الرأي العام حول حقيقة الاحتباس الحراري وتأثير النشاط البشري على مناخ الأرض.

ووفقاً لتقرير صحفي نشرته صحيفة الجارديان البريطانية في عام 2013، يتلقى مورانو وموقعه دعماً مالياً من مؤسسة هارتلاند، وهي إحدى المنظمات الأمريكية غير الربحية المعروفة بتمويلها لمجموعات تشكك في الإجماع العلمي حول دور الانسان في تغير المناخ.

تعتمد مؤسسة هارتلاند في  تمويلها على تبرعات من أشخاص مجهولي الهوية، تزيد عن 120 مليون دولار أمريكي، من بينهم مليارديرات مرتبطين بالصناعات النفطية، وفق الجارديان.

بمراجعة الوثيقة، وجدنا أنها تحمل اسماء لمئات العلماء، وملخصات وروابط لـ 500 ورقة بحثية، يدعي كاتبها أنها تشكك في تغير المناخ.

لجأنا لموقع Skeptical science، المتخصص في علوم المناخ، ووجدنا تقريرًا لباحثين متخصصين في علوم المناخ، وقعت الوثيقة في أيديهم مسبقًا بالفعل، وراجعوا أكثر من 300 دراسة من أصل 500 مذكورة بها.

وجد الخبراء أن معظم الأوراق البحثية التي تعتمد عليها الوثيقة للتشكيك في إجماع العلماء على مسؤولية البشر عن تغير المناخ الحديث، تقر بالأساس أن المناخ قد تغير في الماضي لأسباب لها علاقة بالدورات الطبيعية للشمس، وهي حقيقة علمية، لا ينكرها أحد.

لكنها في المقابل، لا تشكك في مسؤولية البشر عن تغير المناخ السريع الذي تشهده الأرض منذ عقود.

قال الخبراء في تعليقهم على الوثيقة إن الربط بين تغير المناخ البطيء الذي شهدته الأرض في الماضي لأسباب طبيعية، لا علاقة له بالتغير السريع الذي يشهده مناخ الأرض منذ عقود قليلة مضت.

أكدوا أن الشمس ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بدرجة الحرارة في الماضي وكانت محركًا رئيسيًا للمناخ، لكن هذا الارتباط انتهى في السبعينيات عندما بدأ اتجاه الاحتباس الحراري الحديث، ولذلك لا يمكن للشمس أن تكون القوة الدافعة لظاهرة الاحتباس الحراري خلال العقود القليلة الماضية.

على جانب أخر، لا تتناسب الادعاءات المذكورة في الوثيقة مع التوافق العلمي حول تغيّر المناخ، وفقا لما توضحه وكالة ناسا على موقعها.

تقول ناسا إن الغالبية العظمى من علماء المناخ اتفقوا على أن البشر يتسببون في الاحتباس الحراري عن طريق انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن حرق الوقود الاحفوري وأنشطة أخرى.

يقول “صابر عثمان”، الخبير البيئي المصري والمنسق السابق لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ،  إن 99 بالمائة من علماء المناخ أكدوا أن التغير المناخي الحالي ظاهرة بشرية المنشأ.

يؤكد عثمان، في تصريحاته لـ أوزون ردًا على ادعاءات الوثيقة، أن الأثار المناخية التي رصدها العلماء نتيجة للأنشطة البشرية واستخدام الوقود الأحفوري، مثل ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض بمعدلات غير مسبوقة مقارنة بالدورات المناخية الطبيعية في الماضي، وارتفاع درجة حرارة القطبين، وذوبان الجليد وارتفاع مستوى البحر، وزيادة شدة وتكرار الكوارث الطبيعية، وزيادة حموضة المحيطات.

الكربون ونمو النباتات

ورد بالفيديوهات أيضًا ادعاءات بشأن غاز ثاني أكسيد الكربون، وأنه مفيد للحياة ولسرعة نمو النبات ولا يضر بالمناخ.

بالإضافة إلى ادعاءات أخرى تشير إلى أن القطب الجنوبي في أبرد حالاته تاريخيًا، ما ينفي ظاهرة الاحتباس الحراري.

تستشهد الفيديوهات بمحاضرة لعالم الفيزياء النرويجي إيفار جيفيير، الحائز على جائزة نوبل عام 1967، شكك خلالها في نظرية الاحتباس الحراري قائلًا: “كلما كان لديك قدر أكبر من ثاني أكسيد الكربون، ستكبر نباتاتك بشكل أسرع، وهو يعمل على تبريد الأرض”.

بابحث عن خلفية إيفار جيفيير، وجدنا أنه ليس عالمًا أو خبيراً في علوم المناخ، وتخصصه العلمي في مجال الفيزياء الحيوية والطب، وكونه فيزيائيًا لا يعني أنه خبير في علوم المناخ.

يشترط في علماء المناخ المعتمدين أن يمتلكوا خبرة واسعة في علوم المناخ، وأوراق بحثية منشورة ومعتمدة من جهات مرموقة، وروجعت من قبل مؤسسات علمية كبرى، وهو ما لا ينطبق على جيفيير.

فيما يتعلق بمزاعمه بأن غاز ثاني اكسيد الكربون مفيد للحياة وللنبات، فهو فعلاً ضروري في عملية التمثيل الضوئي، ولكن هذا لا يتعارض مع كونه مضرًا للمناخ، كما أنه لا يعني أن زيادته في الغلاف الجوي تؤدي لزيادة الإنتاج الزراعي.

وفقا لدراسة صادرة عن الفاو “التغير المناخي والزراعة: تأثيرات وتكيفات”، يعتبر ثاني أكسيد الكربون (CO2) أحد الغازات الدفيئة الرئيسية المسئولة عن التغير المناخي، بسبب خصائصه القادرة على حبس حرارة الشمس في الغلاف الجوي كلما زادت تركيزاته.

تشير الدراسة أيضًا إلى أن ثاني أكسيد الكربون يصاحبه العديد من العوامل الممرضة التي تضر بالنباتات، وتهدد الأمن الغذائي، من خلال التأثيرات على المحاصيل الغذائية والأعلاف الحيوانية النباتية.

وفقا  لموقع Climate Feedback وهو شبكة من العلماء المتخصصين في علوم المناخ، يقومون بتقييم دقة المعلومات المنشورة عن التغير المناخي، فإن هناك تضليل متعلق بالربط بين التركيز العالي لثاني أكسيد الكربون ونمو النباتات.

يقول “فرانسوا ماري بريون “، كبير العلماء بمفوضية الطاقة الذرية: إنه على الرغم من أن التركيز العال لثاني أكسيد الكربون مفيد لنمو بعض النباتات، إلا أن تأثير تغير المناخ على النمو يكون ضارًا في الغالب، كما أن الزيادة في إنتاج المحاصيل ترتبط في معظم الأحيان بالأسمدة والممارسات الزراعية، وليس بثاني أكسيد الكربون.

أما فيما يتعلق بادعاءاته بشأن الطقس في القطب الجنوبي، وأنه الآن أبرد من ذي قبل، ما يدحض ظاهرة الاحتباس الحراري، فهي مضللة أيضًا.

وفقاً للمركز الوطني للبيانات الثلجية والجليدية بالولايات المتحدة، فإن متوسط مساحة الجليد البحري في القطب الجنوبي انخفضت بنسبة 13.3% في العقد الماضي.

على جانب أخر، يؤكد علماء الجليد والمناخ إن الطقس البارد لا يعني أن تغير المناخ لا يحدث، فالاحترار العالمي لن يلغي الشتاء، بل يغير في المدد الطبيعية لفصول السنة، ويزيد من الأيام الحارة على حساب الأيام الباردة.

بل على العكس من ذلك، قد تشهد الأرض في ظل الاحترار العالمي، فصول شتاء أكثر برودة من ذي قبل، وذلك لأن الطقس المتطرف بشكل عام أحد أهم أثار تغير المناخ.

بحسب سامانثا بوزارد عالمة الجليد والمناخ في جامعة كارديف في ويلز :”شتاء بارد لا يشير إلى أن الكوكب لا يسخن، هذا خلط بين الطقس والمناخ”.

تغير المناخ مؤامرة

ورد بالفيديوهات أيضًا أن بعض أصحاب المصالح يقفون وراء الترويج للتغير المناخي، بهدف المتاجرة بحصص الكربون، والسيطرة على مصادر الطاقة المتجددة، وتقليل سكان الارض.

يعني مصطلح أسواق الكربون قيام الدول التي لديها المزيد من انبعاث الكربون بشراء الحق في شراء انبعاثات من البلاد التي لديها انبعاث أقل.

وبحسب تقرير للبنك الدولي فإن التقديرات تشير إلى أن تداول أرصدة الكربون قد يخفض تكلفة تنفيذ الخطط الوطنية لمكافحة المناخ بأكثر من النصف، بما يصل إلى 250 مليار دولار بحلول عام 2030، كما يشير البنك الدولي في تقريره إلى أنه بوصول الانبعاثات إلى الصفر، ستتلاشى معه الحاجة إلى تداول حقوق الانبعاثات.

بالتوازي، اتفق الخبراء على أن اجراءات التحول من الوقود الاحفوري إلى الطاقة المتجددة فرصة للبلدان والشعوب لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة .

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الطاقة المتجددة هي المسار الوحيد الموثوق به للمضي قدما إذا أراد العالم تجنب حدوث كارثة”.

فيما يتعلق بمؤامرة تخفيض السكان، فهي لا أساس لها من الصحة. بل على العكس، فإن العمل من أجل مواجهة تغير المناخ يهدف إلى تحسين جودة الحياة والصحة للجميع، مما يعني الحفاظ على المزيد من الأرواح.

تقول منظمة الحياة البرية العالمية إن الحديث عن مؤامرة لتخفيض السكان أو للتحكم في الاقتصاد أو التأثير على السياسة مجرد أساطير ونظريات مؤامرة تحاول إنكار أو تشويه الحقائق العلمية المتعلقة  بالتغيرات المناخية والاحتباس الحراري، وهما حقيقتان علميتان مثبتتان بالأدلة والبيانات من مئات الباحثين والمنظمات حول العالم.

بحسب منظمة الصحة العالمية، يشكل تغير المناخ تهديداً أساسياً لصحة الإنسان ويزيد من خطر الوفيات، ومن المتوقع أن يتسبب في وقوع نحو 000 250 حالة وفاة إضافية كل عام، في الفترة من عام 2030 إلى عام 2050؛ بسبب أمراض تتعلق بالمناخ مثل نقص التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري وحدها.

ولذلك دعت المنظمة إلى الحد من انبعاثات غازات الدفيئة، من خلال تحسين الخيارات المتعلقة بخدمات النقل والغذاء واستخدام الطاقة، لتحقيق مكاسب صحية كبيرة والتقليل من عدد الوفيات.

التصنيف

 مغالطة منطقية: تبث هذه الحملة مغالطات منطقية، تستغل بعض مما يقره العلم لتبني عليه افتراضات خاطئة.

خبرة مزيفة: المعلومات صادرة عن مؤسسة غير مؤهلة كمصدر للمعلومات الموثوقة ويقدمها شخص مجهول ليس خبيرًا، وينقلها بدوره عن أشخاص ليسوا علماء مناخ.

 نظرية مؤامرة: يمكن أيضًا تصنيف هذه المعلومات المضللة تحت بند نظريات المؤامرة، حيث يستخدم المضلل تكتيك تصدير الأفكار التي تستند إلى المؤامرة؛ للتشكيك في تغير المناخ ومسؤولية الوقود الأحفوري والبشر عن الاحترار.

هذا التقرير تم إنتاجه بدعم ومنحة من مركز التوجيه للمبادرات الإعلامية الناشئة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التابع للمركز الدولي للصحفيين ICFJ

تابعنا على نبض

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.